أصدرت المحكمة الابتدائية في مراكش في 21 يونيو الجاري، حكما استعجاليا  ضد مدرسة فيكتور هيغو التابعة للبعثة الفرنسية،  بسبب منعها تلميذة من ولوج المدرسة بسبب ارتدائها الحجاب.

وأمرت المحكمة المدرسة الفرنسية بالسماح بولوج التلميذة للمدرسة بحجابها، وفرضت عليها أداء غرامة 500 درهم عن كل يوم تأخير في تنفيذ هذا القرار.

واعتبرت المحكمة، أن  ارتداء التلميذة للحجاب « يندرج ضمن ممارستها لحريتها الشخصية »، وأنه ليس فيه أي مساس بصحة السلامة العامة أو إخلال بالآداب العامة، ولا يشكل أي تهديد لحرية وحقوق الآخرين هذا فضلا على أن منع التلميذة من الولوج الى المدرسة بسبب ارتداء ملابس ترمز إلى معتقدها الديني يشكل خرقا لمبادئ حقوق الطفل في التعليم الأساسي التي ضمنتها له جميع المواثيق الدولية والقوانين الوطنية، والتي لا يمكن أن تنتهك من أي طرف كان حتى لا يتم حرمان التلميذة من أهم حقوقها الكونية و الدستورية ألا و هو حق التمدرس.

وبذلك اعتبرت المحكمة قرار منع التلميذة من طرف مدرسة البعثة الفرنسية « غير مشروع »، ومخالفا للمقتضيات الدستورية والقانونية وهو ما يجعل قاضي المستعجلات مختصا للبت في الطلب معتبرا أن واقعة المنع، مع ما يرتب عليها من فوات بعض الدروس يشكل خطر محذقا بالحق في التعليم المكفول للتلميذة، و هو ما يجعل عنصر الاستعجال قائما في النازلة ومبررا لتدخل المحكمة من أجل أمر المدرسة بالسماح للتلميذة بالولوج للمؤسسة التعليمية بحجابها.

ورآى مراقبون أن الحكم شكل ضربة لسياسة التعصب التي تنهجها المدرسة الفرنسية.

الحكم أصدره قاضي الأمور المستعجلة عبد السلام جوهر، نيابة عن رئيس المحكمة الابتدائية بمراكش في قضية مثيرة للجدل في بلد ينص دستوره على المرجعية الإسلامية وإمارة المؤمنين.

وتعود وقائع القضية إلى 10 يونيو 2024، حين طردت المدرسة التلميذة آية بسبب لباسها الحجاب، فلجأت أمها إلى رفع دعوى استعجالية أمام المحكمة، ضد وكالة التعليم الفرنسي بالخارج، بصفتها المسيرة المجموعة مدارس فكتور هيجو  المتواجدة بطريق تاركة مراكش.

وجاء في الدعوى التي وضعت أمام المحكمة في  13يونيو2024، أن ابنتها القاصر آية تدرس بالمؤسسة المدعى عليها بالمستوى 03-2 للسنة الدراسية 2024 2023-،  وأنها تلبس الحجاب كلباس رسمي وأصلي لها تبعا لقناعتها الشخصية ولالتزامها الديني، وأنه تم منعها من ولوج المؤسسة التعليمية بتاريخ 10 يونيو 2024، وتم إرسال إخبار إليها من طرف المؤسسة مفاده بأن ابنتها القاصر قد « تغيبت عن الحضور وتم إخراجها لارتدائها لباس غير لائق بالمؤسسة ».

واعتبرت الأم أن قرار منع الولوج بالحجاب يتواجد فقط بمدينة مراكش، دون باقي مؤسسات البعثة الفرنسية بجميع مدن المغرب، وأن ما تستند عليه المؤسسة لتبرير قرارها مخالف للدستور الذي هو أسمى قانون في البلاد، و أنه سبق للقضاء المغربي أن قضى لفائدة تلميذة بولوج مؤسسة « دون بوسكو  » بالقنيطرة بحجابها لاستئناف دراستها بمقتضى أمر استعجالي صادر عن المحكمة الابتدائية بالقنيطرة بتاريخ 25-11-2020.

والتمست  الحكم على المدرسة بالسماح لابنتها آية بالولوج للمؤسسة بحجابها تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها 5000 درهم عن كل يوم تأخير عن التنفيذ مع النفاذ المعجل وتحميلها الصائر.

المحكمة أدرجت القضية بجلسة 20-06-2024. والغريب هو مرافعة دفاع مدرسة البعثة الفرنسية  الذي  أشار إلى أن  المؤسسة التعليمية تخضع للقانون الفرنسي ومقتضيات المادتين 1-452 و 42- 911 من قانون التربية الفرنسي، و أضاف أن النظام الداخلي للمدرسة يمنع على جميع التلاميذ ارتداء أي لباس له علاقة بالرموز الدينية،  والتمس دفاع المدرسة عدم قبول الدعوى.

لكن المحكمة  اعتبرت أن المدرسة الفرنسية ومن ورائها وكالة التعليم الفرنسي، تبرر مشروعية قرارها بمنع التلميذة من الولوج الى الفصل الدراسي استنادا الى « عدم احترامها لبنود النظام الداخلي الملزم للمؤسسة التعليمية والذي بمقتضاه يمنع على أي تلميذ أن يرتدي لباسا يرمز الى معتقده الديني ». وردت المحكمة أن هذا الدفع مردود  عليه، ذلك أن المدعى عليها لم تدل بالنظام الداخلي كما أنه بالاطلاع على ظاهر « اتفاقية شراكة التعاون الثقافي والتنمية المبرمة بين حكومة الجمهورية الفرنسية والحكومة المغربية الموقعة بالرباط بتاريخ 25 يوليوز 2003 المدلى بها من طرف دفاع المدرسة، يتبين أنها « خالية من أي مقتضى يمنع على التلاميذ ارتداء ملابس ترمز الى معتقدهم الديني ».

وذهبت المحكمة إلى أنه حتى لو صح ذلك، فإنه مخالف للمواثيق الدولية والقوانين الوطنية ذات الصلة بالحقوق المدنية للأفراد، والتي يتعين على كل مؤسسة تعليمية مراعاتها وملاءمة نظامها الداخلي معها.

كما اعتبرت أن القانون الفرنسي بدوره قد قيد وضع الانظمة الداخلية للمؤسسات التعليمية بوجوب احترام تشريع الدولة التي توجد المؤسسة بترابها، إعمالا لما جاء في المادة 11-451 من قانون التربية الفرنسي التي نصت على ما يلي  » : أن حقوق والتزامات التلاميذ، وقواعد مشاركة أعضاء الهيئة التربوية محددة بطريقة تشاركية مع الهيئات الاستشارية للمؤسسة، وذلك بمقتضى النظام الداخلي لهذه المؤسسة في احترام للقواعد العامة المشار اليها في المواد 4-111 و 1-236 و 1-511 و 2-5111، وكذا تشريع الدولة التي توجد المؤسسة بترابها.

واعتبرت المحكمة أن المملكة المغربية،  العضو العامل النشيط في المنتظم الدولي تلتزم في ديباجة دستورها بحماية منظومتي حقوق الانسان والقانون الدولي الانساني والنهوض بهما، والاسهام في تطويرهما، مع مراعاه الطابع الكوني لتلك الحقوق وعدم قابليتها للتجزيء، و جعل الاتفاقيات الدولية، تسمو فور نشرها على التشريعات الوطنية.

وذكرت المحكمة، بما نصت عليه مجموعة من الاتفاقيات الدولية في مجال حقوق الإنسان التي تعد المملكة المغربية طرفا ملتزما بما جاء فيها، من تعهد الدول الأطراف من أجل ضمان جعل ممارسة الحقوق المنصوص عليها في هذه المواثيق بريئة من أي تمييز بسبب العرق، أو اللون او الجنس أو اللغة أو الدين او غير ذلك من الأسباب.

ومن بين هذه الاتفاقيات ما جاء في الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري المصادق عليها في 18 دجنبر 1970 التي نصت في مادتها الخامسة على حق الأفراد في حرية الفكر والعقيدة و الدين، وما نصت عليه المادتين 28 و 29 من اتفاقية حقوق الطفل المعتمدة من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 20 نونبر 1989 والتي كان المغرب من بين البلدان الأولى التي بادرت الى الانخراط والمصادقة عليها بنفس السنة بمدينة نيويورك الأمريكية، و العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المصادق عليه في 3 ماي 1979 والذي نص في الفقرة الثالثة من المادة 18 على انه  » لا يجوز اخضاع حرية الانسان في إظهار دينه أو معتقده إلا للقيود التي يفرضها القانون و التي تكون ضرورية الحماية السلامة العامة أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أوحقوق الاخيرين وحرياتهم الاساسية ».

وخلصت المحكمة، إلى أن  ارتداء التلميذة للحجاب يندرج ضمن ممارستها لحريتها الشخصية، وأنه ليس فيه أي مساس بصحة السلامة العامة أو إخلال بالآداب العامة، وأمرت المدرسة بالسماح لها بالعودة إلى مقاعد الدراسة.

كلمات دلالية البعثة الفرنسية المغرب تعليم فرنسي مدرسة فيكتور هيغو

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: البعثة الفرنسية المغرب البعثة الفرنسیة النظام الداخلی التلمیذة من العامة أو من طرف

إقرأ أيضاً:

القضاء الفرنسي يكمل التحقيق في ملف أموال الغابون المهربة

أكمل القاضي الفرنسي المنتدب في قطب الجرائم المالية التحقيقات المتعلقة بقضية المكاسب غير المشروعة من أموال دولة الغابون في فرنسا، والتي فتحت قبل 15 عاما.

وينتظر الوسط القضائي والسياسي قرار المدعي العام للشؤون المالية بشأن الأشخاص الذين ستوجه إليهم التهم، ويتم تقديمهم للمحاكمة وفقا لقانون غسيل الأموال ومحاربة الرشوة وجرائم المال العام.

وفي وقت سابق، وُجّه الاتهام إلى 11 شخصا من عائلة بونغو، إذ قامت بشراء عقارات في فرنسا تصل قيمتها إلى 56 مليار فرنك (85 مليون يورو) عن طريق الأموال العامة.

وتعود قضية المكاسب غير المشروعة إلى عام 2010، أي بعد وفاة الرئيس الأسبق عمر بونغو، حيث فتحت عريضة أمام القضاء الفرنسي من طرف ممثلين عن هيئات المجتمع المدني ومنظمة الشفافية الدولية؛ تطالب بالتحقيق في ممتلكات عائلة بونغو التي تقدر ثروتها في فرنسا بمليارات اليوروات.

أطراف القضية

وفي عام 2021 وجه القضاء تهمة غسيل الأموال إلى البنك الفرنسي "بي إن بي باريس با" عن طريق المشاركة في تسهيل عمليات تحويل الأموال لمصلحة شركات تعمل في شراء العقار لعائلة بونغو.

وقال القضاء إن الأموال المنهوبة جاءت من فساد شركات النفط وخاصة "توتال إرنجيس" وشركة الزيوت الفرنسية "إلف آكتاين".

الشفافية الدولية تدعو الحكومات إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة الفساد (الجزيرة)

وفي سنة 2022 كشف القضاء الفرنسي أن عائلة بونغو تملك 16 فيلا في نيس، و30 شقة فاخرة في باريس، وعقارات أخرى في ضواحي العاصمة.

إعلان

ووفقا لتقارير منظمة الشفافية الدولية، فإن عائلة بونغو التي حكمت البلاد أكثر من 50 عاما قامت باستغلال السلطة من أجل الحصول على الأموال العامة لدولة الغابون.

شعار محاربة الفساد

وتزامن الإعلان عن انتهاء التحقيق في ملف "المكاسب غير المشروعة" مع احتدام المنافسة في الانتخابات الرئاسية التي تجري حاليا في الغابون حيث يرفع المترشحون شعارات محاربة الفساد والرشوة.

ويُتّهم رئيس المجلس العسكري الحاكم في الغابون والمرشح الحالي للرئاسة الجنرال بريس أوليغي أنغيما بأنه أحد الأشخاص الذين لهم تاريخ مع الفساد ونهب الثروات العامة، إذ كان يحظى بمكانة خاصة في عهد الرئيس المخلوع علي بونغو.

ووفقا لمنظمة الإبلاغ عن الجريمة والفساد في الولايات المتحدة الأميركية، فإن الجنرال أنغيما قد اشترى عقارات نقدا في ضواحي واشنطن بمبلغ يزيد على مليون دولار بين عامي 2015 و2018.

مقالات مشابهة

  • قائمة بالهواتف التي سيتوقف واتساب عن العمل عليها بداية من الشهر المقبل
  • القضاء الفرنسي يكمل التحقيق في ملف أموال الغابون المهربة
  • محافظ الدرعية يستقبل رئيسي المحكمة العامة والنيابة العامة بالمحافظة
  • لماذا عاقبت المحكمة الهارب محمود فتحي بدر بالإعدام؟
  • الأنبا توماس يترأس احتفال عيد شفيع مدرسة القديس يوحنا دي لاسال بباب اللوق
  • السيسي يتابع عددا من المشروعات التي تنفذها "ألستوم الفرنسية" في مصر بمجالات النقل
  • نائب وزير الاقتصاد يطلع على مستوى الانضباط الوظيفي في مؤسسة الأسمنت وهيئة الاستثمار
  • قضية رأي عام .. تلفزيون لبنان يمنع مذيعة من الظهور بسبب الحجاب
  • توجه السلطات الفرنسية لمنع الحجاب يقض مضجع الرياضيات المسلمات
  • عاجل | السيد القائد: العدو الإسرائيلي استأنف الإجرام منذ أكثر من نصف شهر بذات الوحشية والعدوانية التي كان عليها لمدة 15 شهرا