طينها يدغدغ ويلسع.. ما حكاية مياه بٍِِِركة الحاج يوسف في العراق؟
تاريخ النشر: 6th, August 2023 GMT
ديالي – بركة ماء يطلق عليها البعض تسمية "الصيدلية" تقع عند مرقد الحاج يوسف، ويزورها العشرات يوميا من رجال ونساء وشيوخ وأطفال، من مناطق عراقية شتى للتبرك بها لاعتقادهم أن مياهها تشفي من الأمراض الجلدية وغيرها التي لا علاج لها عن الأطباء، فما قصتها؟
وما بين أنها مياه مباركة وما بين احتوائها على مواد كبريتية ومعدنية، يسبح الزوار في هذا الحوض المائي ويتمسحون بطينه الذي يشعرهم بدغدغة ولسع مثل لدغة أفعى حتى أطلق على مرقد حاج يوسف لقب "أبو حية".
والحاج يوسف ويلفظ اسمه الأهالي "حاي يوسف" يتصل نسبه بالإمام الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، ويعتقد بعض الباحثين أنه كان من حاملي البريد أثناء الفتوحات الإسلامية الأولى في بلاد الشرق، وقيل إنه كان ساقي الجيش أيضا.
مدير الإعلام وعلاقات دائرة المزارات في الوقف الشيعي أحمد الربيعي، قال للجزيرة نت إن "الحاج يوسف هو أبو الفتح نظام الدين يوسف بن مجد الدين عباد المتوفى سنة 791 هجرية، وإن والده هو مجد الدين عباد (قاضي أصفهان) المتوفى سنة 756 هجرية، وهما من ذرية الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، وقد دفن في هذا المكان على تل أثري، بحسب كتاب "عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب" لابن عِنَبَة".
ويقع المرقد والبركة بين ناحية قزانية وقضاء مندلي شرقي محافظة ديالى شمال شرقي بغداد، ومدينة مندلي التي عرفت قديما باسم "بندنيجين"، واحدة من المدن المعروفة بآثارها ومزاراتها المتعددة وأنهارها وبساتينها وطواحينها المائية، وهي محاذية لإيران من جهة شرقي العراق، وغالب سكانها من الكرد الفيليين.
مرقد حاج يوسف ينسبه بعض الباحثين إلى الإمام الحسن السبط بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما (الصحافة العراقية) من المراقد المجهولةمن جانبه، يرى الباحث في شؤون الأديان والآثار الشيخ عباس شمس الدين، وهو صاحب كتابي "أنبياء العرب" و"مراقد مزيفة"، أن حاج يوسف من المراقد المجهولة، وهو مقام على قبر شخص لكنه غير محدد الهوية، لكن بعض الباحثين ينسبونه إلى الإمام الحسن السبط بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما.
ويقول شمس الدين في حديثه للجزيرة نت إن بعض الباحثين يعتقدون أن حاج يوسف كان من حاملي البريد إبان الفتوحات الإسلامية الأولى في بلاد الشرق، كما قيل إنه ساقي الجيش أيضا، ويكنى أبو حية، وزواره ينذرون له الماعز حصرا، مبينا أن المرقد يقع على تلة فيها ينبوع تجري مياهه في بساتين النخيل، وإلى الشرق من المرقد عين ماء كبريتية يقصدها المصابون بأمراض جلدية.
شفي من الجربويقول المواطن خالد سعيد (38 عاما) أنه كان مواظبا على زيارة شقيقه في السجن كل أسبوع، وفي إحدى المرات أصيب بداء الجرب (مرض طفيلي يصيب الجلد) بسبب العدوى، حيث شعر بحكة ببعض أجزاء جسمه، وسرعان ما راجع أحد أطباء الأمراض الجلدية في بغداد، ووصف له مراهم يدهن بها الأجزاء المصابة، لكن دون جدوى حسب قوله.
ويقول سعيد للجزيرة نت عن تجربته مع "بركة" الحاج يوسف، "كان ذلك قبل نحو عامين، وقد راجعت العديد من أطباء الجلدية، لكن العلاج كان يتطلب المزيد من الوقت ولا أقوى على الانتظار خشية أن أنقل المرض إلى الآخرين، لأن الجرب من الأمراض المعدية، فنصحوني بالذهاب إلى بركة حاج يوسف، وبعدما زرتها ودهنت جسمي بطين البركة، شفيت بعد يومين فقط ولم يعد لي المرض مجددا".
جفاف البركةوخلال العام الحالي وبسبب شح المياه في عموم البلاد بسبب تغيرات المناخ والاحتباس الحراري جفت البركة بشكل مفاجئ، بحسب مدير ناحية قزانية، مازن أكرم الخزاعي الذي أكد للجزيرة نت أن أعداد الزائرين للبركة وللمرقد قل بشكل ملحوظ بسبب جفاف البركة والناتج عن شح المياه بشكل عام.
ويقول الخزاعي إن البركة فيها عيون ماء سطحية تتغذى من المياه الجوفية بداخلها، وبسبب الجفاف الحاصل في عموم البلاد وقلة الأمطار قلت مياه البركة بشكل ملحوظ، كما تسبب جفاف البركة أيضا بحدوث خسوف (انهيارات) في الطرق المحاذية للبركة وبعمق متر واحد، وهي حادثة نادرة من نشهدها من قبل.
ويؤكد الخزاعي أن بركة ماء "حاج يوسف" تعد معلما نادرا وعجيبا، إذ يقصدها الناس من شتى المناطق لاعتقادهم بقدرتها على علاج الأمراض الجلدية لاحتواء مياهها على مواد كبريتية بحسب المنظور العلمي، إلا أن العلاجات لا تشمل جميع الحالات الجلدية بشكل قاطع، مبينا أن البركة يرتادها العشرات يوميا، غالبهم من العراقيين، وتزداد أعدادهم في الأعياد والمناسبات الدينية، كما تزداد الأعداد مع حلول سبتمبر/أيلول من كل عام.
والبركة عبارة عن مياه سطحية تنبع من جوف الأرض ومحافظة على مناسيبها على مر الفترات الماضية، إلا أنها جفت وفقدت مياهها بشكل مفاجئ بسبب انخفاض مناسيب المياه الجوفية والجفاف وغياب الأمطار في المناطق المحيطة بها خلال العام الحالي، إلى جانب ارتفاع درجات الحرارة وعمليات التبخر، بحسب للخزاعي.
بركة ماء تقع عند مرقد الحاج يوسف يطلق عليها البعض تسمية الصيدلية (الصحافة العراقية) توزيع المياهوتعقيبا على حديث الخزاعي، ومن الناحية العلمية، يؤكد خبير المياه وعضو هيئة التدريس في جامعة دهوك رمضان حمزة محمد أن سوء إدارة الموارد المائية في المنطقة أدى إلى توزيع غير عادل للمياه بسبب تفضيل بعض الاستخدامات على الأخرى، مما أثر على مستوى المياه في الأنهار وعلى هذه البركة وغيرها.
ويقول محمد للجزيرة نت إن "الاستخدام غير المستدام للمياه الجوفية جعل الأهالي يلجؤون إلى حفر آبار مائية بطرق عشوائية وغير مستندة إلى دراسة أحواض المكامن (المنابع) الجوفية، والسبب يعود لضعف متابعة الدوائر ذات العلاقة وحاجة السكان للمياه التي قطعتها إيران عن معظم الأنهار والأودية التي تغذي المنطقة بالمياه السطحية والجوفية".
ويبين محمد أن تغير المناخ وارتفاع درجات الحرارة أديا إلى تبخر المياه بسرعة أكبر، مما أسفر عنه انخفاض مستوى المياه في تلك البركة، فضلا عن الاستخدام الزائد للري الزراعي بالطرق التقليدية والاستخدام غير الملائم للمياه في أغراض أخرى، وكذلك نقص هطول الأمطار التي تغذية أحواض الأنهار بالمنطقة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: للجزیرة نت
إقرأ أيضاً:
حكاية كورة.. خوليو بيريز الذي "تبول" في "الماراكانا" وساهم في تتويج أوروجواي بكأس العالم
"الكورة حياة.. ولإن كلنا عندنا شغف بكرة القدم وأخبارها وأحداثها" يضع "الفجر الرياضي" بين أيديكم كل الأخبار والأحداث والتحليلات والحكايات لما تفعله عناصر اللعبة من مسؤولين ومدربين ولاعبين وحكام داخل المستطيل الأخضر وخارجه.
ونقدم لكم هنا "حكاية كورة" والذي سنتناول خلاله حكاوي كروية فريدة من ونوعها وقصص رياضية ممزوجة بنكهة خاصة، نستعرضها في الأسطر التالية:
فعل غريب من لاعب أوروجواي في نهائي مونديال 1950قصة اليوم تعود بالزمن 74 عامًا وتحديدًا نهائي بطولة كأس العالم 1950 التي جرت بين منتخب البرازيل ونظيره منتخب أوروجواي على أرضية ملعب "الماراكانا" العظيم في واحدة من أشهر نهائيات المونديال التي لا تزال محفورة في أذهان عشاق كرة القدم.
نهائي كأس العالم 1950ورغم أن بطولة كأس العالم 1950 وخاصة المباراة النهائية كانت حافلة بالأحداث المثيرة لكن كان هناك فعل غريب حدث في نهائي البطولة من لاعب منتخب أوروجواي “خوليو بيريز” أثناء عزف النشيد الوطني البرازيلي لا يمكن نسيانه أبدًا لغرابته الشديدة.
حكاية كورة| كارلوس هنريكي.. صاحب أكبر خدعة في تاريخ كرة القدم استمرت لربع قرن حكاية كورة| لعنة "توت عنخ آمون" تُطارد صامويل إيتو وتُنهي مشواره مع سامبدوريا الإيطاليمنتخب البرازيل كان مرشحًا بقوة للتتويج ببطولة كأس العالم 1950 ليس لكون البطولة كانت مقامة على أرضه ولكن لأن تشكيلة السامبا كانت مدججة بالنجوم في ذلك الوقت، وظهر ذلك في نتائج الفريق القاسية، وخاصة في المرحلة النهائية بعدما فاز على السويد وإسبانيا 7-1، 6-1 على الترتيب قبل مواجهة أوروجواي في مباراة تحديد بطل المونديال وكانت كل المؤشرات تتجه لمنتخب السامبا.
وقبل المباراة النهائية لبطولة كأس العالم على ملعب الماراكانا والذي كان ممتلئ بالجمهور عن آخره حيث سجلت المباراة أكبر حضور في تاريخ كرة القدم وقتها بـ200 ألف مشجع بالإضافة للملايين من الجماهير خارج الملعب والذين كانوا ينتظرون تتويج البرازيل باللقب العالمي وكان لا يوجد شك بخسارتها في هذه المباراة.
نهائي كأس العالم 1950التوتر كان يسيطر على لاعبي أوروجواي بشكل كبير قبل إنطلاق المباراة بسبب الحضور الجماهيري الكبير وحالة التوعد من جانب منتخب البرازيل بالإضافة للنتائج الكبيرة التي حققها منتخب السامبا قبل المباراة والتي كانت تنذرهم بهزيمة تاريخية.
بينما كان اللاعبون ينتظرون دخول الملعب، ألقى أنجيلو مينديز دي مورايس، حاكم ولاية ريو دي جانيرو، كلمة أشاد فيها بلاعبي البرازيل قائلًا: "أنتم أيها البرازيليون، الذين أعتبرهم منتصرين في البطولة... أيها اللاعبون.. الذين في أقل من ساعات قليلة سوف يحتفلون بهم كأبطال من قبل الملايين من مواطنيكم... أنتم الذين ليس لديكم مثيل في الكرة الأرضية... أنتم المتفوقون جدًا على كل المنافسين الآخرين... أنتم الذين أحييكم بالفعل الفاتحين".
هذه الكلمات زادت توتر لاعبو أوروجواي وكان خوليو بيريز، مدافع منتخب الأوروجواياني متوترًا بشكل كبير منذ دخوله الملعب ومشاهدة الجماهير المحتشدة والتي كانت تهتف بقوة لمنتخب بلادها، وأثناء عزف النشيد الوطني "تبول" على نفسه وبلل ملابسه في فعل غريب ارتبط بذكرى البطولة التاريخية، ولكنه عاد وشارك في المباراة وساهم مع زملائه في تتويج تاريخي بكأس العالم.
خوليو بيريز من مواليد 19 يونيو 1926 كان يلعب في خط الهجوم، لعب لعدد من الأندية خلال مسيرته الكروية منها، راسينج مونتيفيديو، وريفر بليت، وناسيونال مونتيفيديو، وإنترناسيونال، وسجل 9 أهداف مع منتخب أوروجواي، وتوفي عام 2002.