سواليف:
2024-12-25@20:54:04 GMT

رسائل إسرائيلية مشفرة تشير إلى قرب انتهاء العدوان

تاريخ النشر: 22nd, June 2024 GMT

#رسائل_إسرائيلية_مشفرة تشير إلى #قرب #انتهاء #العدوان

د. #منذر_حوارات ( خبير استراتيجي ومحلل سياسي)

إن هذا العمل المتمثل بتدمير حماس وجعلها تختفي هو ببساطة ذر للرماد في عيون الناس، وتابع حماس فكرة أنها متجذرة في قلوب الناس، ومن يعتقد أننا نستطيع القضاء عليها فهو مخطئ، وإذا لم تجد الحكومة بديلاً فإن حماس ستبقى.

هذا كلام للضابط الإسرائيلي الأكثر شهرة في الوطن العربي، العميد دانيال هجاري الناطق بإسم جيش الاحتلال.

قبل ذلك كانت المفاجأة التي فجرها هجاري بعد تحرير المحتجزين الأربعة عندما قال في تصريح رسمي أن الجيش لن يستطيع تحرير الأسرى بالوسائل العسكرية وبالتالي على القادة السياسيين أن يذهبوا باتجاه صفقة ما، ولا ننسى الهدنة التكتيكية التي أقرها الجيش في جنوب غزة وهو القرار الذي اعتقد الجميع أنه بطلب من الحكومة، لكن أصيب الجميع بالدهشة عندما صرح نتنياهو غاضباً (لدينا دولة بجيش وليس جيشاً بدولة)، ولا يجب أن يغيب عن البال حل مجلس الحرب والذي بدا وكأنه انعكاسًا لاستقالة الجنراليين بيني غانتس وغادي أيزنكوت ومحاولة من نتنياهو منع دخول المتطرفين بيني غانتس وبن غفير، لكن التدقيق قليلاً يشير إلى أن نتنياهو يوجه البوصلة إلى أن الحرب مقبلة على نهايتها.

مقالات ذات صلة العصر الجاهلي أم عصر ما قبل الإسلام 2024/06/21

صحيح أن كل تلك القرارات المتعلقة بالجيش تم التراجع عنها والاعتذار للمستوى السياسي، لكن لا يمكن إغفال الرسائل التي تحويها تلك القرارات وأنها لم تكن وليدة من المفاجأة أو الصدفة أو حتى الاعتباطية، بالذات إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن العلاقة بين السياسيين والجيش معقدة وتحكمها اعتبارات متعددة، أهمها الدور المحوري والمركزي للجيش في المجتمع والسياسة الإسرائيلية، حيث يحظى بإحترام كبير وفي الغالب يقدم القادة العسكريين مداخلات حاسمة للمستوى السياسي وتعتبر آرائهم محط تقدير كبير، بالإضافة إلى أن العديد من السياسيين الإسرائيليين لهم خلفيات عسكرية.

وإسرائيل عموماً دولة مسكونة بهاجس الأمن، بالتالي فإن السياسيين يعتمدون في غالبية الأحيان على التوصيات العسكرية عند صياغة سياساتهم، وهذا يطمس الخطوط الفاصلة بين المجالين العسكري والسياسي ويؤكد على العلاقة التكافلية بين المؤسسة العسكرية والمؤسسات السياسية.

وبالرغم من ذلك، هناك مساحة مهمة للخلاف بين السياسيين والعسكريين يتيحها النظام الديمقراطي لديهم، ورغم أن السيطرة المدنية على الجيش مبدأً أساسيًا وبموجب ذلك يحق للجيش تقديم آرائه وتوصياته المهنية، إلا أن سلطة اتخاذ القرار تقع على عاتق الحكوميين المنتخبين.

يمكن أن تؤدي هذه الديناميكية إلى خلافات أو اختلافات في الرأي حول مسائل مختلفة، بما في ذلك الاستراتيجيات العسكرية والسياسات الدفاعية وقضايا الأمن القومي. وهذا ما نحن فيه الآن، وهو ما يطرح السؤال: هل بدأ الجيش يرفض فكرة استمرار الحرب بصيغتها الحالية ولماذا؟ تؤكد المعطيات السابقة حول المؤسسة العسكرية والاستخباراتية والأمنية أنها تمثل العقل الباطن للدولة، والتي يبدو أنها وصلت إلى قناعة بأن استمرار الحرب يضر بسمعة إسرائيل، خاصة بعد ورقة بايدن التي تضمنت ثلاث نقاط أساسية، أولها وقف الحرب، وما تلاها من قرار مجلس الأمن الدولي في ١١ حزيران الذي أكد وقف الحرب بمبادرة بايدن.

وبالتالي، قرر الجيش استباق الأحداث وبدأ بتقديم ورقة تتعلق بتقديم المساعدات الإنسانية التي أطلق عليها اسم “الفقاعات الإنسانية”، والتي تهدف في جوهرها إلى تحقيق السيطرة الأمنية على غزة. وحتى يتمكن الجيش من التحايل على وقف إطلاق النار، لا يتبقى عليه سوى العودة للخطة الأساسية للحرب، والتي تتضمن ثلاث محاور أساسية: المرحلة الأولى، التي استمرت ثلاثة أسابيع وتضمنت القصف الجوي والمدفعي والبحري.

أما المرحلة الثانية، التي لا تزال مستمرة وشملت الاجتياح البري والسيطرة على جميع معابر غزة ومحور فليدلفي وخط نتساريم.
أما المرحلة الثالثة، التي وضعت سلفًا ويرغب الجيش في الانتقال إليها، فهي التحول إلى صيغة تشبه ما يحدث بالضفة الغربية، بالاستمرار في العمليات دون إشعال حرب جديدة، والحفاظ على المعابر ومحور فليدلفي.

إذًا، مما سبق ندرك أن الجيش لديه ما يقوله وما تلك القرارات إلا جزءً من حلقات متواصلة غايتها التخلص من الضغط على إسرائيل بالانتقال التكتيكي من الحرب المفتوحة إلى العمليات المنضبطة، وتلك كانت نعمة في يد نتنياهو الذي بدأ سابقًا باستثمار ما يحدث، إذ أظهر حزمه مع الجيش وفي نفس الوقت استخدم تهديدات الجيش للتملص من استفزازات وزيريه المتطرفين وتمكنه لاحقًا من مواجهة الجمهور الإسرائيلي بأن أي قرار بوقف الحرب لم يأتِ إلا بسبب الضغوط التي بدأتها الولايات المتحدة لأغراض انتخابية. وأضيف إليها الضغوط من الجيش، وبالتالي فإنه سيذهب مضطرًا إلى هذا القرار، وفي نفس الوقت يمكنه هذا الضغط من تقديم هدية للإدارة الأمريكية في خطابه المقبل أمام الكونغرس، والذي سيتمثل بإعلانه الانصياع للضغط الأمريكي مما يفيد الإدارة ويفيده هو شخصيًا.

يُستشف من كل تلك الإشارات والمعطيات أن هناك نهاية قريبة للحرب في صيغتها الحالية، وتحولها بشكل نوعي إلى صيغة أخرى أكثر استدامة وأقل استثارة للمجتمع الدولي، بالذات الولايات المتحدة الأمريكية.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: قرب انتهاء العدوان

إقرأ أيضاً:

حرب غزة نظرة إلى الواقع واحتمالات المستقبل.. دراسات إسرائيلية

كان السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023، وما تلاه، حدثا مفصليا في تاريخ المنطقة والعالم. وقد تعددت التقييمات والتقديرات لمجريات الحرب، وما حققته أو لم تحققه الأطراف المنخرطة فيها أو المتأثرة بها. كما كثُرت وتعددت الرؤى لسيناريوهات المستقبل.

وفي هذا الإطار نقدم عرضا لثلاثة دراسات لتقييم وتقدير موقف لحرب غزة، هي:

1 ـ "الحرب في غزة بعد عام: تقييم مرحلي": نشرته "المجلة الإسرائيلية للشؤون الخارجية"، المجلد الثامن عشر، الجزء الأول، 2024. وهي مجلة صادرة عن المؤتمر اليهودي العالمي  WJC. وكاتب المقال هو "تشاك فريليش": نائب سابق لمستشار الأمن القومي في إسرائيل، ويُدرس العلوم السياسية في جامعات هارفارد وكولومبيا ونيويورك وتل أبيب.

2 ـ "حرب يخسرها كلاهما: إسرائيل وحماس ومحنة غزة": نشرته "مجلة البقاء"، المجلد 66، العدد الثالث، 2024. وهي من إصدار المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية IISS. وكاتب المقال هو "دانيال بايمان": أستاذ في كلية الخدمة الخارجية بجامعة جورج تاون، وزميل أول في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية CSIS.

3 ـ "كيف يمكن لإسرائيل وإدارة ترامب كسب الحرب وتشكيل الشرق الأوسط": نشره معهد القدس للاستراتيجية للأمن" ، في  16/12/2024، للجنرال المتقاعد يعقوب عميدرور المستشار الأسبق للأمن القومي الإسرائيلي، كما عمل سابقا رئيسا لقسم الأبحاث بالاستخبارات العسكرية الإسرائيلية.

أهم ما تضمنته المصادر الثلاثة

في السابع من أكتوبر 2023، استخدمت حماس مُسيرات وتدابير منخفضة التقنية لمفاجأة وتحييد كاميرات المراقبة المتطورة وأنظمة إطلاق النار الآلية بالسياج العازل على الحدود بين غزة وإسرائيل. واخترق 3800 من مقاتلي حماس السياج في 119 مكانا، واجتاحوا القواعد العسكرية، والقرى والبلدات الحدودية، وتوغلوا 25 كيلومترا في منتصف الطريق إلى بئر السبع، وثلث الطريق إلى مفاعل ديمونة النووي.

كيف أدرات إسرائيل الحرب؟

منذ السابع من أكتوبر، اتبعت إسرائيل سياسة الأرض المحروقة والإبادة الجماعية في قطاع غزة، وتوجيه ضربات محدودة في لبنان وإيران إلى منتصف سبتمبر عندما ضربة مؤثرة لحزب الله فيما عرف ب"ليلة الاستدعاءات" أو "حرب البيجرات"، ثم الدخول في حرب شاملة مع الحزب. وقدم الجنرال عميدرور عرضا لأهداف إسرائيل في الحرب، وطريقة إدارتها فقال: تشن إسرائيل حربا على أربعة مستويات: حماية المواطنين الإسرائيليين داخل إسرائيل وفي المناطق الحدودية؛ استعادة مكانتها  في المنطقة والعالم؛ على قلوب وعقول المسلمين في المنطقة ليترسخ لديهم أن حركات المقاومة السنية الشيعية تجلب كارثة لشعوبها؛ وعلى عقول الغرب ليعلموا أنه هو التالي إذا فشلت إسرائيل في مواجهة حركات المقاومة الإسلامية. ولذلك قامت استراتيجية إسرائيل في هذه الحرب على ثلاثة مبادئ رئيسية تختلف عن حروبها السابقة: تدمير التهديدات أو على الأقل تقليلها بشكل كبير، التركيز على ساحة واحدة قدر الإمكان، وعدم تحديد الخطط المستقبلية قبل تحقيق الإنجازات. ولذلك، لم يتم اتخاذ أي قرار بشأن الإدارة المدنية لغزة في "اليوم التالي".

غير معروف نظرة الفلسطينيين للدور المستقبلي لحماس المستقبلي في السياسة الفلسطينية. فلا يمكن الاعتماد على استطلاعات الرأي وحدها، والتي تراوحت بين: الدعم الساحق لحماس عند اندلاع الحرب، أو اعتبار الكثيرين أن الدمار الهائل في غزة هو هزيمة ساحقة ونكبة جديدة.الآثار الحالية والمستقبلية للحرب

هذه الحرب لها آثار تاريخية على إسرائيل والفلسطينيين والمنطقة، كالتي جرت بعد حربي 67 و 73. قد يكون بعضها غامضا الآن؛ لكن بمجرد توقف الصراع، فقد تجد إسرائيل وحماس نفسيهما في وضع أسوأ مما كانا عليه قبل الحرب. وإن مرور عام علي الحرب هو وقت مناسب لتقييم ما أنجزته وما لم تنجزه الجهات الفاعلة الرئيسية فيها، ولرسم المسار المحتمل في المستقبل المنظور:

أولا ـ حماس

كان العام الأول للحرب بمثابة تقاطع بين متناقضين بالنسبة لحماس: النجاح الدراماتيكي، والكارثة التاريخية. ويمكن لها أن تدعي بحق أنها المنظمة الفلسطينية الأكثر فعالية على الإطلاق لتحدي إسرائيل:

1 ـ فهي القوة العربية الوحيدة منذ 1948 التي احتلت أراضي داخل إسرائيل، ولو بشكل عابر.

2 ـ تسببت في إحداث أكبر صدمة نفسية في تاريخ إسرائيل، وحطمت شعور الجمهور الإسرائيلي بالأمن.

3 ـ نجحت في استعادة الفلسطينيين الثقة في كفاءتهم الأساسية، وقدرتهم على الوقوف في وجه إسرائيل.

4 ـ حققت هدفها الأدنى المتمثل في مجرد النجاة من الهجوم الإسرائيلي المضاد، واحتفظت إلى حد كبير بالسيطرة السياسية في غزة، وأعادت تشكيل كتائبها في بعض مناطق القطاع.

5 ـ إعادت القضية الفلسطينية إلى مركز الاهتمام الدولي، على النقيض من الجهود العقيمة التي بذلتها السلطة الفلسطينية..

6 ـ أكدت أن القضية الفلسطينية لا يمكن تنحيتها في أجواء استمرار إسرائيل في التمتع بامتداد التطبيع والتكامل الإقليمي والنمو الاقتصادي.

7 ـ وفرت الرهائن لحماس درجة غير متوقعة من النفوذ، وأدت إلى توترات داخل إسرائيل.

8 ـ عرقلت قطار التطبيع الذي كان أوشك على إقامة علاقات رسمية بين إسرائيل والسعودية. وكان من المحتمل أن يؤدي إلى مزيد من توسيع العلاقات مع الدول الإقليمية والإسلامية الأخرى.

9 ـ ازدياد الدعم الدولي للفلسطينيين، وأعربت قطاعات من الرأي العام العالمي عن تضامنها مع حماس.
 
10 ـ تعزيز جهود نزع الشرعية عن إسرائيل، وعزلها دبلوماسيا.

وعلى عكس النجاحات التي حققتها خلال العام الأول من الحرب، فهناك مجموعة من الاخفافات هي:

1 ـ هُزمت حماس عسكريا؛ لكنها ليست هزيمة كاملة..

2 ـ دمار شامل وكبير بقطاع غزة.

3 ـ نجاح جزئي في جر محور المقاومة: ففي الأسابيع الأولى، عندما كان من الممكن أن يُحدِث تدخل إيران وحزب الله فرقا حاسما؛ لم تُلبِ طهران مناشدات حماس للتدخل في القتال. أما حزب الله، فقد أبقى الأعمال القتالية عند مستوى يهدف إلى تجنب تصعيد كبير مع إسرائيل يجبرها على تحويل مواردها الرئيسية من غزة إلى الحدود الشمالية. وأطلق الحوثيون والميليشيات الشيعية الصواريخ والمسيرات بشكل متقطع فقط. ولم يتغير هذا الوضع في معظم العام الأول للحرب.

4 ـ غير معروف نظرة الفلسطينيين للدور المستقبلي لحماس المستقبلي في السياسة الفلسطينية. فلا يمكن الاعتماد على استطلاعات الرأي وحدها، والتي تراوحت بين: الدعم الساحق لحماس عند اندلاع الحرب، أو اعتبار الكثيرين أن الدمار الهائل في غزة هو هزيمة ساحقة ونكبة جديدة.

ثانيا ـ إسرائيل

1 ـ  نجاح عسكري جزئي

على المستوى العسكري البحت، حققت إسرائيل نجاحا كبيرا. فقد دمرت الكتائب التي نشرتها حماس، أو أدت إلى تدهورها بشدة. ولم تعد حماس تشكل قوة عسكرية متماسكة، وفقدت قدرتها على شن هجوم مماثل للسابع من أكتوبر لسنوات عديدة قادمة. وتم إنشاء منطقة عازلة على طول الحدود مع غزة، وأعادت إسرائيل بسط السيطرة على ممر فيلادلفيا ومعبر رفح. وفقدت حماس الكثير من مقاتليها وقادتها.

ومع ذلك، ومع مرور عام، لم تُهزم حماس بالكامل. ولا يزال بإمكانها شن هجمات ضد الجيش الإسرائيلي. وتحتفظ بعدد صغير من الصواريخ. ولم تتمكن إسرائيل من تدمير شبكة الأنفاق الضخمة بالكامل التي تزيد عن 500 ميل. ولا يزال 100 رهينة بيدها، مما يضع الحكومة الإسرائيلية أمام تحد استراتيجي.

2 ـ فشل إيجاد بديل لحماس

على الرغم من أن السيطرة السياسية لحماس على غزة قد ضعفت بشكل كبير، إلا أنه لم يتم القضاء عليها. وأدى فشل إسرائيل في تقديم بديل لحماس إلى جعلها الهيئة الحاكمة في غزة بحكم الأمر الواقع.

3 ـ عدم تحقيق الأهداف الاستراتيجية للحرب

حددت إسرائيل أهداف الحرب على أنها التدمير العسكري والسياسي الكامل لحماس، وإطلاق سراح الرهائن، وتحقيق "النصر الكامل". وكلها أهداف لم تتحقق حتى الآن. وكان أكبر فشل في نظر الجمهور الإسرائيلي هو عدم قدرة الحكومة على إنقاذ الرهائن أحياء، سواء من خلال العمل العسكري أو المفاوضات، وهو ما استغلته حماس في إطار الحرب النفسية لإضعاف عزيمة المجتمع الإسرائيلي. ومع ذلك، تلاعب نتنياهو بالقضية لأغراض سياسية، ولم يستفد من أي فرصة متاحة لإطلاق سراحهم.

4 ـ فشل جزئي في عملية التطبيع

رغم تأجيل الحرب لاحتمالات التطبيع بين إسرائيل والسعودية؛ فقد استمر التعاون العسكري مع بعض دول الخليج والدول العربية، وربما تكثف هذا التعاون في بعض الحالات. ومع ذلك، فإن فشل إسرائيل في تقديم تصور لما بعد الحرب  حال دون إضفاء المزيد من الطابع الرسمي على التحالف.

5 ـ عزلة دولية

أثرت الحرب بشدة على مكانة إسرائيل الدولية، وأدت إلى تعاطف دولي مع الفلسطينيين لم يُسمع به من قبل. واعتبر الأوروبيون في استطلاعات الرأي أن إسرائيل تهديد كبير للسلام أكثر من إيران وكوريا الشمالية وروسيا. وأصبحت المواقف تجاه إسرائيل عدائية بشكل كبير، وتزايدت الإدانة الدبلوماسية، وتعززت مبادرات المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات ضد إسرائيل، ووُجهت اتهامات الإبادة الجماعية وارتكاب جرائم الحرب في محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، مما أدى إلى عزلة إسرائيل.

6 ـ صدمة عميقة وانقسام داخل المجتمع الإسرائيلي

لا يزال المجتمع الإسرائيلي يعاني من صدمة عميقة بسبب الحرب، الذي استهلكه رعب الأيام الأولى، واحتجاز الرهائن، والقتال في غزة، وإطلاق النار المستمر في الشمال. وكان في 2023 قبل الحرب يترنح بالفعل بسبب ما يسمى ب"الإصلاح القضائي". وهو ما سبق للجيش ووكالات الاستخبارات أن حذروا نتنياهو من أن هذه الانقسامات العميقة والمعارضة التي أثارها الإصلاح المقترح ستضعف إسرائيل عسكريا وتشجع خصومها على الاستفادة من الفوضى الداخلية لبدء أعمال عدائية. ثم أدى اندلاع الحرب إلى استعادة الإجماع الوطني الأساسي؛ ولكن سرعان ما تجددت الانقسامات. ويلوم بعض الإسرائيليين نتنياهو على عدم تحمله المسؤولية عن الفشل الاستراتيجي الذي يعكسه السابع من أكتوبر. وبينما يريد اليمين المتطرف الاستمرار في الحرب؛ فإن الإسرائيليين الآخرين أكثر استعدادا لقبول وقف إطلاق النار مقابل إطلاق سراح الرهائن.

ثالثا ـ إيران ومحور المقاومة

أظهر السابع من أكتوبر هشاشة أمن إسرائيل، وزاد من إيمان محور المقاومة بقدرته على تحقيق هدفه النهائي بتدمير إسرائيل في وقت أبكر مما كان يتوقع. وأحبطت الحرب مؤقتا خطر التطبيع السعودي الإسرائيلي، والتكامل الإقليمي مع إسرائيل. وانهارت صورة إسرائيل الدولية.

كان أكبر فشل في نظر الجمهور الإسرائيلي هو عدم قدرة الحكومة على إنقاذ الرهائن أحياء، سواء من خلال العمل العسكري أو المفاوضات، وهو ما استغلته حماس في إطار الحرب النفسية لإضعاف عزيمة المجتمع الإسرائيلي. ومع ذلك، تلاعب نتنياهو بالقضية لأغراض سياسية، ولم يستفد من أي فرصة متاحة لإطلاق سراحهم.وكان لقدرة حماس على النجاة من الهجوم المضاد الإسرائيلي تداعيات مهمة على محور المقاومة. فقد اعتبره فعالا لمواجهة التفوق التقليدي الساحق لإسرائيل. وللمرة الأولى شنت إيران هجوما مباشرا كبيرا على إسرائيل بدلا من الاقتصار على هجمات وكلائها. وواصل حزب الله أعماله على طول الحدود، محولا شمال إسرائيل إلى أرض محايدة. وقدم الحوثيون مساهماتهم الخاصة. وقد خدمت الحرب عددا من المصالح الاستراتيجية لإيران:

1 ـ تحويل الانتباه الدولي عن برنامج طهران النووي، مما مكنها من تحقيق المزيد من التقدم فيه.

2 ـ إظهار إيران كزعيم إقليمي وقوة مهيمنة محتملة.

3 ـ تعزيز العلاقات مع بكين وموسكو وموقعها داخل المعسكر الأوسع المناهض للغرب.

4 ـ زيادة تطلعات إيران الطويلة الأمد للعب عالمي.

وفي الوقت نفسه، كشفت الحرب عن الاختلافات وحدود التحالف داخل المحور. فلم تشارك إيران وحزب الله في الحرب بعد اندلاعها بشن هجوم شامل منسق متعدد الجبهات على الفور ضد إسرائيل. ولو فعل المحور ذلك، لكان الهجوم المشترك كافيا لتوجيه ضربة قاضية كانت تطمح حماس توجيهها إلى إسرائيل.

وقدم الهجوم الإسرائيلي على حزب الله دليلا آخر على حدود تماسك وفعالية محور المقاومة، فأطلق الحوثيون والميليشيات الشيعية الأخرى بعض الصواريخ والقذائف المتقطعة، واكتفت إيران بالهجوم الصاروخي في 1 تشرين الأول/أكتوبر 2023، وأوضحت أنها تفضل رؤية نهاية للقتال. لكن، لا يزال من السابق لأوانه شطب محور المقاومة.

رابعا ـ الضفة الغربية

كانت الضفة الغربية صندوق بارود لتصدي الفلسطينيين للاعتداء المتكرر للمستوطنين. ومنذ السابع أكتوبر، أصبحت إسرائيل أكثر عدوانية في الضفة، وبدأ المستوطنون هناك في حالة من الفوضى:

ـ حتى نهاية أبريل/نيسان 2024، اعتقل الجيش أكثر من 8000 فلسطيني في الضفة، وقتل أكثر من 400 فلسطيني.

ـ أصبح عدد الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية أعلى مما كان عليه قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر

ـ زاد عنف المستوطنين بشكل كبير، مع انتشار جرائم القتل وتدمير الممتلكات الفلسطينية.

ـ كثفت الحكومة الإسرائيلية عمليات الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، وسهلت عملية تسليح المستوطنين، ومنحهم وزراء اليمين المتطرف تفويضا مطلقا في وضع قابل للاشتعال بالفعل.

خامسا ـ السلطة الفلسطينية

أعادت حماس تأكيد نفسها كقوة مقاومة وقوة حكم مما يجعلها قلب الحركة الوطنية الفلسطينية. ونجحت حماس في إطلاق سراح بعض الأسرى الفلسطينيين في صفقات التبادل في بداية الحرب؛ بينما فشلت السلطة الفلسطينية في تحقيق مثل هذه الإفراجات التي رفضتها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة. وقد أظهرت  استطلاعات الرأي أن معظم الفلسطينيين، خاصة في الضفة الغربية، يفضلون حماس على السلطة التي ليس لديها نظرية حقيقية للنجاح، وهي تقمع المقاومة بدلا من تعزيزها، ورهانها على عملية سلام لإقامة دولة فلسطينية مجرد وهم. أما السلطة الفلسطينية نفسها فهي في أزمة للأسباب التالية:

ـ اُبتليت السلطة بالخلل الوظيفي والفساد والاستبداد. ولذلك، لا تحظى بشعبية كبيرة.

ـ أدى التوسع الاستيطاني في الضفة، وجرائم المستوطنين، والغارات المنتظمة التي يشنها الجيش، إلى تقويض مصداقية السلطة التي يراها العديد من الفلسطينيين أنها خادمة للاحتلال الإسرائيلي.

ـ ليس لعباس خليفة واضح، ومن المحتمل أن تنقسم القيادة الفلسطينية عندما لا يكون قادرا على القيادة، وفي هذه الحالة يمكن لحماس أن تحل محلها في الضفة الغربية.

ـ فقدان السلطة للمصداقية السياسية. فهي قبل الحرب، تعاونت قواتها بانتظام مع إسرائيل ضد حماس والمنظمات الأخرى

ـ لا يفعل عباس شيئا يذكر في الضفة الغربية لتثبيط العمليات العسكرية الإسرائيلية المفرطة في العدوانية والتي تنفذها دفاعا عن المستوطنين الذين كثيرا ما يهاجمون المدنيين الفلسطينيين.

رابعا ـ الولايات المتحدة

قدمت واشنطن لإسرائيل دعما استراتيجي وعسكريا ودبلوماساي ساحقا لضمان قدرتها على الدفاع عن نفسها، وردع محور المقاومة، وتعزيز التحالف الإقليمي المناهض لإيران. وبحلول أوائل 2024، تبنت إسرائيل المخطط العسكري الأمريكي لغزة: فترة أولية من الحرب الشديدة، يتبعها انسحاب معظم القوات الإسرائيلية، وعمليات مركزة مستمرة ضد التهديدات الملموسة. ورغم كل ما قدمته، فلم تتبن إسرائيل الرؤية الأمريكية بالكامل، وركزت بدلا من ذلك فقط على الأبعاد العسكرية للحرب، وأثارت مطالب قوضت صفقة الرهائن.

ولردع محور المقاومة، نشرت واشنطن وجودا عسكريا كبيرا في المنطقة على مدار العام، بما فيها مجموعات حاملات الطائرات؛ لكنها لم تحقق سوى نجاح جزئي. فقد استهزأت إيران بالردع الأمريكي في هجوم أبريل وأكتوبر. ومما لا يثير الدهشة أن الردع الأمريكي أثبت أنه أقل نجاحا في ما يتعلق بحزب الله والحوثيين والميليشيات الشيعية الأخرى، وفشلت في رفع الحصار الحوثي عن البحر الأحمر.

سؤالان مهمان: 

1 ـ هل هناك بديل مستقبلي لحماس؟

في السنوات المقبلة، ستتبع إسرائيل سياسة "إطلاق النار أولا"، ولو بناءًا على استخبارات سطحية. وسيؤدي ذلك إلى المزيد من الأخطاء الإسرائيلية، ومقتل الفلسطينيين الأبرياء؛ لكنه سيعني أيضا ضغطا مستمرا على حماس، وسيحصل المنافس لها - ولو كان السلطة - على دعم إسرائيلي ودولي أكبر.

2 ـ هل تستطيع إسرائيل القضاء على حماس؟

لن يغير قتل آلاف من مقاتلي حماس من ميزان القوى بشكل كبير. ولن يكون موت قائد ك"السنوار" و"الضيف" ذا فائدة كبيرة. فلدى حماس رصيد كبير من القادة، ولديها القدرة على سرعة التكيف. لذا، فهي أقوى بكثير على المدى الطويل. وستؤدي الحرب إلى امتلاء غزة بالشباب المستعدين للانضمام إليها. حتى لو هُزمت عسكريا، فستظل نظريتها عن المقاومة، كسبيل وحيد لتحرير فلسطين، مقنعة للفلسطينيين.

الاستنتاجات

هناك مجموعة من الاستنتاجات المهمة التي تبين المتاهات الاستراتيجية التي دخلت فيها إسرائيل بسبب طوفان الأقصى:

1 ـ الغرق في وحل غزة: إن تحول التركيز الدولي والعربي إلى وقف القتال وضمان الانسحاب والبدء في الإعمار سيجعل إسرائيل معرضة لخطر الغرق مرة أخرى في احتلال طويل الأمد لغزة.

لن يغير قتل آلاف من مقاتلي حماس من ميزان القوى بشكل كبير. ولن يكون موت قائد ك"السنوار" و"الضيف" ذا فائدة كبيرة. فلدى حماس رصيد كبير من القادة، ولديها القدرة على سرعة التكيف. لذا، فهي أقوى بكثير على المدى الطويل. وستؤدي الحرب إلى امتلاء غزة بالشباب المستعدين للانضمام إليها. حتى لو هُزمت عسكريا، فستظل نظريتها عن المقاومة، كسبيل وحيد لتحرير فلسطين، مقنعة للفلسطينيين.2 ـ تراجع حل الدولتين: إذا كانت غزة البعيدة نسبيا قد غزت إسرائيل، فسيكون من المستحيل توفير ترتيبات أمنية فعالة في الضفة الغربية التي تتاخم المراكز السكانية في إسرائيل. وهكذا، قللت الحرب من احتمالات حل الدولتين.

3 ـ قيام الأمن القومي الإسرائيلي على افتراضات خادعة: مثل الافتراض بأن تفوقها الاستخباراتي يضمن لها الإنذار المبكر الكافي قبل أي هجوم كبير، وأنها قادرة على تحقيق نصر عسكري حاسم على حماس دون مساعدة كبيرة من الولايات المتحدة. ومثل الاعتماد على جيش صغير ذكي لتحقيق النصر. وكلها افتراضات ثبت خطأها في حرب غزة.

4 ـ مخاطر غياب استراتيجية لما بعد الحرب: يغذي الاحتمالات المتزايدة لاندلاع الصراع في الضفة الغربية، ومخاطر نشوب صراع حاد مع إيران. وقد يفاقم التوترات مع الولايات المتحدة والشركاء الدوليين والإقليميين، ويزيد العزلة الدولية. وسيكون التأثير كبيرا على الاقتصاد الإسرائيلي والنسيج الاجتماعي المتأثر بشدة بسبب الحرب.

5 ـ التورط الأمريكي في المنطقة: أصبحت واشنطن تلعب مرة أخرى الدور القيادي بين القوى العالمية، وأزالت جزئيا مخاوف حلفائها فيما يتعلق بلتزامها بأمنهم والتغلب على التحديات التي يواجهونها.

مقالات مشابهة

  • "حماس": شروط إسرائيلية جديدة تُعطِّل التوصل إلى اتفاق وقف الحرب
  • حماس: شروط إسرائيلية جديدة تعطل التوصل إلى اتفاق وقف الحرب
  • لأول مرة منذ وقف إطلاق النار.. غارة إسرائيلية تستهدف بقاع لبنان
  • قراصنة كوريون شماليون يسرقون عملات مشفرة بـ308 ملايين دولار
  • حرب غزة نظرة إلى الواقع واحتمالات المستقبل.. دراسات إسرائيلية
  • العسكرية السابعة ترفع الجاهزية وتناقش الترتيبات لمواجهة أي تحركات لقوى العدوان وأدواتها
  • المنطقة العسكرية السابعة تؤكد جاهزيتها لإفشال مخططات العدوان
  • أبناء أرحب يؤكدون جهوزيتهم لكل الخيارات التي يوجه بها قائد الثورة
  • مع قرب انتهاء حرب أوكرانيا وسقوط الأسد.. هل يؤثر ذلك على الوجود الروسي في ليبيا؟
  • مع قرب انتهاء حرب أوكرانيا وسقوط الأسد.. هل يؤثر ذلك على التواجد الروسي في ليبيا؟