ديالي – بركة ماء يطلق عليها البعض تسمية "الصيدلية" تقع عند مرقد الحاج يوسف، ويزورها العشرات يوميا من رجال ونساء وشيوخ وأطفال، من مناطق عراقية شتى للتبرك بها لاعتقادهم أن مياهها تشفي من الأمراض الجلدية وغيرها التي لا علاج لها عن الأطباء، فما قصتها؟

وما بين أنها مياه مباركة وما بين احتوائها على مواد كبريتية ومعدنية، يسبح الزوار في هذا الحوض المائي ويتمسحون بطينه الذي يشعرهم بدغدغة ولسع مثل لدغة أفعى حتى أطلق على مرقد حاج يوسف لقب "أبو حية".

من الحاج يوسف؟

والحاج يوسف ويلفظ اسمه الأهالي "حاي يوسف" يتصل نسبه بالإمام الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، ويعتقد بعض الباحثين أنه كان من حاملي البريد أثناء الفتوحات الإسلامية الأولى في بلاد الشرق، وقيل إنه كان ساقي الجيش أيضا.

مدير الإعلام وعلاقات دائرة المزارات في الوقف الشيعي أحمد الربيعي، قال للجزيرة نت إن "الحاج يوسف هو أبو الفتح نظام الدين يوسف بن مجد الدين عباد المتوفى سنة 791 هجرية، وإن والده هو مجد الدين عباد (قاضي أصفهان) المتوفى سنة 756 هجرية، وهما من ذرية الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، وقد دفن في هذا المكان على تل أثري، بحسب كتاب "عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب" لابن عِنَبَة".

ويقع المرقد والبركة بين ناحية قزانية وقضاء مندلي شرقي محافظة ديالى شمال شرقي بغداد، ومدينة مندلي التي عرفت قديما باسم "بندنيجين"، واحدة من المدن المعروفة بآثارها ومزاراتها المتعددة وأنهارها وبساتينها وطواحينها المائية، وهي محاذية لإيران من جهة شرقي العراق، وغالب سكانها من الكرد الفيليين.

مرقد حاج يوسف ينسبه بعض الباحثين إلى الإمام الحسن السبط بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما (الصحافة العراقية) من المراقد المجهولة

من جانبه، يرى الباحث في شؤون الأديان والآثار الشيخ عباس شمس الدين، وهو صاحب كتابي "أنبياء العرب" و"مراقد مزيفة"، أن حاج يوسف من المراقد المجهولة، وهو مقام على قبر شخص لكنه غير محدد الهوية، لكن بعض الباحثين ينسبونه إلى الإمام الحسن السبط بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما.

ويقول شمس الدين في حديثه للجزيرة نت إن بعض الباحثين يعتقدون أن حاج يوسف كان من حاملي البريد إبان الفتوحات الإسلامية الأولى في بلاد الشرق، كما قيل إنه ساقي الجيش أيضا، ويكنى أبو حية، وزواره ينذرون له الماعز حصرا، مبينا أن المرقد يقع على تلة فيها ينبوع تجري مياهه في بساتين النخيل، وإلى الشرق من المرقد عين ماء كبريتية يقصدها المصابون بأمراض جلدية.

شفي من الجرب

ويقول المواطن خالد سعيد (38 عاما) أنه كان مواظبا على زيارة شقيقه في السجن كل أسبوع، وفي إحدى المرات أصيب بداء الجرب (مرض طفيلي يصيب الجلد) بسبب العدوى، حيث شعر بحكة ببعض أجزاء جسمه، وسرعان ما راجع أحد أطباء الأمراض الجلدية في بغداد، ووصف له مراهم يدهن بها الأجزاء المصابة، لكن دون جدوى حسب قوله.

ويقول سعيد للجزيرة نت عن تجربته مع "بركة" الحاج يوسف، "كان ذلك قبل نحو عامين، وقد راجعت العديد من أطباء الجلدية، لكن العلاج كان يتطلب المزيد من الوقت ولا أقوى على الانتظار خشية أن أنقل المرض إلى الآخرين، لأن الجرب من الأمراض المعدية، فنصحوني بالذهاب إلى بركة حاج يوسف، وبعدما زرتها ودهنت جسمي بطين البركة، شفيت بعد يومين فقط ولم يعد لي المرض مجددا".

جفاف البركة

وخلال العام الحالي وبسبب شح المياه في عموم البلاد بسبب تغيرات المناخ والاحتباس الحراري جفت البركة بشكل مفاجئ، بحسب مدير ناحية قزانية، مازن أكرم الخزاعي الذي أكد للجزيرة نت أن أعداد الزائرين للبركة وللمرقد قل بشكل ملحوظ بسبب جفاف البركة والناتج عن شح المياه بشكل عام.

ويقول الخزاعي إن البركة فيها عيون ماء سطحية تتغذى من المياه الجوفية بداخلها، وبسبب الجفاف الحاصل في عموم البلاد وقلة الأمطار قلت مياه البركة بشكل ملحوظ، كما تسبب جفاف البركة أيضا بحدوث خسوف (انهيارات) في الطرق المحاذية للبركة وبعمق متر واحد، وهي حادثة نادرة من نشهدها من قبل.

ويؤكد الخزاعي أن بركة ماء "حاج يوسف" تعد معلما نادرا وعجيبا، إذ يقصدها الناس من شتى المناطق لاعتقادهم بقدرتها على علاج الأمراض الجلدية لاحتواء مياهها على مواد كبريتية بحسب المنظور العلمي، إلا أن العلاجات لا تشمل جميع الحالات الجلدية بشكل قاطع، مبينا أن البركة يرتادها العشرات يوميا، غالبهم من العراقيين، وتزداد أعدادهم في الأعياد والمناسبات الدينية، كما تزداد الأعداد مع حلول سبتمبر/أيلول من كل عام.

والبركة عبارة عن مياه سطحية تنبع من جوف الأرض ومحافظة على مناسيبها على مر الفترات الماضية، إلا أنها جفت وفقدت مياهها بشكل مفاجئ بسبب انخفاض مناسيب المياه الجوفية والجفاف وغياب الأمطار في المناطق المحيطة بها خلال العام الحالي، إلى جانب ارتفاع درجات الحرارة وعمليات التبخر، بحسب للخزاعي.

بركة ماء تقع عند مرقد الحاج يوسف يطلق عليها البعض تسمية الصيدلية (الصحافة العراقية) توزيع المياه

وتعقيبا على حديث الخزاعي، ومن الناحية العلمية، يؤكد خبير المياه وعضو هيئة التدريس في جامعة دهوك رمضان حمزة محمد أن سوء إدارة الموارد المائية في المنطقة أدى إلى توزيع غير عادل للمياه بسبب تفضيل بعض الاستخدامات على الأخرى، مما أثر على مستوى المياه في الأنهار وعلى هذه البركة وغيرها.

ويقول محمد للجزيرة نت إن "الاستخدام غير المستدام للمياه الجوفية جعل الأهالي يلجؤون إلى حفر آبار مائية بطرق عشوائية وغير مستندة إلى دراسة أحواض المكامن (المنابع) الجوفية، والسبب يعود لضعف متابعة الدوائر ذات العلاقة وحاجة السكان للمياه التي قطعتها إيران عن معظم الأنهار والأودية التي تغذي المنطقة بالمياه السطحية والجوفية".

ويبين محمد أن تغير المناخ وارتفاع درجات الحرارة أديا إلى تبخر المياه بسرعة أكبر، مما أسفر عنه انخفاض مستوى المياه في تلك البركة، فضلا عن الاستخدام الزائد للري الزراعي بالطرق التقليدية والاستخدام غير الملائم للمياه في أغراض أخرى، وكذلك نقص هطول الأمطار التي تغذية أحواض الأنهار بالمنطقة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: للجزیرة نت

إقرأ أيضاً:

فيلم «متل قصص الحب» يرفع شعار كامل العدد في عرضه الأول بمهرجان القاهرة

بعرضين كاملي العدد، حظى فيلم «متل قصص الحب» للمخرجة ميريام الحاج باستقبال حافل عقب عرضه ضمن مسابقة آفاق السينما العربية بالدورة الـ 45 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، إذ شهد عرضه الأول بالعالم العربي بحضور كل من المخرجة ميريام الحاج، والمنتجة ميريام ساسين، بالإضافة إلى النجمين اللبنانيين دياموند أبو عبود ونيقولا معوض، وعدد من الشخصيات البارزة في صناعة السينما اللبنانية.

فيلم متل قصص الحب يرفع شعار كامل العدد بمهرجان القاهرة

وفي عرضه الأول في مهرجان القاهرة السينمائي امتلأت قاعة المسرح الصغير بالحضور ورفعت لافتة كامل العدد، وكان واضحاً مدى تأثر المشاهدين بقصته التي تتناول حال 3 أجيال في لبنان، عقب العرض ندوة نقاشية مع المخرجة والمنتجة اللاتي تفاعلن مع حماس الجمهور وأسئلتهم.

الاستقبال الحماسي في العرض الأول، أسهم في اكتمال حجوزات العرض الثاني للفيلم يوم الأربعاء 20 نوفمبر قبل بدئه، واكتظت القاعة بالحضور بعد الإشادات التي تلقاها في اليوم الأول.

تدور أحداث الفيلم في لبنان، إذ تروي المخرجة، في شكل مذكرات، أربع سنوات مضطربة لأمة تعيش حالة من الاضطراب، وتكافح من أجل التحرر من أغلالها، بينما تهتز البلاد بسبب الاضطرابات، تتكشف المساعي الشخصية من أجل المعنى والبقاء، وكيف يمكننا الاستمرار في الحلم والعالم ينهار من حولنا؟.

أبطال وصناع فيلم متل قصص الحب

فيلم متل قصص الحب من تأليف وإخراج ميريام الحاج وإنتاج ميريام ساسين وكارين روسزنيفسكي، وهو من بطولة جُمانة حداد وجورج مفرج وبيرلا جو معلولي، ومونتاج أنيتا بيريز ومديري تصوير جهاد سعادة وميريام الحاج ومحمد صيام وموسيقى تصويرية مارك كودسي.

وشهد الفيلم عرضه العالمي الأول في مهرجان برلين السينمائي الدولي ثم انطلق بعدها في جولة سينمائية طويلة في مختلف المهرجانات الدولية مثل مهرجان هوت دوكس الكندي الدولي للأفلام الوثائقية، مهرجان دوكسا للأفلام الوثائقية، مهرجان الشانزليزيه السينمائي، إذ حصل الفيلم على جائزة لجنة التحكيم الكبرى للأفلام الفرنسية.

مقالات مشابهة

  • اشتراكي تعز يقيم مهرجاناً حاشداً بمناسبة ذكرى تأسيس الحزب
  • مياه الفيوم تجرى عمليات تطهير خزانات المياه بالجامعة
  • "مياه الفيوم": تطهير خزانات المياه بجامعة الفيوم
  • عاد للحياة قبل دقائق من حرقه.. حكاية شاب هزّت الهند
  • الحاج حسن تعليقاً على استشهاد علام: خسارتك كبيرة
  • تخريب ثانوية في وهران.. لجنة تحقيق لمعاقبة الفاعلين
  • الحاج حسن: 70% من القطاع الزراعي تضرر
  • أب ينــهار بسبب ابنته لطردها له من مسكنه في الإسكندرية بشكل مفاجىء
  • فيلم «متل قصص الحب» يرفع شعار كامل العدد في عرضه الأول بمهرجان القاهرة
  • أذكار الصباح: مفتاح البركة والسكينة في بداية اليوم