بعد تسعة أشهر من حظر الاحتلال لدخول العمال الفلسطينيين من الضفة الغربية إلى الداخل المحتل، ظهرت تحذيرات إسرائيلية من أن بقاءهم بدون عمل سيمنح قوى المقاومة أرضية خصبة لتجنيدهم للانخراط في صفوفها، مما استدعى ظهور أصوات إسرائيلية في المنظومة الأمنية تطالب باستئناف دخولهم هناك، بزعم أن هناك علاقة طردية بين تحسن الوضع الاقتصادي للفلسطينيين، وتراجع تنفيذ عمليات المقاومة، إلا أن ذلك قوبل برفض المستويات الحكومية الإسرائيلية.



وقال الكاتب اليميني الإسرائيلي كالمين ليبسكيند في موقع "واللا": إن "مطالبات الأجهزة الأمنية بهذا الخصوص بما يتعارض مع قرارات المستوى السياسي ليست بالأمر الجديد، وآخرها رغبتها بدخول العمال الفلسطينيين مجددا إلى داخل المدن المحتلة، لكن المستوى السياسي برئاسة بنيامين نتنياهو غير قادر على اتخاذ القرارات الصائبة، مما يضرّ في النهاية بالواقع الأمني للاحتلال".


وأضاف "ما يحدث أن الشباب الفلسطينيين الذين ليس لديهم مصدر رزق يحاولون الحصول على أموالهم من خلال الأنشطة المسلحة المدعومة من حماس، التي تعرف كيفية استغلال الوضع الاقتصادي السيء للفلسطينيين". 

وأضاف في مقال ترجمته "عربي21" أن هذا التوجه الأمني قوبل برفض المستوى السياسي الذي عبر عنه عضو الكنيست تسفي سوكوت، عضو لجنة الشؤون الخارجية والأمن بالكنيست، زاعما أن "ذهاب العمال للعمل داخل إسرائيل لا يقلل الهجمات المسلحة"، مستندا لمركز الأبحاث والمعلومات في الكنيست، لفحص الرسم البياني للقتلى الإسرائيليين في أعمال مقاومة منذ عام 1995، ودراستها للوضع الاقتصادي للفلسطينيين على مر السنين.

وذكر أن التدقيق في الناتج المحلي الإجمالي للفرد هناك، ومعدلات البطالة، وعدد الموظفين الذين سمح لهم بالعمل وكسب العيش خلال هذه الفترة، مدّعيا أن النتائج التي جمعها ظهرت مثيرة للاهتمام للغاية". 

وأوضح أن "البيانات الإحصائية التي اطلع عليها أظهرت زيادة حادة للغاية في عدد الإسرائيليين القتلى في الهجمات المسلحة، خاصة خلال فترتين: الأولي بين عامي 2000-2004، والثانية خلال حرب غزة 2014، مع العلم أن السنوات التي سبقت الانتفاضة الثانية كانت جيدة جدا للاقتصاد الفلسطيني، خاصة بين 1996-1999 حيث بلغ متوسط زيادة سنوية قدرها 8.9 بالمئة في الناتج المحلي الإجمالي للمواطن الفلسطيني، وفي الأعوام 2007-2013 التي سبقت حرب الجرف الصامد في غزة كان هناك متوسط زيادة سنوية قدرها 4.3 بالمئة في الناتج المحلي الإجمالي للمواطن الفلسطيني". 

وأكد أنه "رغم أن الحرب الحالية اندلعت ضد قطاع غزة، وليس ضد الضفة الغربية، لكن فحص الوضع الاقتصادي للفلسطينيين في الضفة بين عامي 2020-2022، في السنوات التي سبقت هجوم حماس، أظهر متوسط زيادة سنوية قدرها 2.9 بالمئة في الناتج المحلي الإجمالي للمواطن الفلسطينية، أي أن موجات المقاومة الفلسطينية حصلت بالضبط خلال فترة الازدهار الاقتصادي، مما يعني وجود علاقة سببية عكسية، أي أن المقاومة تنتعش في مرحلة انتعاش الاقتصاد الفلسطيني، وليس العكس". 


وأشار أنه "عند دراسة وضع العمالة الفلسطينية في الأعوام 1996-1999، عشية الانتفاضة الثانية، حدث انخفاض بنحو 11.7 نقطة مئوية في معدل البطالة، وفي الأعوام 2007-2013، قبل حرب غزة 2014، حصل ارتفاع معتدل بنحو 1.7 نقطة مئوية في ذات المعدل، مع ارتفاع سنوي متوسط بنسبة 18 بالمئة في عدد العمال الفلسطينيين داخل "إسرائيل".

 وفي أعوام 2020-2022، قبل هجوم حماس الأخير، حصل متوسط زيادة سنوية بنسبة 15 بالمئة في حجم العمالة الفلسطينية في "إسرائيل"، معظمها من الضفة الغربية، وحينها وافق الاحتلال على قدوم المزيد والمزيد من العمال من قطاع غزة. 

وأضاف أن "هذه التسهيلات الاقتصادية رافقتها تقييمات وتصريحات من كبار مسؤولي الجهاز الأمني والمستوى السياسي، انطلاقا من فرضية مفادها أن تحسن الوضع الاقتصادي للفلسطينيين من شأنه أن يزيل رغبتهم في قتالنا، حتى تفاخر رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت بتصاريح الدخول التي منحها للعمال من غزة، وتم تمديدها في ظل الحكومة الحالية، بزعم أنها مفيدة للأمن الإسرائيلي، وأن مئات الآلاف من سكان غزة يعيشون على رواتب هؤلاء العمال، وأن حماس ليس لديها مصلحة في إلحاق الأذى بهم، وبالتالي فإن هذه السياسة نجحت بصورة كبيرة في إعادة الهدوء إلى مستوطنات الجنوب في غلاف غزة". 

وأشار أن "الدراسات التي تناولت بالعادة العلاقة بين الوضع الاقتصادي والفقر والتعليم وتنفيذ الهجمات المسلحة، تصل أحيانًا إلى نتائج مختلفة، وحتى متضاربة، لكن النتائج المتواترة تُظهر أن منفذي تلك الهجمات لديهم في المتوسط خلفية اقتصادي غير سيئة، حتى أن بعضها يشير أن المقاومة تزدهر في بعض الأحيان على وجه التحديد في وقت الرخاء الاقتصادي، مثل الانتفاضة الثانية التي بدأت نهاية عام 2000، كما تُظهر دراسة أجريت في المجتمع الفلسطيني وجود تأييد أوسع للمقاومة في الأسر الغنية ذات الإمكانات المالية".

تكشف هذه الدراسات الإسرائيلية أن معظم المقاومين يأتون من عائلات من الطبقة المتوسطة نسبيا، وأن الفئة الثانية منهم ينحدرون من أسر ذات طبقة متوسطة نسبياً, كما جاءت انتفاضة الأقصى تحديدًا خلال فترة ازدهار الاقتصاد الفلسطيني، ويبدو أن الظروف الاقتصادية السيئة لا تحفز الفلسطينيين على المشاركة في الأنشطة المسلحة، لأن معظم المنفذين يأتون من خلفية الطبقة المتوسطة، وغالبا ما يكونون على مستوى عال من التعليم، الأمر الذي يتعارض مع الفرضية الإسرائيلية المضللة التي تدعي أن انتعاش الاقتصاد الفلسطيني سيصرف الفلسطينيين عن مسار المقاومة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية العمال الفلسطينيين الضفة إسرائيلية غزة إسرائيل فلسطين غزة الضفة العمال صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی الناتج المحلی الإجمالی بالمئة فی

إقرأ أيضاً:

محللون: التوسع الاستيطاني بالضفة الغربية أخطر ما يواجه الشعب الفلسطيني منذ 1948

حذر محللون سياسيون من أن الوضع الحالي في الضفة الغربية يمثل أخطر تحدٍ يواجه الشعب الفلسطيني منذ نكبة الـ1948، وجاء هذا التحذير في أعقاب سلسلة من القرارات الأخيرة التي اتخذها الكنيست الإسرائيلي، والتي وصفت بأنها "في غاية الخطورة".

وقال الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية الدكتور مصطفى البرغوثي إن وصفه ما يحدث في الضفة الغربية بأخطر ما يواجه الشعب الفلسطيني منذ العام 1948 جاء بسبب أن القرارات التي اتخذها الكنيست الإسرائيلي مؤخرا في غاية الخطورة.

وكان المجلس الوزاري الأمني الإسرائيلي قد اعتمد إجراءات تقدم بها وزير المالية بتسلئيل سموتريتش تتضمن توسيع الاستيطان في الضفة الغربية وشرعنة 5 مستوطنات في مناطق يفترض أنها تعود إلى السلطة الفلسطينية.

وأضاف البرغوثي -خلال التحليل السياسي غزة.. ماذا بعد؟- أن هذه القرارات تعني إعلان ضم الضفة الغربية إلى دولة الاحتلال، لأنها المرة الأولى التي تسلب فيها إسرائيل الصلاحيات الأمنية من السلطة الفلسطينية في المنطقة "ج"، كما سحبت منها الصلاحيات المدنية في المنطقة "ب".

وأشار إلى أن هذا يعني أن 82% من الضفة الغربية أصبحت تحت سيطرة الاحتلال عسكريا وأمنيا، واعتبر البرغوثي أن إسرائيل نسفت اتفاق أوسلو تماما بإقدامها على هذه الخطوات.

مشروع نتنياهو

كما أشار إلى أن قرارات الكنيست تهدف لتهويد وضم الضفة الغربية إلى دولة الاحتلال، وتسعى إلى تحويل أراضي دولة محتلة فيها بعض "الأجسام الغريبة" التي تتمثل في المستوطنات إلى محيط إسرائيلي بالكامل وفقا لخطة سموتريتش التي تستهدف توسيع الاستيطان وحصر القرى والمدن الفلسطينية في مناطق معزولة تماما.

وأكد البرغوثي أن مشروع تهويد الضفة الغربية الذي يجري الآن هو مشروع تبناه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي كرس حياته السياسية لمنع إقامة دولة فلسطينية مستقلة، في حين تبالغ الصحافة الإسرائيلية -بحسب رأيه- عند الحديث بشأن أسلحة المقاومة لتبرير المجازر التي يقوم بها جيش الاحتلال.

كما أوضح أن الحديث عن مصادر تسليح المقاومة مبالغ فيه، مشيرا إلى أن السلاح الذي يبيعه جنود الاحتلال من مخازن جيشهم بعد سرقته هو المصدر الأول لأسلحة المقاومة.

ويرى البرغوثي أن إسرائيل ظلت تنظر إلى السلطة على الدوام باعتبارها وكيلها الأمني وليست سلطة حقيقية، مستشهدا بحديث بعض قادة إسرائيل عن إنشاء "جسم ما" ليقوم بإدارة قطاع غزة نيابة عن الاحتلال الذي يخشى أن هناك ارتباطا أو ترابطا من أي نوع بين الضفة والقطاع.

وأوضح أن إسرائيل تريد سلطة تتولى شؤون مواطني الضفة المدنية، في حين تقوم هي بتهويد وضم الضفة واحتلالها بدون مسؤوليات أو تكاليف.

نبذ التفاوض

ونبه البرغوثي السلطة -إذا أرادت أن تحافظ على نفسها- إلى أن تتخلى عن مشروع التفاوض وتصبح جزءا من مشروع المقاومة، مشيرا إلى أن جميع سكان الضفة لا يشعرون الأمان.

وحذر الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية من أن الحل الذي تعتمده إسرائيل لما تراها مشكلة لها بشأن أن أعداد الفلسطينيين في الضفة والقطاع والخارج أكثر من أعداد اليهود الموجودين في المناطق المحتلة هو أن تمارس الإبادة الجماعية التي مارستها في عدوانها على القطاع.

تراكم معرفي

بدروه، يرى الأكاديمي والخبير في الشأن الإسرائيلي الدكتور مهند مصطفى أنه ليس هناك توافق أو معارضة إسرائيلية على القرارات المتعلقة بالضفة الغربية، مشيرا إلى وجود بعض التيارات التي تعارض خطة سموتريتش، ولكنها لا تخرج لمعارضته علنا.

ووصف تصوير الإعلام الإسرائيلي قدرات المقاومة -لتبرير مجازر الاحتلال في الضفة- بالمبالغة رغم أن مقدرات المقاومة العسكرية تطورت كثيرا منذ انتهاء الانتفاضة الثانية.

كما نوه مصطفى إلى تقارير إسرائيلية أشارت إلى أن تطور تسليح المقاومة جاء بسبب التراكم المعرفي والتجارب التي اكتسبتها المقاومة خلال الـ3 سنوات الأخيرة، مشيرا إلى أن إسرائيل كانت تنفذ عمليات دهم واسعة ومستمرة بالضفة منذ العام 2021، لقتل كل محاولات التنظيمات النضالية الفلسطينية، وتركيع المنطقة تمهيدا للمشروع الاستيطاني فيها.

تطور مقدرات المقاومة

وبحسب مصطفى، فإن مصدر قوة "التيار المركزي في اليمين الإسرائيلي" يكمن في أنه يريد أن يقوم ببناء الاستيطان بمداهمات عسكرية، والسعي لتفكيك أي تنظيم عسكري بالضفة، مع الحفاظ على وجود سلطة فلسطينية "ضعيفة".

وأشار الخبير بالشأن الإسرائيلي إلى أن تطور مقدرات المقاومة وضع إسرائيل أمام خيارات عدة، منها المقاربة العسكرية التي تستخدمها الآن وفقا للمقولة الإسرائيلية "ما لا يأتي بقوة يأتي بمزيد من القوة"، إضافة إلى وجود تيار آخر يدعو إلى حل سياسي بتقوية السلطة الفلسطينية -بعيدا عن حل الدولتين- لتلعب دورا في مواجهة المقاومة.

وفيما يتعلق بأهمية وجود السلطة بالنسبة لإسرائيل، أشار مصطفى إلى أن الدولة العميقة ومراكز الأبحاث في إسرائيل قلقة من إمكانية انهيار السلطة الفلسطينية، والذي لن يخدم مصالح الاحتلال ولا اليمين الإسرائيلي في الوقت الحالي، نسبة إلى عدم وجود رؤية إسرائيلية لحل معضلة الضفة الغربية، مشيرا إلى أن الحل الأمثل لإسرائيل هو إدارة الاستقرار الأمني بالضفة.

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية يستعرض مع مدير عمليات البنك الدولي تطورات الوضع الاقتصادي
  • كمائن بقنابل إسرائيلية.. هكذا تعيد المقاومة تدوير الذخائر غير المنفجرة (شاهد)
  • فصائل المقاومة ترد على دعوة “بن غفير” لإعدام الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال
  • المجلس الوطني الفلسطيني يدين دعوة وزير إسرئيلي مُتطرف لإعدام الأسرى الفلسطينيين بالرصاص
  • بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين 
  • حسن عز الدين: الشعب الفلسطيني وحده من يرسم اليوم التالي في غزة
  • رئاسة الجمهورية: الاتحاد الأوروبي حريص على دعم مسار الإصلاح الاقتصادي بمصر
  • محللون: التوسع الاستيطاني بالضفة الغربية أخطر ما يواجه الشعب الفلسطيني منذ 1948
  • ملتقى فلسطينيي الخارج يناقش بإسطنبول تداعيات طوفان الأقصى
  • السفير الفلسطيني بالقاهرة: إغلاق مصر لمعبر رفح أكذوبة إسرائيلية