%19.4 مساهمة قطاع التكنولوجيا في ناتج الإمارات العقد المقبل
تاريخ النشر: 23rd, June 2024 GMT
حسام عبدالنبي (أبوظبي)
يسهم التعاون مع شركات التكنولوجيا العملاقة المدرجة في بورصة ناسداك مثل «مايكروسوفت» و«إنفيديا» في ترسيخ مكانة الإمارات مركزاً عالمياً للذكاء الاصطناعي، وتعزيز التنويع الاقتصادي والابتكار، فضلاً عن زيادة مساهمة قطاع التكنولوجيا في الناتج المحلي الإجمالي للدولة إلى نسبة 19.4% خلال العقد المقبل، حسب تقرير صدر عن شركة «فوركس دوت كوم».
وقال التقرير، إن الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة الأميركية والإمارات في مجال الذكاء الاصطناعي، تعكس على أرض الواقع التزاماً مشتركاً بالابتكار التكنولوجي، مؤكداً أن الاستثمار الكبير لدولة الإمارات في الشركات الأميركية الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، إلى جانب الدعم الأميركي لمنصات الذكاء الاصطناعي والتعليم في دولة الإمارات، يشكل أساس الارتكاز لهذا التحالف المهم، ما يسهم في انتقال دولة الإمارات من اقتصاد يعتمد على النفط والغاز إلى قوة اقتصادية تعتمد على البيانات. أخبار ذات صلة الإمارات تشارك في اجتماع وزراء السياحة لدول «بريكس» كولومبيا وجهة واعدة للسياح الإماراتيين
وأوضح تقرير «فوركس دوت كوم»، أن نمو بورصة ناسداك، الذي تغذيّه تطورات الذكاء الاصطناعي، له تأثير مضاعف إيجابي على دولة الإمارات، إذ إنه مع استمرار ازدهار شركات الذكاء الاصطناعي الرائدة في بورصة ناسداك، فإن ابتكاراتها الرائدة تعزّز المشهد التكنولوجي في دولة الإمارات، مشيراً إلى أن هذا التآزر لا يؤدي إلى تحفيز النمو الاقتصادي فحسب، بل يتماشى أيضاً مع رؤية الإمارات لاقتصاد متنوع قائم على المعرفة، ومما يعزّز دورها دولة رائدة في التقدم التكنولوجي العالمي.
تأثير التضخم
وعن تأثير السياسات النقديّة على قطاع الذكاء الاصطناعي وبورصة ناسداك، ذكر تقرير «فوركس دوت كوم» وهي شركة رائدة في السوق العالمية في مجال التداول وتعد جزءاً من مجموعة «ستونكس العالمية» أن الانخفاض الأخير في مقاييس تضخم أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة، أدى إلى تغذية المشاعر الإيجابيّة في جميع أنحاء الأسواق، ما دفع بورصة ناسداك إلى مستويات قياسية جديدة.
وأضاف، أنه على الرغم من أن معدلات التضخم تتحرك تدريجياً نحو هدف بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي البالغ 2%، إلا أن سعر الفائدة البالغ 5.5%، لا يزال قائماً مع توقع خفض واحد فقط لسعر الفائدة هذا العام، حيث لا تزال مستويات التضخم مرتفعة.
وأشار إلى أنه بالمثل، من المتوقع أن يحافظ مصرف الإمارات المركزي على أسعار الفائدة بالتوازي، ما سيساعد على تخفيف الضغوط التضخمية، منوهاً بأن السوق عكست ما يقرب من نصف مكاسبها لمؤشر أسعار المستهلك بعد بيان بنك الاحتياطي الفيدرالي، ومع ذلك واصل مؤشر ناسداك اتجاهه التصاعدي، متجاوزاً أعلى مستوى عند 19600.
قطاع قوي وأخلاقي
وأكدت رزان هلال، مُعدة التقرير، ومحللة الأسواق في شركة «FOREX.com»، أن الاعتماد العالمي للذكاء الاصطناعي، ارتفع بشكل ملحوظ منذ بداية العام الحالي، وبينما تسعى الدول إلى تحقيق أقصى فائدة من الذكاء الاصطناعي مع ضمان الامتثال التنظيمي، تستمر مرونة قطاعي التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في تجاوز المخاوف بشأن السياسة النقدية والتنظيم، منوهة بأنه في حين يُظهر الذكاء الاصطناعي مرونة كبيرة تدفع مؤشرات ناسداك إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق، تسعى الدول التي تستفيد إلى حد كبير من تزايد تقنيات الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك الإمارات، إلى إنشاء قطاع قوي وأخلاقي للذكاء الاصطناعي من خلال لوائح مصمّمة لدعم النمو والتوافق مع الأهداف الاقتصادية والجيوسياسية المستقبلية، دون تقييد الابتكار.
وأشارت هلال، إلى أنه في حين قد تحدث تصحيحات عَرضيّة في اتجاهات النمو، فإن الاتجاه الأساسي والاستثمارات طويلة الأجل تظل متوافقة مع جداول الأعمال المستدامة، ما يشير إلى استمرار القوة والمستقبل الإيجابي لأسواق التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي. وقالت، إنه فيما يتعلق بلوائح الذكاء الاصطناعي، وعلى الرغم من اختلافها عالمياً، فقد كشف تحليل أجرته شركة EY عن أربعة مجالات تنظيمية مشتركة تهدف إلى التخفيف من مخاطر الذكاء الاصطناعي مع تعزيز فوائده الاقتصادية والاجتماعية، مبينة أن هذه المجالات التنظيمية تشمل احترام حقوق الإنسان والاستدامة والشفافية، وضمان الأمن السيبراني وخصوصية البيانات وحماية الملكية الفكرية، تكييف التزامات الامتثال مع مستويات مخاطر محددة، وتعزيز التعاون بين القطاع الخاص لتحقيق التوازن بين الابتكار والمتطلبات التنظيمية، وتعزيز التعاون الدولي لمعالجة المخاطر والمخاوف المتعلقة بالسلامة والأمن.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الإمارات التكنولوجيا ناسداك الذكاء الاصطناعي الولايات المتحدة الذکاء الاصطناعی دولة الإمارات بورصة ناسداک
إقرأ أيضاً:
اللغة في عالم الذكاء الاصطناعي
منذ قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، بانضمام اللغة العربية إلى اللغات الرسمية لليونسكو، وذلك في الثامن عشر من ديسمبر من عام 1973م، والعالم يحتفل في هذا اليوم من كل عام باليوم العالمي للغة العربية، إيمانا بأهمية هذه اللغة في التواصل الحضاري بين الأمم، والدور الذي تقوم به في نشر الحضارة الإنسانية والثقافة العربية والإسلامية وحفظها؛ ذلك لأن اللغة ليست وسيلة وحسب، بل هي حاملة لثقافة المجتمعات وقادرة على الإسهام الفاعل في بناء مجالات المعرفة والفكر ونقلها إلى العالم.
ولقد أعلنت اليونسكو أن احتفالية عام 2024 باليوم العالمي للغة العربية ستكون تحت شعار (العربية والذكاء الاصطناعي.. تحفيز الابتكار وصون التراث الثقافي)، بهدف استكشاف سُبل سد الفجوة الرقمية التي تواجه اللغة العربية في شبكة الإنترنت والمتمثِّلة في ضعف المحتوى الرقمي الذي لا يتجاوز (3%)- حسب تقرير اليونسكو-، الأمر الذي جعل تمثيلها الرقمي لا يعكس قوتها الثقافية والحضارية، وإمكاناتها في تحقيق التواصل الثقافي بين الشعوب، فلغة يتحدثها ما يزيد عن (450) مليون شخص، يجب أن يكون لها في الواقع الإلكتروني حضور أكثر اتساعا وتأثيرا.
إن توفُّر المحتوى الرقمي المكتوب باللغة العربية، سيقدِّم فرصا لدعم الابتكار ويسهم في حفظ التراث الثقافي، عن طريق ما يسمى بالحفظ الرقمي، والصون الرقمي وغير ذلك من الوسائل التقنية المتوفرِّة التي يمكن أن تساعد في صون التراث الثقافي ونشره من ناحية، وتمكين حماية الثقافة بل واللغة نفسها من ناحية أخرى، وتفتح المجالات والإمكانات للإبداع والابتكار في كافة المجالات؛ فالمحتوى الرقمي له أثر في دعم التوجُّه نحو استثماره في المجالات التقنية الابتكارية، التي تُعزِّز دور المبدعين خاصة الشباب لبذل الجهود في الاستثمار اللغوي والثقافي، وهذا ما دفع اليونسكو إلى دعوة الأعضاء والمشاركين في احتفالية عام 2024 بـ (شجعوا الابتكار وحافظوا على الثقافة وارسموا ملامح العصر الرقمي).
ولعل إيجاد منصات إلكترونية تسهم في تعزيز المحتوى الرقمي للغة العربية، يقدِّم المزيد من التوسُّع في مجالات الحوار والتفاهم، والتبادل الثقافي، ويُسهم في تعزيز روابط الاحترام والسلام المتبادل، فاللغة قوة ناعمة قادرة على الولوج إلى تطلعات المجتمعات، وتنِّظم قدرتها على التعاون المشترك في كافة المجالات، بل وتعظِّم إمكانات المبدعين والمبتكرين وتقدم لهم فرصا استثمارية، تُسهم في تحقيق العديد من الأهداف الإبداعية والثقافية، وتدفعهم إلى الولوج إلى واقع مجتمعهم الحضاري.
ولهذا فإن الربط بين اللغة العربية والذكاء الاصطناعي لا يهدف إلى تعزيز الدور المعرفي والفكري والحضاري لهذه اللغة وحسب، بل إنه أيضا يفتح أمام متحدثيها إمكانات هائلة سواء على مستوى نشر تعليمها، أو مساهمة تطبيقاته في صون التراث الثقافي العربي والإسلامي، وحماية أصوله المعرفية، وتقديمه إلى العالم بأفضل الوسائل، أو توفيره باعتباره معزِّزا ومحفِّزا للابتكار؛ ذلك لأن البرامج التعليمية التي يقدمها الذكاء الاصطناعي لمتعلمي اللغة خاصة من فئة الناطقين بغيرها، كثيرة ومتعددة ومُيسَّرة، تمكِّن المستفيدين من تعلُّم اللغة والولوج إلى الثقافة العربية بعوالمها المتعددة من خلال تلك الأصول والمصادر المعرفية.
فالثورة التي أحدثها الذكاء الاصطناعي وإمكاناته المختلفة، دفعت العالم إلى الاستفادة منه في نواحي تعلُّم اللغات، خاصة تلك اللغات ذات الهياكل النحوية والصرفية الواسعة كما هو الحال في اللغة العربية، إضافة إلى السياقات الثقافية العميقة التي تشملها والأنواع الأدبية والتاريخية التي تتضمنها، لذا فقد استفادت اللغة العربية من الذكاء الاصطناعي خاصة في مجالات التعليم، والترجمة؛ فالذكاء الاصطناعي قوة تحويلية مهمة في مجالات تعلُّم اللغات من خلال تلك الأدوات التي يوفِّرها، والتي تساعد في بناء المفردات وممارسة القواعد وتحسِّن من أنماط التحدُّث.
لقد أسهمت تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تجويد تقنيات الترجمة والتعريب، لما تتميَّز به اللغة العربية من خصوصية في بنية الجملة وتعبيراتها الاصطلاحية المرتبطة بالمرجعيات الثقافية، إضافة إلى ما تشكِّله لهجاتها المتعددة من تحديات في ترجمتها إلى لغات أخرى أو تعريبها، فعلى الرغم من أن تلك التطبيقات ما زالت تتطلَّب رقابة بشرية ومراجعة وتدقيق، إلاَّ أنها وفَّرت أساسا يمكن الانطلاق منه، يُسهم في تيسير مهام المترجمين، بحيث يمكنهم بعده القيام بمهام التحقُّق من الترجمات ومراجعة ملاءمتها للمرجعيات الثقافية خاصة في الترجمات الأدبية.
إن العديد من تطبيقات الذكاء الاصطناعي تمكَّنت من تحقيق التحليل الصوتي للغة العربية البشرية وتفسيرها وتوليدها، بما يفتح المجالات لتحليل المشاعر والحالات النفسية للمتحدث، إضافة إلى ما توفره من تلخيص النصوص وتقديم خدمات المستفيدين الآلية، وخوارزميات التحليل اللغوي، (موفولوجيا الصوتيات، وقطبية الجمل والفقرات، وتقطيع الكلام وتسويته وتصنيف أقسامه، والتحليل الصرفي، والتحليل النحوي...)، وكذلك تحليل الآراء والمشاعر، وغير ذلك من البرامج التقنية، فهذه التطبيقات اليوم بتطورها المتسارع لم تعد مجرد أدوات للتواصل بقدر محاولتها سد الفجوات اللغوية والثقافية بين لغات العالم، الأمر الذي يُسهم في تطوير التواصل الحضاري بين الشعوب، وبالتالي التعاون الدولي.
إضافة إلى ذلك فإن هناك العديد من التطبيقات ذات البُعد الثقافي التي تستخدم (التعلُّم العميق) المعتمد على برامج معالجة اللغات الطبيعية (NLP) في المحاكاة، حيث تمت الاستفادة منها في معالجة اللغات الطبيعية في مثل (التصنيف والتقطيع والإعراب والفهم وتوليد النصوص) – بحسب دراسة مركز الملك عبدالله بن عبد العزيز الدولي لخدمة اللغة العربية –؛ وقد تم استخدام الشبكات العصبية المتكررة، لتوليد نصوص عربية آليا، الأمر الذي فتح الباب للكثير من المعالجات المستحدثة لتحليل اللغة العربية، وطرائق جمعها وتمثيلها، وتحليلها، بغرض أتمتة علوم اللغة العربية، بما يعزِّز دورها الفاعل في التواصل؛ بحيث يصبح الحاسوب قادرا على أداء تلك المهام باستخدام اللغة العربية الصحيحة.
لقد أسهم التطوُّر الهائل في برامج الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته في ابتكار العديد من المهام لتقنيات معالجة اللغة الطبيعية وإمكانات التفاعل بين الآلة والمستخدمين، مثل (محركات البحث والترجمة الآلية، والتلخيص الآلي، وأنظمة الإعلانات الذكية، وتصنيف الموضوعات، وتنقية البريد الإلكتروني من الرسائل الضارة، وتحليل المشاعر وقياس الرأي العام، وتوليد النصوص ذات المعنى المترابط والمفهوم)، حسب الدراسة نفسها.
ومنذ انتعاش البرامج التقنية وخاصة تطبيقات الذكاء الاصطناعي والعالم العربي يشهد اهتماما متزايدا باللغة العربية ومحاولة دعم المحتوى الرقمي المتوفِّر في شبكات الإنترنت رغم ضعفه، ولعل الأهمية اليوم تزداد ونحن نشهد التطوُّر الكبير والمتزايد لانتشار تلك التطبيقات وتسارع تطوُّرها، الأمر الذي يدعو إلى ضرورة الاستفادة منها في حفظ التراث الثقافي وخاصة التراث اللغوي، بما يُسهم في تطوير أدوات تحليله وتفكيكه ومراجعته، إضافة إلى أهمية تطوير أنظمة التعريب وبرامجه، والترجمة من العربية إلى لغات أخرى، ومتابعة تطوير تلك الأنظمة وتجويدها، بما يُحقِّق الدور الفاعل للغة في نقل الثقافة العربية ونشرها.
إن الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية فرصة لتدارس قضايا لغتنا الأم، وإمكانات تطوير أنظمتها التقنية، والقدرة على الاستفادة من تطبيقات الذكاء الاصطناعي بما يعزِّز دورها في حفظ التراث الثقافي وحمايته من ناحية، وفتح فرص جديدة للإبداع والابتكار، ودعم توفُّر المحتوى الرقمي العربي في شبكة الإنترنت، فاللغة قوة وسلطة لا يُستهان بها من الناحية الثقافية الحضارية والسياسية. إنها قوة الشعوب ومركز ثقافتهم وامتدادهم الحضاري.