معبر رفح المحترق: لماذا غاب الرد المصري الرسمي؟
تاريخ النشر: 22nd, June 2024 GMT
أثار غياب الرد الرسمي المصري على قيام سلطات الاحتلال الإسرائيلي بحرق معبر رفح على الجانب الفلسطيني، سواء على المستوى الدبلوماسي أو الدولي، العديد من التساؤلات حول موقف القاهرة من هذا التصعيد.
يأتي ذلك في وقت كانت فيه الأنظار تتجه نحو ردود الفعل المحتملة من قبل مصر، باعتبارها الطرف الآخر في المعاهدات والمواثيق الموقعة مع إسرائيل التي لا تجيز مثل تلك التحركات العدوانية التي من شأنها أن تمس السيادة المصرية.
صمت مصر حيال هذه التطورات، بحسب خبراء ومراقبين، يثير الكثير من التساؤلات حول مدى قبولها بالأمر الواقع، وسيطرة الاحتلال الكاملة على المعبر بما يخالف جميع الاتفاقيات الثنائية، مثل اتفاقية كامب ديفيد وملحقه اتفاق فيلادلفيا.
عدم اتخاذ مصر لأي خطوات ملموسة للدفاع عن حقوقها المستمدة من قوة المعاهدات والمواثيق والتأكيد على التزامات الطرفين بالمعاهدات الموقعة يفتح بابا للنقاش حول التبعات المستقبلية لهذه المواقف وانعكاساتها على العلاقات الثنائية والإقليمية.
تجاهلت سلطات الاحتلال كل الدعوات والمناشدات المصرية والدولية بعدم اقتحام مدينة رفح في آيار/ مايو الماضي إلا أنها ضربت بها عرض الحائط، وشنت عملية عسكرية ضروس وأجلت أكثر من مليون فلسطيني من المدينة.
وامتدت سيطرت قوات الاحتلال إلى محور فيلادلفيا (صلاح الدين) واحتلت مساحة كبيرة من الشريط الحدودي بما فيه معبر رفح ثم إحراقه بالكامل دون أدنى رد فعل مصري أو دولي.
وأفادت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي، قبل أيام، إن معبر رفح لم يعد صالحًا للاستخدام بعد تدمير الجانب الفلسطيني منه بالكامل.
وأظهر مقطع فيديو نشرته الإذاعة عبر منصة "إكس" حجم الدمار الذي ألحقه جيش الاحتلال الإسرائيلي بالمعبر، حيث تم تسوية القاعة الرئيسية بالأرض وتدمير المباني المحيطة.
محور فيلادلفيا، أو محور صلاح الدين، هو شريط حدودي بين مصر وقطاع غزة يمتد داخل القطاع بعرض مئات الأمتار وطول 14.5 كيلومترًا من معبر كرم أبو سالم حتى البحر المتوسط.
هذا المحور هو جزء من المنطقة الحدودية التي تقع ضمن الأراضي الفلسطينية بموجب اتفاق فيلادلفيا الذي وقعته إسرائيل مع مصر في أيلول/ سبتمبر 2005، بعد انسحابها من قطاع غزة.
وأدت سيطرة الاحتلال على معبر رفح إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية في القطاع، بسبب منع دخول الغذاء والوقود وتوقف حركة مرور المرضى والجرحى لتلقي العلاج في الخارج، مع خروج معظم مستشفيات القطاع عن الخدمة.
وفي وقت لاحق، نفى مصدر مصري رفيع، صحة الأنباء المتداولة عن موافقة القاهرة على المشاركة بقوة عربية للسيطرة على معابر قطاع غزة.
وحمًل المصدر عبر قناة "القاهرة الإخبارية" إسرائيل مسؤولية غلق المعابر مع قطاع غزة وحصار القطاع، وتدهور الأوضاع الإنسانية بغزة وتجويع أكثر من مليوني فلسطيني
وأضاف المصدر لـ"القاهرة الإخبارية" أن "إسرائيل تسعى لتحميل مصر مسؤولية عدوانها على قطاع غزة واحتلالها منفذ رفح الفلسطيني، وإذا كانت ترغب في فتح المنفذ، فعليها الانسحاب منه ووقف عملياتها العسكرية هناك".
رمزية حرق المعبر.. سياسة نيرونية
اعتبر رئيس حملة التضامن مع فلسطيني في بريطانيا، الدكتور كامل حواش، أن "رمزية إحراق المعبر وتدميره هو تحويل غزة إلى سجن حقيقي فليس هناك أي منفذ لا تتحكم به دولة الاحتلال. كان من الممكن لمصر في بداية الحرب أن تصر على إدخال المساعدات لغزة من المعبر لكنها رضخت لتحذير إسرائيل وقتها".
وأوضح في حديثه لـ"عربي21": أن "قطاع غزة أصبح سجن ولم تعد تربطه بالعالم الخارجي أي وسيلة تواصل، وإسرائيل ترفض عبور وإدخال المساعدات وتسمح للمستوطنين بإتلافها إن دخلت، كما فشل الميناء المؤقت في إيجاد بديل للمعابر بل تم استغلاله لدس جنود أمريكان والهجوم على مخيم النصيرات الذي استشهد به مئات الفلسطينيين لتحرير أربعة أسرى".
وبشأن مسؤولية مصر إزاء حرق وتدمير معبر رفح واحتلال محور فيلادلفيا، أكد حواش أن "على القاهرة مسؤولية كبير لفرض سيادتها على المعبر الحدودي بشكل كامل، وإعلان رفضها احتلال إسرائيل له ولكن ليست هناك بوادر لذلك".
هل تم شراء الموقف المصري
يرى الباحث في الشؤون الأمنية، أحمد مولانا، أن "حرق معبر رفح هو رد على رفض مصر إعادة تشغيل المعبر. خلال شهر يونيو الجاري، فشل اجتماع مصري أمريكي إسرائيلي عُقد بالقاهرة لبحث إعادة تشغيل معبر رفح في الوصول لاتفاق نظرا لرفض الاحتلال السماح بأي مشاركة للسلطة الفلسطينية في تشغيل المعبر".
وأوضح لـ"عربي21": "ومن الملفت أنه عقب الاجتماع ببضعة أيام أحرق جيش الاحتلال كافة مباني معبر رفح من الجانب الفلسطيني، في رسالة استخفاف جلية بمصر التي أصبحت قزما بلا وزن من خلال القيادة السياسية الحالية".
وشدد مولانا على أن "الهدف من حرق المعبر هو إحكام حصار غزة بمنع أي منافذ له خارج سيطرة إسرائيل، وقد بدأ الإسرائيليون في تدشين طريق يربط بين معبر رفح ومعبر كرم أبوسالم"، مشيرا إلى أن "النظام المصري لا تملك شكوى الاحتلال لأنه متواطئ مع إسرائيل منذ بداية الحرب، وقبض مقابل ذلك 60 مليار يورو من الإمارات وصندوق النقد والاتحاد الأوروبي".
أثمان باهظة للقضاء على المقاومة
وصف رئيس المكتب السياسي للمجلس الثوري المصري، الدكتور عمرو عادل، الحرب على غزة بأنها "ممنهجة"، قائلا: ""منذ بداية الحرب في فلسطين والاتجاه العام لغالب النظم العربية هو دعم الكيان الصهيوني للقاء على المقاومة في غزة، لأنهم يعتبرون حتما أن الخطر الوجودي على أنظمتهم ليس من الكيان الصهيوني ولكن من فكرة المقاومة التي أنتجتها حركات المقاومة في قطاع غزة وخاصة مع العملية المعجزة التي حدثت في السابع من أكتوبر".
ودلل في حديثه لـ"عربي21": بأن "مظاهر هذا التحالف الاستراتيجي مع الكيان الصهيوني لا تحصى لوضوحها الشديد وآخرها الدعم الجوي بالمعاونة في صد الهجوم الصاروخي الإيراني وفي الاجتماعات التنسيقية الأمنية والاستخباراتية وربما العملياتية وآخرها المعلن عنها في البحرين. لذلك فرؤية ما يحدث في محور فيلادلفيا لابد أن برى تحت هذه المظلة".
واعتبر الضابط السابق بالجيش المصري أن "الهدف هو سحق المقاومة والأداة المباشرة هي جيش الاحتلال الصهيوني، ولذلك سيستمر دعم النظم العربية إلى ما لا نهاية للكيان الصهيوني بكل الإجراءات الوسائل الممكنة فلا توجد أزمة في خرق السيادة المصرية أو اقتحام المعبر أو قتل عشرات الآلاف ما دامت هذه الإجراءات تسير لتحقيق الهدف الاستراتيجي للمحور المتصهين العربي".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الاحتلال معبر رفح محور فيلادلفيا غزة غزة الاحتلال معبر رفح محور فيلادلفيا المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة محور فیلادلفیا جیش الاحتلال قطاع غزة معبر رفح
إقرأ أيضاً:
حماس: اتفاق وقف النار بغزة قريب ما لم تضع إسرائيل شروطا جديدة
اعتبرت 3 فصائل فلسطينية أن إمكانية الوصول لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى باتت أقرب من أيّ وقت مضى إذا لم تضع إسرائيل شروطا جديدة، بينما أشار قيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أن الاتفاق من الممكن أن يرى النور قبل نهاية العام إذا لم يعطله رئيس الوزراء الإسرائيلي.
وقالت حماس -في بيان اليوم السبت- إن وفودا من قادتها والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بحثت في القاهرة أمس مجريات الحرب الإسرائيلية على غزة، وتطورات المفاوضات غير المباشرة لاتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، ومجمل المتغيرات على مستوى المنطقة.
وقالت أيضا إن وفود الفصائل الفلسطينية الثلاثة اتفقوا على أنّ "إمكانية الوصول إلى اتفاق باتت أقرب من أيّ وقت مضى إذا توقف العدوّ عن وضع اشتراطات جديدة".
وأضافت حماس "اتفقنا مع قادة الجهاد والجبهة الشعبية على الاستمرار في التواصل والتنسيق حول كافة المستجدات المتعلقة بالعدوان الإسرائيلي على شعبنا ومفاوضات وقف إطلاق النار".
وتابعت أنها بحثت مع الجهاد والجبهة الشعبية مشروع لجنة الإسناد المجتمعي لإدارة قطاع غزة، وأهمية بدء خطوات عملية لتشكيل اللجنة والإعلان عنها في أقرب فرصة.
إعلان
"نقاط عالقة غير معطلة"
في سياق متصل، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن قيادي في حماس أنّ "المباحثات قطعت شوطا كبيرا وهامّا، وتمّ الاتفاق على معظم النقاط المتعلقة بقضايا وقف النار وتبادل الأسرى، وبقيت بعض النقاط العالقة لكنّها لا تعطّل".
وأضاف هذا القيادي مشترطا عدم نشر اسمه "الاتفاق يمكن أن يرى النور قبل نهاية العام الحالي إذا لم يعطّله نتنياهو بشروط جديدة".
وأوضح أنّ "الاتفاق في حال تم إعلانه وتنفيذه سيقضي بوقف للحرب تدريجيا والانسحاب العسكري من القطاع بشكل تدريجي، لكنّ الاتفاق ينتهي بصفقة جادّة لتبادل الأسرى ووقف دائم للحرب وانسحاب كلّي من القطاع وعودة النازحين، وعدم العودة للأعمال القتالية بضمانات الوسطاء الدوليين، والإعمار".
نتنياهو يواجه اتهامات متزايدة من المعارضة وعائلات الأسرى الإسرائيليين بعرقلة التوصل لصفقة مع حماس (الفرنسية) إسرائيل: الظروف تحسنتوأول أمس، أبلغ مكتب نتنياهو عائلات الأسرى في قطاع غزة بأن ظروف إبرام صفقة تبادل مع الفصائل الفلسطينية "تحسنت" دون التوصل إلى اتفاق نهائي.
ووفق صحيفة "إسرائيل اليوم" فإنها المرة الأولى التي يصدر فيها مكتب نتنياهو بيانا يتحدث عن "تطور" بالمفاوضات منذ بداية حرب الإبادة -التي تشنها إسرائيل على الحجر والشجر والإنسان الفلسطيني- في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، .
والثلاثاء الماضي، أفادت وسائل إعلام مصرية بأن القاهرة والدوحة تبذلان جهودا مكثفة مع كافة الأطراف للتوصل إلى اتفاق تهدئة في قطاع غزة.
وتحتجز إسرائيل في سجونها أكثر من 10 آلاف و300 أسير فلسطيني، ويُقدر وجود 100 أسير إسرائيلي تحتجزهم المقاومة الفلسطينية بقطاع غزة بينما أعلنت حماس مقتل عشرات منهم في غارات عشوائية إسرائيلية.
وأكدت حماس -مرارا، خلال الأشهر الماضية- استعدادها لإبرام اتفاق، وأعلنت موافقتها في مايو/أيار الماضي على مقترح قدمه الرئيس الأميركي جو بايدن.
إعلانغير أن نتنياهو تراجع عن مقترح بايدن، بطرح شروط جديدة أبرزها استمرار حرب الإبادة الجماعية وعدم سحب الجيش من غزة. بينما تتمسك حماس بوقف تام للحرب وانسحاب كامل لجيش الاحتلال وصفقة تبادل عادلة.
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أعلن، الأسبوع الماضي، أن الجيش يعتزم السيطرة أمنيا على قطاع غزة والاحتفاظ بحق العمل (العسكري) فيه بعد الحرب، كما هو الحال في الضفة الغربية المحتلة.
وتتهم المعارضة وعائلات المحتجزين الإسرائيليين نتنياهو بعرقلة التوصل إلى اتفاق، وذلك للحفاظ على منصبه وحكومته. إذ يهدد وزراء متطرفون، بينهم وزيرا الأمن إيتمار بن غفير والمالية بتسلئيل سموتريتش، بالانسحاب من الحكومة وإسقاطها في حال القبول بإنهاء الحرب.
وبدعم أميركي ترتكب إسرائيل -منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023- إبادة جماعية في غزة خلّفت قرابة 153 ألف شهيد وجريح فلسطينيين معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.
وتواصل إسرائيل مجازرها على مرأى ومسمع من العالم جميعه، متجاهلة مذكرتي اعتقال أصدرتهما الجنائية الدولية في 21 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بحق نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، وذلك لارتكابهما جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في غزة.