مكافحة التصحر في الإمارات.. منظومة عمل متكاملة تقهر الظروف المناخية
تاريخ النشر: 6th, August 2023 GMT
شكلت الرؤية الاستباقية للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيب الله ثراه" لملامح الواقع البيئي للإمارات، واحتياجاته الملحة والمستقبلية، المحرك الرئيس لمنظومة عمل متكاملة لمكافحة التصحر وزيادة المساحات الخضراء، ما أسهم في تحقيق إنجازات بارزة خلال العقود الماضية في تطويق آثار مشكلة التصحر، والحد من تداعياتها البيئية الضارة، على الرغم من قساوة الظروف المناخية التي تعاني منها الدولة، والمتمثلة في درجات الحرارة العالية، وارتفاع معدلات الرطوبة وقلة معدلات سقوط الأمطار.
وانتهجت دولة الإمارات، التي تشكل الصحراء نحو 80% من مساحتها، رؤية استباقية وسياسة حكيمة للتصدي لمشكلة التصحر والتحديات الناجمة عنها، ارتكزت على المحافظة على البيئة الصحراوية وثرواتها وتنوعها، وفي الوقت نفسه الحد من العوامل المؤدية لتصحر الأراضي ومعالجتها، حيث انضمت الدولة إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر في عام 1998 وتم اعداد الاستراتيجية الوطنية لمكافحة التصحر 2030 تهدف إلى ضمان نظم بيئية صحية واستخدام مستدام للأراضي بهدف تحييد آثار التغير المناخي وتدهور الأراضي والجفاف.
ويُعرف التصحر بحسب اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر- على أنه تدهور الأراضي في المناطق القاحلة وشبه القاحلة والجافة وشبه الرطبة نتيجة للتغيرات المناخية والأنشطة البشرية، بما يؤدي إلى فقدان قدرة الأرض على الإنتاج الزراعي ودعم الحياة، وبذلك لا يقتصر التصحر فقط على فقدان الأراضي لصالح الصحراء أو زحف الكثبان الرملية.
ووفقاً للأمم المتحدة، يؤثر التصحّر على نحو ثلث مساحة الأرض التي يعيش عليها نحو مليار شخص، كما يتسبب سنوياً في تدهور 12 مليون هكتار من الأراضي، إضافة إلى تشريد نحو 135 مليون شخص حول العالم بحلول عام 2045، حيث تمثّل هذه الظاهرة خطراً حقيقياً يهدد صحة الإنسان والتنوّع البيولوجي والمناخ والأمن الغذائي، ما يجعل من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP28) الذي يعقد خلال الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر من العام الجاري في "مدينة إكسبو دبي"، منصة مثالية لتعزيز الجهود الدولية لاتخاذ إجراءات عملية لمواجهة تحدي التصحر والحد من تدهور الأراضي والتخفيف من آثار الجفاف في المناطق المتضررة.
وتنسجم جهود الإمارات في مكافحة التصحر مع أهداف حملة "استدامة وطنية" التي تم إطلاقها مؤخراً تزامناً مع الاستعدادات لاستضافة “COP28"، وتسعى إلى إبراز التأثير الإيجابي لمبادرات الاستدامة في دولة الإمارات على مختلف المجالات، إضافة إلى نشر الوعي حول قضايا الاستدامة البيئية، وتشجيع المشاركة المجتمعية.
منظومة تشريعية
حظيت قضية مكافحة التصحر باهتمام كبير في دولة الإمارات، حيث مثلت أحد مرتكزات نهج دولة الإمارات في حماية البيئة والحفاظ على مواردها الطبيعية وضمان استدامتها، ولذلك أقرت الدولة خلال العقود الماضية منظومة تشريعية متكاملة، وأطلقت العديد من البرامج والمبادرات الهادفة إلى تعزيز جهودها في مكافحة التصحر.
كما شملت الجهود التي قامت بها دولة الإمارات في هذا السياق استصلاح مساحات واسعة من الأراضي الصحراوية، وإنشاء الغابات الاصطناعية والمسطحات والأحزمة الخضراء بالتركيز على استخدام النباتات المحلية والنباتات المقاومة للملوحة، إلى جانب الحد من ظاهرة الرعي الجائر والاحتطاب والممارسات الزراعية غير الرشيدة، إضافة الى الاهتمام ببحوث الاستمطار، وإنشاء السدود، وتعزيز استخدام المياه المعالجة، وتنفيذ العديد من برامج رفع الوعي بمشكلة التصحر وسبل المساهمة في الحد منها.
استراتيجيات وطنية
أخبار ذات صلة مكتوم بن محمد: بجهود فريق وزارة المالية نسعى إلى تحقيق مستقبل مزدهر للإمارات الإمارات تقدم لتشاد آليات عسكرية ومعدات أمنية لدعم جهود مكافحة الإرهابوانطلاقاً من جهودها في مسيرة العمل الدولي لمكافحة التصحر؛ انضمت دولة الإمارات إلى العديد من الاتفاقيات في مجالات حماية النظم البيئية منها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر في عام 1998، ووفاءً بالتزاماتها تجاه الاتفاقية، أعدت وزارة التغير المناخي والبيئة بالتعاون والتنسيق مع شركائها الاستراتيجيين، أول استراتيجية وطنية لمكافحة التصحر في العام 2003، وتم تحديثها وتطويرها في العام 2014، وتعد الاستراتيجية الوطنية لمكافحة التصحر 2022 – 2030 التحديث الثالث للاستراتيجية لتتماشى مع التوجهات الوطنية والعالمية، وفق خمس موجهات رئيسية تتمثل في أولاً المحافظة على النظم البيئية وتحسين حالة الأراضي القاحلة والجافة، وثانياً التخفيف والتكيف مع آثار التغير المناخي على النظم البيئية المتأثرة بالتصحر، وثالثاً تعزيز التوعية والتثقيف وبناء القدرات فيما يتعلق بظاهرة التصحر، ورابعاً تبني التقنيات الحديثة وتطبيقاتها وتعزيز تكامل البحوث العلمية في مجال مكافحة التصحر، وأخيراً تعزيز دور الشراكات وترسيخ مبدأ التعاون على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي.
كما ترتبط الاستراتيجية الوطنية لمكافحة التصحر بالاستراتيجيات الوطنية الأخرى ذات العلاقة، وأهمها استراتيجية الأمن الغذائي 2051 التي تهدف إلى جعل دولة الإمارات مركزاً رائداً عالمياً في مجال الأمن الغذائي القائم على الابتكار، واستراتيجية الأمن المائي لدولة الإمارات 2036 لضمان استدامة واستمرارية الوصول للمياه خلال الظروف العادية والطارئة، والسياسة العامة للبيئة.
أما على الصعيد العالمي فترتبط الاستراتيجية الوطنية لمكافحة التصحر بالهدف 15 من أهداف التنمية المستدامة الخاص بالحياة على الأرض في خطة عام 2030 والذي يهدف إلى "حماية النظم الإيكولوجية البرية وترميمها وتعزيز استخدامها على نحو مستدام، وإدارة الغابات على نحو مستدام، ومكافحة التصحر. ووقف تدهور الأراضي وعكس مساره ووقف فقدان التنوع البيولوجي.
مسطحات خضراء
ونجحت دولة الإمارات في تحويل مساحات شاسعة من الأراضي الصحراوية إلى مسطحات خضراء وحدائق ومزارع، حيث بلغ إجمالي عدد المزارع في دولة الإمارات، وفقاً لأحدث إحصائيات وزارة التغير المناخي والبيئة، 38 ألف مزرعة تتبع أساليب زراعة متنوعة وعدة نظم إنتاج زراعية، منها مزارع تتبع أساليب الزراعة العضوية وقائمة على مساحة 46 ألف دونم، وأخرى مزارع تتبع أساليب الزراعة المائية (بدون تربة) وقائمة على مساحة 1000 دونم، ويقدر إنتاجها من الخضروات بنحو 156 ألف طن سنوياً، وما يزيد على 500 ألف طن من المحاصيل الحقلية والأعلاف، ويقدر إنتاجها من الفاكهة بنحو 200 ألف طن.
وتتعدد جهود دولة الإمارات على صعيد مكافحة التصحر، لتشمل إنشاء العديد من المحميات الطبيعية والتي وصل عددها إلى نحو 49 محمية برية وبحرية، تمثل نحو 15.53% من إجمالي مساحة الدولة، وهو ما ينسجم مع الجهود الوطنية للحد من تدهور الأراضي، والمحافظة على البيئة واستدامة عناصرها.
كما يتم بشكل متواصل إطلاق مبادرات لزراعة الأشجار، ما أسهم في زيادة أعداد أشجار النخيل والأشجار الحرجية والمثمرة، إضافة إلى ما أعلنته دولة الإمارات مؤخراً ضمن التزاماتها المحددة وطنياً تجاه الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة للمناخ، عن زراعة 100 مليون شجرة قرم بحلول 2030.
التقنيات الحديثة
ويشكل توظيف التقنيات الحديثة توجهاً عاماً في دولة الإمارات بهدف إيجاد حلول مبتكرة لمكافحة التصحر، حيث تم الاعتماد على نظم الزراعة الحديثة من الزراعة المائية والعمودية، إضافة إلى النجاح المميز لتجارب زراعة الأرز في البيئة الصحراوية للدولة باستخدام تقنيات حديثة في الري تضمن خفض معدلات استهلاك المياه لأقل درجة ممكنة.
كما نفذت وزارة التغير المناخي والبيئة مشروعاً لاستخدام الطائرات بدون طيار في إجراء مسح شامل للمناطق الزراعية في دولة الإمارات لتعزيز استعادة المناطق المتدهورة وحماية المساحات الزراعية الحالية وتنميتها، في حين وظفت الوزارة تقنيات الطائرات بدون طيار في نثر وزراعة 6 ملايين و250 ألفاً من بذور الأشجار المحلية "الغاف، والسمر" في 25 موقعاً مختاراً على مستوى الدولة.
وتعد دولة الإمارات من أوائل الدول في المنطقة التي تبنت الاستمطار الاصطناعي كوسيلة مبتكرة لمكافحة التصحر والجفاف وزيادة المساحات الخضراء، إضافة إلى مساهمته في تعزيز المخزون المائي والحد من تداعيات التغيرات المناخية.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: كوب 28 الإمارات المناخ اتفاقیة الأمم المتحدة فی دولة الإمارات التغیر المناخی الإمارات فی إضافة إلى العدید من
إقرأ أيضاً:
اعتماد الخطة الوطنية لمكافحة تلوث البيئة البحرية
وافق مجلس الوزراء برئاسة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيزعلى ضوابط شراء واستئجار الجهات الحكومية للمركبات، وعلى الخطة الوطنية لمكافحة تلوث البيئة البحرية بالزيت والمواد الضارة الأخرى في الحالات الطارئة.
وأطلع ولي العهد المجلس على فحوى اتصاله الهاتفي برئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد جي ترمب، وعلى مضمون استقباله رئيسة وزراء الجمهورية الإيطالية جورجيا ميلوني، وما جرى خلالهما من استعراض آفاق العلاقات بين المملكة وبلديهما في مختلف المجالات، إضافة إلى بحث المستجدات الإقليمية والدولية.
وأعرب المجلس عن التطلع إلى أن يسهم إنشاء مجلس الشراكة الإستراتيجية بين حكومتي المملكة العربية السعودية والجمهورية الإيطالية في تعزيز التواصل والتعاون الثنائي على جميع الصعد؛ بما يحقق المصالح والمنافع المشتركة.
التأكيد على الوقوف مع لبنان وسورية
أوضح وزير الإعلام سلمان الدوسري، عقب الجلسة، أن المجلس تناول نتائج زيارتي وزير الخارجية إلى الجمهورية اللبنانية والجمهورية العربية السورية، مجددًا التأكيد على وقوف المملكة إلى جانب البلدين وشعبيهما الشقيقين، ودعم الجهود الرامية إلى استعادة مكانتهما الطبيعية في محيطيهما العربي والدولي.
وأشاد مجلس الوزراء، بما اشتملت عليه مشاركة وفد المملكة في الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي بمدينة دافوس السويسرية؛ من مضامين أجملت التقدم المستمر في تحقيق مستهدفات (رؤية السعودية 2030)، وأبرز المبادرات والإسهامات الداعمة لإعادة صياغة نهج الاقتصاد العالمي، ودفع الابتكار التحويلي، وإطلاق الإمكانات البشرية.
السعودية مركز عالمي للحوار
عدّ المجلس، الإعلان عن استضافة المملكة الاجتماع الدولي للمنتدى الاقتصادي العالمي بشكل دوري؛ تأكيدًا على ريادتها بوصفها مركزًا عالميًا للحوار الدولي، ودورها المتمثل في تشكيل معالم الأجندة العالمية للتنمية، وترسيخ العمل متعدد الأطراف من أجل تحقيق الازدهار للجميع.
واطّلع المجلس، على الموضوعات المدرجة على جدول أعماله، من بينها موضوعات اشترك مجلس الشورى في دراستها، كما اطّلع على ما انـتهى إليه كل من مجلسي الشؤون السياسية والأمنية، والشؤون الاقتصادية والتنمية،
قرارات
- الموافقة على مذكرة تفاهم بين حكومة المملكة العربية السعودية وحكومة جمهورية الفلبين للتعاون في مجال الطاقة.
- تفويض رئيس مجلس إدارة دارة الملك عبدالعزيز - أو من ينيبه - بالتوقيع على مشروع مذكرة تعاون بين دارة الملك عبدالعزيز في المملكة العربية السعودية ووكالة الأرشيف الفيدرالي في روسيا الاتحادية.
- الموافقة على مذكرة تفاهم بين وزارة الرياضة في المملكة العربية السعودية والهيئة العامة للرياضة في مملكة البحرين للتعاون في مجال الرياضة.
- تفويض وزير الداخلية - أو من ينيبه - بالتباحث مع الجانب الصيني في شأن مشروع اتفاقية تعاون في مجال استعمال واستبدال رخص القيادة بين حكومة المملكة العربية السعودية وحكومة جمهورية الصين الشعبية، والتوقيع عليه.
- تفويض وزير الخارجية - أو من ينيبه - بالتباحث مع الجانب المقدوني الشمالي في شأن مشروع اتفاقية عامة للتعاون بين حكومة المملكة العربية السعودية وحكومة جمهورية مقدونيا الشمالية، والتوقيع عليه.
- الموافقة على مذكرة تفاهم في مجال الأمن السيبراني بين حكومة المملكة العربية السعودية وحكومة جمهورية جيبوتي.
- الموافقة على مذكرة تعاون في مجال المشاريع الصغيرة والمتوسطة بين كل من الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة العربية السعودية (منشآت) وهيئة تنمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة (سميدا) التابعة لوزارة الصناعة والإنتاج بحكومة جمهورية باكستان الإسلامية.