لجريدة عمان:
2024-09-30@16:57:40 GMT

شيخ الأزهر ومفتي سلطنة عُمان يغردان منفردين

تاريخ النشر: 22nd, June 2024 GMT

منذ عقد الستينيات من القرن الماضي والقضية الفلسطينية مقررًا رئيسًا من بين مقررات الدراسة في الأزهر، سواء في سياق الدراسات التاريخية أو حتى مقررات الأدب، وفي المرحلة الجامعية كانت دراسة القضية الفلسطينية مقررًا عامًا في كل كليات الجامعة، إضافة إلى مقرر مستقل عن الصهيونية، لذا كانت فلسطين حاضرة في وجدان هذا الجيل من الشباب، بعدها جاءت معاهدة كامب ديفيد ١٩٧٩، التي أحدثت ردود فعل هائلة في كل العالم العربي، بل وفي كل دول العالم، وانقسم العرب بين بعض الدول التي أيدتها، وكثير من الدول العربية قاطعت الرئيس السادات، وأخذت منظمة التحرير الفلسطينية موقفًا مناهضًا لها، بعدها جرت مياه كثيرة، وكان السادات غاضبا جدا من ياسر عرفات، بعد أن كان يسعى لإشراك الفلسطينيين في المفاوضات مع إسرائيل، وكان قد أعد لهم مقعدًا على طاولة المفاوضات التي جرت في فندق مينا هاوس في القاهرة.

منذ عام ١٩٧٩، لم تعد القضية الفلسطينية موضوعا في برامج التعليم، وتم إلغاء مقرر الصهيونية أيضا من برنامج الدراسات التاريخية، وتراجع الاهتمام بالقضية طوال هذه السنوات، ثم كانت أحداث ٧ أكتوبر الماضي وما تبعها من حرب مدمرة اجتاحت قطاع غزة، تلك الحرب التي لم يعرف لها التاريخ مثالًا إلا في الحرب العالمية الثانية من هدم البيوت على ساكنيها واستشهاد عشرات الآلاف، وإصابة مئات الآلاف أيضًا وتوقف كل وسائل الحياة، لعل آخرها في الأسبوع الماضي حينما داهمت الطائرات والصواريخ والمدفعية الثقيلة مخيم النصيرات، وهو ما أودى بحياة ثلاثمائة شهيد، واللافت للنظر في هذه المأساة أن قائد القيادة المركزية الأمريكية في الشرق الأوسط الجنرال كورييلا كان مشاركا في إدارة العملية التي استخدم فيها الميناء العائم الذي أقامته أمريكا قبالة غزة، وقد سافر كورييلا خصيصًا ليكون حاضرًا في غرفة العمليات مع رئيس الأركان الإسرائيلي ورئيس جهاز الشاباك وآخرين من القيادة العسكرية الإسرائيلية، بعد أن اجتاحت الألوية الإسرائيلية (عشرة ألوية) المخيم ولم تفرق بين المقاومين والمدنيين العزل، وقد شاهد العالم تلك المأساة، لم تكتف إسرائيل بتلك الجرائم بل انقسمت الحكومة الإسرائيلية حينما استقال بعضها احتجاجًا ليس على هذه الجرائم، وإنما لرغبتهم في اجتياح غزة ورفح ومواصلة العمليات حتى لو أدى ذلك لإبادة الفلسطينيين عن آخرهم.

اكتفى الحكام العرب ووزراء خارجيتهم بإصدار بيانات الشجب والإدانة التي لم يلتفت إليها أحد، إلا أن شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب الذي لا يملك إلا سلطة روحية قد اتخذ قرارًا منفردًا متحملًا كل تبعاته حتى تبقى القضية الفلسطينية في وجدان الشباب باعتبارها قضية إسلامية تستحق الدفاع عنها لذا أقدم على جعل القضية مقررا رئيسا في كل برامج التعليم بكل مراحله، فضلًا عن مقرر آخر عن تاريخ الصهيونية، سواء في مراحل التعليم الجامعي أو ما قبل الجامعي، لعل موقف هذا الشيخ الجليل يعد نموذجًا لرجل يعرف مهام منصبه، ضاربًا عرض الحائط بالمواقف السياسية لكل الحكام العرب.

إن هذا الموقف الشجاع من شيخ الأزهر يعد موقفًا عظيمًا لرجل لا يعرف المساومات ولا المواءمات السياسية، وإنما اتخذ قراره لكي تبقى القضية حية في وجدان أبنائنا الشباب، واثقًا بأن الصراع مع إسرائيل يعد صراع وجود، وأن دراسة القضية ستعيدها إلى الحياة، بعد أن فقد جيل الشباب كل معرفة بهذه القضية التي ربما تأخذ وقتًا طويلًا، لكن الزمن في عمر هذه القضية لا يمثل شيئًا وإنما العبرة بالنهاية.

لا أجد موقفًا مماثلًا لموقف شيخ الأزهر إلا موقف سماحة مفتي عام سلطنة عمان الشيخ أحمد الخليلي، الذي أتابع كل تصريحاته وأحاديثه، وهو يستنهض الأمة من سباتها متحدثًا عن القدس ومأساة الفلسطينيين، داعيًا العرب والمسلمين إلى الوقوف في وجه هذا العدوان الغاشم الذي لا يعرف عهودًا ولا مواثيق، في الوقت الذي يخرج علينا بعض الدعاة من أقطارنا العربية وهم يروجون لإسرائيل ويدعون شعوبهم إلى الوقوف خلف حكامهم بحجة دعم سياسة السلام التي لا تعني إلا الاستسلام، وغالبا ما يلقون باللائمة على المقاومين الفلسطينيين، ويحمّلونهم المسؤولية عن كل الأحداث المأساوية التي تقع في غزة، لكن شعوبنا العربية قد رفضتهم وابتعدت عن خطابهم وأسقطتهم من حساباتها واعتبرتهم مروجين للعدو.

وصل الأمر في بعض أقطارنا العربية أن بعض السلطات منعت خطباء المساجد من الحديث عن مأساة الفلسطينيين، بل ومنعت تقديم برامج في الإعلام تتعرض للقضية إلا من قبيل الترويج لما أسموه بثقافة السلام والتطبيع، وهي سياسات ضاعفت من استقواء إسرائيل التي أسقطت من حساباتها ردود الفعل العربية، وهو ما ضاعف من قسوتها وعجرفتها، ورغم هول المأساة فقد بقي المقاومون الفلسطينيون يقدمون كل يوم ضربات موجعة لأعدائهم، وقد كنت شخصيًا من القائلين بعدم تديين القضية، لكن تبين لي أن إسرائيل هي التي سعت إلى ذلك، حينما أقرت في دستورها بأنها دولة لليهود لا مكان لغيرهم على أرض إسرائيل، بعد أن كانت تروج منذ نشأتها بأنها دولة علمانية يتساوى فيها كل المقيمين على أرض إسرائيل، لكننا لاحظنا في كل تصريحات المسؤولين الإسرائيليين من الساسة والعسكريين استخدام مصطلح الصهيونية، باعتباره العنوان الأهم لدولة إسرائيل، واستخدمت كل مفرداتها الخاصة لجذب مزيد من دعم يهود العالم لها، لدرجة أن الإدارة الأمريكية وقادتها قد صرحوا مرارًا بأنهم صهاينة أكثر من صهاينة إسرائيل، وهو ما يدعونا اليوم إلى استدعاء الدين كوسيلة فعالة للمقاومة، وقد شاهدنا المسلمين في كل دول العالم وقد انتفضوا دفاعًا عن مقدسات المسلمين في القدس.

المؤسف أن بعض من ينتسبون إلى المثقفين قد قالوا بعدم قدسية المدينة المقدسة، وقال بعضهم إن القدس التاريخية ليست في فلسطين! وتحدث آخرون بأنها مكان لا صاحب له بل هو في عداد تراث الإنسانية، وقد شاهدنا القائلين بذلك وهم يروجون لهذا القول السخيف على بعض القنوات الفضائية العربية.

إن القدس والقضية الفلسطينية قضية واحدة لا تسقط أبدًا بالتقادم، وسوف يتبدد الظلام طالما بقي في فلسطين شعب يقاتل نيابة عن العرب والمسلمين.

د. محمد صابر عرب أكاديمي وكاتب مصري

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: القضیة الفلسطینیة شیخ الأزهر ا العرب بعد أن موقف ا

إقرأ أيضاً:

‏عــاجــل - العربية.. المستهدف بغارة الكولا نضال عبد الخالق المسؤول بالجبهة الشعبية الفلسطينية

وقع انفجار في جنوب غرب بيروت، حسب شهود عيان تحدثوا لوكالة رويترز، شوهد دخان يتصاعد من المنطقة وسُمعت أصوات سيارات إسعاف، استهدفت الضربة، التي يُعتقد أنها إسرائيلية، شقة قرب جسر الكولا، وهي أول هجوم خارج الضاحية الجنوبية وداخل حدود المدينة.

أفادت وسائل إعلام لبنانية ووكالة فرانس برس عن مقتل شخصين في الهجوم وفقًا لمصدر أمني، استهدفت طائرة مسيّرة إسرائيلية شقة تابعة للجماعة الإسلامية.

في سياق أوسع، أعلنت وزارة الصحة اللبنانية أن الغارات الإسرائيلية خلال الـ24 ساعة الماضية على مناطق مختلفة في لبنان أسفرت عن 105 قتلى و359 جريحًا.

أحمد موسى: جاسوس إيراني وراء اغتيال إسرائيل لحسن نصر الله (فيديو) عاجل.. انفجارات متتالية تهز عكا وحيفا شمال إسرائيل

يستمر تبادل إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل منذ بدء الحرب في غزة في 7 أكتوبر. كثفت إسرائيل هجماتها على حزب الله مؤخرًا، مدعية أن هدفها تأمين المناطق الشمالية. أعلن الجيش الإسرائيلي عن شن غارات على عدة أهداف لحزب الله داخل لبنان.

في الوقت نفسه، يدعو البيت الأبيض الطرفين لقبول وقف إطلاق نار مؤقت لمدة 21 يومًا، وهو اقتراح رفضه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

عاجل - السر الأكبر.. لماذا لا يفتح حزب الله النار الكاملة على إسرائيل رغم الهجمات؟ "فايننشال تايمز": إسرائيل كانت تعتزم مهاجمة نصر الله في أكتوبر 2023 من هو نضال عبد الخالق المستهدف من إسرائيل

نضال عبد الخالق هو قيادي بارز في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ويعتبر واحدًا من الشخصيات البارزة في النضال الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي، يتمتع بخلفية نضالية قوية، حيث شارك في العديد من الأنشطة السياسية والمقاومية التي تهدف إلى دعم القضية الفلسطينية.

تاريخ عبد الخالق مليء بالجهود المبذولة من أجل حقوق الفلسطينيين، مما جعله شخصية محورية في الحركة الوطنية الفلسطينية، وقد ارتبط اسمه بالعديد من الفعاليات والنضالات التي تسعى إلى تحقيق العدالة والحرية للشعب الفلسطيني.

مؤخرًا، تعرض نضال عبد الخالق لاستهداف من قبل القوات الإسرائيلية في غارة على شقة سكنية في بيروت، مما أثار اهتمام وسائل الإعلام وقلق المجتمع الفلسطيني، يُعتبر هذا الاستهداف جزءًا من سياسة إسرائيلية تستهدف القيادات الفلسطينية، مما يعكس المخاطر التي تواجهها هذه الشخصيات في سياق الصراع المستمر.

بفضل شجاعته وصموده، يظل نضال عبد الخالق رمزًا من رموز النضال الفلسطيني، ويعكس التحديات التي يواجهها الشعب الفلسطيني في سعيه نحو الحرية والاستقلال.

عاجل|أنباء عن اغتيال مسؤول بالجماعة الإسلامية ببيروت بـ الغارة الإسرائيلية على منطقة الكولا عاجل - بيان جديد من "حزب الله".. ماذا يحدث الآن؟ التطورات الأخيرة حول نضال  عبد الخالقاستهدفت الغارة الإسرائيلية نضال عبد الخالق في شقة سكنية ببيروت.نضال عبد الخالق هو قيادي بالجبهة الشعبية.يعتبر عبد الخالق أحد الشخصيات البارزة في القضية الفلسطينية.هناك اهتمام متزايد من وسائل الإعلام اللبنانية بتفاصيل العملية.نضال عبد الخالق مرتبط بتاريخ من النضال ضد الاحتلال الإسرائيلي.يُسلط الضوء على الصمود والشجاعة التي يتمتع بها عبد الخالق في مسيرته.تزايد المخاوف من تصاعد العمليات الإسرائيلية ضد القيادات الفلسطينية.

 

مقالات مشابهة

  • 8 دول في انطلاق بطولة الأندية العربية للشطرنج .. الخميس
  • سلطنة عمان تؤكد للعالم ضرورة وضع حد للإبادة الجماعية التي تمارسها إسرائيل
  • سفير سلطنة عُمان في تونس: المشاركة العربية تُراكم تجربة الناشئين ليكونوا مستقبل اللعبة
  • صحف خليجية: حل القضية الفلسطينية مفتاح بناء السلام بالمنطقة
  • ‏عــاجــل - العربية.. المستهدف بغارة الكولا نضال عبد الخالق المسؤول بالجبهة الشعبية الفلسطينية
  • الرئاسة الفلسطينية: لا مستقبل آمن بالمنطقة دون حل القضية الفلسطينية  
  • لشكر: خطاب القضية الفلسطينية يجب أن يكون عقلانيا وكفى من مخاطبة النخاع الشوكي بالحماس وباللاءات التي تسقط!
  • وزير الخارجية الصيني: القضية الفلسطينية هي "الجرح الأكبر للضمير الإنساني"
  • 8 دول في انطلاق بطولة الأندية العربية للشطرنج بمحافظة ظفار .. الخميس
  • وزير الخارجية الصيني: القضية الفلسطينية أكبر جرح في الضمير الدولي