9 تريليونات دولار سنوياً حجم التمويل العالمي للمناخ بحلول 2030
تاريخ النشر: 23rd, June 2024 GMT
حسونة الطيب (أبوظبي)
أخبار ذات صلةتبدو تكلفة الطريق نحو تحقيق أهداف الطاقة الخضراء، ضخمة للغاية، وتتطلب تعاون الحكومات حول العالم، وتشير تقديرات الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (أيرينا)، إلى أن العالم بحاجة لإضافة نحو 1000 جيجا واط سنوياً من سعة الطاقة المتجددة، حتى حلول العام 2030.
وطرحت الحكومة الأميركية قانون الحد من التضخم التشريع الأول للدفع بعجلة الاستثمارات الخضراء من خلال تقديم الإعانات والمنح والإعفاءات الضريبية، للمشروعات الصديقة للبيئة وللشركات.
علاوة على ذلك، ينبغي أن تتميز المنشآت الجديدة بكفاءة استهلاك الطاقة، وأن يكون للبُنى التحتية بأنواعها كافة، المقدرة على تحمل آثار التغير المناخي، بالإضافة للمحافظة على البيئة الطبيعية، وجعلها أكثر مرونة.
لكن فاتورة تحقيق ذلك، بالغة التكلفة وللمحافظة على متوسط ارتفاعات درجة الحرارة العالمية، متلائمة مع اتفاقية باريس 2015، ينبغي زيادة التمويل العالمي للمناخ، لنحو 9 تريليونات دولار سنوياً بحلول العام 2030، من واقع 1.3 تريليون دولار فقط في 2021-22، بحسب مبادرة سياسة المناخ.
وفي تقرير صدر في أبريل الماضي، يترتب على أوروبا وحدها، استثمار نحو 800 مليار يورو في البنية التحتية للطاقة، للإيفاء بأهداف اتفاقية باريس 2030 للمناخ، ومقدار 2.5 تريليون يورو، لإكمال عملية التحول نحو الطاقة الخضراء بحلول العام 2050، وفقاً لفاينانشيال تايمز.
وللمضي قدماً في الطريق المؤدية للتحول نحو الطاقة الخضراء، تعكف الحكومات حول العالم، على دراسة خيارات تتراوح بين، فرض ضريبة على الأثرياء، إلى رسوم على عمليات الشحن البحري، ومن بين تدابير أخرى، تخطط الولايات المتحدة الأميركية، لتمويل حساب الاستجابة العاجلة، بجمع 300 مليار دولار على مدى العقد الحالي، من خلال مطالبة الشركات الكبيرة بدفع ضريبة حد أدنى بنسبة 15% على أرباحها، وفرض ضريبة إعادة شراء الأسهم.
بدأت أهمية السرعة في جمع المال، أكثر وضوحاً، بعد أن وافقت ما يقارب 200 دولة حول العالم، على التحول بعيداً عن الوقود الأحفوري بحلول العام 2050، فضلاً عن زيادة سعة الطاقة المتجددة بنحو 3 أضعاف، وكفاءتها بنحو الضعف بحلول العام 2030.
وزاد من أهمية القضية، إطلاق لقب «كوب التمويل»، على كوب 29، المُزمع انعقاده في نوفمبر من العام الحالي في مدينة باكو بأذربيجان. ويتركز جل الحوار، حول الاتفاق على هدف عالمي لتمويل المناخ، يرمي لمساعدة الدول الفقيرة على تحويل وتهيئة اقتصاداتها. لكن الدول الغنية، تعاني هي الأخرى من تكلفة هذا التحول.
ويتوقع صانعو القرار في الدول الغنية، مساهمة سخية من قبل القطاع الخاص، في تمويل العديد من مظاهر التحول نحو اقتصاد أكثر خضرة، لكن لا يعفي ذلك دافعو الضرائب من المساهمة. وتقول تقديرات الوكالة الدولية للطاقة، إنه يترتب على القطاع العام، المساهمة بنحو 30% من تكلفة تمويل المناخ، لتجيء نسبة 70% المتبقية من القطاع الخاص. ومن المنتظر، لعب الحكومات، للدور الأساسي في توفير التمويل اللازم لإعداد البنية التحتية الضرورية للتحول الأخضر مثل، شبكات الكهرباء، فضلاً عن تهيئة الاقتصادات للتغير المناخي عبر بناء جدران حول البحار لصد الفيضانات مثلاً. وكثيراً ما ينتاب القلق، المسؤولين حول ثقل كاهل المستهلك، بالمزيد من فرض الرسوم، في الوقت الذي يعاني معظمهم تكاليف الحياة اليومية.
وفي حين، طرحت نحو 40 دولة نوعاً من آليات تسعير الكربون، عادة ما تستخدم إيرادات ذلك، في أغراض الإنفاق الحكومي العام، بدلاً من تخصيصها للجهود المبذولة للتصدي للتغير المناخي.
تخطط العديد من الدول حول العالم، لفرض رسوم ضريبية جديدة، حيث اقترحت حكومة المملكة المتحدة، «خطة الازدهار الأخضر»، التي يتم تمويلها عبر العائدات الضريبية من شركات النفط والغاز الكبرى في البلاد. كما يمكن لـ «ضريبة الاستخراج» الإضافية، التي يتم فرضها على شركات الوقود الأحفوري الكبرى في الدول الغنية، حشد نحو 720 مليار دولار بحلول العام 2030، بدعم من منظمات غير ربحية ومجموعات بيئية مثل، منظمة السلام الأخضر ومنظمة القضاء على الفقر.
وفي هاواي، تسعى السلطات المحلية، لفرض رسوم سياحية، في شكل 25 دولاراً لكل نزيل عند الحجز في الفنادق، لمساعدة الولاية للتصدي لآثار التغير المناخي.
وبرشلونة، التي تشهد حالياً حالة طوارئ بسبب الجفاف، خصصت بلدية المدينة 100 مليون يورو من ضريبة السياحة، لتركيب مضخات حرارية وألواح شمسية في المدارس المملوكة للدولة.
وفي غضون ذلك، تسعى الحكومات جاهدة لإيجاد خيارات أخرى. وفي قمة المناخ كوب 28، أطلقت دول من بينها، فرنسا وكينيا وبربادوس مبادرة «فريق عمل» للنظر في كيفية استغلال مصادر التمويل المبتكرة، مثل رسوم الشحن والطيران، لتمويل العمل المناخي. ويمكن لهذه الضرائب والرسوم المختلفة، تحقيق إيرادات بنحو 2.2 تريليون دولار سنوياً. وتدعم دول أخرى، الجهود الرامية للتخلص من المساعدات المالية المقدمة للوقود الأحفوري، بُغية الاستفادة من الأموال المستخدمة لدعم صناعة النفط والفحم والغاز، في أغراض أخرى. وفي الوقت الحالي، يُنفَق ما لا يقل عن 7 تريليونات دولار سنوياً، على الدعم المباشر وغير المباشر للوقود الأحفوري.
من المتوقع على مدى الـ 7 سنوات المقبلة، مضاعفة إنفاق رأس المال على مصادر الطاقة المتجددة، بينما ينخفض لنحو النصف على الوقود الأحفوري.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الطاقة الطاقة الخضراء الوكالة الدولية للطاقة المتجددة التغير المناخي الطاقة المتجددة دولار سنویا بحلول العام حول العالم العام 2030
إقرأ أيضاً:
النمو في الصين لا يكفي لإخراج الاقتصاد العالمي من دائرة التباطؤ
خلال الاجتماعات السنوية لمؤتمر الشعب، البرلمان الصيني الأخيرة تعهدت الحكومة الصينية بألا يقل معدل نمو الاقتصاد خلال العام الحالي عن مستواه في العام الماضي أي حوالي 5% من إجمالي الناتج المحلي.
وتحقيق نمو بمعدل 5% لا يبدو أمراً سيئاً، لكن الواقع الاقتصادي في الصين مازال أقل إقناعاً مما يوحي به هذا الرقم، كما أنه من غير المحتمل أن يشهد الطلب الاستهلاكي في الصين نموا كافيا لزيادة وارداتها من دول العالم.
China wants to keep its trade surplus intact, while Donald Trump seeks to turn the US trade deficit into a surplus. Neither wants to be the world’s consumer of last resort. https://t.co/sKR9Pov47m
— Chatham House (@ChathamHouse) March 15, 2025 السياسات الصينيةوفي تحليل نشره موقع المعهد الملكي للشؤون الدولية (تشاتام هاوس) البريطاني قال ديفيد لوبين الباحث البارز الزميل في برنامج الاقتصاد والتمويل العالمي بالمعهد إن المشكلة الأساسية هي أن السياسات الصينية ستنتهي بالمحافظة على الفائض التجاري الكبير لثاني أكبر اقتصاد في العالم. في المقابل يريد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تحويل العجز التجاري الأمريكي إلى فائض.
ويعني هذا أن العالم مقبل على ما يمكن أن نسميه "صراع أصحاب المذهب التجاري"، وهو المذهب المعروف أيضاً باسم المركنتيلية الذي ساد في أوروبا فيما بين بداية القرن السادس عشر ومنتصف القرن الثامن عشر وكان يعطي الأولوية للمكاسب التجارية على أي اعتبارات أخرى. فلا الصين ولا الولايات المتحدة تحت حكم ترامب ترغب أي منهما أن تكون الملاذ الاستهلاكي الأخير للعالم.
ورغم تدهور ثقة المستهلكين والشركات في الصين خلال السنوات الماضية، ظهرت مؤشرات على تعافي الاقتصاد الصيني خلال الشهور القليلة الأخيرة.
أول هذه المؤشرات تجاوز المرحلة الأسوأ من أزمة القطاع العقاري الصيني. وجاء ذلك جزئيا، بفضل الجهود المتجددة خلال الأشهر الستة الماضية لزيادة جاذبية العقارات من خلال خفض أسعار فائدة التمويل العقاري وتخفيض شروط الدفعة الأولى من ثمن العقار، وتخفيف القيود على الملكية، ودعم شركات التطوير العقاري المملوكة للدولة.
أما المؤشر الثاني فهو ارتفاع مبيعات التجزئة (لا سيما الأجهزة المنزلية) بفضل الدعم الحكومي لاستبدال الأجهزة القديمة بأخرى جديدة. ونتيجة لذلك، أرتفع معدل نمو المبيعات إلى ما يقرب من 4% بنهاية عام 2024 وهو معدل لا يزال منخفضاً، ولكنه أفضل من معدلات النمو شديدة الانخفاض والتي تراوحت بين 2% و3% في الصيف الماضي.
???????? #BREAKING
Chinese authorities are working on a proposal to help China Vanke Co. plug a funding gap of about 50 billion yuan ($6.8 billion) this year.https://t.co/5WbgWdBXzp#CHINA #VANKE #PROPERTY #REALESTATE https://t.co/H4CKC1uMKW
ويعود هذا التحسن إلى الجهد المتزايد لصناع السياسات في الصين لإنعاش الاقتصاد . ومن أبرز هذه الجهود الاجتماع رفيع المستوى الذي عقده الرئيس الصيني شي جين بينغ مؤخراً مع قادة كبرى الشركات الخاصة، فيما اعتبر محاولة من جانبه لاحتضان القطاع الخاص الصيني بعد سنوات من التضييقات الحكومية عليه.
ولعل هذه التحركات الحكومية في الشهور الماضية تفسر لماذا يرى البعض أن إجراءات تحفيز الاقتصاد التي أعلنتها الحكومة في اجتماعات مؤتمر الشعب لم تكن على مستوى التوقعات.
وعلى الرغم من تعهد الحكومة بالسماح بارتفاع عجز ميزانية العام الحالي إلى 4% من إجمالي الناتج المحلي مقابل 3% في العام الماضي، فإنها ما زالت بعيدة عن اتخاذ الإجراءات التي يمكنها تحقيق زيادة حاسمة في مستويات ثقة الشركات والمستهلكين. وفي حين وعد مجلس الدولة (الحكومة الصينية) في الشهر الماضي بتغيير جذري في العقلية الاقتصادية للبلاد وزيادة التركيز على تحفيز الاستهلاك، فإن تقرير عمل الحكومة لعام 2025 الصادر في الأسبوع الماضي جعل الأمر يبدو وكأننا سنكون أمام تعديل طفيف وليس تغييراً جذرياً كما وعدت الحكومة.
ويرى ديفيد لوبين في تحليله أن هناك عاملين رئيسيين يحدان من رغبة بكين في تقديم الدفعة المطلوبة بشدة للاقتصاد.
العامل الأول هو أنه لا يمكن التنبؤ بسياسات وقرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. فصادرات الصين إلى الولايات المتحدة تخضع حالياً لرسوم جمركية تصل أحياناً إلى 30% بعد قرار ترامب زيادتها مرتين بنسبة 10% في كل مرة منذ تنصيبه في 20 يناير(كانون الثاني) الماضي. ومن المحتمل تزايد الإجراءات العدائية تجاه الصين، خاصة ما يتعلق بتدفق رؤوس الأموال بين البلدين في أعقاب نشر "سياسة استثمار أمريكا أولاً" للرئيس ترامب التي تستهدف منع خروج الاستثمارات من الولايات المتحدة وإعادة الاستثمارات الخارجية إليها. ورغم ذلك من الصعب التكهن بالإجراءات العدائية المستقبلية.
ورغم أنه يمكن للمرء توقع زيادة إجراءات تحفيز الاقتصاد الصيني وليس تقليصه لمواجهة تداعيات الإجراءات الأمريكية، فإن الصين تفضل عادة الانتظار لرؤية تطور الأمور. وكما أوضح وزير المالية الصيني لان فو آن في مؤتمر صحفي الأسبوع الماضي، فإن هدف بكين هو "الحفاظ على مساحة الحركة أمام سياساتها وأدواتها اللازمة للتعامل مع حالة عدم اليقين القادمة من مصادر محلية أو خارجية".
The Policy will also protect our strategic industries and locations, while also making sure the United States is the world’s best destination for investment. https://t.co/uBhyDIr15S
— Secretary of Treasury Scott Bessent (@SecScottBessent) February 27, 2025 اضطرابات ماليةأما العامل الثاني الذي يحد من رغبة الصين في اتخاذ إجراءات أكبر لتحفيز الاقتصاد، فهو ما يمكن تسميته "قلق الميزانية العامة" حيث يقترب معدل الدين العام للحكومة المركزية من 100% من إجمالي الناتج المحلي، والسلطات مترددة في زيادة هذا الدين خوفاً من حدوث اضطرابات مالية يمكن أن تهدد الأمن القومي. وفي حين أن معدل الدين للحكومات المحلية أقل كثيراً ويبلغ حوالي 30% من إجمالي الناتج المحلي، فإن اعتمادها على إيرادات مرتبطة بالأراضي، يعني أن أوضاعها المالية هشة نتيجة أزمة القطاع العقاري.
ويمكن القول بوضوح إن الحكومة المركزية لا ترغب في تقديم دعم فوري كبير، والحكومات المحلية لا تستطيع ذلك، رغم أن السلطات قد تتدخل ببعض إجراءات التحفيز إذا تدهورت مستويات الثقة.
كما أن إجراءات التحفيز التي أعلنت مؤخراً تميل أكثر نحو دعم الإنتاج وليس الاستهلاك. على سبيل المثال سيتم توجيه الجزء الأكبر من حصيلة بيع السندات الخاصة للحكومات المحلية خلال العام الحالي وقيمتها 4.4 تريليون يوا ما يعادل 607.38 مليار دولار تقريباً نحو سداد مستحقات الشركات المتأخرة والاستثمار في مشروعات البنية التحتية.
ومن بين حصيلة السندات الخاصة المقررة للحكومة المركزية في العام الحالي وقيمتها 1.8 تريليون يوان، سيتم توجيه 300 مليار يوان فقط نحو برامج دعم التجارة والاستهلاك، في حين سيستخدم الجزء الباقي في دعم تحديث المعدات والتصنيع عالي التقنية وإعادة رسملة البنوك التابعة للدولة.
لذلك يمكن القول إن خلاصة اجتماعات البرلمان الصيني في الأسبوع الماضي هي أن الصين ستظل على الأرجح اقتصاداً تجارياً بامتياز، وسيظل الفائض التجاري الكبير عنصراً أساسياً. في الوقت الذي تسعى فيه الولايات المتحدة إلى تحويل عجزها التجاري إلى فائض، ليصبح السؤال المطروح هو من سيدعم ازدهار التجارة العالمية وقيادة الاقتصاد العالمي نحو الخروج من دائرة التباطؤ؟.
يرى لوبين أن الصين للأسف لن تكون هي الإجابة في ضوء السياسات الراهنة، في حين يمكن الرهان على أوروبا لكي تقود قاطرة الانفاق الاستهلاكي والاستيراد في العالم خاصة وأصبحت السياسة المالية الأكثر مرونة راسخة في ذهن مستشار ألمانيا المنتخب فريدريش ميرتس الذي سيقود أكبر اقتصاد في أوروبا خلال السنوات المقبلة.