عصر السيارات الكهربائية في لبنان.. بين العصابات والتنظيم القانوني شعرة
تاريخ النشر: 23rd, June 2024 GMT
يعتبر قطاع السيارات الكهربائية من أهم المجالات الناشئة في العالم اليوم، حيث يشهد نموًا متسارعًا نتيجة للوعي المتزايد بأهمية التحول نحو الطاقة النظيفة والاستدامة البيئية. وفي هذا السياق، لم يكن لبنان بمنأى عن هذا التوجه العالمي، إذ يشهد اهتمامًا متزايدًا بتبني السيارات الكهربائية، رغم التحديات الاقتصادية والبنية التحتية التي تواجهها البلاد.
ففي السنوات الأخيرة، بدأت علامات تجارية عالمية تطرح نماذج متنوعة من السيارات الكهربائية في السوق اللبناني، مما أثار اهتمام شريحة من المستهلكين الباحثين عن حلول أكثر استدامة واقتصادية للنقل. ومع ذلك، فإن اعتماد السيارات الكهربائية في لبنان يواجه عدة عقبات، من بينها قلة البنية التحتية لشحن هذه السيارات، وانقطاع التيار الكهربائي المتكرر، والارتفاع النسبي لتكلفة السيارات الكهربائية مقارنة بالسيارات التقليدية، بالاضافة إلى العصابات التي تستورد هذه السيارات، وتبيعها بأسعار منخفضة من دون أي حسيب أو رقيب. وحسب أرقام غير رسمية، فمنذ بدء الأزمة الاقتصادية وإلى حدّ اليوم، شهد لبنان حركة واسعة جدًا في حركة استيراد السيارات الكهربائية، إذ ارتفعت النسبة منذ عام 2019 وحتى اليوم إلى أكثر من 65%، وذلك بمؤشر إيجابي لناحية عقلية المستهلك اللبناني الذي بات يفكر باستثمار أمواله بسيارة اقتصادية، وصديقة للبيئة على الرغم من سعرها المرتفع في حال مقارنتها مع السيارات التقليدية. وبأرقام حصل عليها "لبنان24"، فإن نسبة استيراد السيارات الكهربائية من مجمل السيارات غير الكهربائية الجديدة بلغ قرابة 12,5%، ومن المتوقع أن يصل إلى 18 أو 20% خلال السنة الحالية والمقبلة. وفي جولة على مختلف معارض السيارات في لبنان، فإن الأسعار لا يمكن وصفها بالرخيصة أبدًا، إذ إنّ أقل سعر لسيارة كهربائية جيّدة يبدأ من 35 ألف دولار، ويرتفع السعر ليفوق الـ100 ألف دولار، وذلك حسب الشركة المصنعة، مع العلم فان الحكومة قد خفّضت قيمة الجمارك التي لا تتخطى 3%، وذلك تشجيعًا على استيراد هذه السيارات، لضمان بيئة نظيفة، وتقليل استيراد المواد النفطية من الخارج. لكن، هل لبنان مهيأ فعليًا لاستيراد ملايين السيارات ضمن استراتيجية التخلي عن السيارات التقليدية؟ حسب هشام وهبة، وهو مسؤول في قسم المبيعات في شركة "إمبكس" فإنّ عملية شراء السيارات الكهربائية لا تزال في تزايد مستمر، إذ إن الأرقام تشير إلى أن المستهلك اللبناني تقبل عقلية الاتجاه نحو السيارات الكهربائية. ويقول وهبة خلال اتصال عبر "لبنان24" بأن ما عزّز عقلية المستهلك بالاتجاه إلى هذا النوع من السيارات، هي الشركات الموثوقة التي تتعامل مع علامات تجارية عالمية، إذ بددت مخاوف اللبنانيين من الشركات الوهمية. ويؤكّد أن الاتجاه يجب أن يصب دائما نحو الشركات المعروفة، إذ إنّ التعامل بالسيارات الكهربائية هو أمر صعب لناحية إصلاح السيارات أو تأمين قطع لها، خاصة إذا كانت سيارة ذات نوعية رديئة، مع التأكيد أنّ التعامل مع السيارات التقليدية لا يُشبه السيارات الكهربائية أبدًا. في السياق، أكّدت مصادر نقابية لـ"لبنان24" بأنّه يمكن لأي كان، مع الأسف، في لبنان أن يستورد السيارات الكهربائية، وهذا ما فتح الباب أمام الجميع لبيع هذا النوع من السيارات من دون مراعاة المواصفات العالمية المطلوبة، خاصة على صعيد نوعية المواد المستخدمة، التي من شأنها أن تؤثّر على السلامة العامة. وتؤكّد المصادر في هذا السياق أن الحل يتلخص بالهيئة الوطنية للمنافسة التي تعتبر الحل الوحيد الذي من شأنه أن يضبط السوق. وبمتابعة لهذا الموضوع يشير منير الحافي، وهو تاجر يبيع شواحن السيارات الكهربائية، إلى أنه في لبنان لا يتعدى عدد الشركات التي تبيع الشواحن أصابع اليد الواحدة، إلا أن المفارقة، فإن الذين يبيعون بالمفرق، ومن دون الحصول على أي ترخيص، أو من دون أن يكون لديهم أي إلمام يقدّرون بالمئات، وهذا ما يدفع بالمستهلك إلى السقوط في شباكهم. ويلفت الحافي خلال اتصال مع "لبنان24" إلى أن أنواع الشواحن المتوفرة في لبنان هي على نوعين، فإما أن تكون متوفرة للعامة، وإما أن تكون شخصية، مشيرًا إلى أن غياب تنظيم القطاع، بمعنى عدم توفر صيغة موحدة لمحطات الشحن في لبنان أوقع المستهلك في مشكلة، إذ إن أغلب المحطات موجودة لتلبية الطراز الاوروبي، بوقت يدخل إلى لبنان مختلف الانواع من السيارات. ويقول الحافي أنّ كلفة شحن السيارة في المحطات يبدأ من 35-40 سنتًا للكيلووات، ويرتفع إلى 60-65 سنتًا، وذلك حسب مصدر الطاقة إن كان كهرباء لبنان، أو مولد خاص، أو حتى محطة للطاقة الشمسية، علمًا أن هذه المحطات منتشرة في مختلف المستشفيات والمدارس والاماكن العامة ومحطات البنزين، التي بدأت بإدخالها إلى الأسواق منذ العام 2018. في السياق، يحذّر هشام وهبة من خطورة الكفالات الوهمية التي تُعطى من قبل أشخاص غير مخولين أصلاً ببيع السيارات الكهربائية، وهذا ما لا يرد أبدًا داخل الشركات المعروفة. ودعا أيّ كان إلى التأكد من مصدر استيراد السيارة قبل الوقوع في الفخ. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: السیارات الکهربائیة السیارات التقلیدیة من السیارات فی لبنان إلى أن من دون
إقرأ أيضاً:
خسارة كبرى.. هكذا تقرأ الأوساط الإيرانية مقترح استيراد المواد المخصبة
طهران- بعد أن اعتبرت طهران التخلي عن تخصيب اليورانيوم "خطا أحمر" غير قابل للتفاوض، أفرزت تصريحات وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، حول ضرورة استيرادها المواد المخصبة من الخارج، ردود فعل متباينة في الأوساط الإيرانية.
لم تمضِ على مفاوضات روما سوى 3 أيام حيث وصفها الطرفان الإيراني والأميركي بأنها "بناءة وإيجابية"، حتى قال روبيو إن بإمكان طهران امتلاك برنامج نووي مدني سلمي إذا أرادت ذلك عبر استيراد المواد المخصبة وليس بتخصيب اليورانيوم، ملوّحا -في مقابلة مصورة مع موقع "ذا فري برس" نُشرت الأربعاء الماضي- بالخيار العسكري إن أصرت إيران على التخصيب.
وهذا العرض الأميركي لم يكن الأول من نوعه، فقد سبق أن دعا المبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيفن ويتكوف، في تصريح لصحيفة وول ستريت جورنال، إلى تفكيك برنامج إيران النووي، قبل أن يكتب في منشور على منصة إكس إنه على إيران "وقف تخصيبها النووي والتخلص منه للتوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة".
تباين الآراءفي المقابل، ترفض الجمهورية الإسلامية التخلي عن برنامج تخصيب اليورانيوم، وتتفاءل بحذر على لسان وزير خارجيتها عباس عراقجي بشأن المفاوضات غير المباشرة مع واشنطن "بسبب الرسائل الأميركية المتناقضة في وسائل الإعلام والأخبار"، محذرة من أي "استفزازات أو محاولات تخريب".
إعلانوانطلاقا من التقارير حول انقسام فريق الأمن القومي الأميركي بشأن كيفية التعامل مع ملف طهران ومنعها من امتلاك السلاح النووي، يقرأ طيف من المراقبين الإيرانيين موقف روبيو الأخير في سياق مساعي صقور الحزب الجمهوري، الداعين إلى الخيار العسكري، للتأثير على المسار الدبلوماسي الجاري.
في حين تعدّ شريحة أخرى من الأوساط السياسية الموقف الأميركي، الداعي إلى الوقف الكامل لتخصيب اليورانيوم، "محاولة من وزارة الخارجية الأميركية تعديل موقف ويتكوف الذي فُسر كموافقة من واشنطن على حق إيران في تخصيب اليورانيوم".
من ناحيته، يلمس الباحث السياسي أستاذ الجغرافيا السياسية، عطا تقوي أصل، في موقف روبيو "تراجعا أميركيا عن المطالبة بتفكيك برنامج طهران النووي، واعترافا بحقها في امتلاك برنامج مدني سلمي".
وفي حديثه للجزيرة نت، يشير تقوي أصل، إلى معارضة "الكيان الإسرائيلي واللوبي الصهيوني" بأميركا للمسار الدبلوماسي الرامي إلى التوصل لاتفاق بشأن برنامج طهران النووي، معتبرا أن ما أسماه تناقضا في المواقف الأميركية على طاولة المحادثات والمحطات الإعلامية، هو للاستهلاك الداخلي ولتحييد الضغوط الصهيونية الرامية إلى إفشال المفاوضات.
وبرأيه، فإن الجانب الأميركي قام بتقسيم الأدوار لكسب أقصى حد من الامتيازات عبر المفاوضات النووية بذريعة وجود انقسام داخل الإدارة الجمهورية حول ملف إيران.
وأوضح أن شريحة من فريق الرئيس دونالد ترامب الأمني، من ضمنها روبيو، تعمل على إخافة طهران "بالموت لترضى بالحمّى"، وبذلك لا يستبعد أن يرفع الفريق الأميركي المفاوض مستوى مطالبه لاحقا بذريعة تعرضه لضغوط في داخل أميركا أو خارجها.
عروض خطيرةفي المقابل، ينظر الباحث في الأمن الدولي أستاذ العلاقات الدولية بجامعة طهران أبوالفضل بازركان، إلى موقف روبيو على أنه موقف رسمي لابد أن يأخذه الجانب الإيراني على محمل الجد بالرغم من التضارب والتناقض في المواقف الأميركية، خلال الأسبوعين الماضيين، والذي يدل على عدم حسم الجانب الأميركي مطالبه وما سيقبل به على طاولة المفاوضات.
إعلانوفي حديث للجزيرة نت، يحذر بازركان من خطورة مثل هذه المطالب في ظل الحديث عن عدم وجود بند حول "يوم النهاية" في أي اتفاق قد يتمخض عن المفاوضات الجارية، موضحا أن بلاده -وعلى لسان رأس هرم السلطة- قد رفضت جملة وتفصيلا الحديث عن حرمانها من قدراتها وحقها بتخصيب اليورانيوم لا سيما وأن لديها تجارب مرَّة حول عدم وفاء واشنطن بتعهداتها.
ورأى أن الجانب الأميركي يسعى من خلال المفاوضات الجارية لإخراج مخزون طهران من اليورانيوم عالي التخصيب إلى طرف ثالث، ووقف برنامجها للتخصيب عبر تطميعها برفع العقوبات وتمكينها مما تحتاجه من اليورانيوم المخصب لاحقا، متسائلا ماذا لو أحجمت واشنطن عن تزويد إيران باليورانيوم المخصب أو نكثت بتعهداتها؟
كما اعتبر أن المخزون الإيراني من اليورانيوم عالي التخصيب عامل ردع يجعل الأعداء يفكرون ألف مرة قبل أي مغامرة ضد طهران، مضيفا أن بلاده لن تحصل على ضمانات بعدم قيام إسرائيل أو أميركا بمهاجمتها من أجل تدمير منشآتها النووية إن "انتزع الأعداء عصا اليورانيوم المخصب من يدها".
وحسب بازركان، ستجد طهران نفسها في وارد الرد على الرأي العام الإيراني حال موافقتها على وقف تخصيب اليورانيوم واستيراده من الخارج بعد الضريبة الباهظة التي دفعتها من أجل برنامجها النووي.
ورأى أن القبول بهذا العرض سيعني خسارة مدوية للسياسة الإيرانية لا يمكن تعويضها حتى لو رفع الجانب الأميركي جميع العقوبات عن طهران وأفرج عن جميع أصولها المجمدة بالخارج.
أما الخسارة الكبرى لإيران -وفقا له- فقد تتمثل في تفكيك برنامجها النووي وإخراج مخزونها من اليورانيوم المخصب بدرجات نقاء تبلغ 60%، وحرمان الأجيال المقبلة من حقوقهم في استخدامات التكنولوجيا النووية.
وبرأيه، لا يمكن النظر إلى المطالب الأميركية في خضم المفاوضات النووية في غير إطار الصراع الإسرائيلي الإيراني والتطورات الإقليمية المتواصلة من غزة إلى لبنان ثم سوريا، مرورا بالعراق ووصولا إلى اليمن والتهديدات الإسرائيلية المتواصلة بضرورة خوض المعركة النهائية وتحييد التهديدات الوجودية لكيان الاحتلال، محذرا من تفريط طهران بقدراتها الردعية وعلى رأسها مخزونها من اليورانيوم المخصب.
إعلان سياسة تحريضأما الأكاديمي الباحث في العلاقات الدولية، ياسر شاماني، فينظر إلى العروض الأميركية في إطار سياسة التحريض التي أطلقها الرئيس الأسبق جورج بوش الابن تحت عنوان "حملة صليبية حديثة" ضد العالم الإسلامي، مؤكدا أن المحور "الصهيو-أميركي" يسعى للقضاء على برنامج طهران النووي بعد تدميره المنشآت النووية العراقية والسورية وتفكيك برنامج ليبيا النووي.
وفي حديثه للجزيرة نت، يشير شاماني إلى أن طهران تمكنت خلال السنوات الماضية من "الوقوف بوجه المخططات الصليبية الرامية إلى اقتتال المسلمين وتجزئة بعض الدول الإسلامية عقب ظهور الجماعات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم الدولة الإسلامية"، مؤكدا أن هناك قوى غربية تخشى تعزيز قدرات إستراتيجية لدى العالم الإسلامي فتحاول القضاء على برنامج طهران النووي.
ورأى أن واشنطن تعرض بين الفينة والأخرى مخططات على إيران لتقويض برنامجها النووي تمهيدا للقضاء عليه، مؤكدا أن طهران سواء قبلت بالعروض الأميركية أو رفضتها فإنها "لن تجني سوى الخسارة"؛ نظرا للتداعيات المترتبة على الخيارين.