د. أحمد جمعة صديق

يعتبر الأطفال أكثر الفئات الضعيفة،تأثراً بالنزاعات العائلية أوالقبلية أوالحربية في جميع المجتمعات، حيث يتعرضون لمخاطر متزايدة على سلامتهم ورفاهيتهم واعاقة نموهم الطبيعي في المستقبل. وتتطلب حماية الأطفال في السودان المنكوب بالحروب، جهوداً جبارة منسقة من الآباء والأمهات والحكومات والمنظمات المجتمعية غير الحكومية (NGOs) لتجاوز هذه المأساة الانسانية العظيمة.

وتقول أبسط الاحصائيات بحرمان ما يعادل 19 مليون طفل من حقهم في انتظام الدراسة والتحصيل العلمي على الأقل، ناهيك عن انعدام حقوقهم الأساسية في المحافظة على حياتهم وحيواتهم الأخرى من الممارسات الإنسانية التي كفلها لهم الخالق وعمدّتها القوانين والأعراف الإنسانية في العالم. وسنحاول في هذا المقال استكشاف دور ومسؤوليات الآباء والأمهات والحكومات والمنظمات المجتمعية غير الحكومية لحماية الأطفال السودانيين في ظل تحديات هذه الحرب اللعينة.
• ضعف الأطفال في مناطق النزاعات السوداني
يعانى السودان من نزاعات مستمرة وتهجير وأزمات إنسانية عديدة طال أمدها، مما يزيد من ضعف ومعاناة الأطفال، حيث يتعرضون للاضطرابات الناجمة عن العنف والتهجير وفقدان مقدمي الرعاية ونقص الوصول إلى الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والتعليم. وتتطلب حمايتهم تدابير نشطة من جميع قطاعات المجتمع.
• مسؤوليات الآباء والأمهات
الآباء والأمهات هم خط الدفاع الأول والدعم للأطفال في كل مراحل حياتهم في الايام العادية وخلال فترات الحرب ححيث تزداد المسئوليات ويتطلب ايجاد تدابير اضافية تتعلق بحياة هؤلاء الأطفال وتشمل هذه التدابير:
- الحماية البدنية: فضمان سلامة الأطفال عن طريق البحث عن مأوى آمن، وتجنب مناطق الخطر، وتوفير الاحتياجات الأساسية مثل الطعام والماء والرعاية الصحية.
- الدعم العاطفي: ويعني تقديم الراحة والتأكيد والاستقرار في وسط الفوضى الناجمة عن النزاع، ومساعدة الأطفال على التعامل مع الخوف والقلق والصدمة.
- التعليم والتوعية: تعليم الأطفال عن تدابير السلامة، بما في ذلك التعرف على وتجنب المخاطر مثل الألغام الأرضية والقنابل غير المنفجرة.
- طلب المساعدة: يسعى الآباء بقدر المستطاع للدفاع عن حقوق أطفالهم، وطلب المساعدة من السلطات أو المنظمات غير الحكومية عند الحاجة، وتمكين الأطفال للتعبير عن مخاوفهم.
• مسؤوليات الحكومات
تتحمل الحكومات في المناطق المتضررة من النزاعات مثل السودان مسؤوليات حاسمة في حماية الأطفال:
- الحمايات القانونية: إقرار وتنفيذ قوانين تحمي حقوق الأطفال، بما في ذلك الحماية من التجنيد في القوات المسلحة والاستغلال القهري للصغار.
- المساعدات والخدمات الإنسانية: ضمان الوصول إلى الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والتغذية والصرف الصحي والتعليم، حتى في المناطق النائية أو غير الآمنة.
- الرعاية الصحية والدعم النفسي الاجتماعي: إنشاء وصيانة منشآت الرعاية الصحية المجهزة للتعامل مع الاحتياجات البدنية والنفسية للأطفال المتأثرين بالنزاع.
- بناء السلام وحل النزاعات: المشاركة في جهود التفاوض على وقف إطلاق النار واتفاقات السلام وعمليات المصالحة لتقليل العنف وخلق بيئات آمنة للأطفال.
• مسؤوليات المنظمات المجتمعية غير الحكومية (NGOs)
تلعب منظمات ال NGOs دوراً حيوياً في دعم جهود الحكومة ومعالجة الفجوات في الحماية والخدمات:
-الإغاثة الطارئة: تقديم المساعدة الإنسانية الفورية، بما في ذلك المساعدة في الغذاء، والمياه النظيفة، والمأوى، والرعاية الطبية للأطفال والعائلات المشردة.
-الدعم النفسي الاجتماعي: تقديم الاستشارات والعلاج للصدمات وتوفير أماكن آمنة للأطفال للتعافي من جروح الحرب والتهجير الناجمين عنها.
- التعليم وبناء المهارات: إنشاء مدارس مؤقتة، وبرامج تدريب مهني، وأنشطة ترفيهية لضمان استمرار تعلم الأطفال وتطويرهم رغم التشويشات.
- الدعوة والتوعية : الدعوة لحقوق الأطفال، وزيادة الوعي حول قضايا الحماية، وتعبئة الموارد لدعم مبادرات تركز على الطفل في مناطق النزاع.
• التحديات والحلول
على الرغم من الجهود المبذولة، تظل حماية الأطفال في مناطق النزاعات السودانية محفوفة بالتحديات:
1. الوصول والأمن: الوصول المحدود إلى المناطق المتضررة من النزاع يعيق تقديم المساعدات والخدمات الوقائية، مما يعرض كل من العاملين في المجال الإنساني والمستفيدين للخطر.
2. قيود الموارد: نقص التمويل، والتعقيدات اللوجستية، والعقبات البيروقراطية تعيق الاستجابات الإنسانية الفعالة والجهود لحماية الأطفال.
3. التأثير النفسي: التعرض الطويل للعنف والتهجير يترك آثاراً نفسية دائمة على الأطفال، مما يتطلب دعمًا مستمرًا وتدخلاً متخصصاً.
• ملخص
تتطلب حماية الأطفال خلال الحروب في السودان نهجاً شاملاً يشمل الآباء والأمهات والحكومات والNGOs والمجتمع الدولي. يجب على كل جهة تحمل مسؤولياتها المتمثلة في ضمان السلامة البدنية والرفاهية العاطفية والدعوة لحقوق الأطفال وتوفير الخدمات الأساسية. فمن خلال العمل المشترك والتركيز على احتياجات الأطفال السودانيين، يمكننا التخفيف من الآثار المدمرة للنزاع وتمكين هذا الجيل لإعادة بناء حياتهم بالأمل والصمود، من خلال التزام مستدام وتعاون متواصل، يمكننا خلق مستقبل أكثر أمانًا وأكثر إشراقًا لجميع الأطفال السودانيين المتأثرين بالحرب. والاطفال هم مستقبل البلاد وعماد التنمية الاجتماعية والاقتصادية والبشرية بصورة عامة.

وعليه فان توقف هذه الحرب العبثية يعتبر أمراً يحتمه العقل المفتوح والقراءات السليمة لواقع الحال ومآل المآل في حال العباد والبلاد.

وان كان في قدرة البعض الحفاظ على عوائلهم وابنائهم خارج مرمي الخطر خارج السودان- كما يتوهمون- خوفاً عليهم من الموت فليتذكروا أن هذا الموت ملاقيكم ولو كنتم في بروج مشيدة في اسنطبول.


aahmedgumaa@yahoo.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الرعایة الصحیة حمایة الأطفال

إقرأ أيضاً:

المبعوث الأميركي للسودان: الدعم السريع متورطة في تطهير عرقي وجرائم ضد الإنسانية

قال المبعوث الأميركي إلى السودان توم بيرييلو إن واشنطن رصدت عمليات تطهير عرقي وجرائم ضد الإنسانية تورطت فيها قوات الدعم السريع.

وأكد بيرييلو في مقابلة مع الجزيرة -مساء الجمعة- أن بلاده "تقف ضد قوات الدعم السريع"، مشيرا إلى أهمية وجود مؤسسات وطنية في السودان تحت قيادة حكومة مدنية.

وأضاف أن الولايات المتحدة تقود الجهود لردع تدفق الأسلحة إلى السودان وفرض عقوبات على الأفراد والكيانات التي تستفيد من ذلك، بالتعاون مع شركائها وحلفائها الأوروبيين.

وأوضح  المبعوث الأميركي أن العمل جار منذ شهور لزيادة المساعدات الإنسانية للسودان، وأن الولايات المتحدة شاركت في جهود المفاوضات ووقف إطلاق النار، بالتعاون مع الجانب السعودي.

السودان يعاني من حرب خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل وما يزيد على 14 مليون نازح ولاجئ (الفرنسية) استهداف مستشفى بالخرطوم

من جانبها، قالت منظمة "أطباء بلا حدود"، مساء الجمعة، إن قوات الدعم السريع استهدفت مستشفى "بشائر" جنوبي العاصمة السودانية الخرطوم، بإطلاق جنودها الرصاص داخل المستشفى، يوم الأربعاء الماضي.

وجاء في بيان المنظمة الدولية: "أطلق المهاجمون النار داخل قسم الطوارئ، وهددوا الطاقم الطبي بشكل مباشر، وعطلوا الرعاية المنقذة للحياة بشكل خطير".

وأضافت "ندين بشدة التوغل العنيف لقوات الدعم السريع في غرفة الطوارئ بمستشفى بشائر التعليمي في جنوب الخرطوم، الأربعاء".

ودعت المنظمة، قوات الدعم السريع، إلى "احترام حياد المرافق الطبية وسلامة العاملين في مجال الرعاية الصحية".

إعلان

وفي البيان، قال رئيس بعثة أطباء بلا حدود في السودان صامويل ديفيد ثيودور "دخل العديد من جنود قوات الدعم السريع غرف الطوارئ وبدأ بعضهم في إطلاق النار على العاملين الطبيين، وهددوا المرضى وموظفي أطباء بلا حدود ووزارة الصحة"، مضيفا أنه "لحسن الحظ، لم يصب أحد بأذى".

وشدد على أن "الهجمات ضد المرافق الطبية والعاملين الصحيين غير مقبولة".

وأكد ثيودور، أنه "يجب أن تظل المستشفيات أماكن آمنة وخالية من العنف والترهيب، ولا يجوز تهديد حياة الموظفين أثناء تقديم الرعاية".

وأشار البيان إلى أن مستشفى بشائر التعليمي، يعد "أحد آخر المرافق الصحية العاملة في جنوب الخرطوم وسط الصراع المستمر، حيث حافظ موظفو أطباء بلا حدود بلا كلل على الأنشطة المنقذة للحياة في ظل ظروف صعبة للغاية".

ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل وما يزيد على 14 مليون نازح ولاجئ، وفق تقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية.

وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء الحرب بما يجنب السودان كارثة إنسانية بدأت تدفع الملايين إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 13 ولاية من أصل 18.

مقالات مشابهة

  • حوار مع صديقي ال ChatGPT الحلقة (71)
  • لسه فاكر كلام اهلك السلبي عنك؟.. تعرف على آثار الأذى النفسي للأطفال
  • رحلة إبداعية
  • دراسة تكشف عمر تدهور صحة القلب للأطفال
  • انعقاد لقاء الجمعة للأطفال بمسجد الهياتم ضمن مبادرة بداية جديدة
  • منظمة أممية : غزة أصبحت مقبرة للأطفال وكل طرقها تؤدي إلى الموت!
  • المبعوث الأميركي للسودان: الدعم السريع متورطة في تطهير عرقي وجرائم ضد الإنسانية
  • الإمارات ترحب بقرار مجلس الأمن بشأن حماية الأطفال خلال الصراعات المسلحة
  • انطلاق برنامج لقاء الجمعة للأطفال بمسجد سيدي عبد الوهاب بمطوبس
  • المالية تلزم المؤسسات الحكومية بصرف استحقاقات العاملين عبر الحسابات البنكية