تحرص حكومة أم القيوين على بذل جهود مكثفة لترسيخ الاستدامة البيئية، بالمحافظة على الموارد الطبيعية، وترجمت حرصها بإطلاق المبادرات المساهمة في تحقيق التغيير الإيجابي الذي يتوافق مع أهداف التنمية المستدامة.

عملت الإمارة على تبني وتنفيذ المبادرات المساهمة في الحفاظ على البيئة، التي كان من أهمها استراتيجية «أم القيوين للاقتصاد الأزرق المستدام»، التي تضع أسساً واضحة للنمو المستقبلي للإمارة، وهي استراتيجية تنموية تحويلية متكاملة للإمارة قوامها استشراف الفرص الاقتصادية الواعدة بما يواكب الاتجاهات العالمية، فهي تستهدف رفع نسبة حصة الاقتصاد الأزرق في الناتج المحلي الإجمالي للإمارة، بحيث لا تقل نسبة مساهمته عن 40%، عن طريق التركيز على عدد من القطاعات الاقتصادية البحرية، كالنقل البحري والسياحة البيئية والكربون الأزرق والثروة السمكية المستدامة والمناطق الصناعية المستدامة والمحايدة مناخياً.

وأطلقت حكومة أم القيوين، على هامش أعمال مؤتمر «COP28»، مبادرة لتطوير مجموعة من المبادئ التوجيهية لاستراتيجية الاقتصاد الأزرق المستدام، بالشراكة مع وزارة الاقتصاد، وجمعية الإمارات للطبيعة، والصندوق العالمي للطبيعة، لتشمل المبادرة قطاعات رئيسية تعمل على تحفيز القطاع الخاص، باتباع الممارسات المستدامة، مثل السياحة والترفيه والبيئة العمرانية، والأغذية البحرية.

وفي إطار المحافظة على البيئة من أخطار التلوث البلاستيكي، والحد من التأثيرات السلبية الناتجة عن الممارسات الخطأ، وتشجيع ثقافة حماية البيئة واستدامتها، أصدر المجلس التنفيذي، في يناير 2024، قراراً بتنظيم استخدام المنتجات ذات الاستخدام الواحد في أسواق الإمارة، الذي يلزم خفض إنتاج واستهلاك المنتجات ذات الاستخدام الواحد، وتوفر البدائل المناسبة المستدامة والمتعددة الاستخدام في جميع مَحالّ التسوق، والتجزئة ومنافذ البيع بشكل مستمر.

وتنوعت المبادرات المعنية بالبيئة في عام الاستدامة 2023، لتتواصل عام 2024 في إطار تمديد مبادرة «عام الاستدامة»/ لتعزز جودة الحياة في الإمارة، حيث نفذت دائرة بلدية أم القيوين، عدداً من المبادرات والحملات المساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، التي تأتي تنفيذاً للخطة الاستراتيجية لحكومة أم القيوين، في تعزيز الشراكات الاستراتيجية، لبناء أفضل الممارسات في الاستدامة بشكل فعال، لتشمل توقيع اتفاقات لرفع كفاءة الخدمات الزراعية، وتعزيز جودة الحياة، عبر صيانة المسطّحات الخضراء، إلى جانب إطلاق مبادرة تشجير المناطق الصناعية، تحديداً منطقة أم الثعوب، حيث وزعت شتلات أشجار الغاف على نحو 150 مصنعاً، بهدف تعزيز مبادئ الاستدامة في الزراعة والحفاظ على البيئة الصحية، والمظهر الحضاري العام للإمارة، فضلاً عن تفعيل أسبوع التشجير الوطني «معاً لنزرع الإمارات» الذي نفّذ في فبراير الماضي، ونفّذت خلاله مبادرات خاصة بالبيئة، وأهمها توزيع شتلات زراعية مجانية على قاطني الإمارة، وحملات توعية وبرامج تعليمية في المدارس والجامعات، عن أهمية الحفاظ على البيئة، وإطلاق مبادرات مجتمعية تدعم الممارسات البيئية المستدامة، وتهدف إلى بيئة صحية ونمط حياة مستدامة للجميع.

وانطلاقاً من أهميه الابتكار ودوره في تحقيق الاستدامة، شهد شهر الابتكار في أم القيوين، تنفيذ عدد من البرامج والأنشطة من الجهات والمؤسسات الحكومية، تبرز أهمية الابتكار ودوره في تعزيز الاستدامة، شملت إقامة المعارض، والورش والمحاضرات التثقيفية.

وتنوعت المبادرات المجتمعية التي نفذت، منها التي أضاءت على الارتباط بين الفن والبيئة، بإقامة «مهرجان أم القيوين للفنون» في فبراير الماضي الذي دمج الفن والثقافة البيئية، بعرض أعمال 25 فناناً محلياً، قدموا مزيجاً فريداً من التراث الثقافي، مع سلسلة من الأنشطة التفاعلية التي أسهمت في نشر الوعي والحثّ على المشاركة في الفعاليات البيئية.

وتواصل المؤسسات المختلفة في أم القيوين، في النصف الثاني من العام الحالي تنفيذ المبادرات التي تضيء على أهمية حماية البيئة وعام الاستدامة، والحفاظ على الموارد الطبيعية للأجيال القادمة، سعياً إلى تحقيق التنمية المستدامة التي توازن بين التنمية الاقتصادي والحفاظ على البيئة.

مبادرات مجتمعية

من المبادرات المجتمعية التي شهدت تفاعلاً كبيراً وعملت على تعزيز ثقافة الاستدامة والمسؤولية البيئية، «تخضير عالمنا» التي نفذها «مول أم القيوين»، أخيراً، تعزيزاً لثقافة الإشراف البيئي، لتشمل زراعة 1000 شتلة في مختلف مدارس الإمارة، إلى جانب إقامة معرض «الحرف اليدوية» المستوحاة من مبادئ الاستدامة في مقر المول، ومعرض «الاختراعات في الطاقة النظيفة» من المنتجات الصديقة للبيئة.
(وام)

المصدر: صحيفة الخليج

كلمات دلالية: فيديوهات أم القيوين الاستدامة البيئية أم القیوین على البیئة

إقرأ أيضاً:

في الأردن.. عظام حوض الأزرق تكشف عن شكل الحياة قبل 12 ألف سنة

العثور على عظام لحيوانات عاشت قبل آلاف السنين يحمل في حد ذاته قيمة أثرية، لكن ماذا لو أضيفت إليها قيمة أخرى تتمثل في قراءة تاريخ الطبيعة من تلك العظام؟ هذا بالضبط ما فعله فريق بحثي بريطاني من خلال دراستهم المنشورة في دورية "كواتيرناري ساينس ريفيوز"، والتي أُجريت في منطقة حوض الأزرق بالأردن.

ويقع حوض الأزرق في المنطقة الشمالية الشرقية من الأردن، وهو واحة صحراوية ذات أهمية بيئية وأثرية كبيرة، ويعد جزءا من سلسلة واحات كانت تشكل مصادر مائية رئيسية للحياة البرية والبشرية على مدار آلاف السنين، وهذه المنطقة ذات أهمية خاصة، إذ شهدت وجودا بشريا منذ عصور ما قبل التاريخ، واكتُشفت بها مستوطنات بشرية مبكرة تجعلها مثالية لدراسة تأثير الإنسان والطبيعة على الكائنات التي عاشت فيها.

وجد الفريق البحثي من جامعة لندن أن عظام الحيوانات المدفونة في رمال هذه المنطقة تحمل إشارات إلى تاريخ غني ومعقد، وتُظهر هذه الإشارات كيف انحنت الكائنات التي كانت تسير بخطى واثقة أمام عواصف التغيرات المناخية، لتنخفض أحجامها في تعبير عن الصمود والتكيف مع عالم متغير.

وخلال الفترة الممتدة من أواخر العصر الجليدي وأوائل العصر الهولوسيني (منذ 130 ألفا إلى 7 آلاف عام) حدثت تغيرات مناخية كان الباحثون مهتمين بمعرفة تأثيرها على أحجام أجسام الثدييات، ووجدوا أن منطقة حوض الأزرق بالأردن كانت مثالية لدراسة هذه الظاهرة.

إعلان

وشهد العصر الجليدي المتأخر، الذي انتهى منذ نحو 12 ألف عام، انخفاضا كبيرا في درجات الحرارة وتوسعا في الغطاء الجليدي. ومع بداية العصر الهولوسيني، الذي بدأ قبل حوالي 11 ألفا و700 سنة، شهدت الأرض تحسنا في المناخ وتراجعا للجليد، مما أدى إلى تغييرات جذرية في النظم البيئية وانتقال العديد من الأنواع إلى بيئات جديدة.

وقدمت هذه التغيرات المناخية للعلماء أدلة قوية على كيفية تأثر الأنواع، خاصة الثدييات الكبيرة، من خلال التكيف أو الهجرة أو الانقراض.

وتقول عالمة الآثار الحيوانية بجامعة لندن لويز مارتن والباحثة الرئيسية في الدراسة في تصريحات خاصة للجزيرة نت "كنا نريد الفصل بين تأثيرات هذه التغيرات المناخية والاستيطان البشري على أحجام الحيوانات، واخترنا حوض الأزرق بالأردن لأنه شهد تزايد النشاط البشري خلال الحقبة الهولوسينية، مما يسمح بفحص تداخل الضغوط البيئية والبشرية على الكائنات التي عاشت هناك".

الباحثون قاموا بجمع وقياس عظام حيوانات الغزال والأرنب والثعلب من 19 موقعا أثريا في حوض الأزرق (نيب وايلدلاند) استبعاد تأثير الصيد البشري

قام الباحثون بجمع وقياس عظام حيوانات الغزال والأرنب والثعلب من 19 موقعا أثريا في حوض الأزرق، وشملت القياسات كل أجزاء الهياكل العظمية لهذه الحيوانات، بما في ذلك العظام الصغيرة كعظام الكاحل والأصابع.

ووجد الباحثون انخفاضا ملحوظا في أحجام الثدييات خلال فترة الحقبة الهولوسينية، خاصة بين 9 آلاف إلى 7,500 سنة مضت. وعن هذا التراجع تقول مارتن "أخذنا في الاعتبار مجموعة عوامل لفهم هذا التغير الطويل الأمد. ففي البداية، وضعنا فرضية أن الصيد البشري استهدف الذكور الكبيرة مثل الغزلان، بينما تُركت الإناث الأصغر حجما، والفكرة هنا هي أن الصيد الانتقائي للذكور الكبيرة قد يؤدي إلى تراجع عام في حجم الحيوانات بمرور الوقت. ومع ذلك، من خلال التحليلات القياسية للعظام، تمكنا من استبعاد هذه الفكرة".

إعلان

وتوضح مارتن أنه "عند مراجعة حجم الحيوانات المختلفة التي عثر عليها، لاحظنا أن الانخفاض في الحجم لم يكن مقتصرا على نوع واحد فقط من الثدييات مثل الغزلان، بل ظهر أيضا في الثعالب والأرانب، وهي حيوانات غير مستهدفة بشكل رئيسي من قبل الصيد البشري، فلو كان الصيد البشري هو السبب الرئيسي لكان من المفترض أن يتأثر حجم الحيوانات المستهدفة فقط (مثل الغزلان)، ولكن وجود اتساق في الانخفاض بين أنواع متعددة يشير إلى وجود عوامل بيئية أوسع تؤثر على هذه الأنواع بشكل عام".

التغيرات المناخية والبيئية خلال فترة الهولوسين المبكرة لعبت دورا أكبر في انخفاض أحجام الحيوانات (الجزيرة) إزاحة الصفات والفرضية البديلة

وتضيف مارتن أن "الفرضية البديلة التي دعمها الفريق هي أن التغيرات المناخية والبيئية خلال فترة الهولوسين المبكرة لعبت دورا أكبر في هذا الانخفاض، فقد هيأت التغيرات في المناخ ظروفا أكثر دفئا وجفافا أدت إلى تغييرات في توزيع الأنواع والتنافس بينها، وهو ما يُعرف بإزاحة الصفات".

وتحدث "إزاحة الصفات" عندما تعيش أنواع متقاربة في البيئة نفسها وتتنافس على الموارد المتاحة، ومع الوقت يؤدي التنافس المستمر بين الأنواع إلى تغيير في خصائص أحد الأنواع أو كليهما لتقليل هذا التنافس، مما يزيد من فرص بقاء كلا النوعين.

وفي سياق هذه الدراسة، وجد الباحثون أن التغيرات المناخية وزيادة الجفاف أدت إلى منافسة أكبر بين الأنواع تسببت في إزاحة صفات مثل حجم الجسم لتناسب الظروف البيئية المتغيرة والموارد المحدودة.

وعن دقة القياسات العظمية التي اعتمدت عليها الدراسة في تفسير التغيرات في أحجام الحيوانات، أوضحت مارتن أن الفريق استخدم قياسات دقيقة للغاية للعظام، إذ تم قياس عرض العظام التي تمثل الأجزاء الحاملة للوزن، وقد أثبتت الأبحاث الحديثة أن هذه القياسات ترتبط بشكل كبير بحجم الحيوان ووزنه.

إعلان

وأضافت "نحن نستخدم أجهزة دقيقة لقياس العناصر العظمية الأثرية إلى عُشر المليمتر، ولدينا مستويات عالية من الدقة والقابلية للتكرار بفضل سنوات من الخبرة في التحليلات القياسية".

التأثيرات المستقبلية

وعن كيفية الاستفادة من نتائج الدراسة في تحليل هجرة الأنواع الحيوانية وتوزعها، أكدت مارتن أن "المنطقة الشرق أوسطية والعربية شهدت تغيرات كبيرة في توزيع الحياة البرية بسبب التأثيرات البشرية، مثل الصيد المفرط والمنافسة مع الماشية وفرض الحدود بين الدول، وهذه العوامل أدت إلى تقليص نطاق انتشار الحياة البرية، وأصبحت العديد من الأنواع البرية اليوم محصورة في المحميات والمناطق المحمية التي تعمل على حفظ بقاء بعض الأنواع، لكنها لا تعكس الوضع الطبيعي الذي كان موجودا في الماضي".

وتبرز مارتن أهمية الأبحاث الأثرية مثل تلك التي أُجريت في منطقة حوض الأزرق بالأردن، التي أظهرت أن هذه المنطقة كانت غنية بالحياة البرية حتى القرن العشرين.

ورغم أن الحيوانات تتكيف مع التحولات المناخية والبيئية، فإن التأثيرات البشرية مثل الصيد والتدخلات البيئية الأخرى ألحقت أضرارا جسيمة بتلك الحياة البرية وأثرت على نمط وجودها وهجرتها الطبيعي.

وتقول "نتائجنا يمكن أن تسهم في فهم أفضل للتحديات التي تواجه الأنواع الحيوانية اليوم، وتقديم معلومات قيمة لتحديد إستراتيجيات مستقبلية لحماية هذه الأنواع وإدارة الموارد الطبيعية في المنطقة".

مقالات مشابهة

  • إطلاق «ملتقى الابتكار» لتعزيز الاستدامة البيئية والمناخية
  • هيئة الرعاية الصحية ببورسعيد تُكثّف جهودها لتنفيذ مبادرات "100 مليون صحة"
  • في الأردن.. عظام حوض الأزرق تكشف عن شكل الحياة قبل 12 ألف سنة
  • حمدان بن زايد: الإمارات منارة للقيادة البيئية
  • محافظ كفر الشيخ يناقش سبل التنمية الزراعية والاستفادة من المبادرات البنكية
  • تدشين شعار الدورة
  • أمير نجران يشيد بتحقيق صحة المنطقة جائزة الأميرة صيتة بنت عبدالعزيز للتميز في الاستدامة البيئية
  • وزيرتا البيئة والتنمية المحلية تفتتحان مصنع معالجة المخلفات المطور في الخانكة
  • وزيرتا البيئة والتنمية المحلية ومحافظ القليوبية يفتتحون مصنع معالجة المخلفات الصلبة بالخانكة
  • وزير “البيئة” يُدشِّن 3 أصناف عالية الإنتاجية من القمح تتناسب مع الظروف البيئية للمملكة