رصد وتوثيق 80 نوعًا من الثدييات البرية المهددة بالانقراض
تاريخ النشر: 23rd, June 2024 GMT
هيثم الرواحي: درجات الحرارة العالية وصعوبة التضاريس أبزر التحديات
- رافقهم: يوسف الحبسي
- تصوير: حسين المقبالي
يمثّل مشروع المسح الوطني للتنوُّع الأحيائي واحدًا من أهم المشروعات الوطنية التي تقوم بها هيئة البيئة بهدف تحسين وترتيب مؤشر الأداء البيئي لسلطنة عُمان في التنوع الأحيائي، وبناء قاعدة بيانات وطنية لأنواع الثدييات البرية وتحديث مناطق وجودها والتغيرات التي طرأت عليها، وقد تابع فريق جريدة "عمان" بالتنسيق مع هيئة البيئة وضع إحدى الكاميرات الفخية بإحدى المناطق الجبلية في ولاية الرستاق في إحدى المراحل المهمة لتوثيق الحياة البرية بمحافظة جنوب الباطنة.
ولا ندرك حجم التحديات من أجل تنفيذ مثل هذه المشروعات الوطنية إلا بتجربة السير في الجبال وتجاوز السهول وصعود الصخور؛ إذ يعتري المرء الخوف من السقوط أو التعثر، ومن أجل الهدف الأسمى لهذا المشروع الوطني تواصل الفرق الميدانية مهامها المنوطة بها بدءًا من محافظة ظفار ثم محافظات جنوب الشرقية ومسندم والبريمي والظاهرة وشمال الباطنة تارةً بمركباتهم وأخرى مشيًا على الأقدام في مختلف فصول السنة منذ عام 2022 مع تدشين المشروع ولا يزالون يسبرون أغوار أسرار الطبيعة والحياة البرية في ربوع سلطنة عُمان من أجل الخروج بقاعدة بيانات وطنية.
ورغم أن الساعة تشير إلى الثامنة صباحًا إلا أن صعود الجبال ليس بالأمر الهيّن في فصل الصيف؛ إذ الشمس من فوقنا والجبال أمامنا، والحرارة تلفح وجوهنا، نخترق الجبال والسهول صعودًا ونزولًا ونتجاوز مجاري الأودية والشعاب مع أحد الفرق الميدانية في ولاية الرستاق ضمن إحدى محطاتهم؛ لتثبيت الكاميرات الفخية لمدة ستة أشهر والبحث عن المواقع المناسبة لرصد كل أنواع الثدييات البرية متوسطة وكبيرة الحجم وتوثيق مفردات التنوع الأحيائي في المحافظة.
وقال هيثم بن سليمان الرواحي، أخصائي نظم بيئية، رئيس فرق عمل مشروع المسح الوطني للتنوع الأحيائي لـ«عمان»: تمكّن مشروع المسح من تسجيل نتائج مهمة على المستويين المحلي والدولي برصد مجموعة من الكائنات النادرة والمهددة بالانقراض، بينها رصد غزال مصيرة لأول مرة عن طريق الكاميرات الفخية، كما تم توثيق وجود الوشق العربي في محافظة مسندم لمرتين متتاليتين بعد فترة انقطاع دامت لـ 8 سنوات، إضافة إلى رصد مجموعة من الحيوانات البرية في محافظة ظفار تراوحت ما بين 5 ـ 8 أنواع، إذ تمثل هذه المحافظة بؤرة للتنوع الأحيائي في سلطنة عمان، كما رصدنا الطهر العربي في محافظتي البريمي والظاهرة، ونترقب حاليًا نتائج محافظتي شمال الباطنة وجنوب الباطنة.
وأشار إلى أن أهم التحديات التي تواجه الفرق الميدانية العاملة في مشروع المسح الوطني للتنوع الأحيائي درجات الحرارة العالية التي تفرض نتائجها السلبية على مهام الفرق الميدانية من خلال حالات الجفاف التي تصيب هذه الفرق إضافة إلى التعرض لضربات الشمس خصوصًا خلال موسم الصيف إذ تصل درجات الحرارة إلى مشارف الـ50 درجة سيليزية، يضاف إلى ذلك صعوبة التضاريس التي تعد عائقًا أمام فريق المشروع لتنفيذ أعمال المسوحات، حيث نحتاج إلى المسير لمسافات طويلة في بعض المناطق للوصول إلى المربعات المسحية في سلسلة جبال الحجر وجبال محافظة ظفار وكذلك انقطاع شبكات الاتصالات في المناطق النائية. موضحا أن الأعمال الميدانية بمشروع المسح الوطني للتنوع الأحيائي تشكل 50% من إجمالي المشروع بينما تتوزع 50% الأخرى على الجوانب الإدارية والعلمية للمشروع الذي يهدف إلى تحسين مؤشر الأداء البيئي لسلطنة عمان في مجال الموائل والتنوع الأحيائي، وتحقيق الأهداف والبرامج الاستراتيجية لـ"رؤية عمان 2040" وبناء قاعدة بيانات شاملة للتنوع الأحيائي، ونشر وتوثيق مفردات التنوع الأحيائي وإبرازها ضمن الموارد الطبيعية المستدامة، إضافة إلى تحديث مناطق توزع الأنواع والتغيرات التي قلصت مواقع وجودها، وبناء خرائط احتمالات بقائها بناءً على القراءات الحيوية والفيزيائية، والحصول على إحصائيات للأعداد التقريبية للأنواع وفق منهج علمي واضح ودقيق، وتحديد أولويات برامج ومناطق الصون والحماية ذات الأولوية القصوى وفق نتائج المسح.
وأكد أن المربعات التي تم مسحها في المشروع تبلغ 804 مربعات في 9 محافظات مختلفة بمساحة تقدر بـ 32900 كيلومتر مربع بمعدل 88 يوم عمل ميداني، وتم على إثرها تركيب 683 كاميرا فخية بمشاركة 181 موظفًا بهيئة البيئة، وقد تم توثيق 80 نوعًا خلال هذه الفترة من الأعمال الميدانية.
وأوضح أن المشروع يستهدف تركيب كاميرات فخية في 2592 مربعًا بمختلف المحافظات بمستويات مسحية جبلية وسهلية وصحراوية، إذ تقوم الكاميرا الفخية بالتسجيل والرصد لمدة 6 أشهر في كل موقع على أن يتم فحصها شهريًا بشكل دوري، وسوف تستمر أعمال المشروع الميدانية على مدى 3 سنوات أي حتى نهاية عام 2024م، إذ انطلقت أعمال المسح باستخدام تقنية الكاميرات الفخية بالإضافة للمسوحات الحقلية لمواقع المشروع من خلال مجموعة من المختصين الموزعين ضمن الفريق الرئيسي والفرق الميدانية بكل قطاع.
غزال مصيرة غزال مصيرة 1 غزال مصيرة 2
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الفرق المیدانیة للتنوع الأحیائی
إقرأ أيضاً:
وزارة الصحة ووقاية المجتمع تنجز 95% من الأعمال الميدانية للمسح الصحي الوطني و78% من الأعمال الميدانية لمسح التغذية الوطني
كشفت وزارة الصحة ووقاية المجتمع عن تحقيق إنجاز نوعي في مشروع المسوحات الوطنية، محققةً نسبة إنجاز بلغت 95% في أعمال المسح الصحي الوطني و78% من أعمال مسح التغذية الوطني.
ويعكس هذه التطور المنجز حجم الجهود المبذولة في تطوير قاعدة بيانات شاملة ودقيقة تدعم عملية صنع القرار وتطوير السياسات الصحية المستقبلية. ويأتي هذا المشروع الاستراتيجي ضمن رؤية متكاملة تهدف إلى تعزيز جاهزية المنظومة الصحية للخمسين عاماً المقبلة، مع التركيز على تبني أفضل الممارسات العالمية والحلول المبتكرة في مجال الرعاية الصحية. كما يسهم المشروع في تعزيز مكانة الدولة في مؤشرات التنافسية العالمية بالمجال الصحي.
تكامل مؤسسي وشراكات استراتيجية
ويجسد هذا التقدم النوعي نموذجاً متميزاً للتكامل المؤسسي والشراكات الاستراتيجية بين الوزارة والمركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء ومراكز الإحصاء المحلية والجهات الصحية المعنية. وتعتمد هذه الشراكة على توظيف أحدث التقنيات والمنهجيات العالمية في جمع وتحليل البيانات، مما يضمن الدقة والموثوقية في النتائج التي تشكل أساساً متيناً لتطوير السياسات والبرامج الصحية المستقبلية. ويعكس هذا التعاون المثمر التزام كافة الجهات المعنية بتحقيق الأهداف الاستراتيجية للدولة في القطاع الصحي، من خلال تضافر الجهود وتوحيد الرؤى والتوجهات لجمع وتحليل البيانات الصحية والتغذوية وفق أعلى المعايير العالمية، مما يعزز من موثوقية النتائج ودقتها.
استشراف المستقبل وتعزيز التنافسية
وتشكل المسوحات الوطنية منصة استراتيجية لاستشراف مستقبل القطاع الصحي في الدولة، حيث تسهم في بناء قاعدة بيانات شاملة تدعم صنع القرار وتطوير السياسات الصحية المبتكرة. وقد تم تصميم المسوحات وفق منهجيات علمية متقدمة تعزز من تنافسية الدولة في المؤشرات العالمية، مما يمكن من تطوير حلول استباقية تلبي احتياجات المجتمع وتواكب المتغيرات المستقبلية.
وتسهم هذه المسوحات في تعزيز جودة الحياة والرفاه المجتمعي لتطوير برامج وسياسات صحية شاملة تستهدف تعزيز جودة الحياة في دولة الإمارات، من خلال مبادرات وقائية وعلاجية مبتكرة. وتغطي المسوحات مؤشرات صحية وتغذوية متنوعة تتيح فهماً أعمق لأنماط الصحة العامة في المجتمع، مما يساعد في تطوير برامج مخصصة لتحسين نتائج المؤشرات الصحية . كما تدعم جهود التحول الرقمي في القطاع الصحي، وتركز على تحليل المؤشرات الحيوية التي تدعم التنمية المستدامة وتوجيه الاستثمارات بشكل أمثل، مما يعكس التزام الوزارة بتحقيق التميز المؤسسي والريادة العالمية في المجال الصحي.
حوكمة البيانات وتعزيز الابتكار
وفي هذا السياق، قال سعادة الدكتور حسين عبد الرحمن الرند، الوكيل المساعد لقطاع الصحة العامة: “يُمثل إنجاز 95 % من المسح الصحي الوطني و 78 % من مسح التغذية خطوة استراتيجية نحو تحقيق تطلعات الدولة في بناء نظام صحي بمعايير عالمية. حيث تعتمد هذه المسوحات على بيانات دقيقة ومحدثة تُشكل الأساس في تحسين التخطيط ووضع السياسات الصحية التي تُواكب احتياجات المجتمع وتدعم تنافسية الإمارات عالميًا”. مشيراً إلى النتائج المتحققة ثمرة جهود مشتركة مع الشركاء، وتعكس رؤية القطاع الصحي لتقديم خدمات صحية متكاملة ترتكز على الابتكار والاستدامة. وأضاف: “تشيد الوزارة بتعاون الأسر والمجتمع لتحقيق أهداف هذه المسوحات، التي تُعد خطوة أساسية نحو بناء مجتمع صحي ومستدام يُحقق رفاه أفراده وتطلعات الدولة”.
وأكد سعادة الرند أن رؤية الوزارة في جميع المبادرات والحملات الوطنية، تهدف إلى حوكمة منظومة صحية وقائية وعلاجية متكاملة لضمان خدمات صحية استباقية مترابطة شاملة ومبتكرة قائمة على بيانات محدّثة وميدانية، لتوظيفها في تخطيط السياسات والبرامج والبحوث الصحية بالاعتماد على البيانات الضخمة الموثوقة، وإدارة البرامج الصحية الوقائية والمجتمعية لتعزيز جودة الحياة الصحية على مستوى الدولة، لأن المجتمع وأفراده هم محور التطوير وهدفه، وصولاً إلى مجتمع أكثر صحة وسعادة.
منهجيات جمع وتحليل البيانات
بدورها، قالت الدكتورة علياء زيد حربي، مديرة مركز الإحصاء والبحوث في الوزارة: “تُعد هذه المسوحات ركيزة أساسية لتطوير استراتيجيات صحية قائمة على بيانات دقيقة وميدانية تُلبي احتياجات المجتمع. والوزارة ملتزمة بحماية سرية البيانات وضمان دقتها، من خلال تطبيق أحدث المنهجيات العالمية في جمع وتحليل البيانات، بما يُسهم في تطوير منظومة صحية تتسم بالمرونة والكفاءة وتدعم الاستدامة”.
وتواصل وزارة الصحة ووقاية المجتمع مع شركائها العمل على استكمال المسح الوطني للصحة والتغذية، بهدف تطوير قاعدة بيانات محدثة تُسهم في رسم سياسات مبتكرة تُحقق استدامة القطاع الصحي، وتُعزز من تنافسية الدولة على المستوى الإقليمي والدولي، بما يتماشى مع رؤيتها الطموحة لمستقبل الصحة العامة في الإمارات للعقود القادمة.