إنى ليهجرنى الصديق تجنيًا
فأريه أن لهجره أسبابًا
وأخاف إن عاتبته أغريته
فأرى له ترك العتاب عتابًا
هذا ما قاله الشاعر العباسى عبدالله بن محمد، الناشئ الأنبارى، أبوالعباس فى العتاب.
والحقيقة إن العتاب بالمعنى المجرد شيء حسن، فالدافع إليه هو الحرص على دوام والمحبة والقيام بحق النصح فى حق الصاحب، وهنا قال أبوالدرداء رضى الله عنه: «معاتبة الأخ خير من فقده»، وقد مدحه بعضهم فقالوا: «العتاب حدائق المتحابّين»،
كما قال أحدهم: «ويبقى الود ما بقى العتاب»؛ فالعتاب خير من الحقد، ولا يكون العتاب إلّا على زلّة، فهو دليل على بقاء المودّة، لأنه يزيل أثر الكراهية من القلوب، ويزيد الألفة، كما ينقّى النّفوس والنوايا ويطهّرها من سوء الظن، ولا يكون العتاب إلا لأهله، فليس كل قريب منك جديرًا بالعتاب، فكم من قريب تملؤه مشاعر الكره والبغضاء.
وقد يصبح العتاب سببًا من أسباب القطيعة والعداوة إذا تجاوز الحد، وصار عادة، أو استعملت فيه الألفاظ القاسية والنظرات الحادة فى المواقف التى تجمعنا بالآخرين– لا سيما البسيطة منها- فلماذا نملأ حياتنا بتتبع أخطاء الآخرين والإصرار على طرحها ومناقشتها؟! ونفقد بذلك دقائق وساعات بل ربما أيامًا، نناقش ونتفاعل ونتأزم، بل حتى عندما نعفو نبدأ فى تذكر تلك اللحظات المؤلمة، ومالنا لا نتذكر؟ وقد سمحنا لتلك الأخطاء أن تتخذ لها مكانًا فى ذاكرتنا بمناقشتها والبحث فى ثناياها، وذهبت أيامنا كلها سدى.
وبذلك ينبغى أن يكون الغرض من العتاب رد الصديق عن خطأ أو توجيه النصح له، فإذا تحول العتاب إلى الجدال قد يظن أنك تنتقص منه وتعيبه فيدفعه ذلك إلى رفض النصح ومحاولة الانتصار لنفسه ثم تكون القطيعة وربما العداوة، كما لا ينبغى أن نتعامل مع أخطاء الناس كأننا لا نخطئ، بل نلتمس الأعذار، ونبين للمخطئ، وننصحه عسى أن يكون جاهلًا أو متأولًا، أو له عذر لا نعلمه، فإذا علمناه ونصحناه رجع عن خطئه.
وليس كل شخص جديرًا بالعتاب؛ فليس كل من يتعرف عليه الإنسان هو صديق، فقد تقابل فى حياتك كثيرًا من الأشخاص يمكن عدهم زملاء عمل أو دراسة ولكن يظل الصديق الذى يستحق العتاب هو الأقرب وهو محل ثقة وهو الشخص الذى يمكن الاعتماد عليه فى جميع المواقف، تظهر صداقته الحقيقية فى الشدائد والمحن، ويظهر الصديق الحقيقى فى هذه الأوقات العصيبة، يعاون صديقه ويؤازره ولا يتخلى عنه، وقد يكون لدى الفرد دائرة كبيرة من الأصدقاء فى المدرسة أو الكلية أو العمل، لكنه يعلم أنه لا يمكن الاعتماد إلا على شخص واحد أو شخصين فقط، يشاركونه صداقة حقيقية، وهما فقط من يستحقان العتاب، ومن هم دون ذلك يكون أفضل عتاب لهم هو التجنب.
وفى النهاية من لا يُغْمِض عينه عن صديقه وعن بعض ما فيه يَمُتْ وهو عاتب، فإذا أردت مصاحبة الناس فلا بد من التغافل وترك العتاب للإبقاء على من يستحق أحيانًا، واجتنابًا للأنذال أحيانًا أخرى!
أستاذ الإعلام المساعد بكلية الآداب
جامعة المنصورة
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: د أحمد عثمان جامعة المنصورة عبدالله بن محمد العتاب
إقرأ أيضاً:
ترامب يعتزم ان يكون "لطيفا" مع الصين: سنخفض الرسوم بشكل كبير
الاقتصاد نيوز - متابعة
قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إنه يعتزم أن يكون "لطيفاً للغاية" مع الصين في أي محادثات تجارية، وإن الرسوم الجمركية ستنخفض إذا توصل البلدان إلى اتفاق، في إشارة إلى أنه قد يتراجع عن موقفه المتشدد تجاه بكين في ظل تقلبات السوق.
وقال ترامب في واشنطن، عقب تصريحات سابقة لوزير الخزانة سكوت بيسنت بأن أزمة الرسوم الجمركية غير مستدامة: "ستنخفض بشكل كبير، لكنها لن تصل إلى الصفر". وأضاف ترامب: "سنكون لطيفين للغاية، وسيكونون لطيفين للغاية، وسنرى ما سيحدث".
وأضاف ترامب أيضاً أنه لا يرى حاجة للقول إنه "سيتعامل بحزم" مع الرئيس الصيني شي جين بينغ، وأنه لن يُثير خلال المناقشات مسألة كوفيد-19، وهي قضية حساسة سياسياً في بكين. وكان البيت الأبيض قد أطلق مؤخراً موقعاً إلكترونياً أشار إلى أن الفيروس جاء من مختبر في الصين، مما أثار حفيظة الدبلوماسيين الأميركيين.
تأتي تعليقات ترامب في الوقت الذي تضررت فيه الأسهم وسندات الخزانة الأميركية بشدة منذ فرضه رسوماً جمركية شاملة في 2 أبريل، ثم إعلانه لاحقاً عن إعفاء لمدة 90 يوماً لمعظم الدول. ولا تزال الرسوم الجمركية البالغة 145% التي فرضها ترامب على الصين هذا العام سارية، على الرغم من أنه استثنى أجهزة الكمبيوتر والأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية الشائعة.
وقالت كبيرة الاقتصاديين في منطقة آسيا والمحيط الهادئ في بنك "ناتيكسيس" أليسيا غارسيا هيريرو: "ترامب في حالة ذعر بسبب هبوط الأسواق واستمرار ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأميركية". وأضافت: "إنه بحاجة إلى صفقة سريعة. الصين ليست بحاجة إلى تقديم أي شيء كبير في مثل هذه الظروف".
ولم ترد الصين رسمياً على تعهد ترامب بالتعامل "بلطف"، لكن وسيلة الإعلام "كايليان" وصفت ذلك بأنه "مؤشر على أن ترامب بدأ بالفعل في تخفيف موقفه من سياساته الجمركية المميزة".
وأشارت بكين في وقت سابق من هذا الشهر إلى أنها تريد أن ترى عدداً من الخطوات من إدارة ترامب قبل الموافقة على أي مناقشات، وخاصة كبح جماح التصريحات المهينة الصادرة عن أعضاء حكومته.
تشمل الشروط الأخرى موقفاً أميركياً أكثر اتساقاً واستعداداً لمعالجة مخاوف الصين بشأن العقوبات الأميركية وتايوان، وفقاً لما نقلته "بلومبرغ" عن شخص مطلع على تفكير الحكومة الصينية.
وأضاف هذا الشخص أن بكين تريد أيضاً من الولايات المتحدة تعيين مسؤول رئيسي للمحادثات يحظى بدعم الرئيس، ويمكنه المساعدة في إعداد اتفاق يمكن لترامب وشي توقيعه عند لقائهما.
وكانت بكين قد أعربت سابقاً عن استيائها من تعليقات نائب الرئيس جيه دي فانس حول "الفلاحين الصينيين"، حيث وصفها أحد الدبلوماسيين بأنها "جاهلة وغير محترمة".
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام