هل نريد ذلك حقا؟ هل سنتحول بمحض إرادتنا لهنود حمر؟
تاريخ النشر: 23rd, June 2024 GMT
إن تمثيل الناس لأنفسهم يحتاج في كثير من الأحيان للمراجعة، هذا جوهر إشكالية المجتمعات المستعمرة فقد مثلت نفسها دوما عبر موروث المستعمر وطريقته ظنا منها أن هذا التمثيل هو الحق والمطلق، المستعمر في بلادنا قسمنا منذ مجهود هارولد ماكمايكل لقبائل وقسم القبائل لأعراق، فصنع العرب والزنج والنوبة والبجا وغيرهم على أساس أنها أعراق من سلالات بداخلها تتوزع القبائل، هكذا وبنص تأسيسي واحد وسطحي أقحمت كل المجموعات داخل هذا التصنيف.
مشكلة هذا التصنيف الجامد المطلق هو إقصاء التاريخ والتفاعل وظرف الزمان والمكان والحياة الملموسة التي تعيشها هذه المجموعات وهذا الإقصاء هو حرمان من كونهم بشر يعيشون في الزمن فيتحولون لكائنات قادمة من الماضي، خارجة من المتاحف بذاكرة الهنود الحمر وقدامى الاستراليين، ويصبح علم الأنثربولوجيا والاثنوغرافيا وهي علوم تطورت مع عصور استعمارية هي العلوم الوحيدة لمقاربة هؤلاء الأغراب أنصاف البشر أو لنقل البشر المختلفين.
هذه العملية الثقافية ترسخت بعمق ونجد الكثيرين يدافعون عن هذا التمثيل الاستشراقي الجزافي، نعم للقبيلة دور وللموروث دور عظيم وللهوية أصل وتأثير، ولكن يجب أن نعبر عنها ونتمثلها بطريقة جديدة متجاوزة لمارسخ من المستعمر فلا نحول أنفسنا لكائنات قادمة من المتحف معتزلة للتاريخ تعبد الفولكلور ولها يوم تسميه الأمم المتحدة: يوم الشعوب الأصيلة وبالطبع مقصود بذلك الشعوب التي تجاوزها الزمن.
هل نرغب بذلك حقا؟ هل نحب أن نكون من الماضي ونترك السياسة والاقتصاد والجغرافيا السياسية المتصارعة من حولنا فتتكالب علينا من جديد القوى الاستعمارية فتجدنا مرهقين من معارك الفولكلور
هل نريد ذلك حقا؟ هل سنتحول بمحض إرادتنا لهنود حمر؟
هشام عثمان الشواني
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
من مقر الأمم المتحدة بنيويورك: الرابطة تُسمع العالم صوت الشعوب المسلمة في يوم مكافحة “الإسلاموفوبيا”
استضافت الجمعية العامة للأمم المتحدة، في مقرّها بنيويورك، اليوم، معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، رئيس هيئة علماء المسلمين، فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى، ليكون متحدثاً رئيسيًّا لإحياء اليوم الدولي لمكافحة كراهية الإسلام.
وعقد فضيلة الدكتور العيسى في إطار استضافته من قبل الجمعية، مباحثاتٍ ثنائية مع رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، السيد فيليمون يانغ، تناولت ما بات يعرف بـ “رُهاب الإسلام”، وعددًا من القضايا ذات الاهتمام المشترك.
وتعكس دعوة الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي للحضور، وإلقاء كلمة الشعوب الإسلامية “حضورياً” ، في مقرّ الأمم المتحدة، ثقلَ الرابطة الدولي، وما تحظى به من احترام في كبرى المنظمات في العالم، وكذلك تأتي الدعوة اعترافًا بتأثير الرابطة في مكافحة “الإسلاموفوبيا” وخطابات الكراهية عمومًا، وبجهودها وتحالفاتها الدولية الواسعة في هذا السياق.
وفي كلمته الرئيسية في احتفاء الأمم المتحدة باليوم الدولي لمكافحة كراهية الإسلام، أكد الدكتور العيسى، أن (رُهاب الإسلام) يأتي في مقدمة النماذج المُقلِقة لتصاعد خطاب الكراهية وممارساته الخطرة، مشدِّدًا على أنه لا يضر المسلمين وحدهم، بل يعزز التطرف والانقسامات داخل المجتمعات ذات التنوع الديني، ويعتبر -وفق مفاهيم الكراهية- في طليعة مهدِّدات تحقيق المواطنة الشاملة، التي تنص عليها الدساتير المتحضرة والقوانين والمبادئ والأعراف الدولية، منبِّهًا إلى ما أدى إليه من أضرار وجرائم ضد المسلمين، لا تزال تمارس حتى اليوم بتصاعد مقلِق، وذلك وفق الإحصائيات الموثوقة، إضافة إلى عدد من حالات تهميش بعض المجتمعات المسلمة، وعرقلة اندماجها، أو منعها من الحصول على حقوقها الإنسانية.
وتحدَّث معاليه بإسهاب عن أسباب نشوء (رُهاب الإسلام)، كما شدّد على أن المسلمين الذين يناهزون اليوم نحو ملياري نسمة، يمثلون الصورة الحقيقية للإسلام، وهم يتفاعلون بإيجابية مع ما حولهم من العالم بتنوعه الديني والإثني والحضاري، منطلِقين من نداء الإسلام الداعي للتعارف الإنساني، كما في القرآن الكريم إذ يقول الله تعالى: ((يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا)).
وشدَّد على أن (رُهاب الإسلام) ليس قضية دينية فحسب، بل هو قضية إنسانية تهدّد التعايش والسلم المجتمعي العالمي، مضيفًا: “وعندما نتحدث من هذه المنصة الدولية لا ندافع عن الإسلام وحده، بل ندافع كذلك عن المبادئ الإنسانية”.
اقرأ أيضاًالمملكةأمير القصيم يشارك منسوبي الصحة بالمنطقة طعام الإفطار
وأضاف الشيخ العيسى: “ولذلك نقول: “لا”لجعل أتباع الأديان في مرمى الكراهية والعنصرية والتصنيف والإقصاء، و”لا” للشعارات الانتخابية المؤجِّجة للكراهية، و”لا” لمن يزرع الخوف ليحصد الأصوات، و”لا” للسياسات التي تبني مستقبلها على الخوف والانقسام، و”لا” للإعلام الذي يغذي العنصرية، و”لا” للمنصات التي تروج للفتنة، و”لا” للأكاذيب التي تزور الحقائق، وأيضا: “لا” لربط الإرهاب بدين يعتنقه حوالي ملياري إنسان، و”لا” للمتطرفين الذين يخطفون الدين، والإرهابِ الذي يشوه حقيقة الدين، وفي المقابل: “لا” لمن يرفض أن يرى الحقيقة”.
وتابَع: “كما نقول أيضًا: ” لا ” للخوف من الآخر لمجرد اختلافه معنا في دينه، أو عرقه، فمن يتفق معك في الدين أو العرق قد تكون لديه مخاطر على مجتمعه الديني أو العرقي تفوق أوهامك حول الآخرين”.
وحمَّل فضيلتُه المجتمعَ الدوليَّ مسؤولية بناء عالم يسوده التسامح والمحبة، مؤكِّدا في الوقت ذاته أن على مؤسساته التعليمية والثقافية، مسؤوليةَ أداء دور حيوي وملموس في تعزيز الوعي حاضرًا ومستقبلًا، وبخاصة في عقول الصغار والشباب.
بعد ذلك تتالت كلماتُ وفود الدول الأعضاء في الأمم المتحدة متحدثةً بالنيابة عن جهود مؤسساتها الحكومية في محاربة “الإسلاموفوبيا”.