قبلان: المقاومة تأخذ لبنان نحو استقلال لم يحلم به أحد
تاريخ النشر: 23rd, June 2024 GMT
توجه المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان في بيان اليوم، "لمن يشكك بحرب الجبهة الجنوبية للبنان" قائلاً: "إنّ الحرب على الجبهة الجنوبية من صميم مصالح لبنان الإقليمية، ولا قيمة للبنان بلا مصالحه الإقليمية، والردع الإستراتيجي جزء من مصالح لبنان العليا، ولا ردع بلا حرب، ولا سيادة بلا حرب، والقتال على مصالح المنطقة ضرورة وطنية بامتياز".
وأضاف: "الحرب هنا إنقاذية لا استباقية فقط، وجماعة الحائط الصهيوني بكاءهم على إسرائيل لا على لبنان، ومشكلتهم حجم المشروع الأميركي الذي انخرطوا فيه، والنقطة العمياء بعقل البعض تضعه بمقلب آخر من هذه الحرب التي لا قداسة وطنية أعظم منها، وله نقول: المقاومة صخرة بقاء لبنان، ومستقبل لبنان يرتبط بمستقبل هذه الحرب الأكثر أهمية، وسيادة لبنان ترتبط بقدرات المقاومة وحجم ترسانتها الوطنية الضامنة لمصالح لبنان الإقليمية، ولا مساومة بأمن لبنان ومصالحه الإقليمية، وقتال المقاومة من أجل لبنان يلزمها بحماية مشروع لبنان الوطني والسيادي بما في ذلك تعزيز دور الدولة والشراكة الوطنية وقطع اليد الصهيونية عن لبنان وهيكله الخارجي والداخلي، والأثمان السيادية زمن الحرب ضرورة مطلقة لتأمين السيادة الوطنية المطلق".
وتابع قبلان: "المقاومة بهذه الحرب تأخذ لبنان نحو سيادة واستقلال لم يحلم به أحد منذ نشأة لبنان التاريخية، والمقاومة بهذا المجال تنتشل لبنان من المجهول وتضعه بقلب القوة السيادية الإقليمية، والمصيبة الكبرى لإسرائيل وشركائها الضمنيين، والحكومة اللبنانية بقلب مصالح لبنان وموقفها السيادي مشرّف. وللتاريخ أقول: أي تصعيد إسرائيلي سيكون لصالح المقاومة لا عليها، وما يجري بغزة يطال مصالح الأمن الإقليمي اللبناني، ومقاومة لبنان أقرب إلى غزة من أميركا إلى إسرائيل، ولا أطماع للمقاومة سوى بسيادة لبنان ومصالحه الوطنية وشراكته التاريخية، ومصالح طوائف لبنان من مصالح هذه الحرب المصيرية، والثقل المسيحي الوطني من تاريخ ثقل لبنان، وشراكة المسيحيين لخيار الإمام الصدر المقاوِم مدوّية، وتاريخ المقاومة من تاريخ الدفاع عن مصالح لبنان بوجه أطماع تل أبيب لا من تاريخ شراكة تل أبيب بمجازر لبنان، ومصلحة الجميع بانتصار المقاومة المدوّي لا بالتحريض عليها".
وقال: "لهذا البعض نؤكد أنّ زمن انتصارات تل أبيب انتهى، والتعويل على هزيمة المقاومة تعويل على سراب، والمقاومة بعون الله من انتصار إلى انتصار، ومع أي حرب إسرائيلية مفتوحة فلتنتظر إسرائيل نصف مليون صاروخ وقدرة دمار ستعيد إسرائيل سبعين سنة للوراء، ويجب تذكير البعض هنا بأنّ الجيش الصهيوني بكل عدّته وعتاده واحتياطه لم يستطع الإنتصار على مقاتلين يواجهونه بالأسلحة الفردية طيلة ثمانية أشهر في غزة، وما ينتظرهم في لبنان ترسانة دمار وقتال وتكنولوجيا حرب ورعب ولحظة انتقام لم تتخيلها تل أبيب ولا مشغّلوها منذ نشأتها، وانتصار المقاومة انتصار للبنان وبالأخص للطوائف المسيحية، ولا قيمة للبنان بلا مسيحييه الوطنيين، ولا قتال على حسابهم ولا سيادة دون مصالحهم الوطنية، وعلى طول المنطقة والعالم تزداد الثقة بالمقاومة وجدواها ويزداد الغضب والتشكيك بأميركا وإسرائيل، والمطلوب من البعض أن يكون شريكاً للبنان بانتصاره وليس بوقاً لإسرائيل بهزيمتها، ولا اغتيال سياسي للبنان أكبر من معاداة المقاومة ومنع التسوية الرئاسية التي تليق بتضحيات جبهة الجنوب وأثمانها الوطنية".
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: مصالح لبنان تل أبیب
إقرأ أيضاً:
نزع عروبة مصر.. إحياء لدعوات فاشلة
تتابعت دعوات نزع صفة العربية عن مصر من رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس، والسياسي المصري أسامة الغزالي حرب، وهي دعوات ليست وليدة اليوم وإن اختلفت الأسباب والمبررات، إذ تعود جذورها إلى ما قبل قرن من الزمان، وتزامنت مع انهيار الخلافة العثمانية، وتحفّظ قيادات ثورة 1919 إزاء الفكر القومي العربي، والذي تمثل في رفض سعد زغلول ضم قضية استقلال الشعوب العربية، مع عرضه لقضية استقلال مصر على مؤتمر الصلح الذي أعقب الحرب العالمية الأولى، وقوله حين سئل عن الوحدة العربية: "صفر زائد صفر يساوي صفر"، إلا أن إجابة زعيم مصر هذه لا تعنى تخليه عن الهوية العربية، ولكنها تعني تركيزه على استقلال مصر من الاحتلال البريطاني.
وبالمثل يمكننا النظر إلى أقوال أحمد لطفي السيد، وغيره من المفكرين المصريين في الربع الأول من القرن الماضي، والتي هدفت إلى إحياء الشعور بالهوية المصرية من أجل استقلال البلاد، فمصر وقتئذ كانت محتلة عسكريا من الإنجليز وفي الوقت نفسه تموج بحركات استيطان من قبرص واليونان وإيطاليا وإنجلترا وفرنسا والشام، مما حدا بقادة ومفكري هذا الزمن إلى رفع شعار "مصر للمصريين".
وحين تولى جمال عبد الناصر حكم مصر، وتمكن بخطبه الجريئة الحماسية من كسب مشاعر وقلوب أبناء شعوب الأمة العربية، أدت هذه الشعبية التي اكتسبها داخل الأقطار العربية إلى اقتناعه بإمكانية تحقيق وحدة عربية، بديلا للوحدة الإسلامية، التي انهارت بانهيار الخلافة العثمانية، لكون معظم دول العالم الإسلامي -وقتئذ- كانت محتلة، وبعضها مثل تركيا تفرنج واتبع الغرب، فكانت الوحدة العربية حلما قضى عمره في الدعوة له.
هذه الدعوات ستفشل لأن الفرعونية ليست وحدها التي أثرت وجدان المصريين، فالإنسان المصري اليوم محصلة الحضارات: الفرعونية، الفارسية، الهيلينية، الرومانية، القبطية، الإسلامية، والعربية، ومن كل هذه الحضارات تكونت شخصيته، بعدما انصهرت جميعها في بوتقة الحضارة العربية الإسلامية
وبرغم فشل الحلم الناصري إلا أن الرئيس السادات الذي خلفه استمر في الإيمان بعروبة مصر، وإضافة صفة العربية إلى اسمها، ولكن توقيع معاهدة "كامب ديفيد" أسفر عن مقاطعة عربية لمصر، ومع غياب مصر عن الساحة العربية، صارت كل دولة عربية تعزز هويتها المحلية، وتبتعد عن الهوية العربية التي جمعت شعوب المنطقة.
وابتعاد العرب وتنكرهم لمصر التي قدمت ثرواتها وشبابها لخدمة قضايا أمتها العربية، أولد غصة في حلوق كثير ممن عاصروا هذه الحقبة، فعادت الدعوة إلى الفرعونية كرد فعل لهذا النكران، ومن هؤلاء أسامة الغزالي حرب، كما ظهر الشعبويون الكارهون للعرب بدوافع عنصرية مثل ساويرس، مستغلين حالة الحنق الشعبي من نكران العرب لفضل مصر.
وفي يقيني أن هذه الدعوات ستفشل لأن الفرعونية ليست وحدها التي أثرت وجدان المصريين، فالإنسان المصري اليوم محصلة الحضارات: الفرعونية، الفارسية، الهيلينية، الرومانية، القبطية، الإسلامية، والعربية، ومن كل هذه الحضارات تكونت شخصيته، بعدما انصهرت جميعها في بوتقة الحضارة العربية الإسلامية، التي صارت سمة الإنسان المصري، وعزز بقاءها فيه أن اللغة العربية التي يتكلمها هي لغة كتاب الله، وبالتالي فكل هذه الدعوات مآلها الفشل، وستظل مصر عربية إلى أن يرث الله الأرض وما عليها.