هل تنادي الأفيال حقا بعضها بالاسم؟
تاريخ النشر: 23rd, June 2024 GMT
دواين أكسفورد
كشفت الأبحاث التي أجريت في كينيا أن الأفيال تتعرف على بعضها بالأسماء، ففي تجربة رائعة للذكاء الاصطناعي نجح الباحثون في إثبات كيفية استدعاء هذه الثدييات العملاقة لبعضها بالاسم.
وفقا لدراسة جديدة نشرت في مجلة البيئة الطبيعية والتطور، تمت ملاحظة أفيال السافانا الأفريقية في كينيا والاستماع إليها، باستخدام برنامج التعلم الآلي المسمى "أصوات الأفيال" الذي حلّل المكالمات التي تم إجراؤها بين قطيعين من الأفيال.
أُجري البحث في محمية سامبورو الوطنية ومتنزه أمبوسيلي الوطني على مدار 4 سنوات، بما في ذلك 14 شهرًا من العمل الميداني، حيث تم تعقب الأفيال ومراقبتها وتسجيل "مكالماتها".
تم التقاط حوالي 469 نداءً فريدًا أو "دمدمة" من الأفيال الأفريقية في التجربة.
ماذا تكشف الدراسة عن طريقة تواصل الأفيال؟من المعروف منذ زمن طويل أن الفيلة حيوانات اجتماعية للغاية. وقال جورج ويتماير، عالم البيئة السلوكية بجامعة ولاية كولورادو، أحد المعاهد المشاركة في الدراسة الكينية، لقناة الجزيرة "إن الشبكة الاجتماعية للأفيال غنية بشكل لا يصدق، ودقيقة بشكل لا يصدق، ومعقدة بشكل لا يصدق مع هذا الهيكل الهرمي من مختلف أنواع العلاقات والتفاعلات".
ويبدو أن الملاحظات الأولية للباحثين الذين أجروا الدراسة في كينيا تظهر أن الأفيال كانت تستخدم نظاما للاتصال والرد. وقد لوحظ أن الأمهات، قائدات قطعان الأفيال، يصدرن نداء يبدو وكأنه قعقعة، من داخل مجموعة الأفيال، فيستجيب القطيع بأكمله.
ومع ذلك، بعد فترة وجيزة، ستصدر نفس الأم قعقعة أخرى مماثلة، وسيقوم فيل واحد فقط بعيدًا عن المجموعة بالرد بينما يعود على عجل إلى المجموعة. وقال ويتماير "وهكذا في تلك الحالات، يكون من الواضح جدًا للمراقب، ولنا على الأرض، أن شيئًا ما حدث هناك وكان كل فرد في المجموعة يعرفه. كانت المكالمة موجهة نحو هذا الفرد. وقد تلقى هذا الفرد وأدرك ذلك أيضًا، واستجاب وجاء إلى المجموعة. وهكذا نتساءل "هل يستخدمون الأسماء؟"،
تشير الملاحظات إلى أنه قد يكون هناك معرف فريد مضمن في قعقعة الفيل التي يمكن لكل فيل التعرف عليها. ويعتقد أن هذه الأصوات الفريدة تشبه الطريقة التي يتعرف بها البشر على بعضهم البعض.
وأشار ويتماير "ربما نحيي بعضنا بعضا بأسمائنا، ولكن ليس الأمر وكأننا نستخدم الأسماء باستمرار مع بعضنا بعضا وإنما بمجرد أن نلفت انتباه بعضنا بعضا، نكون منغمسين في المحادثة. ويبدو هذا هو الحال على الأرجح مع الأفيال أيضًا".
كيف تم تسجيل أصوات الأفيال؟في حين أن البشر على دراية بالأصوات العالية التي تصدرها الأفيال، فإن بعض أصوات هذه الحيوانات تكون غير مسموعة، مما يعني أنها تستخدم ترددا منخفضا جدا بحيث لا يمكن للبشر سماعه. ولذلك، تم استخدام معدات متخصصة لتسجيل وتحليل الدمدمة. وأوضح ويتماير "إنهم يستخدمون الحبال الصوتية ويصدرون هذه الأصوات، لكن بنية تلك الأصوات تختلف تمامًا عن أصواتنا".
تم استخدام برنامج تعلم الذكاء الاصطناعي المتخصص لتحديد أسماء محددة وفريدة من نوعها يتم استخدامها للإشارة إلى أفيال معينة، والتي تحدث داخل الدمدمة. وباستخدام هذا البرنامج، تمكن الباحثون من تحديد أن الأسماء كانت تستخدم في الدمدمة بين الأفيال في ما يقرب من ثلث "المكالمات" أي (27.5%).
إن تحديد وفهم الأجزاء الأخرى من الدمدمة سيتطلب المزيد من البحث. أثناء الاختبار، قام الباحثون بتشغيل صوت من مكبر صوت اعتقدوا أنه "اسم" فيل، وسوف يستجيب الفيل من خلال رفع رأسه إلى أعلى، ورفرفة أذنيه، بينما يتراجع أثناء سيره نحو مكبر الصوت.
وفي حالات أخرى، عندما لم يكن النداء من المتحدث هو "اسمه"، وجد الباحثون أن الفيل قد يرفع رأسه، لكن الاستجابة كانت أقل نشاطًا بالمعنى السلوكي.
هل تستخدم الحيوانات الأخرى إشارات نداء مماثلة؟ليس تماما. بينما تقلد الدلافين والببغاوات أصوات الآخرين في فصيلتها لمخاطبة بعضها بعضا، تبقى الأفيال هي أول حيوانات غير بشرية عرفت باستخدام أسماء فريدة دون الاعتماد على التقليد.
وفي تقرير آخر نشرته مجلة اتصالات الطبيعة الشهر الماضي، قام الباحثون بتحليل آلاف المكالمات المسجلة التي أجرتها حيتان العنبر، وكشفوا عن "الأبجدية الصوتية" ضمن تسلسل أصوات "النقر".
يشير هذا الاكتشاف إلى أن حيتان العنبر تستخدم أنظمة اتصالات أكثر تعقيدًا، تُعرف باسم "الكودا"، مما كان يُعتقد سابقًا. على عكس الحيتان الحدباء التي "تغني".
تصدر حيتان العنبر أصوات نقر، باستخدام عملية تعرف باسم تحديد الموقع بالصدى حيث ترتد الموجات الصوتية عن الأشياء الموجودة على مسافة، وتعود إلى الحوت حتى يتمكن من تحديد مكان الجسم. وتستخدم الحيتان تحديد الموقع بالصدى للصيد والتنقل في أعماق المحيطات.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
المستقبلات المنشطة بالحرارة تقدم حلا واعدا لعلاج الألم المزمن.. كيف ذلك؟
نشر موقع "Phys.org" تقريرا، للكاتب من جامعة بافالو، كيث غيلوغلي، قال فيه: "إنه عندما يلمس الشخص طبقا ساخنا ترد يده للخلف حالا. وبينما تكون الاستجابة فورية تقريبا، لا يزال الباحثون يعملون على فهم أفضل للآليات الجزيئية وراء هذه الأحاسيس بالحرارة والألم".
وبحسب التقرير الذي ترجمته "عربي21" فإنّ: "الباحثون، في كلية جاكوبس للطب والعلوم الطبية الحيوية بجامعة بافالو، اكتشفوا كيف تتسبّب الحرارة في كشف بروتين مستقبل مهم داخل الخلايا ونقل الألم".
وتابع: "يمكن أن تفتح آلية التنشيط المكتشفة حديثا هذه أهدافا علاجية جديدة لعلاج الألم والمساهمة في تطوير البدائل اللازمة للمواد الأفيونية".
كيف تنشط الحرارة مستقبلات البروتين؟
يوضّح أستاذ علم وظائف الأعضاء والفيزياء الحيوية والمؤلف الرئيسي، فينغ تشين، أنّ: "مستقبلات قنوات الأيونات داخل الأغشية الخلوية تنشط عادة استجابة لمحفزات كهربائية أو كيميائية أو غيرها من المحفزات المحددة. تعمل هذه البروتينات مثل البوابات، فتفتح وتغلق للسماح بمرور الأيونات المهمة للتواصل بين الخلايا".
"قام الباحثون منذ فترة طويلة بدراسة القنوات الأيونية المعروفة باسم قنوات الإمكانات المؤقتة للمستقبلات (TRP). وركّزوا بشكل خاص على TRPV1، وهو مستقبل يوجد في نهايات الأعصاب الطرفية في الجلد وهو جزء لا يتجزأ من اكتشاف درجة الحرارة والألم، كما يستجيب للكابسيسين، المكون الذي يجعل الفلفل الحار حارا" استرسل التقرير نفسه.
وأردف: "مع ذلك، لم يتم فهم كيفية اكتشاف هذه المستقبلات لدرجة الحرارة جيدا. وعلى عكس المحفز الكيميائي أو الجزيئي المحدد الذي يحفز مستشعرا معينا، تشير أبحاث الباحثين إلى أن الحرارة نفسها تجعل المستقبلات غير مستقرة وتتكشف جزئيا، مما يتسبب في التنشيط".
وأكد: "تحافظ البروتينات عادة على الاستقرار البنيوي للعمل بشكل صحيح، ومع ذلك يبدو أن التكشف الجزئي ضروري للتنشيط -اكتشاف غير معتاد للقنوات الأيونية-، كما يقول دينيش إندورثي، دكتوراه، وهو عالم أبحاث في مختبر تشين".
يقول إندورثي: "تُظهر هذه الدراسة في الواقع أن قنوات TRPV هذه تتكشف جزئيا كجزء من آلية تنشيطها. وهذا نموذج جديد".
البحث في التكشف البنيوي للبروتين
يقول تشين، الذي يدير أيضا برنامج الدراسات العليا للفيزياء الحيوية: "في حين سعى البحث السابق للفريق إلى تصور الكثير من هذا العمل، فإن الورقة الحالية تفصل الأدلة الجزيئية وراء هذه النتائج".
وأبرز التقرير أنّه: "عند تعرضه للحرارة، ينتقل بروتين المستقبل عادة بشكل موحد من حالة مغلقة إلى حالة مفتوحة نشطة. لذلك عندما قام فريق البحث بتغيير قدرات البروتين على استشعار درجة الحرارة، فإنه لا يزال مفتوحا ولكن بطريقة غير منسقة وغير منتظمة. تشير هذه الملاحظة إلى أن فتحه يعتمد على كيفية تأثير الحرارة على بنيته الإجمالية بدلا من تنشيط مستشعر معيّن".
وتابع: "علاوة على ذلك، لوحظت المستقبلات وهي تتكشف ضمن نطاق درجة الحرارة الذي من المفترض أن تكتشف فيه. ويلاحظ تشين أن هذا أمر غير معتاد لأن المستقبل يحتاج عادة إلى البقاء مستقرا من أجل اكتشاف الإشارات ونقلها".
ومضى بالقول: "لإجراء هذه التحقيقات، استخدم الباحثون تقنية قادرة على توليد الحرارة بسرعة كبيرة -القفز من درجة حرارة الغرفة إلى 60 أو 70 درجة مئوية في نصف ميلي ثانية فقط- لمحاكاة الأداء السريع للمستقبلات".
"فكّر في مدى سرعة عودة يدك من سطح ساخن، الأمر الذي لا يتطلب فقط استشعار الحرارة، بل ونقل الرسالة إلى دماغك، وإرسال رسالة أخرى إلى يدك، وأخيرا، الانسحاب" وفقا للتقرير ذاته.
وأشار إلى كون الباحثون قد استخدموا تقنية تسمى قياس السعرات الحرارية التفاضلية، أو DSC، والتي تقيس تدفق الحرارة عبر المواد مع تغير درجة الحرارة، لتقييم التحولات الحرارية للمستقبلات. فيما قد تؤدي النتائج إلى ظهور علاجات جديدة للألم.
يقول تشين إنّ: "فهم آليات التنشيط الحراري لهذه البروتينات قد يكون ضروريا لتطوير علاجات جديدة للألم".
ويضيف: "هذه المستقبلات هي هدف علاجي مهم للغاية للألم. لذا فإن ما إذا كان بإمكاننا الاستفادة من هذه المستقبلات يعتمد على ما إذا كان بإمكاننا الحفاظ على حساسية درجة الحرارة، ومن ناحية أخرى، منع الحساسية لمحفزات كيميائية ضارة أخرى".
وأفاد التقرير: "لتخفيف الألم، قامت العلاجات المحتملة السابقة بحجب مستقبل TRPV1 بالكامل. ولكن نظرا لأن المستقبل يُعتقد أنه يساهم في تنظيم درجة حرارة الجسم، فإن حجبه يمكن أن يسبب انخفاض حرارة الجسم وإضعاف الإحساس بدرجة الحرارة، من بين اضطرابات فسيولوجية أخرى، كما يلاحظ تشين".
يقول إندورثي: "إن فهم مجالات استشعار درجة الحرارة هذه وكيفية عملها سيساعد في تصميم علاجات أفضل تتجنب الإشارات الضارة غير المرغوب فيها".
"إذا حددنا المجالات الحساسة للحرارة وحددنا كيف تشارك في كشف البروتين، فيمكننا أيضا الاستفادة من هذه المعرفة لتصميم بروتينات تستجيب للحرارة لتطبيقات مثل أجهزة الاستشعار البيولوجية" تابع إندورثي.
وللقيام بذلك، يقول الباحثون: "إنهم سيحتاجون إلى مزيد من التحقيق في مجالات TRPV1 والبنية العامة. يمكن أن يساعد استخدام تقنيات مثل المجهر الإلكتروني المبرد، أو cryo-EM، في تحديد المكان الدقيق الذي يحدث فيه تكشف البروتين، وتقديم أهداف جزيئية محتملة".
يقول تشين إنّ: "النظرية وراء هذا العمل يمكن أن تكون قابلة للتطبيق على العديد من العمليات البيولوجية الحساسة للحرارة"، ما يشير إلى أنّ: "هذه النتائج تسلّط الضوء على البيولوجيا الأساسية ويمكن أن تكون ذات صلة بالعديد من سبل البحث الأخرى إلى جانب علاج الألم".