المخرجة السينمائية مزنة المسافر تستعد لـ«فيلمها الطويل الأول»
تاريخ النشر: 23rd, June 2024 GMT
- أميل للجانب الفلسفي، وأعتقد أن المخرج عبارة عن فيلسوف ومفكر
- نحتاج إلى سينما وطنية في عُمان
- النهاية المفتوحة تتيح التأمل في الفكرة
فاز فيلم المخرجة العمانية مزنة المسافر في أبريل الماضي بجائزة أفضل فيلم روائي قصير في المهرجان السينمائي الخليجي بالرياض في دورته الرابعة، وعندما التقينا كانت المسافر قد بدأت بالفعل التحضير لفيلمها الطويل هذه المرة «ضلع الحورية المائل»، والذي ستصور أحداثه في مناطق ساحلية مختلفة.
تقول: أنا في مرحلة التحضير لفيلم سينمائي طويل، يحمل اسم: «ضلع الحورية المائل»، أما البطل «جبر» الذي اعتاد جبر الخواطر يجبر خاطر حورية، ويحاول وهو غلام لا يعرف كيف يتصرف، يقع في غرام الحورية، وقبل موسم النفوق يحاول أن ينقذ الحورية، الحورية لا تنفق مثل الأسماك لكن أحبت أن يكون للفيلم جانب راديكالي حتى يدافع هو عنها.
حول المنافسة في المسابقة الأخيرة وصفتها المسافر بالقوية، وقالت: لأن كل وزارات الثقافة في الخليج اختارت مجموعة من الأفلام لتشارك بها، واختار المعنيون في المجلس الأعلى للثقافة والفنون والآداب في الكويت مجموعة من الأفلام أغلبها أفلام طويلة، وفيلمي «غيوم» هو الفيلم القصير الوحيد الذي فاز. وعلى العموم كلفة الفيلم عالية إلى جانب الكلفة الفنية والكلفة الإبداعية والكلفة الإنتاجية مقارنة بباقي الأفلام، كلفني الفيلم ٤٥ ألفًا على مدى ٤ سنوات منذ بداية النص الذي طورته في ٢٠١٧ ثم رأى النور عام ٢٠٢٠ في مهرجان أجيال ثم عرضته في أبوظبي ودور سينما خاصة، واجهت بعض العراقيل خلال تصوير الفيلم واحتجت إلى تزكية.
وأضافت: لم أتوقع الفوز، كان شعورا رائعا بالنصر أحسست بأن هذه مكافأة الحياة، لم أكن مستعدة كنت مشغولة بلقاء الأصدقاء، متابعة الأفلام، كان الأهم عندي هذه اللقاءات التي أوقفتها الجائحة، وانشغلت في الوقت نفسه بأعمال أخرى وبالكتابة والتزامات أخرى تكبر مع التقدم في العمر فكان لقاء الأصدقاء ذاك شغلي الشاغل في المهرجان.
في حديثنا عن الفيلم الطويل والقصير والتحديات التي تحف كل منهما، أشارت مزنة المسافر إلى أن الخطة الإنتاجية في الفيلم الروائي القصير مختلفة وقاعدته مختلفة لأن نمط الفكرة يجب طرحه في توقيت قصير ومعين مشيرة إلى الـ«تيريولوجي» الذي كما شرحته مثالا في فيلمها «غيوم» أن تكون قصة الأب والابن والبنت بجانب الغلاف الأكبر الذي هو الماضي، وكيف يتخلص هذا الأب من الماضي.
أما الفيلم الروائي الطويل فيحتاج الجزء الفلسفي منه لأن يكون أوضح بسبب نضج المخرج والجمهور حسب تعبيرها، وقالت: يشتغل المخرج على فيلم طويل عندما يكون لديه جمهور، بينما في الفيلم القصير يكون المخرج لا يزال يجذب الجمهور للقصة لكن الفيلم الطويل يكون متأكدًا أن هذا الفيلم سيأتيه الجمهور ويحضر وأنا أشعر بأن فيها مخاطرة لكن هذه المخاطرة تستحق أخذ خطوة تجاهها.
سألتها: هل نفهم من ذلك أن الفيلم القصير محطة تدريب؟
فقالت: يفترض أن تبدأ الأفلام وأنت متشبع بالفن، وفي الوقت نفسه لا بد أن تعرف أي مدرسة تتبع. أنا أميل للواقعية السحرية وفيها مراحل وأجدها مختلفة في أفلامي، مثلًا في تشولو كانت مختلفة وفي نقاب أيضا مختلفة
وفي ضلع الحورية المائل مختلفة، فلا بد أن تكون عندك مدرسة.
في ردها حول تعليق: «أنتِ إذن تمثلين سينما المؤلف»، قالت: «أفضّل ذلك»، وتابعت: «حتى يكون للتكوين معنى وفكرة عميقة، وأنا أميل للجزء الفلسفي، وأعتقد أن المخرج عبارة عن فيلسوف ومفكر، لذلك يمجد الغرب المخرج لا لأنه يخلق صورة فقط، بل لأنه طريقة عمل وأسلوب ومدرسة تسبق الآخرين أحيانًا وأحيانًا لا تسبقهم، لكنه يتميز بقدرته على التعبير في صورة وكلام وكتابة ولحن».
تقول مزنة المسافر: لا أشعر بأن لدي تحديات لأني مستمتعة بهذه الرحلة «ما عندي هم»، عندما تأتيني فكرة أكتب، وعندما لا تكون عندي فكرة أكمل ما بدأت، وفي الوقت نفسه أحب العمل التلفزيوني لأنه يعرّفني على أشخاص جدد، ويجعلني أفكر بشكل عملي ومختلف، والمهم أنه لم يبعدني عن الصورة، كما أنني أحب الكتابة في الجريدة حتى لا أبتعد عن الكلمة، وأكتب بشكل أسبوعي سلاسل قصصية.
في سؤال عن اللغة الجبالية في فيلم «غيوم» أشارت المسافر إلى أنها لا تتحدثها ولكنها تفهمها، وقالت: لا أملك علاقة جينية باللغة الجبالية لكني أفهمها، والتقيت بكثيرين وزرت ظفار كثيرًا وعندما لاح الخريف بدأنا التصوير وشيّدنا كل شيء على الرغم من أن الطقس أحيانًا لم يكن مناسبًا.
تفضل مزنة المسافر النهايات المفتوحة لأنها حسب تعبيرها «لا إغلاق فيها للكاميرة والرحلة لا تزال مستمرة، والشخصيات لا تزال حية».
وأضافت: أحب أن أترك التأمل في الفكرة، والنهاية هي لحظة وأنا أكتب أشعر بأني أتعلق بالشخصيات، وفي ضلع الحورية المائل أحببت «جبر» وتمنيت لو أحبني أكثر من «حورية» حتى.
هل أنتِ مع الأسلوب الواحد؟ كان السؤال، فأجابت قائلة: العلاقة الجيدة مع الجمهور هي بسبب الأسلوب الذي اتبعته من البداية ففهمه الجمهور، لأننا هكذا أعطيناه مفاتيح، وحتى لا تفقدي الجمهور لا بد من تعويده على خط وطريقة، لأن عدم اعتياده على شيء يجعله ينفر من الموضوع، تعلمت هذا الشيء من التلفزيون، لأن لدي جمهورًا وخطًا معينًا، فقط أغيّر الطريقة وليس الأسلوب أو الأماكن أو الشخصيات لكن الأسلوب هو نفسه الذي يبتعد قليلًا عن الواقع ويقرّبك من الشخصيات ويشعرك بالتلقائية، وأميل دائمًا للممثلين غير المحترفين لأمور إنتاجية، كذلك كلفة المحترف أو النجم عالية في العادة، لكني أميل إلى الشعور الحقيقي.
في سؤال: ماذا تمثل لك صناعة الأفلام في حياتك؟ قالت المسافر: أعتبرها جنون «الجنون الأعظم» بالنسبة لي. تفقد أشياء كثيرة في حياتك بسبب هذا الجنون وتركز على هذا الجنون جُل الوقت لكن في النهاية يعود لك شيء ما في المقابل، مثلًا عندما أقول للناس أني دفعت من مالي الخاص من أجل فيلم ما يقول لي الناس: «مجنونة»!!!.
وعن الأثر الذي تركته الدراسة في حياة مزنة بين الكويت واستوكهولم تقول: في هذه الرحلة تعلمت الحياة ودرست النقد لكن شعرت بأني لا أنتمي إليه فأخذت دروسًا في التصوير والتكوين، علّمتني أن أرى الأشياء بشكل مختلف كما شاهدت السينما السويدية والإيطالية والفرنسية والاسكندنافية.
وتابعت قائلة: أعتقد أن ما نحتاج إليه في عُمان هو سينما وطنية مثل ألمانيا وفرنسا، وليس فقط مهرجانات، كما نحتاج إلى صناعة الفيلم العماني الطويل بتركيزٍ مع منتجين عالميين ليس من أجل السياحة ولكن لجعل السينما مصدرًا للدخل، فمن واجب السينما تطوير الفكر الإنساني ومساعدة من لا يستطيع أن يعبّر على التعبير.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
انطلاق عروض “مقهى السينما” في دمشق القديمة
دمشق-سانا
بين أزقة دمشق القديمة، وفي أجواء تحمل عبق التاريخ، ارتشف عشاق السينما قهوة من نوع خاص ضمن فعاليات “مقهى السينما” الذي افتتح أبوابه اليوم بعرض فيلم “ثمار اليوسفي”، المرشح للعديد من جوائز الأوسكار.
تلا العرض جلسة حوارية مع المخرج السوري جمال داود، الذي شارك الحضور رؤيته الفنية وتجربته طوال الأعوام الماضية في النقد السياسي.
لم يكن اختيار فيلم “ثمار اليوسفي” مجرد صدفة، بل جاء كرسالة تعبر عن الدور المهم والحيوي للسينما في تعزيز الوعي ونشر المحبة والسلام، وخاصة في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة.
تدور أحداث الفيلم خلال حرب أبخازيا 1992-1993، في رمزية عميقة، لتقدم قصة أخلاقية تتناول قضايا الصراع والمصالحة السلمية، من خلال جمع أطراف الصراع في مكان واحد، يتمكن المخرج من قلب موازين العلاقات، حيث يتحول العدو إلى صديق، وتتغير القواعد في مواجهة الموت.
وعن أهمية السينما ودورها في تعزيز الوعي، قالت رغد باش صاحبة فكرة مقهى السينما: “لطالما كان للفن السابع دور حيوي في تقريب الشعوب وتعزيز التفاهم بين الثقافات، لذلك نشاطاتنا مستمرة في قادم الأيام”، ووجهت دعوة مفتوحة لصانعي الأفلام للمشاركة في الفعاليات الثقافية التي سينظمها النادي.
وعن عودته بعد غياب استمر لأكثر من 12 عاماً، قال المخرج جمال داود: التواصل المباشر مع الجمهور السوري بعد كل هذا الغياب مهم جداً، معرباً عن رغبته في مواصلة ممارسة مهنته في سوريا، مستفيداً من خبرته العالمية في صناعة السينما.
بهذه الفعالية، يثبت “مقهى السينما” الذي تقام عروضه في فندق بيك باش بحي بابا توما، أنه ليس مجرد مكان لعرض الأفلام، بل منصة للتواصل والحوار، تعيد إحياء دور السينما كجسر للتواصل الإنساني في زمن يحتاج إلى الفن أكثر من أي وقت مضى.