جريدة الرؤية العمانية:
2025-01-22@12:57:03 GMT

الهزيمة الاستراتيجية لإسرائيل

تاريخ النشر: 22nd, June 2024 GMT

الهزيمة الاستراتيجية لإسرائيل

 

حاتم الطائي

الاحتلال فشل في إحراز أي نصر رغم الإبادة الجماعية

◄ هزيمة الكيان تنعكس على 3 مستويات عسكرية وسياسية ودبلوماسية

◄ أمريكا متواطئة وشريكة رئيسية في حرب الإبادة والتدمير بغزة

 

أكثر من 260 يومًا من العدوان السافر والبربري على قطاع غزة، وإسقاط عشرات الآلاف من أطنان المُتفجرات والقذائف والرصاصات، ضد المدنيين العُزل، وحرب إبادة شاملة وتجويع مُتعمّد لنحو مليوني إنسان، لم تمنح كيان الاحتلال الصهيوني أي نصر؛ بل على النقيض كبَّدته خسائر استراتيجية فادحة، وفضحته أمام العالم أجمع، وأكدت أنَّه جيش مُجرم وجبان، يستهدف المدنيين ويرتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وسط صمت وخذلان عالمي لا مثيل له.

الهزيمة الاستراتيجية التي نتحدث عنها سبق أن أقر بها وزير الدفاع الأمريكي في الشهور الأولى للحرب، عندما حذَّر إسرائيل من أنها قد تواجه هزيمة استراتيجية، في ظل الجنون الإسرائيلي لتدمير قطاع غزة وغياب أي أفق سياسي أو التزام بالقانون الدولي، وهو ما تحقق فعليًا، ودفع بحكومة الاحتلال نحو هاوية سحيقة، لا قرار لها. ورغم أنَّ دولة الاحتلال تكذب في كل شيء، إلّا أنها ربما كانت صادقة في أمر واحد، وهي أنها تخوض حربًا وجودية، وهكذا هي بالفعل، فهذه الحرب في النهاية ستقضي- بلا ريب- على هذا الكيان الاستعماري المُصطَنَع، فما بعد "طوفان الأقصى" لن يكون كما قبله أبدًا، وحرب التحرير الحقيقية بدأت فعليًا مع أول ضوء فجر في السابع من أكتوبر لعام 2023، عندما نفذت المُقاومة الفلسطينية الباسلة عمليتها المُشرِّفة في مُحيط ما يسمى بـ"غلاف غزة"، ونجحت في اختراق صفوف العدو، وكبدته خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، واستطاعت أن تأسر العشرات وأن تضع يدها على كنز من المعلومات الاستخباراتية، والذي لم يُستغل حتى الآن، فيما يبدو.

والهزيمة الاستراتيجية التي تتجرعها دولة الاحتلال تنقسم إلى عدة مستويات، ينبغي أن تُدرَّس في كليات ومعاهد العلوم العسكرية والسياسية، كنموذج للفشل الذريع، والإخفاق المدوّي، فحكومة النتنياهو لفّت حبل المشنقة حول عنقها، منذ قرارها تنفيذ حرب الإبادة. ويُمكن تفنيد هذه الهزائم كما يلي:

أولًا: الهزيمة العسكرية؛ حيث سقطت قوات الاحتلال الإسرائيلي في مستقنع غزة، وغاصت أقدامها في رمال القطاع، ولم تتمكن من إحراز أي نصر عسكري، باستثناء التدمير التام للبنية التحتية المدنية في القطاع، وقصف المستشفيات والمراكز الصحية، وهدم المنازل والبنايات على رؤوس قاطنيها، وتحويل المدارس ومؤسسات التعليم إلى مدن أشباح، بعد تدميرها بالكامل تقريبًا، وهي كلها جرائم حرب بنص القانون الدولي الإنساني.

فشلت إسرائيل عسكريًا، وفشلت معها الولايات المتحدة الأمريكية، التي تملك أقوى جيش في العالم، وهذا الفشل منبعه انعدام البُعد الأخلاقي للحرب، فاستحق كلاهما- إسرائيل وأمريكا- تلك الهزيمة القاسية، فلا يمر يوم تقريبًا إلّا وتُعلن المُقاومة عن استهداف مجموعة من الجنود بين قتيل وجريح، وتدمير عدد من الآليات والدبابات جزئيًا أو كليًا. ورغم كل هذا الدمار الهائل، إلّا أن المُقاومة قادرة على القتال ومواجهة العدو بكل شجاعة.

ثانيًا: الهزيمة السياسية، فقد تعرضت إسرائيل لهزيمة سياسية نكراء، بعد فشلها في تحقيق أي نصر ولو بالزور وبالهتان، حتى إن مجلس الحرب الذي شكله نتنياهو أعلن عن حلّه قبل أيام، في خطوة تعكس مدى الإحباط واليأس من إحراز أي نصر تحت أي زعم. فلم تتمكن دولة الاحتلال من استعادة الأسرى أحياء كما روّجت، ولم تنجح في القضاء على المُقاومة ولا حتى إضعافها، فما زالت الصواريخ تنطلق من عدة مواقع في غزة؛ بل من المواقع التي أعلن جيش الاحتلال السيطرة عليها، وسقوط هذه الصواريخ على مدن الاحتلال الرئيسية مثل تل أبيب وعسقلان وغيرها.

وقد امتدت الهزيمة السياسة لتصل إلى المجموعة الحاكمة في إسرائيل، والتي تصدعت وانقسمت فيما بينها، خاصة بعد استقالة الوزير بيني جانتس إلى جانب وزيرين آخرين، من حكومة الحرب، الأمر الذي عجّل بقرار نتنياهو حل مجلس الحرب. كما إن انعكاسات الهزيمة السياسية تجلّت بوضوح في المظاهرات الحاشدة التي تنطلق يوميًا تقريبًا للمطالبة باستقالة الحكومة ووقف الحرب وإبرام صفقة لتبادل الأسرى.

ثالثًا: الهزيمة الدبلوماسية والأخلاقية، والتي تكشفت مع بدء نظر محكمة العدل الدولية في القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل؛ حيث اتهمت المحكمة دولة الاحتلال بارتكاب جرائم إبادة جماعية، وأنها لا تتخذ الإجراءات اللازمة لمنع وقوع جرائم حرب، وهو ما انعكس على صورة إسرائيل في المحافل الدولية والدبلوماسية. وما زاد من قتامة هذه الصورة، طلب مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية استصدار مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف جالانت.

تلك الهزائم ليست فقط هزيمة لإسرائيل؛ بل أيضًا هزيمة لأمريكا راعية حرب الإبادة الجماعية في فلسطين، والداعم الأول لهذا الكيان الإرهابي المُجرم، سواءً سياسيًا ودبلوماسيًا أو عسكريًا ولوجستيًا. وهذا الدعم الأمريكي غير المسبوق هو الذي شجّع دولة الاحتلال على مُمارسة أقصى أعمال التوحُّش والقتل بلا تمييز، لتكشف أمريكا عن وجهها القبيح ورؤيتها لهذا الصراع، التي لا ترى فيه سوى دعم إسرائيل وحمايتها بشتى السبل!

لكن من المؤسف أن إسرائيل وأمريكا تقودان المنطقة نحو حرب شاملة، حرب ستأكل الأخضر واليابس، وتُهدد بتفجير الأوضاع في أنحاء العالم، وربما تقود نحو حرب عالمية ثالثة، لا يأمل أي عاقل أن تندلع، غير أنَّ الإدارة الأمريكية بقيادة جو بايدن معمية- مع سبق الإصرار- عن رؤية الحقيقة، الأمر الذي قد يقودها إلى الهلاك، وسيضع بايدن على قائمة أسوأ الرؤساء في العالم، وأكثرهم دموية، مثله مثل نتنياهو المُجرم.

ويبقى القول.. إنَّ مأساة غزة وكارثتها الإنسانية ستظل محفورة في الوجدان، وستبقى جُرحًا لا يندمل، ما دامت العصابة الصهيونية قائمة، وما دامت دولة الاحتلال تمضي في غيها الإجرامي، في ظل الموت السريري للمجتمع الدولي الذي لم يعد يُحرك ساكنًا ولا يقوى على قول "لا" صريحة قوية، ويكتفي بالتنديد والإدانة بصوت خافت لا يسمعه أحد!

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

أبو عبيدة: 471 يوما على معركة طوفان الأقصى التاريخية التي دقت المسمار الأخير بنعش الاحتلال

سرايا - اكد الناطق باسم كتائب القسام الذراع العسكري لحركة المقاومة الاسلامية حماس، أبو عبيدة أنّ معركة طوفان الأقصى، دقت المسمار الاخير بنعش الاحتلال الزاعل دون شك خلال 471 يوما.

وقال ابو عبيدة في كلمته الاحد بمناسبة وقف اطلاق النار، وبدء تبادل الأسراء إنّ التضحيات والدماء العظيمة التي بذلها الشعب الفلسطيني لن تذهب سدى

وبين أنّ الشعب الفلسطيني قدم من أجل حريته ومقدساته تضحيات غير مسبوقة من بداية طوفان الأقصى، مؤكدًا انّ المعركة غيرت تخوم المنطقة وأدخلت معادلات جديدة مع الاحتلال الاسرائيلي.

وأشار إلى أنّ الأقصى أدت إلى فتح جبهات قتال جديدة وأجبرت الاحتلال على اللجوء إلى قوى دولية لمساندته





تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا


طباعة المشاهدات: 1024  
1 - ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. 19-01-2025 07:05 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
رد على :
الرد على تعليق
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
اضافة
الأرض "والدة" القمر .. دراسة علمية تُذهل العالم ضجة بعد اعتداء امرأة على زوجها بسكين .. أصابته بجروح بليغة برأسه سطو احتيالي بسلاح الذكاء الاصطناعي يستخدم وريثة العرش الإسباني كمصيدة صيني يثير ضجة ببيع مقاعد المترو هل هذا مسموح؟ "استعجلت يخوي يا سندي وروحي" .. منصات... بالفيديو .. عريس أردني يحتفل بزفافه بطريقة غريبة في... شاهد بالفيديو .. حرمة الأموات تنتهك في مقبرة... أبو عبيدة يعلن أسماء الأسيرات الثلاث المقرر الإفراج... هذه هدايا ترامب لنتنياهو لدفعه للموافقة على وقف... تسليم المحتجزات الثلاث في غزة إلى جيش الاحتلالصور المقاومة في غزة تثير ردود فعل إسرائيلية غاضبةتوقيف مستوطنين احتجوا على إطلاق سراح أسرى فلسطينيينالاحتلال يمنع عائلات الأسرى المقدسيين من الاحتفالإعلام عبري يؤكد بدء استلام المحتجزات الإسرائيلياتلوس أنجلوس تستعد لهبوب رياح خطيرة يمكن أن تعيد...سوريا .. إتلاف أكثر من 100 مليون حبة كبتاغونفريق الصليب الأحمر في غزة في الطريق لاستلام محتجزات...ارتفاع حصيلة الشهداء في غزة إلى 46913 نسرين طافش تعلن زواجها للمرة الثالثة ركين سعد: سعيدة بنجاح "رامبو" .. والكلب... اعتقال مشتبه به رئيسي في طعن نجم بوليوود سيف علي خان بسبب فيديو عن مخرج مصري شهير .. إحالة منى فاروق... محاكمة منى فاروق بتهم التعدي على القيم الأسرية ..... النشامى يكثف تدريباته في معسكر قطر المنتخب الوطني لكرة القدم يكثف تدريباته في معسكر قطر نجم ريال مدريد .. اعتزل الكرة وأصبح "صياداً" تلاحقه السلطات صلاح يستعد لتوديع ليفربول .. والسبب هالاند ليجانيس يوقف انتصارات أتلتيكو .. ويمنح الريال هدية الصدارة الأبراج والمسار المهني في 2025: توقعات فلكية للنجاح والازدهار العمل عن بعد: كيف تبني بيئة عمل منتجة من المنزل؟ مأساة على تيك توك: وفاة طفل بلبناني بسبب تحدي القضمة الواحدة المُهلك الخيول والكلاب المدرّبة تشارك بالبحث عن ضحايا لوس أنجلوس مدرسة في سلوفاكيا تشهد جريمة قتل "بشعة" منفذها طالب الروبوت ينجح في أصعب جراحات الكبد متفوقاً على البشر خدع المصريين .. ضبط جزار ذبح حصاناً لبيعه على أنه ضأن العراق .. انتحار طالب بالثانوية لتأخره عن الامتحان قضى 5 أيام بين الأسود والأفيال .. طفل من زيمبابوي ينجو من الموت بأعجوبة معمرة صينية تكشف سر عمرها الطويل

الصفحة الرئيسية الأردن اليوم أخبار سياسية أخبار رياضية أخبار فنية شكاوى وفيات الاردن مناسبات أريد حلا لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر(وكالة سرايا الإخبارية) saraynews.com
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2025
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...

مقالات مشابهة

  • فؤاد من إيطاليا: «إسرائيل» دولة مؤسسات وحرية لشعبها
  • إحصائية بالخسائر التي خلفتها حرب الإبادة  الإسرائيلية على غزة .. تقرير
  • الاحتلال الإسرائيلي يعزز نقاطه في التلال الاستراتيجية بريف القنيطرة السورية
  • رئيس الحكومة الفلسطينية يكشف خطوات التصعيد ضد إسرائيل
  • غباش يبحث مع وزير خارجية عُمان علاقات الشراكة الاستراتيجية
  • الفلسطينيون لا يريدون التعايش..سفير ترامب في إسرائيل يرفض حل الدولتين
  • صقر غباش وزير الخارجية العُماني يبحثان علاقات الشراكة الاستراتيجية
  • حزب التقدم الوطني: صمود المقاومة الفلسطينية دفع قادة الاحتلال نحو اتفاق الهزيمة
  • "ثرثرات" وانتصار أهل غزة
  • أبو عبيدة: 471 يوما على معركة طوفان الأقصى التاريخية التي دقت المسمار الأخير بنعش الاحتلال