لجريدة عمان:
2024-12-31@15:13:31 GMT

محافظات جاذبة مولدة للفرص

تاريخ النشر: 22nd, June 2024 GMT

تناولنا في المقال السابق الممكنات التي وضعها المشرع وصانع السياسة العامة للانتقال المدروس نحو اللامركزية وتنمية المحافظات في سياق مجمل الأربع سنوات الماضية من رؤية «عُمان 2040»، وذكرنا أن مجمل هذه الممكنات صنعت زخمًا تنمويًا أبرز هذه الأولوية، وحَشَدَ الوعي التنموي إزاءها، وأن المرحلة القادمة إنما تتطلب النظر إلى بعض التدخلات على مستوى السياسة العامة والاستراتيجية لجعل المحافظات بؤرًا جاذبة؛ بالأبعاد المتكاملة لمفهوم الجذب، وبؤرًا مولدة للفرص؛ في الفرص الاقتصادية وجودة الحياة والفرص الاجتماعية وكافة الأبعاد التي تشكل مفهوم (الفرص).

ذكرنا أحد التدخلات الأولى التي يمكن تطبيقها في سياق ذلك؛ وهي تعزيز اللامركزية من خلال السياسات والنظم المرنة، وفصلنا في سياق ذلك سياسات العمل نموذجًا.

نعتقد على غرار ذلك أن هناك أداة أخرى يمكن أن تنشط حركة المحافظات في الجذب وتوليد الفرص؛ وهي خلق أسواق استهلاكية نوعية داخل المحافظات. وإذ حددت الاستراتيجية الوطنية للتنمية العُمرانية في تأطيرها الشمولي نموذجًا اقتصاديًا لاقتصاد كل محافظة، يحدد الكيفية التي تتحول بها ميزتها النسبية إلى عناصر إنتاجية تخدم الاقتصاد والحياة فيها؛ إلا أنه يمكن أيضًا أن يشتغل الاقتصاد المحلي للمحافظات على خلق تجمعات استهلاكية نوعية؛ كأن تركز محافظة بعينها على أن تكون تجمعًا للمؤسسات والورش المعنية بصيانة المركبات وقطع غيارها؛ وأن يقدم هذا التجمع في صيغته التنافسية منتجات نوعية، ويتم دعمه للحصول على وكالات دولية، ويتم تقديم كافة الخدمات التي تسهل اكتمال سلسلة القيمة في هذا التجمع على شكل سوق استهلاكية متكاملة. أو أن يكون في محافظة أخرى تجمعًا نوعيًا لمدينة تعليمية متكاملة؛ تحتضن مؤسسات أكاديمية ومراكز بحثية مرتبطة بمعارفها، ومختبرات متكاملة لدعم طلبتها وأكاديمييها، ومستشفيات نوعية للتدريب والبحث والعلاج - إن كانت تقدم معارف في الطب والتمريض -، ومدارس نوعية متخصصة لتطبيقات التربية، وحاضنات تقانة ومعارف وابتكار يمكن أن تخرج من إطار مشروعاتها المتبناة منتجات ومؤسسات تدعم أسواقها وتنوع اقتصادها. وبالتالي تصبح وجهة جاذبة يُشتغل على الاستثمار كذلك في سلسلة القيمة المحيطة بها لتكتمل كافة عناصر الجذب وتتشكل السوق الاستهلاكية النوعية المتكاملة. وسيعتمد هذا التوجه في عموم المحافظات على ثلاثة أبعاد أساسية: أولها الاتساق مع النموذج الاقتصادي المحدد في الاستراتيجية الوطنية للتنمية العُمرانية، وثانيها التوجه الاستراتيجي للمحافظات بما في ذلك نمو الساكنين فيها وعناصر الجذب الحالية وجدوى الاستثمار في مثل هذا النوع من المشروعات، أما ثالث الأبعاد فيتصل في الكيفية التي يمكن أن تكون بها هذه الأسواق مشروعات نوعية وتنافسية، تبدأ تنافسيتها في الإطار المحلي وتتطور لتشمل الإطار الإقليمي والدولي.

أما التدخل الثالث الذي نقترحه في سبيل تنمية خارطة الفرص في المحافظات وتعزيز الجاذبية فهو تشجيع المحافظات على تبني أفضل ممارسات الاستدامة الحضرية على المستوى (القروي)؛ ونقصد هنا كيفية تشجيعها على الاشتغال على بعض الأحياء السكنية القائمة حاليًا في ولايات هذه المحافظات، وحفز الساكنين بالشراكة مع مؤسسات الإدارة المحلية على الانتقال بهذه الأحياء إلى أحياء مستدامة، ويمكن وضع إطار وطني لمفهوم الحي المستدام، بسماته العُمرانية والمكانية، وأنماط التخضير والتنقل التي لابد أن يتضمنها، ونوعية استخدامات الطاقة فيها، وثقافة الساكنة فيما يتصل بمفاهيم الاستدامة وآليات تكييف سلوكهم لتتوافق مع تلك المفاهيم. ولنقل إن هذا نموذجًا جديدًا مطورًا مما كان يُشتغل عليها سابقًا في إطار تنافس الأحياء في (شهر البلديات) ولكن يراعي الأبعاد والمحددات الجديدة التي دخلت على مفهوم التنمية المستدامة، وتحديدًا استدامة التجمعات السكنية، والتحول نحو جودة الحياة بمفهومها المتكامل.

هناك تدخل رابع يمكن التركيز عليه في سياق تنمية الفرص وتعزيز الجذب كذلك؛ ويتصل بوضع مفهوم لصناعة الترفيه في المحافظات، ونقصد هنا الترفيه بمفهوم الشامل؛ بمعنى تلك الفرص المتاحة على هيئة (مقاصد - مواسم سياحية - أنشطة - ومهرجانات - وفعاليات...) التي تمكن ساكن المحافظة من الاستفادة منها لتخفيف الضغوطات اليومية، وتجديد وتيرة الحياة. ولا شك أن المواسم والمهرجانات التي شرعت المحافظات في تنفيذها خلال العامين الماضيين تحديدًا دعمت اقتصاد الاستهلاك في المحافظات، وعززت حركة الأفراد بين المحافظات نسبيًا. إلا أن التصور الذي نحتاجه على المدى البعيد هو كيفية خلق مقاصد دائمة، تتواكب مع احتياجات الأفراد في المحافظات وتطلعاتهم من ناحية، وتسوق للميزة الثقافية المعنوية للمحافظة من ناحية، وتولدًا سوقًا قادر على التكامل مع الأسواق الأخرى داخل المحافظة. وقد ينشأ هناك تحفظًا حول هذه المسألة نتيجة ما يثار حول جدلية صناعة الترفيه في المنطقة، وهنا نعتقد أن النموذج يمكن التحكم، بل وتحفيز مساهمة المجتمع في اقتراح النماذج المطلوبة، وتمكين مشاركة الأفراد في صنع توجهات وخطط الترفيه المقبول داخل المحافظات.

هذه أفكار متفرقة؛ ومؤكدٌ أن عصف أفكار المجتمع والمختصين بشكل دوري من شأنه أن يولد أفكارًا نوعية؛ والأهم أن تبقى المحافظات مشغلًا كبيرًا دائمًا لاستمطار الأفكار وتحويلها بشكل جاد إلى مشروعات. ومن المهم في سياق خطط التنمية القادمة وأولها (خطة التنمية الخمسية الحادية عشرة) أن يتم التركيز في هذا الشأن على كيفية تعظيم البنى الأساسية المتحققة في هياكل هذه المحافظات، وأن يشجع الاستمرار في استثمار المقاصد التاريخية والتراثية مثلما بدأ في السنوات الأخيرة، وأن تتاح الفرص لإقامة حاضنات الأعمال وحاضنات الابتكار التحويلي لتجسير الفجوة بين أفكار الشباب والدارسين والباحثين وبين تحويل تلك الأفكار إلى فرص اقتصادية تضيف زخمًا اقتصاديًا وتنمويًا للمحافظة.

مبارك الحمداني مهتم بقضايا علم الاجتماع والتحولات المجتمعية في سلطنة عمان

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی المحافظات فی سیاق

إقرأ أيضاً:

كهرباء مصر: 18.7 مليار جنيه حجم الاستثمارات و 217.46 مليار ك.و.س طاقة مولدة لخدمة 42 مليون مشترك

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أكد الدكتور محمود عصمت وزير الكهرباء والطاقة المتجددة أن إتاحة الطاقة الكهربائية بجودة واستقرار واستمرارية على مختلف الجهود ولكافة الاستخدامات من أهم محاور الخطة العاجلة الذى تم تنفيذها خلال الشهور الماضية ويجري العمل في إطارها حاليا.

وأشار خلال ترأسه اليوم الأحد، لأعمال الجمعية العامة للشركة القابضة لكهرباء مصر للتصديق على تقرير مجلس الإدارة والقوائم المالية المجمعة للشركة وشركاتها التابعة، لضرورة استمرار الجهود وبرامج العمل للنهوض بالشركات وتحسين معدلات أدائها من خلال التشغيل الاقتصادي وحسن إدارة واستغلال الموارد المتاحة وتعظيم العوائد ومواجهة سرقة التيار الكهربائي على كافة الاستخدامات وخفض الفقد الفني والتجاري للوصول إلى جودة التشغيل والارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة للمشتركين، مشيرا إلى تغيير نمط التشغيل وتطبيق برامج صيانة وفقا للمعايير والأكواد العالمية بجداول زمنية وتوقيتات محددة وما نتج عنه من تحسين لمعدلات الأداء لوحدات توليد الكهرباء ورفع كفاءة التشغيل وخفض استهلاك الوقود وتعظيم العائد على وحدة الوقود المستخدم في محطات الإنتاج فى إطار خطة إدارة الطاقة المهدرة على كافة الاستخدامات.

وقال الدكتور محمود عصمت إن الدعم المستمر من جانب القيادة السياسية كان أساس النجاح في التغلب على التحديات خلال الفترة الماضية وتحقيق الاستقرار للشبكة القومية وأن قطاع الكهرباء والطاقة المتجددة يعمل على تحقيق التشغيل الاقتصادي للشبكة القومية للكهرباء "إنتاجا ونقلا وتوزيعا" وترشيد استهلاك الوقود وخفض الاعتماد عليه والتوسع فى الطاقات المتجددة وتوطين صناعة المهمات الكهربائية اللازمة لها بالتعاون والشراكة مع القطاع الخاص المحلي والأجنبي وهى سياسة عمل يومية وأحد أهم المحددات لخطة العمل واستراتيجية الطاقة.

من جانبه استعرض المهندس جابر دسوقي رئيس الشركة القابضة لكهرباء مصر تقرير مجلس الإدارة والقوائم المالية المجمعة للشركة وشركاتها التابعة خلال العام المالى 2023/2024، مشيرا إلى استكمال خطوات إعادة تأهيل شركات الكهرباء من خلال العديد من الإجراءات وكذلك زيادة الطاقة المولدة إلى 217.46 مليار ك.و.س بنسبة تطور 6% عن العام المالى 2022/2023، والمتابعة المستمرة لرفع كفاءة محطات توليد الكهرباء القائمة وإجراء الصيانة والعمرات اللازمة للتأكد من جاهزيتها دون التأثير على استمرارية التغذية لكافة قطاعات الدولة، ومتابعة تنفيذ خطط التوليد لمجابهة التطور فى الأحمال، حيث ارتفع الحمل الأقصى للشبكة الموحدة من 34200 م.وات عام 2022/2023 إلى 38 ألف م.وات عام 2023/2024 بنسبة تطور 8 %تقريبا، هذا ويتم التنسيق المستمر مع قطاع البترول لتوفير الوقود اللازم للمحطات.

وقال المهندس جابر دسوقى أن نسبة الطاقة المولدة من محطات الطاقة الجديدة والمتجددة زادت بنسبة 9.3% عن العام المالى 2022/ 2023 من خلال توقيع العديد من الاتفاقيات الدولية فى هذا المجال لتصل نسبة التوليد من الطاقة الجديدة والمتجددة إلى 42% بنهاية عام 2030، وجارى دراسة تأثير دخول الطاقات المتجددة على الشبكة الكهربائية الموحدة بالتعاون مع المكاتب الاستشارية العالمية باستخدام برامج تحليل نظم الشبكات من الناحية الاستاتيكية والديناميكية مع الأخذ فى الاعتبار التشغيل الاقتصادى الأمثل لمنظومة الشبكة الكهربائية المصرية اتساقاً مع دور الشركة المصرية لنقل الكهرباء فى قانون الكهرباء الجديد كمشغل للشبكة مع تحقيق أعلى معايير الأمان والكفاءة والجودة طبقاً لكود الشبكة.

أضاف المهندس جابر دسوقى ان هناك متابعة لتنفيذ مشروعات تطوير شبكات توزيع الكهرباء ومراكز التحكم وإحلال العدادات العادية بعدادات مسبقة الدفع وعدادات ذكية وتطوير مراكز خدمة العملاء واستحداث العديد من الخدمات للارتقاء بجودة الخدمات المقدمة للعملاء، فى إطار خطة تدعيم وتطوير الشبكة القومية الموحدة لجعل مصر مركزاً إقليمياً ودولياً لتبادل الطاقة بين الدول العربية وأفريقيا وأوروبا من خلال مشروعات الربط الكهربائى القائم مع الأردن وليبيا والسودان والمشروع الجاري تنفيذه مع المملكة العربية السعودية ، وكذلك المشروعات التى يجرى العمل على تنفيذها مع قبرص واليونان وإيطاليا.

وأوضح أن عدد المشتركين بلغ 42 مليون مشترك بنسبة تطور 3.19% عن العام السابق منهم حوالى 18.1 مليون مشترك  لديهم عدادات مسبقة الدفع بنسبة 43% من إجمالى عدد المشتركين، وتم تنفيذ استثمارات بالشركة القابضة وشركاتها التابعة هذا العام بحوالي 18.7 مليار جنيه.

وفى ختام أعمال الجمعية وجه الدكتور محمود عصمت باستمرار خطة العمل لتحسين معدلات الأداء والارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة، مشيدا بالجهود المبذولة، وضرورة الاهتمام بخلق بيئة عمل مناسبة للعاملين بالقطاع لسرعة إنهاء الأعمال المطلوبة على الوجه الأكمل وبأعلى كفاءة، وكذلك استمرار العمل على رفع وتحسين كفاءة الشبكات لضمان استقرار واستمرارية التغذية الكهربائية والحفاظ على التشغيل الأمثل للمنظومة وتوفير الطاقة الكهربائية والوفاء بمتطلبات خطة الدولة للتنمية المستدامة.

مقالات مشابهة

  • حزب المؤتمر يؤكد دعمه للقيادة السياسية في كافة القرارات التي تتخذها لصالح الوطن
  • المحافظات العراقية التي عطلت الدوام الرسمي الخميس المقبل
  • ركوب الخيل والرماية.. فعالية رياضية جاذبة في شتاء محايل عسير
  • أجواء شديدة البرودة في خمس محافظات
  • خلال اجتماع القابضة للكهرباء| 18.7مليار جنيه حجم الاستثمارات .. و 217.46 مليار ك.و.س طاقة مولدة
  • كهرباء مصر: 18.7 مليار جنيه حجم الاستثمارات و 217.46 مليار ك.و.س طاقة مولدة لخدمة 42 مليون مشترك
  • وزير الكهرباء: مليار جنيه حجم الاستثمارات و 217.46 مليار ك.و.س طاقة مولدة
  • أجواء باردة والأرصاد يحذّر قاطني هذه المحافظات
  • الطقس : استمرار الأجواء باردة إلى شديدة البرودة
  • "مستقبل وطن" يواصل اجتماعاته التنظيمية مع قيادات وكوادر الحزب بـ 5 محافظات