كاتب أميركي: نقاط ضعف بايدن وترامب هذه لا تحظى بالاهتمام الكافي
تاريخ النشر: 23rd, June 2024 GMT
قال الكاتب الأميركي روس دوثات -في مقال له بصحيفة نيويورك تايمز- إن هناك نقاط ضعف في سياسات كل من جو بايدن ودونالد ترامب تعتبر ثانوية ولا تحظى بالاهتمام الكافي، لكن من الممكن أن تقلب مسار نوايا تصويت الناخبين، خاصة بعد المناظرة الأولى المنتظرة الخميس المقبل في أتلانتا.
وتؤكد استطلاعات الرأي أن المنافسة شرسة ومتقاربة بين بايدن (81 عاما) وترامب (78 عاما)، في ظل وجود نسبة معتبرة من الناخبين لم تحسم موقفها بعد بشأن خياراتها في التصويت في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني القادم.
ويوضح دوثات في مقاله أن التركيز ينصب دائما على القضايا الأهم بالنسبة للناخب الأميركي مثل ارتفاع نسبة التضخم في عهد بايدن، أو تهديد الديمقراطية داخليا كما تجسد في أحداث 6 يناير/كانون الثاني مثلا بالنسبة لترامب، لكن من الضروري الاهتمام بنقاط ضعف تعتبر ثانوية تميز مسار الرجلين، وهي منطقة تجمع كثيرا من الناخبين الحيارى الذين ينتظرون التوضيحات اللازمة ليحسموا قراراتهم.
السياسة الخارجية
وتابع أن نقطة الضعف الثانوية الأهم بالنسبة لبايدن هي السياسة الخارجية والحالة المتدهورة للنظام العالمي منذ أن تولى دفة الحكم. وبالنسبة للكاتب، فإن البعض يحن لعصر ترامب الذي لم يشهد حربا روسية على أوكرانيا، ولم يشهد أيضا صراعا شرسا بين إسرائيل وفلسطين، كما لم يشهد اصطفافا أوضح للقوى المناهضة للولايات المتحدة.
وأشار إلى أن إدارة بايدن ستنكر مسؤوليتها عن تدهور الأوضاع عالميا، وستحاول أن تقنع الجميع بأنها أدارت الأزمات الدولية التي حدثت بشكل أفضل مما كان سيحدث لو كان ترامب هو من يحكم البيت الأبيض.
لكنه يوضح -من جهة أخرى- أن هذا الدفاع المستميت يجعل مؤيدي بايدن لا يأخذون بعين الاعتبار مدى الاستقرار الذي قد يبدو عليه النظام الدولي في ظل "سياسة فجة" تقودها الولايات المتحدة تحت قيادة رجل مثل ترامب.
وعود ترامب
وبعيدا عن السياسة الخارجية، يرى دوثات أن نقطة الضعف الثانوية الحاسمة التي يعاني منها ترامب، هي وعوده، التي من بينها فرض تعريفة جمركية نسبتها 10% على السلع المستوردة، باعتبارها امتدادا للسياسة الاقتصادية الحمائية التي يتبناها ترامب، والتي ستميز ولايته الثانية المفترضة.
ويشرح دوثات أن وعود ترامب المتكررة بعدم خفض مخصصات الرعاية الصحية والاجتماعية تبدو وكأنها خبر قديم متوقع، لذلك فالكل يعرف أنه لن يقدم هدايا جديدة، وهذا يسلط الضوء على التأثيرات السلبية لتلك التعريفة الجمركية التي ينوي ترامب فرضها، والتي قد تقع بشكل كبير على كاهل الطبقة المتوسطة التي تعاني أصلا.
وإذا ما أضيف إلى ذلك -يتابع الكاتب- حرص ترامب ووعوده بالإبقاء على التخفيضات الضريبية الكبرى على الشركات أو حتى ربما تخفيضها أكثر، فإن هذا الأمر سيشكل سلاحا فعالا في يد الديمقراطيين الذين سيركزون عليه باعتباره سعيا من طرف ترامب لـ"سرقة الطبقة الوسطى لصالح الأثرياء"، ومعادلة ارتفاع نسبة التضخم ورفع الأسعار مقابل خفض الضرائب على الشركات الكبرى لا تحقق سوى ذلك الهدف.
وشكك الكاتب في قدرة بايدن على استخدام هذه النقطة ضد ترامب في المناظرة المقبلة، مثلما شكك في قدرة ترامب على كشف عجز بايدن وإدارته عن احتواء أعداء الولايات المتحدة بسبب سياسة خارجية يعتبرها مؤيدو الرئيس السابق سياسة فاشلة لم تخدم مصالح الولايات المتحدة.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
فلسطين أمام وعدَي بلفور وترامب!
كما وعد وزير خارجية بريطانيا (آرثر بلفور) الحركة الصهيونية قبل 107 سنوات بإقامة وطن لليهود في فلسطين، تسعى إسرائيل اليوم للحصول على وعد مماثل من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالاعتراف بضمها للضفة الغربية، ليكتمل بذلك احتلال أرض فلسطين من النهر إلى البحر.
وخلال الـ 31 عاما بين صدور وعد بلفور 1917، وإعلان قيام إسرائيل في 1948، شهدت فلسطين تحت الاستعمار البريطاني موجات من هجرات اليهود إليها من أنحاء مختلفة في العالم، ولم تتمكن الحركة الوطنية الفلسطينية من صدها، ومن ثم منع وقوع النكبة، لكنها فشلت لقوة الحركة الصهيونية المدعومة من القوى الاستعمارية ماليا سياسيا وعسكريا، ولمحدودية إمكانيات الحركة الوطنية الفلسطينية، واعتمادها على أنظمة عربية كانت تدور في فلك القوى الاستعمارية آنذاك.
وخلال فترة رئاسته الأولى، بعد مرور نحو 100عام على وعد بلفور، كان الرئيس ترامب قد أعلن خطته التي عرفت إعلاميا بـ "صفقة القرن"، وتضمنت اعتراف الولايات المتحدة بسيادة إسرائيل على الضفة الغربية، إلا أن ذلك لم يتحقق آنذاك.
وأثيرت هذه المسألة مجددا خلال مؤتمر العمل السياسي المحافظ (سي باك)، الذي عقد في واشنطن في 20 شباط/ فبراير 2025، بمشاركة دونالد ترامب. ورغم عدم صدور توصيات عن المؤتمر بالاعتراف بضم الضفة الغربية لإسرائيل، إلا أنه تبنى قرارا بتسمية الضفة الغربية بــ "يهودا والسامرة"، وهو القرار الذي شبهه زعيم المنظمات الاستيطانية الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية (يسرائيل غانز) بوعد بلفور. ويأتي قرار المؤتمر باستبدال اسم الضفة الغربية بالاسم التوراتي لها، بعد صدور قرار مشابه عن الكنيست الإسرائيلي.
إن "خطة سموتريتش" لحسم الصراع مع الفلسطينيين، هي الوحيدة المطروحة على طاولة اتخاذ القرار في إسرائيل، وهذه الخطة تم تطبيق الكثير من بنودها فعلا؛ كفرض واقع "جيو- ديمغرافي" جديد في الضفة الغربية، من خلال إضفاء الشرعية على مزيد من المستوطنات وتكثيف البناء الاستيطاني وزيادة أعداد المستوطنين.
إن الأسباب كافة متوفرة للافتراض بأن إدارة ترامب ستعترف بضم إسرائيل للضفة الغربية، وذلك بالاستناد إلى أن ترامب في ولايته الأولى اعترف بضم إسرائيل للجولان، ونقل سفارتها إلى القدس، مما يعني اعتراف الولايات المتحدة بالسيادة الإسرائيلية على شرق المدينة. وقد يستجيب ترامب لمطالبة إسرائيل بالاعتراف بضمها للضفة، بالنظر إلى أن أكبر مانح لترامب في حملته الانتخابية هي المليارديرة الإسرائيلية (ميريام أديلسون)، التي كانت قد أعربت عن أملها باعتراف واشنطن بضم إسرائيل للضفة الغربية، وبالأخذ بعين الاعتبار كذلك، بأن معظم أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب من الحزب الجمهوري، المدعومين من الممولين الصهاينة والمسيحيين الصهاينة، فإنه لا يمكن توقع عدم اعتراف إدارة ترامب بالسيادة الإسرائيلية على الضفة.
وكان وزير المالية (بتسلئيل سموتريتش) تعهد خلال كلمة ألقاها في اجتماع لحزبه الصهيونية الدينية لتهنئة ترامب بفوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية، بأن يكون العام 2025 عام السيادة الإسرائيلية على "يهودا والسامرة". ويأتي يقين سموتريتش هذا، بالارتكاز على أن ترامب يتماهى مع رؤية اليمين الصهيوني الحاكم، بشأن معالجة القضية الفلسطينية، حيث إن لدى هذا اليمين اليوم تأثيرا أكبر مما كان عليه خلال ولاية ترامب الأولى، بل وأكثر من أي وقت سبق ذلك، فهذا اليمين يتحكم حاليا بمفاصل وتفاصيل حياة الفلسطينيين كافة في الضفة الغربية، ناهيك عن إزالته للعقبات "القانونية" أمام توسع المستوطنات وزيادة أعداد المستوطنين، كما أن له تأثيرا على أعلى المستويات في المنظومتين العسكرية والقضائية، وعلى مراكز صنع القرار في كثير من جوانب الحياة السياسية والمجتمعية في إسرائيل، ما يفرض على ترامب التعامل معه والتساوق مع سياساته.
ولا شك أن فريق ترامب يتابع عن كثب عمليات جيش الاحتلال الجارية في شمال الضفة الغربية، لتدمير مخيمات اللاجئين في مدينتي طولكرم وجنين، وإلحاق الدمار في المنازل والبنى التحتية فيهما، وترحيل الآلاف من سكانهما؛ بهدف خلق ظروف مواتية لتطبيق الضم واعتراف إدارة ترامب به.
ووعد ترامب المنتظر هو موضع تصريحات لمسؤولين في إدارته، مثل السفيرة لدى الأمم المتحدة (إليز ستيفانيك)، التي قالت؛ "إن إسرائيل لها سيادة توراتية على يهودا والسامرة"، وأن الفلسطينيين في نظرها ليس لهم حقوق كشعب "، وبالتأكيد ليس لهم نفس الحقوق التي يتمتع بها الإسرائيليون"، كما ادعت. ومن المؤشرات أيضا على احتمال الحصول على الوعد الأمريكي، أن تقديرات إسرائيل تفيد باستئناف ترامب سياسته في ولايته الحالية من حيث انتهى في الأولى، وتحديدا عندما أطلقت لجنة أمريكية - إسرائيلية في العام 2020 خارطة الضم في الضفة الغربية بشكل رسمي.
وقد يجادل البعض بأن سياسة ترامب في ولايته الثانية قد تختلف عنها في الأولى، بدليل إصراره على وقف الحرب في قطاع غزة، إلا أن هذا الاعتقاد تفنده تصريحات ترامب نفسه، التي تؤشر إلى أن دعوته لوقف الحرب، تتعلق فقط بموضوع إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين في القطاع، وبعد ذلك يمكن لإسرائيل أن تفعل ما تريد في غزة أو الضفة الغربية؛ "لأنها ليست حربنا.. إنها حربهم"، بحسب تعبيره.
كما ظهر موقفه من ضم إسرائيل لأجزاء من الضفة الغربية جليا، وذلك عندما استخدم في مؤتمر صحفي عقده في المكتب البيضاوي قلما، وقارن حجمه بحجم المكتب الذي كان يجلس عليه، في إشارة لصغر مساحة إسرائيل مقارنة بالدول العربية، وقال؛ "إنها بالتأكيد دولة صغيرة من حيث المساحة".
وكما نشطت الحركة الصهيونية لتحويل وعد بلفور إلى حقيقة بإقامة إسرائيل، كتشجيع الهجرة اليهودية لفلسطين وإقامة المستوطنات وتهجير الفلسطينيين، فإن إسرائيل اليوم مهدت لوعد ترامب المنتظر بسنها مجموعة من القوانين بهذا الاتجاه، حيث صادق الكنيست في نهاية كانون الثاني/ يناير 2024 بالقراءة التمهيدية على قانون يجيز للمستوطنين شراء وتملك الأراضي في الضفة، وهو عمليا إلغاء للقانون الأردني المتعلق بـ "تأجير وبيع العقارات للأجانب" الصادر عام 1953، الذي يحظر شراء الأراضي في الضفة الغربية من قبل الأجانب ممن لا يحملون الجنسية الأردنية أو العربية.
وفي ذات المساعي، كانت الحكومة الإسرائيلية قد أعلنت قبل نحو عامين عن وضع 3200 موقع أثري فلسطيني، غالبيتها في المنطقة "ج"، تحت إدارة تسمى بـ"سلطة الآثار" الإسرائيلية.
إن هدف حكومة نتنياهو لا يقتصر على الهجوم على مدن جنين وطولكرم وطوباس، وهدم مخيماتها وتشريد سكانها فقط، وإنما يتعدى ذلك إلى تفكيك السلطة الفلسطينية طوبة بعد طوبة، ويتضح هذا جليا بسحب إسرائيل للصلاحيات الإدارية للسلطة الفلسطينية في المناطق "ب"، وتحديدا في برية بيت لحم، التي تمثل ما نسبته 3% من مساحة الضفة الغربية، وألحقت مسؤوليتها للإدارة المدنية الإسرائيلية، كما سحبت صلاحيات السلطة بمنعها من إصدار تراخيص بناء جديدة في تلك المنطقة.
إن "خطة سموتريتش" لحسم الصراع مع الفلسطينيين هي الوحيدة المطروحة على طاولة اتخاذ القرار في إسرائيل، وهذه الخطة تم تطبيق الكثير من بنودها فعلا؛ كفرض واقع "جيو- ديمغرافي" جديد في الضفة الغربية، من خلال إضفاء الشرعية على مزيد من المستوطنات، وتكثيف البناء الاستيطاني، وزيادة أعداد المستوطنين.
ولاحقا، سيتم استكمال بقية بنودها عندما تصبح الظروف مواتية، مثل تقسيم الضفة الغربية إلى مناطق عدة تحكمها إدارات مدنية منفصلة، واحتفاظ إسرائيل بالمسؤولية الأمنية الكاملة والحرية العسكرية المطلقة للجيش فيها، بعد تفكيك السلطة الفلسطينية، مع الإبقاء على وحدات شرطية لفرض النظام والقانون فقط.
إن المستعمرين أمثال بلفور الإنجليزي وترامب الأمريكي، يقررون منح أرض ليست لهم، وبانتزاعها من شعبها الأصلي لشعب آخر تم اختراعه؛ لضمان هيمنتهم على المنطقة العربية، إلا أن ما فات ترامب ومن قبله بلفور، أن الشعب الفلسطيني لا يعد أن اعتراف ترامب المحتمل بضم إسرائيل للضفة قدرا لا يمكن مقاومته، تماما كعدم اعتباره أن الاحتلال الإسرائيلي قدر، وهذا ما يفسر استمراره في مقاومته خلال الـ 76 عاما الماضية.