القاهرة "د.ب.أ": قال الكاتب والروائي المصري خليل الجيزاوي، إن الرواية هي ديوان العرب الجديد، وأن الرواية العربية مرت بمراحل عدة منذ مرحلة التأسيس وبداية من صدور رواية زينب للدكتور محمد حسين هيكل التي صدرت عام 1913، ثم مرحلة الإزدهار التي بدأها نجيب محفوظ عام 1939 بصدور رواية عبث الأقدار، حتى توجت مسيرته الروائية بحصوله على جائزة نوبل في الآداب عام 1988، وحتى اليوم، حيث تعيش الرواية أزهى عصورها.

وأضاف "الجيزاوي": خير دليل على أننا نعيش زمن الرواية، هو تَحوّل الكثير من الشعراء إلى كتابة الرواية، بل وتمكن الشعراء من تحقيق انجازات ونيل جوائز في حقل الرواية لم ينالوها بدواوين الشعر.

وحول رؤيته للحركة النقدية العربية قال خليل الجيزاوي،أنه من الصعب على الحركة النقدية العربية أن تقوم بمتابعة كل هذا الفيضان من الروايات التي تصدر عن مئات دور النشر، بجانب توقف معظم المجلات الثقافية التي تُعنَى بنشر المقالات النقدية عن الصدور لأسباب متباينة، وضعف المقابل المادي الذي يحصل عليه الناقد الأدبي نظير نشر ما يكتب من دراسات، ووصف الحركة النقدية الراهنة بأنها في ظل تلك الظروف باتت تقوم بدورها على استحياء وذلك بحسب قوله.

حركة النشر

وحول رؤيته لحركة النشر بالعالم العربي، قال ان حركة النشر الأدبي تواجه أزمة كبرى – وفقاً لتعبيره – وذلك نتيجة للأزمات العالمية المتتالية التي ألقت بظلالها على حركة الاقتصاد ومن ثم حركة النشر والتوزيع.

وأوضح بأن استيراد مستلزمات الطباعة وصناعة الكتاب من الخارج، أمر يُهدّد عرش صناعة الكتاب ويعوق حركة النشر، وشدد على الحاجة لقيام الحكومات بالتخفيف عن أصحاب دور النشر، مثل إعفاء الورق والأحبار من الرسوم الجمركية عند الاستيراد، باعتبار أن نشر الكتب الأدبية يُقلّل من انتشار الجهل والأفكار الهدامة وشيوع الحركات الإرهابية، وراى بأن صناعة وطباعة الكتب قضية من قضايا الأمن القومي العربي.

وحول رؤيته لتجربة ودور مختبرات السرد العربية، قال بأن تلك المختبرات توفر فرصة لتلاقح الأفكار، وتجديد القراءات النقدية، ورأها جسراً للتواصل بين الأدباء والنقاد العرب، ونوه إلى أنه يُشارك في الكثير من مختبرات أو ملتقيات السرد العربي كروائي وناقد أدبي.

المجلات الثقافية

وعن دور المجلات الثقافية في إثراء المشهد الأدبي العربي، قال الكاتب والروائي المصري خليل الجيزاوي، ان المجلات الثقافية لها دور كبير في الحياة الثقافية بالعالم العربي، وأنها نافذة يُطل منها الأدباء والشعراء على القارئ، وأيضاً نافذة يعرض فيها الناقد الأدبي وجهة نظره في العمل الأدبي الذي قرأه، ونافذة ثالثة تقوم بتعريف القراء بأحدث الإصدارات الأدبية العربية من خلال صفحات عروض الكتب، وأعتبر أن المجلات الثقافية تقوم كذلك بدور الوسيط بين المؤلف والقارئ.

من الشعر إلى الرواية

وحول بدايات مشواره الأدبي وعوالمه الإبداعية، قال بأن مشواره الأدبي بدأ بكتابة الشعر في نهاية المرحلة الثانوية وسنوات الدراسة الأولى بالجامعة، وخلال مهرجان الشعر بقسم اللغة العربية كلية الآداب جامعة عين شمس عام 1983، ألقيت قصيدة شعرية فسألني الدكتور عبد القادر القط هل أكتب القصة القصيرة؟ بعد أن سمعني ألقى القصيدة، فأجبت: نعم، فطلب أن يقرأ بعض القصص التي أكتبها، وبعد القراءة أكد لي "القط" أنه يرى أنني أكتب القصة أفضل، وهكذا تركت الشعر وتفرغت لكتابة الرواية والقصة القصيرة.

وأشار إلى أنه يقرأ أكثر مما يكتب، وأنه اعتاد أن يخطط لمشروعه الروائي فيضع الخطوط العريضة ويحدد أسماء شخصيات الرواية، ويسجل ملامحهم ويسير وحيدا في الشوارع التي ستدور فيها أحداث الرواية ويدوّن أسماء المتاجر والحارات، وبعد مرحلة الإعداد والتجهيز والتحضير هذه، تأتي مرحلة الكتابة، ودوما أكتب بعد منتصف الليل حتى السادسة صباحاً، هذا هو الوقت المفضل عندي للكتابة.

مؤثرات عربية وأجنبية

وحول مصادر الإلهام لديه ومن أين يأتي بموضوعات أعماله من رواية وقصة، وبمن تأثر من الكتاب الكبار، قال "الجيزاوي"، أنه أعجب وتأثر برواية الأيام للدكتور طه حسين، وفي المرحلة الجامعية جذبته رواية "قنديل ام هاشم" ليحيي حقي، وكذلك روايات نجيب محفوظ: "زقاق المدق"، و"اللص والكلاب"، و"الحرافيش"، وغيرها، وكما أعجب بقصص يوسف إدريس القصيرة، وأحبّ رواية ارنست هنمجواي "العجوز البحر"، ورواية نيقولاي غوغول "الأنفس الميتة"، ورواية باولو كويلهو "ساحر الصحراء" التي ترجمها بهاء طاهر.

وتابع الجيزاوي، بالقول بأنه كان له نصيب في الالتقاء بالروائي الراحل نجيب محفوظ وسمع منه أهمية أن يكتب الأديب عن المجتمع الذي يعيش فيه، وأنه من هنا فإن أعماله الأدبية تدور في فلك عالمين: القرية التي ولد وعاش فيها حتى انتهاء دراسته بالمرحلة الثانوية، وعالم المدينة حيث يعيش فيها منذ أربعة عقود.

وأوضح بأن أعماله السردية تقترب كثيراً من رصد التحولات الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع المصري بالقرية والمدينة، ويرصد في رواياته هموم الفقراء والبسطاء، يعبر عن أوجاعهم وآلامهم، ويكتب عن أحلامهم البسيطة.

وحول رصده للتحولات الاجتماعية التي شهدتها القرية والمدينة المصرية في رواياته، قال الجيزوي أنه كتب رواية "خالتي بهية "ليرصد تحولات القرية الاجتماعية والاقتصادية خلال الستينيات والسبعينيات بعد هجرة الفلاحين للعمل في دول الخليج العربي، وباتت القرية مستهلكة بعد أن كانت منتجة، وكيف أن قريته أصبحت تشتري البيض والجبن والفراخ البيضاء من المدينة.

وتابع بأنه في روايته "عتبات السلطان" رصد التحولات الإجتماعية التي شهدتها المدينة، حيث تدور أحداث الرواية في حي السيدة زينب الشعبي الشهير في القاهرة، وبطل الرواية الشاب وهدان ــــ دكتور نبيل وهدان فيما بعد ــــ الذي ولد وعاش في ذلك الحي الشعبي حتى حصوله على بكالوريوس الطب والجراحة، ليسافر إلى إحدى الدول العربية التي قضى بها أكثر من خمسة وعشرين عاماً، وبعد عودته يرفض أن يعيش في قصره بحي الشروق شرق القاهرة، ويعود ليعيش في شقة والده بحي السيدة زينب، وترصد الرواية تحولات مجتمع المدينة بعد سنوات السفر، وتغير عادات وطريقة لبس وأكل الكثير من الناس بعد عودتهم من بلاد الخليج العربي، دكتور نبيل وهدان يرفض أن يعيش في القصر البارد، وعاد ليعيش وسط زحمة منطقة السيدة زينب ودفء الناس، وبين حلقات الدراويش، رفض سعار الماديات وحاول أن يبحث عن روحه التي توارت بعيداً عنه خلال سنوات السفر.

يُذكر أن الكاتب والروائي المصري خليل الجيزوي، صدرت له عشر روايات وأربع مجموعات قصصية وكتابين في حقل النقد الأدبي، وعضو بمجلس إدارة نقابة اتحاد كُتّاب مصر، وعمل لمدة ربع قرن بالمجلس الأعلى للثقافة في مصر وشغل منصب وكيل وزارة الثقافة، وتناولت الكثير من الدراسات النقدية والأكاديمية أعماله الأدبية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: المصری خلیل الکثیر من یعیش فی

إقرأ أيضاً:

سي إن إن: أدلة متزايدة تدحض رواية إسرائيل بشأن مسعفي رفح

قالت شبكة "سي إن إن" إن مقاطع فيديو قامت بتحليلها أظهرت مجموعة متزايدة من الأدلة دحضت رواية الجيش الإسرائيلي الأولية بخصوص الهجوم على مركبات كانت تقل عمال إغاثة في قطاع غزة.

ونقلت "سي إن إن" عن عامل إغاثة ووالد عامل قتل في الهجوم الإسرائيلي أن جثة ابنه كانت مليئة بثقوب الرصاص.

كما نقلت الشبكة عن عضو سابق في فريق إزالة الذخائر المتفجرة بالجيش الأميركي أن إطلاق النار في الفيديو كان متوافقا مع أسلحة خفيفة ونارية صغيرة، وأن أضواء المركبات في القافلة ستكون ملحوظة حتى مع استخدام الرؤية الليلية.

وذكر مسؤول عسكري إسرائيلي لشبكة "سي إن إن" أن القوات الإسرائيلية دفنت الجثث لأنها توقعت أن يستغرق تنسيق استعادتهم مع الهلال الأحمر الفلسطيني والأمم المتحدة وقتا وأرادت منع الحيوانات من أكل الجثث.

ونقلت الشبكة عن خبير في الطب الشرعي أن تشريح الجثث أظهر إصابات ناجمة عن إطلاق نار، وأن حالة التحلل الظاهرة عليها تشير إلى احتمال تعرضها للنبش من قبل حيوانات.

مزاعم إسرائيلية

ويوم 23 مارس/آذار الماضي، قتل 15 مسعفا وعاملا إنسانيا بنيران إسرائيلية في رفح بجنوب قطاع غزة، وزعم الجيش الإسرائيلي أنه رصد اقتراب مركبات بصورة مريبة من دون قيامها بتشغيل أضواء أو إشارات الطوارئ، مما دفع قواته لإطلاق الرصاص نحوها.

إعلان

وقال الجيش الإسرائيلي في بيان إن إطلاق النار جاء بعد مواجهة سابقة في المنطقة، وإن "التحقيق الأولي أشار إلى أن القوات تصرفت استجابة لتهديد متصور".

وأضاف البيان أنه تم تحديد هوية 6 من القتلى أنهم من مقاتلي حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

لكن المقطع المصور أظهر سيارات إسعاف تسير بمصابيح مضاءة، وتبدو في الفيديو الذي صُوّر على ما يبدو من داخل مركبة خلال سيرها، شاحنة إطفاء حمراء وسيارات إسعاف.

وتواصل إسرائيل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 حرب إبادة بغزة خلفت أكثر من 165 ألفا بين شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط مجاعة متفاقمة تخيم على القطاع المحاصر.

مقالات مشابهة

  • وزير الثقافة المصري يستقبل الأمين العام للهيئة العربية للمسرح
  • صانع الفخار رواية جديدة للكاتبة فوزية الفهدية
  • شواطئ.. الخطاب الروائي في أدب جمال الغيطانى (1)
  • سي إن إن: أدلة متزايدة تدحض رواية الاحتلال بشأن مسعفي رفح
  • سي إن إن: أدلة متزايدة تدحض رواية إسرائيل بشأن مسعفي رفح
  • جامعة الوادي الجديد تشارك في فعاليات المؤتمر الفرنسي المصري للتعاون العلمي
  • العالم العربي.. "وعي مُزيف" و"واقع" غير مُكتشف
  • شريفة التّوبية تختتم ملحمتها الروائيّة البيرق بـ هبوب الريح
  • جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2025 للقسمين الأدبي والعلمي
  • كاتب إسرائيلي: خفض التمويل يهدف لتفكيك المجتمع العربي بإسرائيل