خيانة الشريك يمكن أن تكون تجربة مدمرة، تمزق نسيج الثقة والأمان في العلاقة وتترككِ في حالة من الانهيار العاطفي. لكن من المهم أن تعرفي أنك لستِ وحدك، وأن هناك خطوات يمكن اتخاذها للمضي قدمًا والتعافي. هنا نقدم لكِ ثلاث نصائح فعّالة لمساعدتك في إدارة هذه الفوضى واستعادة شعورك بذاتك.
1. وضع الحدود
تحديد المقبول وغير المقبول: حدّدي ما هو مقبول وما هو غير مقبول بالنسبة لكِ في العلاقة بعد الخيانة.
اتخاذ قرارات حازمة: قرّري بحزم بشأن استمرار العلاقة من عدمه بناءً على حدودكِ واحتياجاتكِ. لا تتردّدي في إنهاء العلاقة إذا لم يحترم شريككِ حدودكِ أو لم يُظهر التزامًا حقيقيًا بإصلاح الأمور.
تحديد التوقعات بوضوح: إذا قررتِ إعطاء العلاقة فرصة ثانية، حددي توقعاتكِ بوضوح. ماذا تريدين من شريككِ؟ ما هي التغييرات التي تتوقعينها؟ كيف ستتعاملان مع الثقة المفقودة؟ ناقشي هذه التوقعات بصراحة لتجنب سوء الفهم في المستقبل.
2. طلب الدعم
مشاركة المشاعر: لا تتردّدي في مشاركة مشاعركِ مع أشخاص تثقين بهم مثل صديقاتكِ أو أفراد عائلتكِ. ابحثي عن معالج أو مستشار مختصّ لمساعدتكِ على فهم مشاعركِ ومعالجتها بصورة صحية.
الانضمام إلى مجموعات دعم: انضمي إلى مجموعات دعم للأشخاص الذين مروا بتجارب مشابهة لمشاركة تجاربكِ والحصول على الدعم من الآخرين.
التحدث عن تجربتكِ: طلب المساعدة ليس علامة ضعف، بل هو دليل على قوتكِ وشجاعتكِ. لا تخجلي من التحدث عن تجربتكِ، فهناك العديد من الأشخاص الذين يرغبون في مساعدتكِ. مع الوقت والدعم المناسب، ستتمكنين من تجاوز هذه المحنة واستعادة حياتكِ.
3. ممارسة العناية الذاتية
الراحة والاسترخاء: خصّصي وقتًا لنفسكِ للراحة والاسترخاء. اهتمّي بصحتكِ الجسدية والنفسية من خلال اتباع نظام غذائي صحي، ممارسة الرياضة بانتظام، والحصول على قسط كافٍ من النوم.
تجربة أنشطة جديدة: قد يكون من المفيد تجربة أنشطة جديدة أو العودة إلى هوايات قديمة كنتِ قد أهملتها بسبب العلاقة. جرّبي الانضمام إلى نادٍ أو فصل دراسي أو ممارسة رياضة جديدة. هذه الأنشطة قد تساعدكِ على مقابلة أشخاص جدد، وتوسيع دائرة معارفكِ، واكتشاف جوانب جديدة لنفسكِ.
القيام بأنشطة تُسعدكِ: مارسي أنشطة تُشعركِ بالراحة، مثل القراءة أو الاستماع إلى الموسيقى أو قضاء الوقت في الطبيعة. تذكري أن تُعطي نفسكِ الوقت للشفاء والتأقلم مع الموقف.
إن مواجهة خيانة الشريك أمر مؤلم، لكن باتباع هذه النصائح والاعتماد على الدعم المناسب، يمكنكِ تجاوز هذه المحنة واستعادة حياتكِ وثقتكِ بنفسكِ.
المصدر: تركيا الآن
إقرأ أيضاً:
عن الدين والدولة ملاحظات أوَّلية
العلاقة بين الدين والدولة مثيرة للاهتمام بسبب أهميتها البالغة عبر مسار التاريخ فيما يتعلق بنشأة الحضارات ونهضتها وأفولها، وربما يكون هذا أحد الدروس الكبرى التي يمكن أن نتعلمها من فيلسوف التاريخ الشهير أرنولد توينبي. ولكني أريد أن أقتصر هنا على إثارة بعض الملاحظات والتأملات حول دور العلاقة بين الدين والدولة في تحديد شكل الدولة ومكانتها ومدى تقدمها.
سيبادر هنا على الفور أصحاب التوجهات الدينية من الأصوليين والمتأسلمين على السواء إلى القول: حقًا إنها علاقة هامة وضرورية؛ فالدين هو سبب نهوض الأمم والدول التي تتقدم بسبب تمسكها بتعاليم الدين في كل مناحي الحياة والفاعليات الإنسانية، وسيرددون الشعارات التي يرفعونها دائمًا والتي تقول «الإسلام دين ودولة» و«الإسلام هو الحل»، وسيرددون دومًا كلام المولى عز وجل، من قبيل: «إنْ الحكم إلا لله». ولكننا عندما نمتحن مثل هذا الطرح للعلاقة بين الدين والدولة في ضوء وقائع التاريخ السابقة واللاحقة والراهنة، يتبين لنا على الفور عدم مصداقيتها باعتبارها توظيفًا بشكل مضلل لدور الدين ومقاصده. والحقيقة أن هذا لا يصدق فقط على ماضي الدولة الإسلامية التي كانت مترامية الأطراف، وإنما يصدق أيضًا على ماضي الدولة المسيحية في أوروبا: فمن المعروف أن العصور الوسطى في أوروبا قد شاعت تسميتها بالعصور المظلمة؛ لأن الكنيسة كانت مهيمنة على كل مناحي الحياة، بما في ذلك شؤون العلم والفلسفة والفكر عمومًا. وحتى إذا كان هناك إبداع فني فريد في هذه الحقبة يُعرف باسم «فن التصوير المسيحي»، فقد ظل الفن في معظمه محدودًا في إطار خدمة الدين. وفي مقابل ذلك، فإن الدولة الإسلامية (بمعناها الواسع) كانت متطورة في هذه الحقبة؛ بالضبط لأنها (على الأقل في فترات تألقها) قد تحررت من هذه العلاقة المريضة بين الدين والدولة، واستطاعت استلهام روح الدين التي تحث على العلم والفكر وإعمار الأرض؛ ولهذا أمكن لهذه الدولة أن تفسح المجال للعلماء والمفكرين والشعراء والمترجمين من غير العرب، بل من غير المسلمين؛ وأن تعمل على تشجيعهم بأن تجزل لهم العطاء نظير إنجازهم، استنادًا على مدى كفاءاتهم، وليس عرقهم أو دينهم. ولهذا لا غرابة في أن نجد إنتاجًا إبداعيًّا مثمرًا في تلك الحقبة في مجالات العلم والفكر والآداب والفنون (خاصةً فن العمارة).
هذه الرؤية نفسها تصلح لفهم علاقة الدين بالدولة في عالمنا الرهن، وتشهد عليها أمثلة لا حصر لها. وحينما نتأمل هذه العلاقة في عالمنا العربي المعاصر، فسرعان ما يتبين لنا أنه كانت هناك حالة من الاستقرار في هذه العلاقة التي يتعايش فيها طرفاها من دون أن تجور سلطة أحدهما على سلطة الأخرى، فلم يكن الدين يسعى إلى تجاوز سلطته الروحية بحيث يجور على السلطة الزمنية أو سلطة الدولة. وقد أدى هذا إلى نشوء مشروعات نهضوية مثمرة في كثير من بلدان العالم العربي التي عاشت عقودًا طويلة من التألق والازدهار (مثلما كان حال مصر- على سبيل المثال- خلال النصف الأول من القرن العشرين).
اقترن التدهور مع نشأة الحركات الإسلاموية والمتأسلمة، وغني عن البيان أن صفة إسلاموي Islamist تختلف عن صفة إسلامي Islamic، وهي صفة تمثل اشتقاقًا جديدًا أو دخيلًا على اللغة العربية، ولكنها أصبحت مستقرة ومتداولة الآن؛ لأن المتغيرات السياسية العالمية قد فرضت واقعًا جديدًا فرض استخدام هذه الكلمة لوصف الحركات الدينية التي تَدخل تحت عباءة الإسلام السياسي، بصرف النظر عن درجة تطرفها أو مدى استخدامها للعنف، وبصرف النظر عما بينها من خلافات واختلافات؛ ومنها على سبيل المثال: تنظيم القاعدة، وتنظيم داعش، وجماعة بوكو حرام.. إلخ. نعم، هناك اختلافات عديدة بين هذه الحركات أو الجماعات، ولكن ما يجمع بينها في إطار عام هو أنها تستخدم الدين كسلطة متماهية مع سلطة الدولة، ومن ثم كسلطة روحية وزمنية في آن واحد، وأحيانًا ما تستخدم الدين كوسيلة لاعتلاء السلطة الزمنية. وعلى هذا، فإن هذه الحركات والجماعات تتاجر بالدين حينما تريد أن تجعله (أو تتظاهر بأنها تجعله) بديلًا عن شؤون الدنيا ومهيمنًا عليها؛ وبذلك فإنها لا ينبغي أن توصَف بأنها «إسلامية»، بل بأنها «متأسلمة»: فهي لا تفقه قول رسول الإسلام (صلى الله عليه وسلم) «أنتم أعلم بشؤون دنياكم»، ولا تفهم روح الدين باعتباره قوة روحية وعلاقة بين العبد والرب، وليس أداة أو وسيلة لاعتلاء السلطة. وربما يكون من المهم في هذا الصدد أن نتذكر أن مثل هذه الجماعات الدينية هي صنيعة القوى الإمبريالية في الغرب؛ بالضبط لأنها تمثل الدين الإسلامي الذي تريد هذه القوى أن تراه في العالم الإسلامي، وبوجه خاص في العالم العربي؛ فبذلك يمكن استخدام أحد الأسلحة القوية في تفكيك دول هذا العالم وإضعافها من داخلها.
والحقيقة أنني لا أريد من خلال هذا الطرح اللجوء إلى نظرية المؤامرة بحيث نعفي الدول من المسؤولية عن أحوالها ومصائرها. كما أنني لا أريد اختزال أسباب التدهور في إطار الوضع السلبي الذي آلت إليه العلاقة بين الدين والدولة (وإلا كان هذا تبسيطًا للأمر)، ولكننا لا يمكننا إنكار أن هذا الوضع قد ساهم بقوة في حالة التدهور في كثير من البلدان. غير أن مجمل هذا الطرح له أبعاد أخرى متعددة ومثيرة للجدال، وهذا ما سوف نتناوله في مقال تال.
د. سعيد توفـيق أستاذ علم الجمال والفلسفة المعاصرة بجامعة القاهرة