لجريدة عمان:
2025-03-16@17:52:22 GMT

محافظات جاذبة مولدة للفرص

تاريخ النشر: 22nd, June 2024 GMT

تناولنا في المقال السابق الممكنات التي وضعها المشرع وصانع السياسة العامة للانتقال المدروس نحو اللامركزية وتنمية المحافظات في سياق مجمل الأربع سنوات الماضية من رؤية «عُمان 2040»، وذكرنا أن مجمل هذه الممكنات صنعت زخمًا تنمويًا أبرز هذه الأولوية، وحَشَدَ الوعي التنموي إزاءها، وأن المرحلة القادمة إنما تتطلب النظر إلى بعض التدخلات على مستوى السياسة العامة والاستراتيجية لجعل المحافظات بؤرًا جاذبة؛ بالأبعاد المتكاملة لمفهوم الجذب، وبؤرًا مولدة للفرص؛ في الفرص الاقتصادية وجودة الحياة والفرص الاجتماعية وكافة الأبعاد التي تشكل مفهوم (الفرص).

ذكرنا أحد التدخلات الأولى التي يمكن تطبيقها في سياق ذلك؛ وهي تعزيز اللامركزية من خلال السياسات والنظم المرنة، وفصلنا في سياق ذلك سياسات العمل نموذجًا.

نعتقد على غرار ذلك أن هناك أداة أخرى يمكن أن تنشط حركة المحافظات في الجذب وتوليد الفرص؛ وهي خلق أسواق استهلاكية نوعية داخل المحافظات. وإذ حددت الاستراتيجية الوطنية للتنمية العُمرانية في تأطيرها الشمولي نموذجًا اقتصاديًا لاقتصاد كل محافظة، يحدد الكيفية التي تتحول بها ميزتها النسبية إلى عناصر إنتاجية تخدم الاقتصاد والحياة فيها؛ إلا أنه يمكن أيضًا أن يشتغل الاقتصاد المحلي للمحافظات على خلق تجمعات استهلاكية نوعية؛ كأن تركز محافظة بعينها على أن تكون تجمعًا للمؤسسات والورش المعنية بصيانة المركبات وقطع غيارها؛ وأن يقدم هذا التجمع في صيغته التنافسية منتجات نوعية، ويتم دعمه للحصول على وكالات دولية، ويتم تقديم كافة الخدمات التي تسهل اكتمال سلسلة القيمة في هذا التجمع على شكل سوق استهلاكية متكاملة. أو أن يكون في محافظة أخرى تجمعًا نوعيًا لمدينة تعليمية متكاملة؛ تحتضن مؤسسات أكاديمية ومراكز بحثية مرتبطة بمعارفها، ومختبرات متكاملة لدعم طلبتها وأكاديمييها، ومستشفيات نوعية للتدريب والبحث والعلاج - إن كانت تقدم معارف في الطب والتمريض -، ومدارس نوعية متخصصة لتطبيقات التربية، وحاضنات تقانة ومعارف وابتكار يمكن أن تخرج من إطار مشروعاتها المتبناة منتجات ومؤسسات تدعم أسواقها وتنوع اقتصادها. وبالتالي تصبح وجهة جاذبة يُشتغل على الاستثمار كذلك في سلسلة القيمة المحيطة بها لتكتمل كافة عناصر الجذب وتتشكل السوق الاستهلاكية النوعية المتكاملة. وسيعتمد هذا التوجه في عموم المحافظات على ثلاثة أبعاد أساسية: أولها الاتساق مع النموذج الاقتصادي المحدد في الاستراتيجية الوطنية للتنمية العُمرانية، وثانيها التوجه الاستراتيجي للمحافظات بما في ذلك نمو الساكنين فيها وعناصر الجذب الحالية وجدوى الاستثمار في مثل هذا النوع من المشروعات، أما ثالث الأبعاد فيتصل في الكيفية التي يمكن أن تكون بها هذه الأسواق مشروعات نوعية وتنافسية، تبدأ تنافسيتها في الإطار المحلي وتتطور لتشمل الإطار الإقليمي والدولي.

أما التدخل الثالث الذي نقترحه في سبيل تنمية خارطة الفرص في المحافظات وتعزيز الجاذبية فهو تشجيع المحافظات على تبني أفضل ممارسات الاستدامة الحضرية على المستوى (القروي)؛ ونقصد هنا كيفية تشجيعها على الاشتغال على بعض الأحياء السكنية القائمة حاليًا في ولايات هذه المحافظات، وحفز الساكنين بالشراكة مع مؤسسات الإدارة المحلية على الانتقال بهذه الأحياء إلى أحياء مستدامة، ويمكن وضع إطار وطني لمفهوم الحي المستدام، بسماته العُمرانية والمكانية، وأنماط التخضير والتنقل التي لابد أن يتضمنها، ونوعية استخدامات الطاقة فيها، وثقافة الساكنة فيما يتصل بمفاهيم الاستدامة وآليات تكييف سلوكهم لتتوافق مع تلك المفاهيم. ولنقل إن هذا نموذجًا جديدًا مطورًا مما كان يُشتغل عليها سابقًا في إطار تنافس الأحياء في (شهر البلديات) ولكن يراعي الأبعاد والمحددات الجديدة التي دخلت على مفهوم التنمية المستدامة، وتحديدًا استدامة التجمعات السكنية، والتحول نحو جودة الحياة بمفهومها المتكامل.

هناك تدخل رابع يمكن التركيز عليه في سياق تنمية الفرص وتعزيز الجذب كذلك؛ ويتصل بوضع مفهوم لصناعة الترفيه في المحافظات، ونقصد هنا الترفيه بمفهوم الشامل؛ بمعنى تلك الفرص المتاحة على هيئة (مقاصد - مواسم سياحية - أنشطة - ومهرجانات - وفعاليات...) التي تمكن ساكن المحافظة من الاستفادة منها لتخفيف الضغوطات اليومية، وتجديد وتيرة الحياة. ولا شك أن المواسم والمهرجانات التي شرعت المحافظات في تنفيذها خلال العامين الماضيين تحديدًا دعمت اقتصاد الاستهلاك في المحافظات، وعززت حركة الأفراد بين المحافظات نسبيًا. إلا أن التصور الذي نحتاجه على المدى البعيد هو كيفية خلق مقاصد دائمة، تتواكب مع احتياجات الأفراد في المحافظات وتطلعاتهم من ناحية، وتسوق للميزة الثقافية المعنوية للمحافظة من ناحية، وتولدًا سوقًا قادر على التكامل مع الأسواق الأخرى داخل المحافظة. وقد ينشأ هناك تحفظًا حول هذه المسألة نتيجة ما يثار حول جدلية صناعة الترفيه في المنطقة، وهنا نعتقد أن النموذج يمكن التحكم، بل وتحفيز مساهمة المجتمع في اقتراح النماذج المطلوبة، وتمكين مشاركة الأفراد في صنع توجهات وخطط الترفيه المقبول داخل المحافظات.

هذه أفكار متفرقة؛ ومؤكدٌ أن عصف أفكار المجتمع والمختصين بشكل دوري من شأنه أن يولد أفكارًا نوعية؛ والأهم أن تبقى المحافظات مشغلًا كبيرًا دائمًا لاستمطار الأفكار وتحويلها بشكل جاد إلى مشروعات. ومن المهم في سياق خطط التنمية القادمة وأولها (خطة التنمية الخمسية الحادية عشرة) أن يتم التركيز في هذا الشأن على كيفية تعظيم البنى الأساسية المتحققة في هياكل هذه المحافظات، وأن يشجع الاستمرار في استثمار المقاصد التاريخية والتراثية مثلما بدأ في السنوات الأخيرة، وأن تتاح الفرص لإقامة حاضنات الأعمال وحاضنات الابتكار التحويلي لتجسير الفجوة بين أفكار الشباب والدارسين والباحثين وبين تحويل تلك الأفكار إلى فرص اقتصادية تضيف زخمًا اقتصاديًا وتنمويًا للمحافظة.

مبارك الحمداني مهتم بقضايا علم الاجتماع والتحولات المجتمعية في سلطنة عمان

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی المحافظات فی سیاق

إقرأ أيضاً:

منتدى الاستثمار الرياضي 2025: الحدث الأكبر لتعزيز نمو القطاع الرياضي في المملكة

المناطق_الرياض

برعاية وزارة الرياضة ووزارة الاستثمار، ينطلق منتدى الاستثمار الرياضي 2025 يوم 7 أبريل في فندق ريتز كارلتون الرياض، ليشكل المحفل الأبرز لصناعة الرياضة والاستثمار في المنطقة. يجمع المنتدى نخبة من القادة الرياضيين، المستثمرين، المسؤولين الحكوميين، رؤساء الأندية، والخبراء الدوليين، لمناقشة أبرز التحديات والفرص التي تعيد رسم ملامح الاقتصاد الرياضي على المستويين المحلي والدولي.

 

أجندة ثرية ومحاور استراتيجية
يتناول المنتدى مجموعة من القضايا الأساسية التي تساهم في تعزيز جاذبية القطاع الرياضي للاستثمارات، عبر جلسات حوارية متخصصة، وورش عمل، ومعرض مصاحب، وقاعة الفرص الاستثمارية، حيث تشمل أبرز المحاور:

البنية التحتية الرياضية: تطوير المنشآت والمرافق الرياضية وفق أحدث المعايير العالمية، بما يسهم في تحسين تجربة الجماهير وزيادة العوائد الاقتصادية.
القدرات البشرية وتمكين الكفاءات: استعراض استراتيجيات تطوير الكوادر الوطنية وتأهيلها لقيادة مستقبل الرياضة.
تمكين المرأة في الرياضة: تسليط الضوء على الجهود المبذولة لزيادة مشاركة المرأة في مختلف المجالات الرياضية، سواء على مستوى المنافسات أو المناصب القيادية.
البطولات والاستضافات العالمية: استعراض التأثير الاقتصادي والاجتماعي لاستضافة الفعاليات الرياضية الكبرى، وأثرها على السياحة الرياضية.
تنوع الاستثمارات الرياضية: مناقشة الفرص الجديدة في قطاع الرياضة، من الأندية والشراكات التجارية إلى الملكية الخاصة والصناديق الاستثمارية.
صناعة الأصول الرياضية: بحث سبل تطوير العلامات التجارية الرياضية والأصول القابلة للاستثمار، مثل الفرق والملاعب والبنية التحتية الرقمية.
التقنية والذكاء الاصطناعي في الرياضة: استعراض أحدث الابتكارات التكنولوجية التي تعيد تشكيل قطاع الرياضة، من التحليلات المتقدمة إلى تجارب المشجعين الذكية.
التشريعات والسياسات التمكينية: مناقشة دور القوانين واللوائح في تحفيز الاستثمارات الرياضية وتسهيل دخول المستثمرين إلى القطاع.
التحكيم الرياضي وحوكمة القطاع: تعزيز الشفافية والحوكمة الفعالة في إدارة الشؤون الرياضية والتعامل مع النزاعات القانونية.

ملتقى استثماري عالمي لبحث الفرص وعقد الشراكات
يتميز المنتدى بمشاركة نخبة من المتحدثين من الجهات الحكومية، الأندية، الاتحادات الرياضية، الشركات الاستثمارية، والمجموعات المالية العالمية، حيث ستتم مناقشة أحدث المستجدات في القطاع الرياضي. كما يشارك معهد إعداد القادة في تقديم رؤى متخصصة حول تطوير الكفاءات وتمكين القادة الرياضيين.

كما يتضمن المنتدى معرضًا رياضيًا مصاحبًا يضم شركات رائدة في صناعة الرياضة، تعرض أحدث الابتكارات والحلول التي تدعم نمو القطاع، إضافة إلى قاعة الفرص الاستثمارية التي توفر بيئة مثالية للمستثمرين لاستكشاف الفرص الاستثمارية المتاحة في مختلف مجالات الرياضة.

إعلان اتفاقيات استراتيجية ومشاريع جديدة
في إطار دعم تطوير الرياضة في المملكة، سيشهد المنتدى الإعلان عن عدد من الاتفاقيات الاستراتيجية وإطلاق مشاريع رياضية واستثمارية تهدف إلى تحفيز نمو الاقتصاد الرياضي، وتعزيز مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي، وجذب المزيد من الاستثمارات إلى السوق الرياضية السعودية.

يمثل منتدى الاستثمار الرياضي 2025 فرصة استثنائية للمستثمرين، قادة الأعمال، وصناع القرار في القطاع الرياضي، حيث يجمع بين كافة الأطراف الفاعلة تحت سقف واحد لرسم خارطة طريق جديدة لمستقبل الرياضة في المملكة.

الموقع الإلكتروني للمنتدى: https://saudisf.com
حساب المنتدى على منصة “إكس”:  https://x.com/saudispf

 

مقالات مشابهة

  • منتدى الاستثمار الرياضي 2025: الحدث الأكبر لتعزيز نمو القطاع الرياضي في المملكة
  • نابولي.. «التعادل المُر»!
  • "مدارس جاذبة للطلاب".. وكيل تعليم الشرقية يشدد على الحضور والانضباط
  • "دبي للمستقبل" تطلق النسخة الرابعة من "تقرير الفرص المستقبلية: 50 فرصة عالمية"
  • «دبي للمستقبل» تطلق النسخة الرابعة لتقرير 'الفرص المستقبلية.. 50 فرصة عالمية'
  • برج الثور .. حظك اليوم الأحد 16 مارس 2025 .. اغتنم الفرص
  • أمانة منطقة حائل تطرح 23 فرصة استثمارية
  • شريف فتحي: بنك للفرص الاستثمارية.. ومدير مسئول لكل نمط سياحي وحوافز قوية للمستثمرين
  • وحدات تكافؤ الفرص تُنظم 8 ندوات دينية وتوعوية وثقافية
  • بالا يقتحم قائمة أفضل 100 موهبة هجومية في العالم