مقتل 40 شخصا على الأقل في اشتباكات بين الميليشيات بشرق الكونغو الديمقراطية
تاريخ النشر: 23rd, June 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قالت مصادر أمنية كونغولية إن 40 شخصا على الأقل، بينهم 36 مدنيا، قُتلوا في معارك ضارية استمرت ليومين بين مجموعتين تابعتين لمليشيات "تعاونية من أجل الكونغو (كوديكو)" ومليشيات "زائير" في إحدى مناطق التعدين التابعة لمقاطعة "إيتوري" بشرق جمهورية الكونغو الديمقراطية.
وأشارت المصادر - وفقا لما نقلت وسائل إعلام محلية اليوم /الأحد/ - إلى أن الاشتباكات التي استمرت يومي الخميس والجمعة الماضيين؛ أسفرت كذلك عن عشرات الإصابات والمفقودين وإحراق العديد من المنازل.
وأوضحت أن مجموعة تابعة لميليشيات "زائير" قامت، يوم الخميس الماضي، بإطلاق النار على موقع "بينديري" للتعدين الواقع بإقليم "دجوجو" في مقاطعة "إيتوري"؛ مما دفع مجموعة من ميليشيات "كوديكو" إلى الاشتباك معهم، واستمرت المواجهات بين الجانبين يوم الجمعة حيث امتدت إلى قرية "باتا" بإقليم "دجوجو" أيضا؛ مما أسفر عن مقتل 4 أشخاص بينهم اثنان من ميليشيات "كوديكو"؛ الأمر الذي دفع الأخيرة إلى اقتحام قرية "لودجو جانجالا"، معقل ميليشيات "زائير" حيث استمر القتال لأربع ساعات على الأقل.
واستنكر مسئولون أمنيون ومحليون هذه الاشتباكات بين المليشيات والتي أودت بحياة 36 مدنيا و4 من المسحلين، مشيرين إلى أنها أدت إلى موجة نزوح جماعي لسكان المناطق التي وقعت بها الاشتباكات نحو الغابات والبلدات المجاورة.
وقال المتحدث باسم الجيش الكونغولي في مقاطعة "إيتوري" جول نجونجو، إن بين الضحايا رجال مليشيات يرتدون زيا عسكريا، مؤكدا أن هناك تدابير يجرى اتخاذها لاستعادة نفوذ الدولة بهذه المنطقة.
من جهة أخرى، اندلعت اشتباكات مسلحة يوم أمس السبت بين مليشيات الدفاع الذاتي الموالية للحكومة "وزاليندو" ومتمردي حركة "23 مارس" على ثلاثة محاور مختلفة في إقليمي "ماسيسي" و"روتشورو" بمقاطعة كيفو الشمالية بشرق الكونغو الديمقراطية.
وشنت مليشيات "وزاليندو" هجمات على مواقع لحركة 23 مارس في "كيسوما" و"كيبابي" وأضرمت النيران في موقع للمتمردين في "بيشيجيرو" بإقليم "روتشورو".
المصدر: البوابة نيوز
إقرأ أيضاً:
صعود الميليشيات في السودان: بين ضعف الدولة وتفكك النظام السياسي
في السودان، تعد الأحزاب والجماعات السياسية جزءًا معقدًا من النسيج الاجتماعي والسياسي، حيث تتباين توجهاتها وتختلف رؤاها بحسب الأيديولوجيات والتوجهات السياسية. ورغم أن السودان شهد تاريخياً حركات سياسية مدنية تسعى لبناء دولة المؤسسات والقانون، إلا أن تدهور الحالة السياسية والصراعات المتكررة بين القوى العسكرية والمدنية ساهم في خلق بيئة لنمو ثقافة الميليشيات.
الأحزاب السياسية في السودان: سياق تاريخي وتوجهات
شهدت الساحة السياسية السودانية منذ الاستقلال عام 1956 تكوين العديد من الأحزاب، والتي تأثرت بتوجهات أيديولوجية مختلفة، مثل الإسلام السياسي، والقومية العربية، والأفكار اليسارية والليبرالية. عملت هذه الأحزاب في فترات الحكم المدني والعسكري على تعزيز مصالحها وتوسيع قاعدتها الشعبية، وكان لها تأثير كبير في رسم معالم السياسة السودانية.
لكن فترات عدم الاستقرار السياسي المتكررة والانقلابات العسكرية خلقت صعوبات أمام هذه الأحزاب، حيث تم قمع الكثير منها، ووجدت نفسها في حالة مواجهة مع الأنظمة الحاكمة. أدى ذلك إلى انقسام العديد من الأحزاب وتشكل فصائل جديدة منها، مما أضعف التأثير السياسي للأحزاب التقليدية وساهم في تشتت القوى السياسية.
ثقافة الميليشيات , ظروف النشأة وأسباب الانتشار
في ظل الحروب الأهلية المتكررة في السودان، خاصةً في دارفور وجنوب السودان (قبل انفصاله)، بدأت ظاهرة الميليشيات تتصاعد بشكل كبير. وكانت الأسباب وراء هذه الظاهرة متعلقة بعدة عوامل
ضعف الدولة المركزية , و كان ضعف الدولة وعدم قدرتها على فرض سلطتها بشكل كامل في المناطق النائية أحد أهم العوامل التي دفعت إلى ظهور ميليشيات محلية تدافع عن مصالحها.
الأزمة الأمنية والسياسية و ساهمت الأزمة الأمنية المستمرة في دارفور والنيل الأزرق وجبال النوبة وغيرها من المناطق في استقطاب الجماعات المحلية وتسليحها، إما من قبل الحكومة كوسيلة لفرض السيطرة، أو من قبل الجماعات المعارضة للدفاع عن نفسها.
التنافس على الموارد بسبب الفقر وتزايد حدة المنافسة على الموارد، خاصة في المناطق المهمشة، ظهرت ميليشيات قبلية وأخرى سياسية لتحصيل النفوذ وحماية المصالح الاقتصادية.
التأثيرات الخارجية نتيجة للحدود المفتوحة مع عدة دول أفريقية تعاني من الصراعات، أصبح من السهل على الجماعات السودانية الحصول على الأسلحة والتدريب من مصادر خارجية.
الميليشيات كأداة سياسية في السودان
استخدمت الحكومات السودانية المتعاقبة الميليشيات كأداة سياسية لضمان ولاء بعض القبائل والجماعات، ولتحقيق السيطرة في الأقاليم المتمردة. ومن أمثلة ذلك، نجد "قوات الدفاع الشعبي" التي كانت إحدى الأدوات التي استخدمتها حكومة الرئيس الأسبق عمر البشير لمحاربة الحركات المتمردة، إضافة إلى "الجنجويد" الذين لعبوا دورًا رئيسيًا في النزاع في دارفور. لاحقًا، تم تشكيل "قوات الدعم السريع"، التي كانت تطوراً لهذه الميليشيات، وأصبحت جزءًا مؤثرًا في المشهد السياسي والعسكري.
النتائج السلبية لثقافة الميليشيات
أسهمت ثقافة الميليشيات في تفتيت الدولة وزيادة الصراعات القبلية، حيث أدى وجود جماعات مسلحة خارجة عن سيطرة الدولة إلى إضعاف المؤسسات الأمنية والقضائية، وزيادة الانتهاكات الحقوقية ضد المدنيين، خاصة في المناطق التي تنتشر فيها هذه الميليشيات. كما عرقلت هذه الثقافة مساعي السودان نحو الديمقراطية، حيث يجد المدنيون صعوبة في فرض الاستقرار والأمن دون الاتفاق مع الفصائل المسلحة.
نحو مستقبل سياسي مستقر
لتجاوز هذه التحديات، تحتاج الأحزاب السياسية السودانية والجماعات الفاعلة إلى تبني نهج يقوم على نزع السلاح وحل النزاعات عبر الحوار وإعادة بناء مؤسسات الدولة، مما يتطلب أيضاً إصلاحات اقتصادية وسياسية شاملة تعيد الثقة إلى المجتمع السوداني وتؤسس لثقافة سياسية تعتمد على دولة القانون وليس على سلطة السلاح.
إن ثقافة الميليشيات في السودان تعد نتاجاً لتاريخ طويل من الأزمات السياسية والأمنية، وبدون إصلاحات جذرية وإرادة سياسية موحدة، سيكون من الصعب تخطي هذا الإرث وبلوغ حالة من الاستقرار السياسي المستدام.
zuhair.osman@aol.com