ماذا نفهم من إحاطة ستيفاني خوري أمام مجلس الأمن؟
تاريخ النشر: 23rd, June 2024 GMT
لم تعلن ستيفاني خوري، القائمة بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ونائبة الممثل الخاص للأمين العام للشؤون السياسية، كما قدمت نفسها في إحاطتها أمام مجلس الأمن منذ أيام قلائل، عن خطوة واضحة المعالم لكسر جمود العملية السياسية في ليبيا ودفع المسار السياسي إلى الأمام. واقتصرت كلمة خوري على نقل مطالب ورغبات من حاورتهم من ساسة ونشطاء ورجال أعمال ومكونات سياسية واجتماعية، وعلى شرح الوضع الاقتصادي والأمني وحقوق الإنسان في البلاد، وهو وضع معلوم ولم تقدم خوري شيئا مختلفا في توصيفه.
إلا أنه يمكن التقاط إشارات قد تساعد في تحديد أجندة خوري وأولوياتها في إدارة النزاع الليبي والوساطة بين الفرقاء السياسيين، منها ما هو روتيني كقولها إن "البعثة في ليبيا تواصل دعم نهج متعدد الجوانب لمعالجة القضايا المثيرة للقلق، بما في ذلك تعزيز العمل بشأن الأولويات الاقتصادية والأمنية وحقوق الإنسان، إلى جانب الجهود السياسية"، بمعنى أنها ستعمل على مسارات عدة هي السياسي، والاقتصادي، والأمني، والمسار الحقوقي.
لم يكن عفويا نقل خوري تأكيد من التقت بهم ضرورة احترام الأطراف السياسية في ليبيا النتائج التي ستفضي إليها الانتخابات، وذلك بقولها إنهم أكدوا على الحاجة لميثاق أو اتفاق يضمن ذلك
وردت عبارة "الأغلبية الساحقة من المواطنين الليبيين" مرة واحدة في إحاطة خوري عند حديثها عن خلاصة ما توصلت إليه من لقاءاتها في غرب البلاد وشرقها، وقد يكون في ذلك دلالة على أهمية هذا المطلب بالنسبة لخوري بقولها: "أعربت الأغلبية الساحقة من المواطنين الليبيين عن الحاجة للتوصل إلى اتفاق سياسي كي يتسنى إجراء انتخابات وطنية ذات مصداقية تفضي إلى إعادة الشرعية لجميع المؤسسات". وهي مسألة بديهية، إلا أن تعقيب خوري على مطلب الأغلبية الساحقة بقولها "وقد ناقشت ضرورة وجود عملية تتحرى الشمول يقودها الليبيون لتخطي الجمود السياسي"، يشير إلى احتمال أن تأخذ بمبادرة سلفها باتيلي بخصوص الطاولة الخماسية، وأن تلجأ إلى ورقة المسار البديل عن ماراثون مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة كخيار من بين الخيارات المطروحة.
لم يكن عفويا نقل خوري تأكيد من التقت بهم ضرورة احترام الأطراف السياسية في ليبيا النتائج التي ستفضي إليها الانتخابات، وذلك بقولها إنهم أكدوا على الحاجة لميثاق أو اتفاق يضمن ذلك. ويبدو أن خوري تدرك أن هذه المسألة تشكل عائقا أمام إتمام العملية الانتخابية بنجاح، وأنها تتطلب معالجة.
كما لم تغفل خوري الإشارة إلى الحاجة للتغيير الحكومي بحديثها عن مطلب من التقت بهم بوضع خريطة تركز على الإشكاليات المتعلقة بتشكيل حكومة مؤقتة والخطوات الكفيلة بالتوجه نحو إجراء الانتخابات، ومن ذلك الأهمية البالغة لتوحيد وإصلاح المؤسسات الأمنية، وأهمية جهود الوساطة المحلية بالخصوص.
فيما يتعلق بالملف الاقتصادي، وبعد الإشارة إلى معاناة الليبيين وإشكاليات الاقتصاد الوطني، وأبرزها، حسب خوري، عدم التوزيع العادل للموارد، خلُصت القائمة بمهام القائم بأعمال البعثة الأممية في ليبيا إلى ضرورة "توحيد الميزانية الوطنية"، وحثت أصحاب الشأن كافة، حسب تعبيرها، "على حل ما تبقى من خلافات لضمان إقرار الميزانية بشكل سريع والاتفاق على تنفيذها على نحو يتسم بالشفافية ويخضع للمساءلة".
إحاطة خوري جنحت إلى العموم وتكرار ما تحدث عنه من سبقوها في هذه المهمة بالتركيز على الملفات الرئيسية "التقليدية"، ولم تتضمن مقاربة متميزة أو مبادرة جديدة والإعلان عن أجندة واضحة وخطة ذات ملامح جلية
بخصوص ملف المصالحة الوطنية شددت خوري على ضرورة دفع عملية المصالحة الوطنية قدما، وأعلنت عن دعمها لعمل المجلس الرئاسي ولجنة العدالة والمصالحة بمجلس النواب، وأشادت باتفاقهما على مشروع قانون واحد للمصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية، وكررت ما تتحدث عنه مختلف مكونات المنتظم الدولي الرسمي والمجتمعي بالتأكيد على تمكين الشباب والنساء بشكل أكبر في العمل السياسي والعمل العام.
إحاطة خوري جنحت إلى العموم وتكرار ما تحدث عنه من سبقوها في هذه المهمة بالتركيز على الملفات الرئيسية "التقليدية"، ولم تتضمن مقاربة متميزة أو مبادرة جديدة والإعلان عن أجندة واضحة وخطة ذات ملامح جلية، وهذا مفهوم باعتبار أنها استلمت مهام القائمة بأعمال البعثة منذ فترة قصيرة، لكن هناك علامات يمكن تقصيها مما ورد في كلامها قد تسهم في تحديد اتجاهات خوري وأوليات عملها.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الأمم المتحدة ليبيا اتفاق سياسي الانتخابات المصالحة ليبيا الأمم المتحدة المصالحة الانتخابات اتفاق سياسي مقالات سياسة سياسة صحافة مقالات سياسة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی لیبیا
إقرأ أيضاً:
صراع المبادرات في ليبيا: تضارب الإرادات يعرقل الحلول السياسية
ليبيا – صراع المبادرات يعكس تضارب الإرادات بين الداخل والخارجتشهد الساحة الليبية تزاحمًا للمبادرات السياسية في ظل تصاعد الجهود الدولية والمحلية لإيجاد حلول للأزمة الممتدة منذ سنوات، إلا أن تضارب المصالح والإرادات بين الأطراف المختلفة يزيد المشهد تعقيدًا، مما يثير تساؤلات حول فرص تحقيق توافق يؤدي إلى استقرار سياسي وانتخابات حقيقية.
مبادرة خوري ودفع الأجسام السياسية للتحركأشار أحمد الدوغة، نائب رئيس حزب الأمة، إلى أن مبادرة المبعوثة الأممية ستيفاني خوري كانت سببًا مباشرًا لتحرك الأجسام السياسية المنتهية الشرعية، مثل مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة. واعتبر الدوغة أن لقاء بوزنيقة بين بعض أعضاء المجلسين، برعاية رئيسيهما عقيلة صالح وخالد المشري، ليس إلا محاولة لإيجاد موطئ قدم لهم في مبادرة خوري.
وقال الدوغة في تصريحات خاصة لموقع “إرم نيوز”:
“هذه التحركات لا تهدف إلى إيجاد حلول جذرية للأزمة الليبية، بل جاءت كرد فعل على إعلان خوري عن مبادرتها التي تضمنت تشكيل لجنة من الخبراء وبعض المكونات الأخرى.”
وأضاف:
“يبدو أن خوري تسعى إلى استبعاد المجلسين من المشهد السياسي وتغيير آلية عمل البعثة الأممية، وهو ما دفعهم للإسراع بعقد لقاء بوزنيقة.”
من جهته، رأى المحلل السياسي كامل المرعاش أن تضارب المصالح بين القوى المحلية والدولية ينعكس بوضوح في تعدد المبادرات والاجتماعات. وأكد المرعاش أن البعثة الأممية تهدف إلى إجراء تعديلات شكلية على الحكومة، وإزاحة بعض الشخصيات غير المرغوب فيها دوليًا، لتمكين شخصيات مدعومة من الغرب، خاصة من الولايات المتحدة وبريطانيا، مع تقليل النفوذ التركي.
وأضاف المرعاش:
“في المقابل، يسعى البرلمان وجزء من المجلس الأعلى للدولة إلى حصر مسألة اختيار الحكومة الجديدة ضمن الإعلان الدستوري، ورفض أي تدخل أجنبي يفرض شخصيات معينة لتولي رئاسة الحكومة.”
وأشار إلى أن هذه التحركات المتباينة لن تسفر عن توافق يؤدي إلى انتخابات رئاسية أو تشريعية قريبة، محذرًا من أن تضارب الإرادات قد يتفاقم إلى حد صدام عسكري جديد، خاصة على خلفية التنافس حول السيطرة على الثروات النفطية والغازية وعائداتها.
واعتبر المرعاش أن المشهد الحالي يعكس إرادات متناقضة بين القوى الدولية، حيث تسعى الولايات المتحدة عبر المبعوثة الأممية بالإنابة ستيفاني خوري إلى فرض رؤيتها، بينما تعمل روسيا وتركيا على تعزيز نفوذهما في البلاد.
وأكد أن هذه التدخلات تزيد من تعقيد الأزمة، مشيرًا إلى أن استمرار التنافس بين القوى الدولية سيحول ليبيا إلى ساحة صراع دائم يصعب إنهاؤه.
مع استمرار تضارب المصالح وغياب التوافق المحلي والدولي، يبقى مستقبل الانتخابات الليبية غامضًا، فيما يظل الشعب الليبي ينتظر حلًا جذريًا ينهي الصراعات ويوفر الاستقرار المنشود.