تهاوي الأساطير المؤسسة لخدعة 30 يونيو
تاريخ النشر: 23rd, June 2024 GMT
في كتابه "الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية" ذكر الفيلسوف الفرنسي الراحل روجيه جارودي عدة أساطير قام عليها الكيان الصهيوني، منها أسطورة الأرض الموعودة، و أسطورة شعب الله المختار، وأسطورة معادة السامية، وأسطورة حرق 6 ملايين يهودي في أفران النازي، وأسطورة أرض بلا شعب لشعب بلا أرض، وأخيرا أسطورة المعجزة الاقتصادية، وكما يظهر من وصفها فهي محض أساطير لا حقائق، ولكن الحركة الصهيونية العالمية نجحت في تسويقها لدى اليهود أولا لإقناعهم بالهجرة إلى الكيان الجديد، كما نجحت في تسويقها لدى أوروبا لنيل دعمها وهي التي كانت ترغب بالفعل في التخلص منهم، وقد ساعدتها تلك الأساطير على ذلك.
ما يصفه البعض بثورة 30 يونيو 2013 في مصر (وما هي بثورة بل مجرد خدعة كبرى مهدت للانقلاب العسكري الفج يوم 3 تموز/ يوليو 2013) قامت أيضا على مجموعة من الأساطير التي تم تسويقها باعتبارها حقائق، والغريب أن نخبا مثقفة شاركت في ترويج تلك الأساطير أو اقتنعت بها دون مناقشة، وبعض تلك النخب لا يزال يردد تلك الأساطير التي تتهاوى الآن أمام وهج الحقيقة بعد مرور 11 عاما على تلك الكارثة التي حرمت المصريين من حريتهم وكرامتهم، وأدخلتهم في عيشة ضنكا.
ما يصفه البعض بثورة 30 يونيو 2013 في مصر (وما هي بثورة بل مجرد خدعة كبرى مهدت للانقلاب العسكري الفج يوم 3 تموز/ يوليو 2013) قامت أيضا على مجموعة من الأساطير التي تم تسويقها باعتبارها حقائق، والغريب أن نخبا مثقفة شاركت في ترويج تلك الأساطير أو اقتنعت بها دون مناقشة، وبعض تلك النخب لا يزال يردد تلك الأساطير التي تتهاوى الآن أمام وهج الحقيقة
اختطاف الدولة وتغيير هويتها
أول تلك الأساطير هي اختطاف الإخوان للدولة، وتغيير هويتها. غريب أن يتم ترويج تلك الأسطورة بينما الذي حدث هو ثورة شعبية شارك فيها الإخوان إلى جانب غيرهم من فئات الشعب المصري المختلفة، ثم فتحت هذه الثورة باب الحرية والانتخابات التنافسية، وترشح الإخوان كغيرهم، ولكنهم فازوا بأكثرية البرلمان كما فازوا بمقعد الرئاسة بعد منافسة قوية مع مرشحين آخرين، في ظل إشراف قضائي محلي، ورقابة دولية، ورقابة إعلامية أشادت جميعها بنزاهة الانتخابات.
ولنفترض هنا أن ما تم ترويجه حول فوز الفريق أحمد شفيق ضد مرسي كان صحيحا لكن اللجنة الانتخابية ومن خلفها المجلس العسكري خشت إعلان تلك النتيجة تجنبا لفوضى عامة، فما الذي منع من إعلان ذلك رسميا بعد الانقلاب على الرئيس محمد مرسي في 2013؟ ولماذا لم يتم تمكين شفيق من تولي الرئاسة؟!
وبالحديث عن هوية مصر التي زعموا تغييرها، فهل هناك أي مظاهر لهذا التغيير؟! هل تم تغيير علم البلاد أو نشيدها الوطني؟ أو هل تم فرض سلوكيات بعينها على المجتمع مثل اللحى للرجال، أو النقاب للنساء؟ هل تم إغلاق المعابد الفرعونية والمتاحف والمسارح ودور السينما مثلا؟ الحقيقة أن شيئا من ذلك لم يحدث، نعم كانت هناك مخاوف لبعض القطاعات من احتمال فرض قيود على حرياتها الشخصية، لكن الواقع دحض تلك المخاوف، بل إن الهيئة المساعدة للرئيس مرسي ضمت المسيحي والمرأة المحجبة وغير المحجبة.. الخ، وعند إصدار الدستور الجديد في 2012 احتدم النقاش حول قضية الهوية وتم حسم الأمر بصياغات توافقية برضا وقبول أعضاء الهيئة التأسيسية للدستور، والتي ضمت جميع الأطياف.
أسطورة الأخونة
الأسطورة الثانية هي الأخونة، بمعنى هيمنة الإخوان على الوظائف العامة بدءا من رئيس الدولة والوزراء والمحافظين ورؤساء الهيئات الوطنية وغيرها، وقد اعتمد أصحابها على عدد الإخوان من الوزراء والمحافظين وأعضاء مجالس بعض الهيئات والنقابات المهنية والعمالية. ورغم أن من حق الرئيس اختيار مساعديه سواء وزراء أو محافظين بحكم النظام الرئاسي المصري، إلا أن عدد الوزراء الإخوان في وزارة محسوبة عليهم لم يكن يتجاوز الربع.
ففي حكومة هشام قنديل الأولى كان للإخوان 5 وزراء من بين 34 وزيرا، وفي الوزارة الثانية المعدلة أضيف إلى هذا العدد 3 وزراء إخوان جدد لترتفع النسبة إلى أقل من ربع مجلس الوزراء. أما المحافظون فقد كان للإخوان 6 محافظين فقط هم الذين مارسوا عملهم، وحين أصدر مرسي يوم 18 حزيران/ يونيو 2013 (قبل الانقلاب بأسبوعين فقط) قرارا جديدا بتعيين محافظين جدد شملت الحركة 7 محافظين من الإخوان من بين 27 محافظا (تضمن القرار أيضا تعيين 8 محافظين عسكريين)، ولم يتمكن معظم المحافظين الجدد من الإخوان من القيام بعملهم. أما منتسبي الإخوان في مجلس النقابات المهنية فقد تولوا مواقعهم بالانتخابات وليس بالتعيين، وقد كانوا يمثلون الأغلبية في معظم النقابات قبل ثورة يناير.
بعد هذا التفنيد القديم الجديد لأسطورة الأخونة، انظروا الآن إلى حالة العسكرة للحياة المدنية في مصر، فهناك الآن 20 لواء جيش وشرطة يتولون مناصب محافظين، بخلاف السكرتيرين العموم للمحافظات ورؤساء المدن والأحياء وغالبيتهم عسكريون، بل أصبح المرور بدورات تدريبية طويلة في الأكاديمية العسكرية شرطا للتوظيف في الهيئات المدنية مثل التعليم والنقل، وحتى الأوقاف، وقد حضر السيسي بنفسه في الأكاديمية العسكرية عدة اختبارات للمرشحين لوظائف مدنية.
الحرب الأهلية المزعومة
ثالث الأساطير هي "الحرب الأهلية" التي كانت على وشك الانفجار، وقد استغل مروجو هذه الأسطورة حالة الاستقطاب السياسي الحاد في المجتمع بين القوى السياسية المختلفة لترويج هذه الكذبة الكبرى بهدف ترويع المجتمع ودفعه للاحتماء بالمؤسسة العسكرية من هذه الحرب المحتملة.
كان الحراك السياسي الساخن هو سمة رئيسة لتلك الفترة بعد ثورة شعبية استهدفت إعادة رسم المشهد السياسي، كان طبيعيا أن كل قوة تريد لنفسها المساحة التي تراها لائقة بها في هذا المشهد الجديد، ولم يكن الشعب معتادا على هذا الحراك السريع الصاخب، لكن تلك المشاهد كانت طبيعية كما قلنا بعد ثورة شعبية، وقد حدث مثيل لها في الدول التي شهدت ثورات شعبية من قبل مثل فرنسا وروسيا وإيران، كما حدث مثيلها في تونس، ولم يقل أحد إنها دخلت حربا أهلية باستثناء ما حدث في سوريا وليبيا واليمن، والتي كان لها ظرفها الخاص في كل قُطر.
ففي سوريا استخدم نظام الأسد القوة الغاشمة ضد الثوار ما دفع بعضهم إلى استخدام السلاح للدفاع عن النفس، وتكرر الأمر في ليبيا بسبب وجود فصائل مسلحة عديدة شاركت في الثورة والإطاحة بالقذافي بعد معركة مسلحة مع قواته العسكرية، وزاد الطين بلة بتمرد اللواء خليفة حفتر، وانفصاله بالشرق. وفي اليمن أيضا كان السلاح متاحا للجميع، ثم دخل على الخط الحوثيون فكانت الحرب الأهلية التي لا تزال مشتعلة حتى الآن..
لا ننسى هنا أنه اللحظة الحقيقية التي كانت مرشحة لانفجار حرب أهلية عقب الانقلاب فإن من تصدى لذلك هو مرشد الإخوان الدكتور محمد بديع؛ بكلمته الشهيرة من فوق منصة رابعة: "ثورتنا سلمية وستظل سلمية، سلمتنا أقوى من الرصاص"، وهو ما كان يستحق عليه التكريم لا العقاب.
مخاوف الأمن القومي
رابع تلك الأساطير هي خطورة نظام مرسي على الأمن القومي، وتفريطه فيه، ومن ذلك التنازل عن الأراضي المصرية في سيناء (لإقامة الوطن البديل للفلسطينيين) والتنازل عن حلايب وشلاتين للسودان، وبيع برج القاهرة، وقناة السويس، ومنطقة ماسبيرو لقطر.
نشير هنا إلى أن فرية التنازل عن سيناء ظهرت في تشرين الثاني/ نوفمبر 2012 أي بعد 5 أشهر فقط من انتخاب مرسي، وزعمت الأنباء المجهلة التي نشرتها بعض الصحف أن جهة سيادية في سيناء استدعت تسعة من قادة القبائل والشخصيات النافذة لاستطلاع آرائهم في إقامة مخيمات ومعسكرات لاستقبال النازحين الفلسطينيين في منطقة الحدود، وداخل سيناء حال اجتياح إسرائيل البري لقطاع غزة!! كما زعمت أن 80 في المئة من الأراضي في رفح (المصرية) اشتراها فلسطينيون، ونشرت تفاصيل مشروع وهمي لإنشاء مليون وحدة سكنية في سيناء لتوطين الفلسطينيين. كما زعمت أن حركة حماس قدمت طلبا للتوطين في سيناء، لكن السيسي، الذي كان يشغل منصب وزير الدفاع في ذلك الوقت، رفض ذلك. وزعمت أيضا حصول مرسي ونائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين خيرت الشاطر على مبلغ 8 مليارات دولار من أوباما، مقابل التنازل على جزء من سيناء وفقا لوثيقة مزعومة لم يتم نشرها.
كل ذلك كان محض أكاذيب، والدليل أن المحاكمات الهزلية التي جرت للرئيس مرسي وفريقه الرئاسي -على هزليتها- لم تتضمن أيا من تلك الاتهامات، لكن الأهم أن تلك الاتهامات تطال اليوم نظام السيسي نفسه عقب اندلاع طوفان الأقصى.
كما تضمنت مخاوف الأمن القومي كذبة أخرى عن التفريط في مياه النيل، وترويج شائعة حول اتفاق بين الإخوان وإثيوبيا بالتنسيق مع واشنطن للسماح لإثيوبيا ببناء السد دون مشاكل، مقابل تأييد واشنطن لحكم الرئيس مرسي. ولم تقتصر الكذبة على ذلك، بل تعدتها إلى الاتفاق مع أمريكا على مشروع بتكلفة ملياري دولار لتوصيل مياه النيل إلى الكيان الصهيوني، أكثر من ذلك زعمت الشائعة أن هذا المشروع موجود ضمن مشروع النهضة الذي تبناه الرئيس مرسي!!
ومرة أخرى تابع جميع المصريين على مدى السنوات العشر الماضية ما جرى من تواطؤ لنظام السيسي مع إثيوبيا عبر توقيع إعلان المبادئ؛ الذي سمح لإثيوبيا ببناء السد دون الحفاظ على حقوق مصر التاريخية في المياه وحق الإدارة المشتركة للسد، وها هي إثيوبيا تكاد تنتهي تماما من الملء الخامس للسد دون أي اكتراث بالجانب المصري.
الفشل الإداري وصناعة الأزمات
في الذكرى الخامسة لوفاة الرئيس مرسي، وقبل أسبوع فقط من ذكرى 30 حزيران/ يونيو.. تتهاوى تباعا الأساطير المؤسسة لتلك الخدعة الكبرى التي أصابت حلم المصريين في العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، واليوم يندم الكثيرون على مشاركتهم في ترويج تلك الأساطير، وهو شعور نبيل، لكن النبلاء الحقيقيين هم من قاوموا تلك الأكاذيب في وقتها، ودفعوا ثمنا كبيرا في سبيل ذلك
خامس الأساطير هي الفشل في إدارة الدولة، ما تسبب في العديد من الأزمات مثل ارتفاع المديونية الخارجية، وأزمة السولار وأسطوانات الغاز، والخبز.
وبعيدا عن الدور الخبيث لمؤسسات الدولة العميقة في صناعة الأزمات بهدف إلصاقها بالرئيس مرسي، وهو ما تم فضح بعضه في حينه مثل تخزين السولار أو سكبه في الصحراء، والإغلاق العمدي لبعض محطات الوقود، ومع الاعتراف أيضا بالفشل أو التعثر في العديد من الملفات، إلا أن الحقيقة تقول أيضا إن الديون الخارجية بلغت 43 مليار دولار فقط في عهد مرسي، بينما صعدت إلى 168 مليار دولار بنهاية العام الماضي، بخلاف القروض والديون الجديدة خلال الأشهر الماضية، أو التي لا تزال تحت التفاوض.
أما الخبز فقد حُلت أزمته على يد وزير التموين الأسبق باسم عودة، بينما ارتفع سعر الخبز خلال الأيام الماضية فقط بنسبة 300 في المئة مرة واحدة.
وأما الكهرباء فحدث عنها ولا حرج، فالانقطاعات الآن أضعاف ما كانت عليه أيام مرسي رغم كل ما أنفقه النظام على بناء محطات جديدة، والمصريون يجأرون بالشكوى ولسان حالهم يكرر ما قيل لمرسي من قبل: "موش قد الشيلة متشيلش".
في الذكرى الخامسة لوفاة الرئيس مرسي، وقبل أسبوع فقط من ذكرى 30 حزيران/ يونيو.. تتهاوى تباعا الأساطير المؤسسة لتلك الخدعة الكبرى التي أصابت حلم المصريين في العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، واليوم يندم الكثيرون على مشاركتهم في ترويج تلك الأساطير، وهو شعور نبيل، لكن النبلاء الحقيقيين هم من قاوموا تلك الأكاذيب في وقتها، ودفعوا ثمنا كبيرا في سبيل ذلك، ولا يزالوا يدفعون حتى يستعيدوا مع الشعب حريتهم وكرامتهم.. وما ذلك على الله بعزيز.
x.com/kotbelaraby
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه 30 يونيو مصر الإخوان مرسي السيسي مصر السيسي مرسي الإخوان 30 يونيو مقالات مقالات مقالات من هنا وهناك صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الأساطیر التی الرئیس مرسی فی سیناء
إقرأ أيضاً:
WSJ: تداعيات الحرب بغزة تظهر في مصر والأردن.. حظر الإخوان مثال
شدد تقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال"، على أن تداعيات العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة بدأت في الظهور في كل من مصر والأردن، مشيرة إلى قرار حظر جماعة الإخوان المسلمين في المملكة.
وقالت الصحيفة في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن حليفين مهمين للولايات المتحدة يواجهان غضبا متزايدا وسط السكان مع تصعيد إسرائيل للحرب ضد غزة.
وفي إشارة لتصاعد الضغط، أعلنت الحكومة الأردنية يوم الأربعاء حظرا شاملا على نشاطات حركة الإخوان المسلمين في الأردن، وهي جزء من تيار إسلامي يتمتع بتأثير واسع في العالم العربي، وفقا لما أورده التقرير.
وأعلنت الحكومة بداية الشهر عن اعتقال عدد من ناشطي الحركة واتهمتهم بالتآمر لتنفيذ هجمات وتعريض الأمن الوطني للخطر، فيما نفت الجماعة أي علاقة لها بخطر التآمر المزعومة.
وقالت الصحيفة إن الأردن شهد تظاهرات منتظمة، وجه المشاركون فيها انتقادات للحكومة وعلاقتها مع إسرائيل، فيما عقدت تظاهرات أمام السفارتين الأمريكية والإسرائيلية، واشتبك فيها المتظاهرون مع قوات الأمن الأردنية.
وبالمقابل، تمارس مصر قيودا أشد على التظاهرات إلا أنها سمحت في مناسبات للمتظاهرين الخروج في تظاهرات مدروسة ومسيطر عليها لإظهار التضامن مع فلسطين وبدون انتقاد لحكومة عبد الفتاح السيسي. وتقول الصحيفة إن عدم الاستقرار يمثل تهديدا لقيادة البلدين العربيين، اللذان يعتبران حليفين حيويين للولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
ويقع الأردن ومصر في بعض المناطق الأكثر حساسية بالمنطقة. وقد استولى السيسي على السلطة في انقلاب عام 2013. وعقدت كل من مصر والأردن اتفاقيات سلام مع إسرائيل في عام 1979 و 1994 على التوالي.
ورغم العلاقات الدبلوماسية والأمنية وغير ذلك بين البلدين وإسرائيل، إلا أن شعبي البلدين عبرا عن مواقف عدوانية ضد إسرائيل. وزادت الحرب الإسرائيلية ضد غزة من توتر هذا السلام الهشّ والبارد، إذ اضطرت الدول العربية إلى تهدئة غضب شعوبها ومحاولة الحفاظ على منافعها الاقتصادية والأمنية مع إسرائيل، حسب التقرير.
وفي الوقت نفسه، دفع بعض أعضاء الحكومة اليمينية الإسرائيلية لنقل فلسطينيي الضفة الغربية إلى الأردن، وفلسطينيي غزة إلى شبه جزيرة سيناء المصرية. وقد زاد ذلك من الغضب الشعبي إزاء الحرب التي كانت تشتعل في هذين البلدين، ودفع عمان والقاهرة لاتخاذ مواقف متشددة من إسرائيل، حيث حذر مسؤولون مصريون إسرائيل من أن القاهرة قد تصل إلى حد تعليق معاهدة السلام لعام 1979 إذا ما دفع الفلسطينيون إلى سيناء.
وقال وزير الخارجية الأردني إن تهجير الفلسطينيين إلى الأردن سيعتبر عملا حربيا. وأضافت الصحيفة أن بقاء الأردن يعتمد على ما تفعله إسرائيل وكذا النظام المصري: "إذا دفعت إسرائيل الفلسطينيين من غزة إلى سيناء، وفشل النظام في وقف هذا المد، فقد يسقط"، كما قال جوست هيلترمان، الزميل في برنامج الشرق الأوسط بمجموعة الأزمات الدولية في بروكسل.
وأضاف هيلترمان "وإذا دفعت إسرائيل فلسطينيي الضفة الغربية إلى الأردن، فقد يعني ذلك نهاية المملكة الأردنية الهاشمية"، على حد قوله.
واتهمت مصر إسرائيل بانتهاك معاهدتها بالاستيلاء على ممر على طول حدودها، حيث ردت بتعزيز وجودها العسكري في شبه جزيرة سيناء. ورفضت الموافقة على اعتماد السفير الإسرائيلي المعين حديثا لدى مصر، ولم ترسل سفيرا جديدا إلى إسرائيل. كما يرفض السيسي التحدث مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هاتفيا، وفقا لمسؤولين مصريين. ومن جانبها استدعى الأردن سفيره من إسرائيل في وقت مبكر من الحرب.
وأشارت الصحيفة إلى أن مصر والأردن تعدان شريكين أمنيين إقليميين مهمين لإسرائيل. ويمتد الدعم للإخوان المسلمين أنفسهم ففي الأردن، فقد فاز الجناح السياسي لها، جبهة العمل الإسلامي، بعدد وافر من المقاعد في الانتخابات البرلمانية، وشكلت أكبر كتلة برلمانية في مجلس النواب.
ولا يزال مستقبل الحزب غير واضح في ظل القمع ضد الإخوان المسلمين، حيث يضع عدم التسامح معها على نفس الخط مع مواقف حكومات السعودية ومصر والإمارات وعدد آخر من دول المنطقة.
ونقلت الصحيفة عن نيل قويليام، الزميل المشارك في مركز تشاتام هاوس في لندن، قوله "لا شك أن حرب إسرائيل لعبت دورا رئيسيا في حشد الدعم لجبهة العمل الإسلامي. وكانت النتيجة بمثابة صدمة للحكومة".
ويعد الأردن ومصر وإسرائيل من بين أكبر خمس دول تتلقى التمويل العسكري الأمريكي. ويستضيف الأردن قوات أمريكية، وساعد أمريكا العام الماضي في إسقاط مقذوفات إيرانية متجهة إلى "إسرائيل"، مما أثار انتقادات في النظام الملكي، وفقا للتقرير.
ويعلق هيلترمان، من مجموعة الأزمات الدولية أنه في مصر، مثل الأردن "يتعاطف الرأي العام بشدة مع شعب غزة". ومع ذلك، شنت مصر حملة قمع ضد حملات التضامن مع فلسطين، خوفا من أن يؤدي هذا النشاط إلى تأجيج المعارضة التي قد تتحول إلى مظاهرات تهدد النظام.
وفي الأردن، كانت جماعة الإخوان المسلمين من أبرز الجماعات التي تنظم احتجاجات متكررة. ويقول محللون إن الحظر الشامل المفروض على الجماعة، والذي يحظر أيضا حضور أو تغطية الاحتجاجات التي تنظمها، يقرب الأردن من "النهج المصري".