نشرت مجلة "جون أفريك" الفرنسية تقريرًا تحدثت فيه عن انضمام تونس إلى نظام يلزمها باعتراض السفن التي من المحتمل أن يكون على متنها مهاجرون غير شرعيّون ثم إعادتهم إلى أراضيها.

وقالت المجلة، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني وضعت كافة ثقلها في المفاوضات التي جعلت تونس منطقة بحث وإنقاذ للمهاجرين في البحر الأبيض المتوسط.

 

وبالنسبة لجورجيا ميلوني، يبدو أن الحظ حليفها تمامًا خلال هذه الفترة، فبالإضافة إلى فوز معسكرها في الانتخابات الأوروبية مما سمح لها بتحقيق انتصار شخصي، سجّلت رئيسة الوزراء الإيطالية نقطة إضافية في مكافحة ظاهرة الهجرة وجعلت من بلدها قوة مركزيّة في البحر الأبيض المتوسط. فمن خلال المثابرة والتصميم، تمكنت ميلوني من جعل تونس تلتزم رسميًا بإقامة منطقة "بحث وإنقاذ" في البحر الأبيض المتوسط وذلك عن طريق المركز الوطني لتنسيق عمليات البحث والإنقاذ البحري في تونس.


تجاوز اعتراض قيس سعيّد 
عمليًا، أصبحت مساحة بحرية حددها مختلف الشركاء وتتجاوز حدود المياه الإقليمية تحت مسؤولية تونس. ومن المتوقع أن توفّر تونس في نطاق هذه المنطقة سفنها لعمليات الإنقاذ، والأهم من ذلك إعادة المهاجرين الذين يتم اعتراضهم أو إنقاذهم إلى ميناء آمن وقريب في الأراضي التونسية. 

قبل أقل من سنة، كان الرئيس التونسي قيس سعيّد يؤكد أن بلاده ليست معنيّة بممارسة رقابة خارجيّة على الحدود الأوروبية.

وقد عملت ميلوني، على مدى أشهر، على جعله يتراجع عن هذه الاعتراضات. وفي الرابع من حزيران/ يونيو 2024، أعلنت ميلوني في مجلس الوزراء أن فرقة عمل إيطالية تونسية تعمل على إنشاء منطقة بحث وإنقاذ وفقًا لمعايير اتفاقية هامبورغ. وفي 19 حزيران/ يونيو، أعلنت المنظمة البحرية الدولية [التابعة للأمم المتحدة] المصادقة على هذا الاتفاق الذي تجاهلته معظم وسائل الإعلام التونسية. 

وأشارت المجلة إلى أن تونس لطالما رفضت العمل بمبدأ منطقة البحث والإنقاذ معتبرةً ذلك من أشكال فقدان السيادة.

ويوضّح الفصل 3 من الاتفاقية الدولية للبحث والإنقاذ في البحار المتعلقة بالتعاون بين الدول أنه "ما لم تقرر الدول المعنية خلاف ذلك من خلال اتفاق مشترك، يجب أن يسمح أي طرف بمرور وحدات الإنقاذ التابعة للأطراف الأخرى، التزامًا بالقوانين والقواعد واللوائح الوطنية المعمول بها، واختراق مياهه الإقليمية أو أراضيه أو التحليق في أجوائه فقط لغرض القيام بأنشطة البحث والإنقاذ".

وفي الواقع، تحدث التدخلات من هذا النوع منذ أشهر، إلا أن تصنيف تونس "منطقة بحث وإنقاذ" يُتيح تنظيم هذه التدخلات بشكل أفضل ويمنع تونس من التراجع عن اتفاقاتها مع الاتحاد الأوروبي. وحسب أحد النوّاب الأوروبيين السابقين، الذي يأسف لدخول الدول الأوروبية في لعبة لصالح الزعيمة الإيطالية دون مراعاة ضعف تونس، فإن "ميلوني نجحت من خلال تأمين هذا الاتفاق في تحقيق أهدافها.
وتمكنت من خلال الاتحاد الأوروبي من جذب أكثر دول المغرب العربي التي تعاني صعوبات".


لامبيدوزا ممنوعة على المهاجرين؟
 يشير بعض المراقبين إلى أن مجلس الدولة الإيطالي رفض في 20 حزيران/ يونيو 2024 إرسال ست زوارق سريعة إلى تونس مع تمويل قدره 4.8 مليون يورو لصيانتها، بعد تقديم منظمات غير حكومية إيطالية طعنًا بشأن مدى جدوى هذه الخطة. لكن من منظور روما، كان الهدف واضحًا وهو إلزام تونس بمنع المهاجرين من الوصول إلى لامبيدوزا.

وأشارت المجلة إلى أن هذه المهمة لن تكون بسيطة عمليًا، إذ ستحتاج السلطات التونسية إلى مراعاة حدود مناطق البحث والإنقاذ الإيطالية والليبية. وعلى هذا النحو من المتوقع تشابك القضايا والخلافات في أعالي البحار، خاصةً أن الاتحاد الأوروبي يعتبِر ليبيا وتونس "دولًا آمنة" للمهاجرين المحتملين، وذلك على الرغم من أن العديد من المنظمات غير الحكومية قد أحصت العديد من الانتهاكات ضد المهاجرين في ليبيا.

وأكدت المجلة أن وضعيّة هؤلاء المهاجرين هشّة كذلك في تونس، حيث يتم احتجازهم في نوع من المخيمات العشوائية في منطقة العامرة، بالقرب من صفاقس (الوسط الشرقي)، دون حقوق أو وجود قانوني. ومنذ توقيع مذكّرة تفاهم على شراكة استراتيجية وشاملة بين الاتحاد الأوروبي وتونس في تموز/ يوليو 2023، تراجع عدد المهاجرين الذين يصلون إلى إيطاليا من سواحل تونس وليبيا إلى 20 ألف في الربع الأول من سنة 2024، مقارنة بـ 60 ألف خلال نفس الفترة من سنة 2023.

 وبينما يبدو أن تونس تلتزم بجانبها من الصفقة، لم يتم تحويل مبلغ 900 مليون يورو من المساعدات الأوروبية المتوقعة في إطار نفس المذكرة نظرًا لأن صندوق النقد الدولي قد جمّد جميع المساعدات المخصصة لتونس. ومن جهتها، تتعهّد جورجيا ميلوني، بطبيعة الحال، بالقيام بما هو ضروري. لكن حتى الآن لم تتحول الأقوال إلى أفعال. 

للاطلاع إلى النص الأصلي (هنا)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية تونس ميلوني الهجرة المهاجرين تونس أوروبا أفريقيا الهجرة المهاجرين سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاتحاد الأوروبی البحث والإنقاذ من خلال

إقرأ أيضاً:

بعد تسليط الضوء على قضية التحرش في لام شمسية.. استشاري نفسي يقدم نصائح لحماية الأطفال

 أثار مسلسل "لام شمسية" الذي يعرض خلال النصف الثاني من شهر رمضان الجدل بمجرد بث أولى حلقاته، وذلك بسبب تناوله قضية التحرش الجنسي بالأطفال.

 مسلسل "لام شمسية" وقضية التحرش:

وقد أحدث المسلسل حالة من الانقسام بين الجمهور؛ فبينما أشاد البعض بجرأة اختيار الموضوع وأهمية إثارته، انتقد آخرون تجسيد طفل لدور "متحرش به"، مؤكدين على تأثير ذلك على نفسيته.

وفي هذا الصدد، قال الدكتور وليد هندي، استشاري الصحة النفسية، إن الإحصائيات الرسمية أشارت إلى أن 18% من حالات الاعتداء للأطفال في الأصل اعتداءات جنسية، ويتوجب على أولياء الأمور توعية أطفالهم ببعض المفاهيم والنصائح حتى يحرس الأطفال بها أنفسهم من التعرض للتحرش والاعتداءات الجنسية.

وأضاف هندي- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أنه لابد من إدراك الأبناء لمفهوم «خصوصية الجسد» يعني أن هذا جسدك أنت وحدك، لا يحق لأي أحد الاطلاع على جسدك، جسدك ممنوع من اللمس من قبل أي شخص، هناك أعضاء يمنع لمسها بتاتًا، حتى من الأقارب.

وتابع هندي، أن هناك بعض الحالات الاستثنائية مثل الكشف عند الطبيب مع حضور أحد الوالدين، ويتوجب على الطبيب أن يستأذن الطفل وولي أمره، من لمس أي عضو من أعضاء جسده، وفي مرحلة رياض الأطفال والابتدائي يجب على المعلمين تعليم الأطفال، المناطق الممنوعة من اللمس، من خلال الاستعانة بالرسومات التوضيحية الكرتونية، وتحديد الأماكن المحظور لمسها بألوان مختلفة لضمان تأكيدها وتثبيتها في عقل الطفل.

واختتم: "أؤكد على ضرورة توعية الطفل بألا يرافقه أحد عند دخوله لدورة المياة، كأن يدخل معه أحد من أصدقائه، أو أحد العاملين في تنظيف دورات المياة، والتنبيه على الطفل للتمييز بين اللمسة السليمة واللمسة الغير الصحيحة سلوكيا، وشدد على أهمية تجنب احتضان الطفل حتى من المقربين إلا في حالات محددة كوجود الأب والأم معه، كذلك عدم تناول الحلوى من أيدي أحد إلا في حالة موافقة الأب والأم".

يتناول مسلسل "لام شمسية" قضية التحرش الجنسي بالأطفال في محاولة لتسليط الضوء على خطورتها وأثرها السلبي على المجتمع. 

ومن خلال المسلسل، يتم التأكيد على أهمية التعامل الصحيح مع الطفل والتواصل المستمر معه لحمايته من هذه المخاطر.

وتدور أحداث المسلسل حول نيللي التي تجسد شخصيتها أمينة خليل، وهي معلمة في المدرسة التي يدرس بها الطفل يوسف، الذي يلعب دوره الممثل علي البيلي، ويوسف هو ابن طارق، الذي يجسد شخصيته أحمد السعدني، يعاني يوسف من حالة نفسية غامضة تتكشف مع توالي الأحداث في المسلسل.

ردود فعل الجمهور والقائمين على المسلسل

وفي ظل الانتقادات المتعلقة بتجسيد الطفل "يوسف" لمشاهد جريئة تتعلق بموضوع التحرش، نشر المخرج كريم الشناوي مقطع فيديو يظهر كواليس تصوير أحد المشاهد. 

وأكد المخرج أن سلامة الطفل علي البيلي كانت من أولوياتهم أثناء التصوير، مشيرا إلى أن كل الإجراءات تم اتخاذها لضمان سلامته وسلامة الأطفال المشاركين في المسلسل.

من جانبها، كتبت مؤلفة المسلسل مريم نعوم عبر حسابها على فيسبوك: "أرجوكم، لا تحملوا الطفل بطل المسلسل أكثر من طاقته، فكل الأسئلة المحيرة أو التعليقات التي توسم الشخصية أو تحليلات غير علمية قد تؤثر سلبًا عليه. الطفل هذا أشجع من العديد من الأشخاص، لذلك نرجو من الجميع عدم نشر أي تعليقات قد تكون مؤذية حتى لو كانت النية طيبة".

وأضافت مريم نعوم: "الهدف الجماعي للمسلسل أهم بكثير من التعليقات الفردية، التي قد تضر أكثر مما تنفع في هذه اللحظة. فكل الأسئلة سيتم الإجابة عليها خلال أحداث المسلسل".

مسلسل لام شمسية.. مواعيد العرض والقنوات الناقلةبعد تناولها في مسلسل لام شمسية.. عقوبات مشددة لمرتكبي جرائم التحرشحماية الأطفال بين القانون والواقع

على الجانب الآخر، يعزز القانون المصري حماية الأطفال من خلال فرض عقوبات صارمة على جرائم الاستغلال، بما في ذلك السجن المؤبد للاتجار بالأطفال. 

ومع ذلك، لا يزال التطبيق الفعلي لهذه القوانين يشكل قلقا كبيرا، إذ تظل الفجوة بين النصوص القانونية والواقع العملي واضحة في المجتمع.

هل "لام شمسية" بداية لتغيير ثقافي حقيقي؟

يرى البعض أن المسلسل قد نجح في كسر العديد من التابوهات المجتمعية التي تتعلق بقضايا حساسة مثل التحرش الجنسي بالأطفال، إلا أن آخرين يعتقدون أن التغيير الحقيقي يتطلب إصلاحا جذريا في الثقافة المجتمعية، بالإضافة إلى التطبيق الفعلي للقوانين التي تحمي الأطفال من هذه الجرائم.

وبذلك، يبقى "لام شمسية" أكثر من مجرد عمل درامي؛ إنه بمثابة دعوة مفتوحة للنقاش والتغيير، السؤال الآن: هل ستستجيب التشريعات والتطبيقات الواقعية لهذا النداء؟ 

يسرا اللوزي تروج لأولى حلقات مسلسل لام شمسية

مقالات مشابهة

  • مقتل شخص وإنقاذ 15 آخرين أثناء عبورهم القناة الأنجليزية في قارب مكتظ
  • أزمة المهاجرين في تونس.. ملف مشتعل وسط صمت رسمي
  • ضبط 371 قضية مخدرات و174 قطعة سلاح خلال 24 ساعة
  • بعد تسليط الضوء على قضية التحرش في لام شمسية.. استشاري نفسي يقدم نصائح لحماية الأطفال
  • غرق سفينة لمهاجرين في البحر المتوسط وفقدان 40 شخصا وانتشال 6 جثث
  • بسبب إطلاق سراح “أسامة نجيم”.. ميلوني في موقف صعب أمام القضاء الإيطالي
  • ضبط 289 قضية مخدرات و85 قطعة سلاح خلال 24 ساعة
  • ماذا وراء مسرحية إقتحام حامية جرانيت بجنوب السودان ؟..
  • وسائل إعلام يمنية: الحوثيون أطلقوا صاروخا باليستيا من منطقة مجزر
  • تونس.. إنقاذ 612 مهاجر وانتشال 18 جثة بينهم نساء وأطفال