غزة - ترجمة صفا

انتقد تقرير موسّع لصحيفة بريطانية رصيف غزة العائم الذي أقامه الجيش الأمريكي في مياه بحر غزة، مشيرةً إلى أن قطع المشروع أصبحت تُلاطمه الأمواج.

وأوضح تقرير "الغارديان" أن الرصيف العائم الذي بناه الجيش الأمريكي بزعم توصيل المساعدات الإنسانية المنقولة بحراً إلى غزة أنه "هشّ" في مواجهة الأمواج الهائجة وأصبح مستقبل المشروع بأكمله الذي بلغت تكلفته 230 مليون دولار موضع تساؤل الآن.

وبحسب الصحيفة، فقد كان الرصيف صالحًا للاستخدام 12 يومًا فقط منذ أن بدأ عملياته في 17 مايو. وفي معظم تلك الأيام، كان لا بد من ترك المساعدات تُبحر نحو الشاطئ وحدها؛ حيث لم تكن هناك شاحنات لتوزيعها على المستودعات في غزة، بسبب انعدام الأمن.

لقد كان المخطط أقل بكثير من التوقعات الأولية، بحسب التقرير-وعندما أعلن ذلك في خطابه في الأسبوع الأول من مارس الماضي قال الرئيس الأمريكي جو بايدن إن الرصيف المؤقت "سيتيح زيادة هائلة في كمية المساعدات الإنسانية التي تصل غزة يوميًا".

فقد استغرق الأمر أكثر من شهرين لتجميع الهيكلين المطلوبين، ليًكونا رصيفًا عائمًا بكلفة 230 مليون دولار يرسو على بعد بضعة أميال في البحر ورصيف عائم يتم ربطه بشاطئ غزة.

يُذكر أن نحو ألف جندي وبحار شاركوا في إقامة ذلك الرصيف بمساعدة أسطول صغير من السفن، وسفينة إنزال تابعة للبحرية الملكية البريطانية "كارديجان باي".

ومع ذلك، طوال فترة تشغيل الرصيف حتى الآن، لم تصل سوى نحو 250 شاحنة مساعدات عبر الممر البحري، أي أقل من نصف ما يمكن عبوره إلى غزة في يوم واحد قبل بدء تشغيل الرصيف.

وتقول "الغارديان" إن الكثير من المساعدات التي وصلت حتى الآن عالقة عند سفح الرصيف في ساحة مقامة على الشاطئ.

وتصف الصحيفة ما حصل للرصيف العائم، فقد كانت الأمواج في شرق البحر المتوسط ​​أكثر اضطرابًا مما كان متوقعًا وكان الرصيف أقل قوة مما توقعه مسؤولو البنتاغون.

فقد تم تصميم هيكل الرصيف للعمل في ظل ارتفاع أمواج يتراوح عُلوّها بين 0.5 و1.25 متر، لكنه تعرض لأضرار بالغة في عاصفة يوم 25 مايو، وأصبح البحر متلاطم الأمواج على نحو غير معتاد منذ ذلك الحين.

وبعد الإصلاحات في ميناء "أشدود"، عاد الرصيف إلى العمل في 8 يونيو ولكنه استمر لمدة يوم واحد قبل تعليق العمل مجددًا لمدة يومين آخرين. في 14 يونيو، تم تفكيك الرصيف وسحبه إلى الميناء الإسرائيلي مرة أخرى كإجراء احترازي ضد البحار العاصفة.

وقد أعيد تشغيله لاحقًا، ومنذ ذلك الحين تم استخدامه لتفريغ نحو 4160 طناً من المساعدات، ولكن هناك تقارير تفيد بأنه بسبب تعرضه للطقس غير الاعتيادي وأعالي البحار، يمكن تفكيكه مرة أخرى وإلى الأبد الشهر المقبل.

وتنقل الصحيفة اللندنية عن نائب رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ستيفن موريسون: "لقد أخطأوا في حساباتهم ولم يفهموا تمامًا أحوال الطقس لذلك انسحبت وزارة الدفاع الأمريكية وهي تشعر بالإذلال".

ويعترف البنتاغون بالتحديات التي تواجهها خطة الرصيف العائم لكنه ينفي أن يكون قد تم بالفعل اتخاذ قرار بإزالته مبكرًا.

بعد احتلال وإغلاق معابر القطاع، كان المقصود من الرصيف أن يكون وسيلة لإيصال المساعدات إلى شاطئ غزة بشكل مستقل عن "إسرائيل" إلى القطاع الساحلي المدمر، بعد أن شعرت إدارة بايدن بالإحباط بسبب عدم وصول إمدادات الإغاثة عبر المعابر البرية.

وتنقل كذلك عن معظم عمال الإغاثة المشاركين في جهود الإغاثة الطارئة في غزة أنهم أعربوا عن مخاوفهم من أن هذه الجهود والمكلفة قد صرفت الطاقة والاهتمام عن الضغط السياسي على "إسرائيل" لفتح المعابر البرية بالكامل أمام الشاحنات، وهي الأكثر أهمية على الإطلاق باعتبارها وسيلة فعالة لتوصيل الغذاء.

وبحسب "الغارديان"، فقد اعتمدت "أونروا"، على شرطة غزة لتأمين قوافل المساعدات التابعة لها، ولكن الجيش الإسرائيلي كان يعامل الشرطة باعتبارها ذراعاً لحماس، وبالتالي أهدافاً مشروعة. وفي غيابهم أصبح هناك فراغ أمني.

وترفض الحكومة الإسرائيلية أيضًا التعامل مع الأونروا، التي تعد أكبر وكالة إغاثة في غزة على الإطلاق. وبدلاً من ذلك، أقنعت حكومة الولايات المتحدة بتوزيع المواد الغذائية التي تصل عن طريق الرصيف.

المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية

كلمات دلالية: رصيف غزة العائم طوفان الأقصى

إقرأ أيضاً:

المساعدات .. طُعم لدس السم في العسل

يذهب التعريف بالعالم الاجتماعي على أنه يقوم على «ﻣﺒﺎدئ اﻟﻤﻌﺎﻣﻠﺔ ﺑﺎﻟﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺎت اﻷﺧﺬ واﻟﻌﻄﺎء»بمعنى أن يقوم على الندية، والتكافؤ، وهذا لا يلغي مسألة التكافل التي تقوم عليها المسألة الاجتماعية برمتها، وهذا المعنى ليس مقصورا على المجتمعات التقليدية البسيطة، فكل المجتمعات بتركيباتها المعقدة؛ من حيث الحمولة السكانية، وتعقد أنشطة حياتها لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تستغني عن مبدأ التكافل، ولذلك نرى هذا التلاحم في الأحداث الكبيرة حيث يشمر عن ساعد الجد الجميع بلا استثناء، حيث تتجاوز هذه الصورة الهويات المتباينة والمشار إليها بهويات الدين، والعرق، واللون، والنوع، والمذاهب، والإنتماءات السياسية، والثقافية، وغيرها مما يندرج تحت عنوان الهويات.

ينظر إلى المساعدات على أنها عطاء باليد اليمنى، والأخذ باليد اليسرى، ليس أكثر، وأن كل ما يروج له في شأن المساعدات لا يخرج عن هذه القاعدة المتكافئة، وغير المتكافئة، المتكافئة من حيث الأخذ والرد في آن واحد، وغير متكافئة من حيث تضرر الفئة المحتاجة للمساعدات، وهي التي تتخذ فخا لجلب الأموال من الأفراد، ومن المؤسسات، ومن الدول؛ في أحيان أخرى، سواء أكان ذلك في حالة الأزمات الإنسانية/ أو الأزمات الطبيعية، أو أزمات الحروب، ومناخات الفقر، والفساد الذي تعاني منه الكثير من دول العالم، فحتى برامج منظمات الأمم المتحدة لم تسلم من هذا الاسترزاق الذي يمارسه موظفوا هذه المنظمات تحت غطاء الأمم المتحدة، من خلال تسلطهم على الفقراء والمحتاجين؛ واستغلال حاجتهم، وضعفهم، وقلة حيلتهم، حتى وصل الأمر إلى انتهاك حقوق الإنسان من خلال الاستغلال الجنسي والمنة والتفضل، وإراقة ماء الوجه، وهتك الأعراض، خاصة في الدول المصنفة تحت قائمة الحروب وعدم الاستقرار، أو المصنفة تحت قائمة الأنظمة الفاسدة التي لا تراعي مصالح مواطنيها، وإنما تستأثر بالمساعدات الأممية وغيرها فتوظفها لمصالحها الخاصة، وللحاشية القريبة منها، ولا يحصل من هم حقا؛ محتاجون إلا على الفتات، وهذا لا يخرج عن مفهوم المن، والتشهير بهؤلاء المحتاجين، حيث تمارس عليهم شتى أنواع الممارسات غير الإنسانية، وهم في حالة ضعف شديد، حيث لا مدافع عنهم ولا رقيب على الآخر.

تتحول المساعدات؛ وفق ما جاء أعلاه إلى أدوات ضغط وتلاعب، وإذا كان الفرد العادي ليس من ورائه مصلحة؛ إلا ما يمكن استغلال ضعفه سواء في امتهان كرامته، والنيل من حقوقه الإنسانية، فإن الأمر يختلف كثيرا على مستوى الانظمة السياسية في مسألة الضغط والتلاعب، حيث تخضع هذه الأنظمة – فقط لأنها تتلقى معونات ومساعدات – إلى تهديد مباشر، وممارسات للي الأذرع لأن تنفذ أجندات الدول المتسلطة سواء بصورة تهديد مباشر، أو غير مباشر، فوق أنها تعيش كل سنوات عمرها تحت تبعية متواصلة غير ممهورة بسنة انتهاء، وهذا مما يعمق من مأساة هذه الدول التي تتلقى المساعدات؛ حيث تظل ضحية دائمة للمتسلط، من ناحية، ومن ناحية أخرى تفقد مبادرة الإعتماد على نفسها من خلال تطوير برامجها الإنمائية التي تنقلها من حالة العسر إلى حالة اليسر، وتهبها استقلالها، وتحررها من ربقة المستعمر، والمتنفذ عليها ولو بالفتات مما يطلق عليه مساعدات إنسانية، زورا وبهتانا، والسؤال هنا؛ هل حقا لا تستطيع هذه الدول التي تقع تحت هذه الإشكالية أن تتحرر من ربقة هذا الاستعمار غير المباشر؟

تقول الحكمة: «والنفس راغبة إذا رغبتها؛ وإذا ترد إلى قليل تقنع» فالنفس مجبولة على الكسل، والإعتماد على الغير في ظروف ما، ولكنها قادرة على العطاء والاستقلال والتحرر في ظروف أخرى، وعند مقاربة صغيرة للصورتين فإن الانظمة السياسية التي تعود نفسها على الفتات من المساعدات التي توهبها لها الدول الكبيرة، وتعمل على ترويضها مقابل تنفيذ أجنداتها الكبرى، فإنها بإمكانها أن تتحرر من هذه الربقة، وتبدأ في استقلال نفسها من أية تبعية كانت، وذلك من خلال استغلال مواردها الطبيعية والبشرية، ولو كانت متواضعة في بداية الأمر، فإنها وبقوة التخطيط الاستراتيجي، وفاعلية البرامج التنموية الموضوعة؛ فإنها لن تلبث طويلا حتى تتحرر من مختلف التبعيات التي تفرضها عليها الدول التي تعطي باليمنى وتأخذ باليسرى، نعم؛ قد تواجه من بداية الأمر الكثير من المعضلات، وأقربها مجموعة المثبطين من ذوي المصالح الخاصة، خوفا على مصالحهم الذاتية الخاصة، ولكن بحكمة من يدير النظام، ورؤيته المستقبلية ستتحرر الأنفس من أية تبعية، وتستغني عن أية مساعدة، واليوم نقرأ ونسمع عن كثير من الدول كانت واقعة تحت مظلة هذه المساعدات، استطاعت أن تحرر نفسها من أية تبعية، وأن تعلن عن نفسها على أنها مستقلة استقلالا تاما، وذلك من خلال استغلال ثرواتها الطبيعية، وتوظيفها لصالح برامجها التنموية، مسندة ذلك بالقوة البشرية العاملة من أبناء الوطن، خاصة أن اليوم أغلب شعوب العالم على قدر كبير من الاستحواذ على المعرفة التي توفرها التقنية الحديثة، حيث أصبحت المعلومة اليوم أقرب من أي زمان كان، وبالتالي فنقل ثقافة الفرد من الاستهلاك إلى الإنتاج قد يحتاج إلى شيء من الجهد في بداية النشئة، ولكن هذا الجهد لن يطول عمره، حتى يأتي بثماره، وربما في فترة زمنية غير بعيدة، فقط المهم تحديد نقطة الصفر للإنطلاق نحو نقل ثقافة الرغبة إلى ثقافة الحاجة، وتحول العطاء من وسيلة لترويض الأنفس للقبول بالفتات، إلى عطاء مبادر بتقديمه إلى الآخر، ووسيلة للسمو والاستقلال، «واليد الأعلى أفضل من اليد السفلى» فما بين الإنفاق والاسترزاق ثمة فاصل دقيق، قد يكون هذا الفاصل خير للأمة، يعفيها من مذلة السؤال والاعتماد على الغير، وقد يكون محنة إنسانية؛ الله أعلم متى تنتهي، حيث التبعية البغيضة المتواصلة إلى ما لا نهاية، وهذا أمر خطير، ليس فقط على الواقع الراهن الذي تعيشه دول من الدول، بل على حياة الأجيال المتتابعة التي تولد، وهي تستشعر منة الآخر عليها، وترى في ذلك هدوئها وسكونها، فلا تستطيع أن تحرر نفسها من تبعيته، في مقابل أنها لا تدرك أنها تدفع ثمنا من كرامتها وعزتها، واستقلال وجودها في الحياة كلها، وليس فقط في لحظتها الآنية القصيرة.

يقول أحدهم في وصف حقيقة المساعدات - ويعني به الدول المتنفذة على غيرها -:»إذا أرادوا الضغط يهددون بقطع المساعدات، وإذا أرادوا إشعال الحرب يفتحون صنبور الدعم؛ وربما يسكبونه في الطرفين في آن واحد» - انتهى النص - هذه هي حقيقة كل المساعدات، ولا يستثنى منها أي شيء، والواقع اليوم كما كان بالأمس يؤكد هذه الحقيقة، ويوثقها في كل الأمكنة التي تجتاحها عواصف الحروب، والفقر، والجهل، والإستعلاء، والتنمر، والتحزب، وإستغلال حاجات الأنظمة وضعف بنيتها السياسية، والإقتصادية، والثقافية، ونستثني هنا بنيتها الإجتماعية، والتي تعتبر خط الدفاع الأخير عن مصالح الأمة، على اعتبار أن البنية الأساسية للمجتمع؛ ليست شرطا أن تكون حصيلة ممارسات الأنظمة السياسية؛ في أغلب الأحيان، بمعنى أن الدول الاستعمارية لن تستطيع أن تتعاطى مع المجتمع بصورة مباشرة من أول وهلة، حتى تجد لها مداخل؛ وهي ليست هينة؛ ولذلك تبقى حذرة في أول الأمر حتى تروض النظام السياسي، وتستحوذ على النظام الاقتصادي، وتهجن النظام الثقافي، ومن ثم تعمل على خلخلة النظام الاجتماعي، وهذا الأمر يتطلب زمنا ليس قصيرا، لذلك تحدث الثورات العارمة والصاخبة، والتي قد يصل بعضها إلى إزالة أنظمتها السياسية، عندما تستشعر القاعدة الاجتماعية الخطر المحدق بها، وتقويض أمنها واستقرارها، وتقليص حريتها وتحررها، ولذلك من الضرورة بمكان استشعار الأهمية الكبرى الذي تشكله القاعدة الاجتماعية، لأنها إن تنطلق، فإنها تنطلق من منطق وطني خالص، مستشعرة أهمية وجودها، وحقيقة قوتها وأثرها، وهذا ما يقلق المستعمر؛ غالبا؛ ويضع له الحسابات الدقيقة، لان خروجه عن السيطرة، معناه نهاية وجود المستعمر، وحتمية مغادرته.

تمثل حقيقة: «المساعدات عطاء باليمنى وأخذ باليسرى» كأهم مقياس لمدى حقيقة توجه الذين يسعون إلى أستجلاب المنافع من هذه المساعدات، وحقيقة نواياهم التي يعملون على توظيفها على أرض الواقع.

مقالات مشابهة

  • غوتيريش: الوضع في غزة من سيء إلى أسوأ
  • الغارديان البريطانية: العدوان الأمريكي قصف مركَزَ إيواء للأفارقة بصعدة قصفته السعودية عام 2022م
  • مصدران مصريان: المحادثات التي تستضيفها القاهرة بشأن غزة تشهد تقدما كبيرا
  • ما هي الشبكة الكهربائية الأوروبية المشتركة التي شهدت تعطلاً اليوم؟
  • من أمثلة المجتمعات التي ساندت الجنجويد بجانب القحاطة (..)
  • الغارديان: إسرائيل تواجه ضغوطا قانونية في لاهاي بسبب حظر الأونروا
  • المساعدات .. طُعم لدس السم في العسل
  • اجتماع برئاسة باجعالة يناقش تقديم المساعدات الطارئة للمتضررين من العدوان الأمريكي
  • اجتماع يناقش آليات التنسيق لتقديم المساعدات الطارئة للمتضررين جراء العدوان الأمريكي
  • قبلان: لبنان بلا جيش ومقاومة ليس أكثر من فريسة دولية إقليمية