احذروا الإعلانات المُضلِّلة عبر وسائل التواصل
تاريخ النشر: 22nd, June 2024 GMT
سالم بن نجيم البادي
تضج وسائل التواصل الاجتماعي بالإعلانات عن البضائع المختلفة وبعض هذه الإعلانات كاذبة ومخادعة وقد تفنن أصحاب هذه الإعلانات في طرق الاحتيال واستخدام الحيل التي توفرها التكنولوجيا الحديثة من استخدام الفلاتر والخدع البصرية والإبهار والنساء الجميلات ومشاهير السوشل ميديا واستخدام الذكاء الاصطناعي، لدرجة تركيب أصوات بعض المشاهير والمذيعين في القنوات الفضائية الشهيرة والفنانين.
حتى المشاهير من علماء الدين تم تركيب أصواتهم وكأنهم يعلنون لبعض المنتجات، وهذه الإعلانات تجعل القبيح جميلا، وتمدح البضاعة الردئية والمنتجات التي تضر ولا تنفع ونتائج استخدمها ليست غير ذات جدوى فحسب؛ بل قد تسبب أعراضا جانبية، وقد تكون بالغة الخطورة أحيانا، وربما تكون نتيجة استخدامها الوفاة لا قدَّر الله، وهذه كان الأولى بها الذم والتحذير من استخدامها أو على الأقل عدم الإفراط والمداومة على استخدامها.
وشراء البضائع عبر وسائل التواصل الاجتماعي وبعد مشاهدة الإعلانات عادة ما يكون مضيعة للمال والوقوع في حبائل اللصوص ممن يروجون للبضائع المختلفة ولم يبق شيء إلا وأعلنوا عنه وهم يستغلون بخبث وذكاء حاجة الناس لبضائع معينة مثل أدوات التجميل، وفي هذا المجال نشاهد العجب، فهولاء يزعمون أن لديهم منتجات لتبييض البشرة في أيام معدودة، ومن يرى هذا الإعلان يظن أنه لن يوجد على وجه الأرض من هو أسمر البشرة بعد استخدام ذلك المنتج السحري! وسوف تختفي التصبغات من الوجوه. وتوجد كريمات ومنتجات تزيل التجاعيد وترجع العمر 20 عامًا أو أكثر إلى الوراء! كما يزعمون ويقدمون لك الوعود بأن تكون شابًا وسيمًا لا تجاعيد ولا انتفاخ تحت العيون ولا ضمور ولا ترهل ولا حفر في وجهك، ولو كنت في سن الـ70 من عمرك. وعن منتجات التجميل حدث ولا حرج، وسوف تلاحظ ذلك الكذب لو قدر لك وصدقتهم واشتريت منتجاتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
مثل ذلك صبغات الشعر التي تدعوك للقول وداعًا للشيب إلى الأبد! ومنتجات إنبات الشعر التي تسخر من الذين يفكرون في زراعة الشعر حتى تعتقد أنك لن تشاهد أصلعًا بعد اليوم. ثم تأتي منتجات التنحيف؛ فيكفي مثلا أن تذيب مسحوقًا طبيعيًا- هكذا يصفونه- في الماء وتشربه قبل الأكل بنصف ساعة حتى يقطع شهيتك، ومن ثم يقضي على لحمك وشحمك وبطنك وأردافك، ولو صدقوا لما رأينا شخصا سمينا في كل أنحاء العالم. ويتم الإعلان عن منتجات كثيرة للتنحيف أكثرها وهم وخداع وأكل أموال الناس بالباطل.
يأتي بعد ذلك الإعلان عن المنتجات الطبية وما أكثرها وما أكثر محلات العلاج الشعبي والطب البديل والأعشاب والوصفات الطبية الكثيرة التي تشفي من كل الأمراض حتى السرطان والسكري والضغط ومراكز العلاج المنتشرة في كل مكان ومنها من يدعي أن لديه العلاج للظهر والعظام والمفاصل وظهر كثير من النَّاس الذين يدعون أن لديهم القدرةُ على شفاء الناس بواسطة بعض الوصفات.
ولقد اطلعت على قائمة الأمراض التي يدعي أحدهم أنه يملك العلاج الشافي لها وهي قائمة طويلة وتشمل كل الأمراض تقريبا وأغلب ذلك دجل وكذب.
ثم تأتي منتجات يروج لها بكثرة الآن وهي التي يزعمون أنها تزيد من القدرة الجنسية وبعض الإعلانات تستدرجك بمزايا كثيرة، وحين تشتري ذلك المنتج المعلن عنه أو تلتحق ببرنامج تعليمي أو سياحي تم الإعلان عنه، تتقلص تلك المزايا ويتم التهرب من الالتزام بها.
وقد وصلت عدوى الإعلانات الكاذبة إلى بعض ربعنا هنا في عُمان ممن يتاجرون في المواشي عبر المجموعات في تطبيق الواتساب، وخاصة في الأغنام حين يصورون الحيوان صورًا غير واقعية وملعوب فيها، ثم يصفونه بما ليس فيه من حيث السمنة والعمر والسلالة ويختمون وصفهم بأنه خال من "العذاريب" كما يقولون، وحين يصلك الحيوان تكتشف أنه هزيل جدا وصغير ومختلف تماماً عن الصورة التي أرسلت لك قبل الشراء!!
لقد وقع كثير من الناس ضحايا للنصب والاحتيال والخداع وضاعت أموالهم لأنهم اشتروا عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي بعد أن أغرتهم الإعلانات البراقة.
وقد أخبرني غير واحد أنه أصابهم ما يشبه إدمان التسوق الإلكتروني، وبرغم أنهم خدعوا في كل مرة، إلّا أنهم استمروا في الشراء من تلك المواقع في وسائل التواصل الاجتماعي!
وذهب بعض من خدعوا إلى هيئة حماية المستهلك، لكنهم لم يجدوا الحل عندهم وأعتقد أنه من الصعب مراقبة والإشراف على كل ما يعرض للبيع عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
لذلك احذروا الشراء من مواقع التواصل الاجتماعي وإن كان لابُد من التسوق عبر مواقع التواصل الاجتماعي ومع الاعتراف بأن التسوق عبر هذه المواقع صار واقعًا لا مفر منه، وأن التجارة من خلال هذه المواقع مزدهرة جدا، لكن فكِّروا ألف مرة قبل أن تُقدِموا على شراء بضاعة دون أن تتأكدوا من جودتها ونفعها، حتى لا تقعوا ضحايا للإعلانات الكاذبة وتندموا حين لا ينفع الندم.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
احذروا المطب يا عرب!
د. أحمد بن علي العمري
كان العرب والمسلمون خير أمة أُخرجت للناس، ولكنهم عندما ابتعدوا عن دينهم ومبادئهم وقيمهم وشيمهم ونخوتهم، ضعفوا ووهنوا ولم تعد لهم قائمة. يقول الله تعالى: "وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ" (آل عمران: 85).
ولا عزة ولا كرامة إلا بالإسلام؛ فبالإسلام أعز الله العرب والمسلمين، وبدونه أصبحوا كما هم الآن. وعندما نقول الإسلام، فإننا نؤكد على الاعتدال والسلام والتسامح وقبول الآخر مهما اختلف، فلا غلو في الدين، ولا تطرف، ولا همجية، ولا تعصب، ولا نبذ، ولا إقصاء، ولا طغيان، ولا جبروت.
فلماذا نحن هكذا الآن؟ إنَّ أبواب الإسلام مفتوحة، وربنا غفور رحيم.
عندما ننظر لواقعنا المرير الآن، يتضح لنا الآتي:
لقد ماتت اتفاقيات مدريد وأوسلو روحًا وجسدًا، وماتت كامب ديفيد ووادي عربة روحًا، ولم يبقَ منها سوى الهيكل العظمي بدون أي مضمون أو محتوى. وقد هرولت بعض الدول مؤخرًا نحو التطبيع بدون أي مقابل. فهل نفعت خطط السلام؟ وهل قُبلت المبادرة العربية التي هي معروضة على الطاولة منذ عشرات السنين؟ أسمع الآن وأشاهد من يلوم المقاومة... فماذا بقي؟!
لقد استدرجتنا إسرائيل ومن خلفها الولايات المتحدة الأمريكية عبر مراحل متعددة حتى أوصلتنا إلى ما نحن عليه. لقد كانوا من قبل يحلمون بحل الدولتين، ومع تحول الزمن وتقدمه، أصبح هذا مطلبًا لنا صعب المنال.
فالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، وهي الدولة الموعودة، بدأت تتلاشى، والمستوطنات تقضمها من كل حدب وصوب في استنزاف متواصل دون حول ولا قوة من الدولة أو حتى من أشقائها، بل وحتى أمتها كاملة.
ويظهر لنا مؤخرًا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ليصرح بأن سكان غزة يجب أن يرحلوا للدول العربية المجاورة، مؤكدًا أن هذه الدول سوف توافق وتقبل بذلك، ليلتقطها نتنياهو ويعزف على جميع أوتارها وبشتى الألحان.
ترامب ونتنياهو أنفسهم يعلمان كما يعلم الجميع أن هذا الأمر مستحيل وغير قابل للتطبيق ولا يحمل أي معنى أو مضمون أو منطق. وإن فرضنا جدلًا وافقت بعض هذه الدول -لا سمح الله ولا قدر- فهل سيُوافق الغزاويون أنفسهم؟ أمر يستحيل مناله.
ولكنهم، وقد أصبح الهدف واضحًا وجليًا، يريدون أن تنتقل الدولة برمتها إلى قطاع غزة وفي شريطها الضيق، مدعين أنَّه سيكون لهم مطار وميناء وينفصلون تمامًا. وبعد ذلك، تبني إسرائيل جدارًا عازلًا حتى لو بطول 50 أو حتى 100 متر ليصعب على الصواريخ تجاوزه. وبهذا يكون على القدس السلام إلى الأبد، ويمكن بعد ذلك -والعياذ بالله- أن يُهدم المسجد الأقصى ويُبنى بدلًا منه الهيكل اليهودي المزعوم.
وبالمقابل، قد يحصل في قطاع غزة ما لا يُحمد عقباه ولا ما كنَّا نريده أو نتمناه، وهو أن تتناحر الفصائل الفلسطينية على القطاع رغم ضيقه، وتدخل في حرب أهلية أجارهم وأجارنا الله منها.
لهذا نقول ونذكر -لعل الذكرى تنفع- حذارِ حذارِ أن تقعوا في المطب، ويكفي ما مضى من مطبات ونكسات وتعثر وتشرذم وتفتت وخلاف واختلاف.
فهل هناك آذان صاغية وعقول مدبرة؟
ولله في خلقه شؤون.
رابط مختصر