تعد المستشعرات النانوية أجهزة إلكترونية متناهية الصغر تعمل على قياس التغيرات الطفيفة في الكميات الفيزيائية أو الكيميائية وتحليل المعلومات وتحويلها إلى إشارات، لتنبيه مستخدمي الأجهزة الحديثة حال وجود خلل.

وتدخل المستشعرات النانوية في عدة مجالات، ففي المجال العسكري، يمكن استخدامها في الكشف عن الجثث والمواد المتفجرة والغازات السامة وإزالتها من الجو.

أما في المجال الغذائي والبيئي، فتساعد في فحص المحاصيل والتأكد من خلوها من الكيميائيات، أو ما إذا كانت طازجة أو لا، كما يمكنها الكشف عن الملوثات البيئية والغازات الدفيئة. وفي مجال الرعاية الصحية، يمكن للمستشعرات النانوية أن تساعد في تشخيص الأمراض ومراقبة الحالة الصحية للأفراد بشكل آني.

وتعمل المستشعرات النانوية بعدة آليات، ويستخدم في تصنيعها عدة طرق، لكن آليات التصنيع الحالية لا تزال عقبات، إذ إن تصنيعها يستغرق وقتا طويلا وقدرا كبيرا من الطاقة، من هنا تأتي أهمية ما توصل إليه فريق الباحثين في دراسة جديدة.

حيث طور فريق من مهندسي جامعة ماكواري الأسترالية تقنية تجعل تصنيع المستشعرات النانوية أرخص بكثير وأكثر كفاءة وأقل في كثافة الكربون، ومن شأن ذلك أن يحسن عملية رئيسية في صناعة تلك المستشعرات التي تبلغ قيمتها تريليون دولار.

وبحسب البيان الصحفي المنشور على موقع "فيز دوت أورغ"، فقد وجد الفريق البحثي طريقة لمعالجة كل مستشعر باستخدام قطرة واحدة من الإيثانول بدلا من العملية التقليدية التي تتضمن تسخين المواد إلى درجات حرارة عالية. وقد نشر الباحثون ورقتهم البحثية في دورية "أدفانسد فنكشنال ماتيريالز" في الثالث من أغسطس/ آب الجاري.

معظم المستشعرات النانوية لا تعمل بشكل فعال حتى يتم تسخينها في عملية تستغرق وقتا وتستهلك طاقة (شترستوك) مشكلة المستشعرات النانوية الحالية

يقول المؤلف المقابل الأستاذ المساعد نوشين ناصري، رئيس مختبر تكنولوجيا النانو في كلية الهندسة بجامعة ماكواري، "تتكون مستشعرات النانو عادة من مليارات الجسيمات النانوية المودعة على سطح مستشعر صغير، ولكن معظم هذه المستشعرات لا تعمل عند تصنيعها لأول مرة".

حيث تتجمع الجسيمات النانوية في شبكة مرتبطة ببعضها البعض بواسطة روابط طبيعية ضعيفة يمكن أن تترك فجوات كثيرة بين الجسيمات النانوية بحيث تفشل في نقل الإشارات الكهربائية، وبالتالي لا يعمل المستشعر.

نسبة السطح إلى الحجم كبيرة في المستشعرات التي تتكون من طبقات من الجسيمات النانوية، مما يجعلها شديدة الحساسية للمادة المصممة لاكتشافها. لكن معظم المستشعرات النانوية لا تعمل بشكل فعال حتى يتم تسخينها، في عملية تستغرق وقتا طويلاً وتستهلك الكثير من الطاقة باستخدام درجات حرارة عالية لدمج طبقات من الجسيمات النانوية، مما يخلق قنوات تسمح للإلكترونات بالمرور عبر الطبقات حتى يعمل المستشعر.

ماذا تقدم التقنية الجديدة؟

يقول البروفيسور ناصري "يدمر الفرن معظم المستشعرات القائمة على البوليمر، ويمكن لأجهزة الاستشعار النانوية التي تحتوي على أقطاب كهربائية صغيرة أن تذوب، تماما كما يحدث لأجهزة الاستشعار الموجودة في الأجهزة الإلكترونية النانوية. لذا لا يمكن حاليا استخدام العديد من المواد لصنع أجهزة استشعار، لأنها لا تتحمل الحرارة".

مع ذلك، فإن التقنية الجديدة التي اكتشفها الفريق تتجاوز هذه العملية الشديدة الحرارة، مما يسمح بتصنيع أجهزة الاستشعار النانوية من مجموعة واسعة من المواد.

ويضيف ناصري "إضافة قطرة واحدة من الإيثانول إلى طبقة الاستشعار، دون وضعها في الفرن، يساعد الذرات الموجودة على سطح الجسيمات النانوية على التحرك، ومن ثم تختفي الفجوات بين الجسيمات النانوية عندما تلتصق الجسيمات ببعضها البعض. لقد أظهرنا أن الإيثانول حسّن بشكل كبير من كفاءة واستجابة أجهزة الاستشعار لدينا، بما يتجاوز ما قد تحصل عليه بعد تسخينها لمدة 12 ساعة".

بعد قياس قطرة واحدة من الإيثانول بشكل صحيح يتم تنشيط المستشعر في غضون دقيقة تقريبا (يوريك ألرت) اكتشاف عن طريق الخطأ

وتم اكتشاف الطريقة الجديدة بعد أن قام المؤلف الرئيسي للدراسة، طالب الدراسات العليا غايدن تشين، برش بعض الإيثانول عن طريق الخطأ على جهاز استشعار أثناء غسل بوتقة، في حادث عادة ما يؤدي إلى تدمير هذه الأجهزة الحساسة. يقول تشين "اعتقدت أن جهاز الاستشعار قد تعرض للتلف، لكنني أدركت لاحقا أن العينة كانت تفوق أداء كل عينة أخرى صنعناها على الإطلاق".

يقول الأستاذ المساعد ناصري إن الحادث ربما يكون قد أعطاهم الفكرة، لكن فعالية الطريقة اعتمدت على العمل المضني لتحديد الحجم الدقيق للإيثانول المستخدم، و"عندما توصل غايدن إلى هذه النتيجة، عدنا بحذر شديد لتجربة كميات مختلفة من الإيثانول. كان غايدن يختبر الأمر مرارا وتكرارا للعثور على ما ينجح".

كانت 3 ميكرولترات من الإيثانول قليلة جدا ولم تفعل شيئًا فعالا، بينما كانت 10 ميكرولترات أكثر من اللازم ومسحت طبقة الاستشعار، أما 5 ميكرولترات فقد كانت صحيحة تماما".

يقول الأستاذ المساعد ناصري "لقد طورنا وصفة لجعل المستشعرات النانوية تعمل واختبرناها باستخدام مستشعرات الأشعة فوق البنفسجية وأيضا باستخدام مستشعرات النانو التي تكتشف ثاني أكسيد الكربون والميثان والهيدروجين وغير ذلك، التأثير هو نفسه".

فبعد قياس قطرة واحدة من الإيثانول بشكل صحيح، يتم تنشيط المستشعر في غضون دقيقة تقريبا، وهذا يحول عملية بطيئة وكثيفة الاستهلاك للطاقة إلى شيء أكثر كفاءة بكثير".

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

بين مخاطر العجز ووعود ترامب بالإصلاح المالي| أمريكا تغرق في الديون بقيمة تتخطى 38 تريليون دولار.. تفاصيل

في خضم الإغلاق الجزئي الذي تعيشه الحكومة الأمريكية، تجاوز الدين المحلي الإجمالي للولايات المتحدة حاجز 38 تريليون دولار للمرة الأولى في التاريخ، وفقاً لأحدث تقرير صادر عن وزارة الخزانة الأمريكية يوم الأربعاء. 

هذا الرقم القياسي الجديد يعكس التحديات العميقة التي تواجه الاقتصاد الأمريكي وسط استمرار الإنفاق الحكومي وارتفاع تكاليف الفائدة، ما يثير تساؤلات حول مستقبل الميزانية الفيدرالية والسياسات المالية لإدارة الرئيس دونالد ترامب.

وتيرة متسارعة لتراكم الديون

بحسب التقرير، يمثل هذا الارتفاع أسرع وتيرة لتراكم تريليون دولار من الديون خارج فترة جائحة “كوفيد-19”، إذ ارتفع الدين من 37 تريليون دولار في أغسطس الماضي إلى 38 تريليون دولار خلال أقل من شهرين فقط.

وتوثّق وزارة الخزانة الأمريكية هذه البيانات بشكل يومي، ما يجعلها مرجعاً رئيسياً لحالة المالية العامة في البلاد. وأشارت وكالة أسوشيتد برس إلى أن هذا التصاعد المتسارع يضع الإدارة الأمريكية أمام تحدٍ كبير في ضبط العجز والسيطرة على مستويات الإنفاق.

إدارة ترامب تدافع.. خفض العجز وتحسين الإيرادات

رغم الأرقام المقلقة، تؤكد إدارة الرئيس دونالد ترامب أن سياساتها المالية تهدف إلى إبطاء وتيرة الإنفاق الحكومي وتقليص العجز الضخم في الميزانية.

ووفقاً لتحليل حديث أعده مسؤولون في وزارة الخزانة، بلغ العجز التراكمي خلال الفترة من أبريل حتى سبتمبر 2025 نحو 468 مليار دولار، وهو ما يُعد بحسب الإدارة مؤشراً على تحسن نسبي في الأداء المالي.

وفي منشور على منصة "إكس"، قال وزير الخزانة سكوت بيسنت إن هذا الرقم يمثل أدنى مستوى للعجز منذ عام 2019، مضيفاً أن الحكومة تعمل على تحقيق توازن بين النمو الاقتصادي وخفض المديونية.

البيت الأبيض.. خفض العجز بمقدار 350 مليار دولار

من جانبه، صرّح المتحدث باسم البيت الأبيض كوش ديساي بأن الرئيس ترامب تمكن خلال الأشهر الثمانية الأولى من ولايته من خفض العجز بمقدار 350 مليار دولار مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024، مشيراً إلى أن ذلك تحقق عبر خفض الإنفاق وزيادة الإيرادات من الضرائب والجمارك.

كما أكد أن الإدارة تسعى إلى تعزيز النمو الاقتصادي وخفض معدلات التضخم وتقليل تكاليف الاقتراض، إلى جانب مكافحة الهدر والاحتيال وسوء الاستخدام في الإنفاق الحكومي.

بين الأرقام والسياسات.. معركة اقتصادية مفتوحة

بينما تحتفل الإدارة الأمريكية بتراجع مؤقت في معدلات العجز، تبقى الديون الفيدرالية المتصاعدة هاجساً يهدد استقرار الاقتصاد الأمريكي على المدى الطويل.

ومع تجاوز الدين حاجز 38 تريليون دولار، يبدو أن الولايات المتحدة مقبلة على مرحلة دقيقة تتطلب مزيجاً من الانضباط المالي والسياسات الذكية لضمان استدامة النمو دون الانزلاق نحو أزمة مالية جديدة.

طباعة شارك الحكومة ترامب الولايات المتحدة الديون دولار

مقالات مشابهة

  • كيف ادا ختراع النايلون ثورة في صناعة النسيج .. وما علاقته بسيقان النساء والمجهود الحربي
  • كيف احداختراع النايلون ثورة في صناعة النسيج .. وما علاقته بسيقان النساء
  • قيمة تداولات CFI تتجاوز 1.55 تريليون دولار في الربع الثالث، وتحقق رقماً قياسيًا شهريًا جديدًا في سبتمبر
  • قيمة تداولات CFI تتجاوز 1.55 تريليون دولار في الربع الثالث، وتحقق رقماً قياسيًا شهريًا جديدًا
  • الوزراء: 10.9 تريليون دولار إجمالي مساهمة القطاع السياحي في الناتج العالمي خلال 2024
  • باستثمارات 4 ملايين دولار.. افتتاح مصنع «كمت للصناعات التكاملية» المتخصص في إنتاج الإيثانول
  • ثورة خضراء في عالم البناء.. تحويل نفايات القهوة إلى خرسانة أقوى بـ30%
  • 6 سنوات من التحديثات .. وان بلس تحدث ثورة في أمان أندرويد
  • الولايات المتحدة تتجاوز حاجز 38 تريليون دولار في الدين العام لأول مرة في التاريخ
  • بين مخاطر العجز ووعود ترامب بالإصلاح المالي| أمريكا تغرق في الديون بقيمة تتخطى 38 تريليون دولار.. تفاصيل