سالم بن نجيم البادي

 

تضج وسائل التواصل الاجتماعي بالإعلانات عن البضائع المختلفة وبعض هذه الإعلانات كاذبة ومخادعة وقد تفنن أصحاب هذه الإعلانات في طرق الاحتيال واستخدام الحيل التي توفرها التكنولوجيا الحديثة من استخدام الفلاتر والخدع البصرية والإبهار والنساء الجميلات ومشاهير السوشل ميديا واستخدام الذكاء الاصطناعي، لدرجة تركيب أصوات بعض المشاهير والمذيعين في القنوات الفضائية الشهيرة والفنانين.

حتى المشاهير من علماء الدين تم تركيب أصواتهم وكأنهم يعلنون لبعض المنتجات، وهذه الإعلانات تجعل القبيح جميلا، وتمدح البضاعة الردئية والمنتجات التي تضر ولا تنفع ونتائج استخدمها ليست غير ذات جدوى فحسب؛ بل قد تسبب أعراضا جانبية، وقد تكون بالغة الخطورة أحيانا، وربما تكون نتيجة استخدامها الوفاة لا قدَّر الله، وهذه كان الأولى بها الذم والتحذير من استخدامها أو على الأقل عدم الإفراط والمداومة على استخدامها.

وشراء البضائع عبر وسائل التواصل الاجتماعي وبعد مشاهدة الإعلانات عادة ما يكون مضيعة للمال والوقوع في حبائل اللصوص ممن يروجون للبضائع المختلفة ولم يبق شيء إلا وأعلنوا عنه وهم يستغلون بخبث وذكاء حاجة الناس لبضائع معينة مثل أدوات التجميل، وفي هذا المجال نشاهد العجب، فهولاء يزعمون أن لديهم منتجات لتبييض البشرة في أيام معدودة، ومن يرى هذا الإعلان يظن أنه لن يوجد على وجه الأرض من هو أسمر البشرة بعد استخدام ذلك المنتج السحري! وسوف تختفي التصبغات من الوجوه. وتوجد كريمات ومنتجات تزيل التجاعيد وترجع العمر 20 عامًا أو أكثر إلى الوراء! كما يزعمون ويقدمون لك الوعود بأن تكون شابًا وسيمًا لا تجاعيد ولا انتفاخ تحت العيون ولا ضمور ولا ترهل ولا حفر في وجهك، ولو كنت في سن الـ70 من عمرك. وعن منتجات التجميل حدث ولا حرج، وسوف تلاحظ ذلك الكذب لو قدر لك وصدقتهم واشتريت منتجاتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

مثل ذلك صبغات الشعر التي تدعوك للقول وداعًا للشيب إلى الأبد! ومنتجات إنبات الشعر التي تسخر من الذين يفكرون في زراعة الشعر حتى تعتقد أنك لن تشاهد أصلعًا بعد اليوم. ثم تأتي منتجات التنحيف؛ فيكفي مثلا أن تذيب مسحوقًا طبيعيًا- هكذا يصفونه- في الماء وتشربه قبل الأكل بنصف ساعة حتى يقطع شهيتك، ومن ثم يقضي على لحمك وشحمك وبطنك وأردافك، ولو صدقوا لما رأينا شخصا سمينا في كل أنحاء العالم. ويتم الإعلان عن منتجات كثيرة للتنحيف أكثرها وهم وخداع وأكل أموال الناس بالباطل.

يأتي بعد ذلك الإعلان عن المنتجات الطبية وما أكثرها وما أكثر محلات العلاج الشعبي والطب البديل والأعشاب والوصفات الطبية الكثيرة التي تشفي من كل الأمراض حتى السرطان والسكري والضغط ومراكز العلاج المنتشرة في كل مكان ومنها من يدعي أن لديه العلاج للظهر والعظام والمفاصل وظهر كثير من النَّاس الذين يدعون أن لديهم القدرةُ على شفاء الناس بواسطة بعض الوصفات.

ولقد اطلعت على قائمة الأمراض التي يدعي أحدهم أنه يملك العلاج الشافي لها وهي قائمة طويلة وتشمل كل الأمراض تقريبا وأغلب ذلك دجل وكذب.

ثم تأتي منتجات يروج لها بكثرة الآن وهي التي يزعمون أنها تزيد من القدرة الجنسية وبعض الإعلانات تستدرجك بمزايا كثيرة، وحين تشتري ذلك المنتج المعلن عنه أو تلتحق ببرنامج تعليمي أو سياحي تم الإعلان عنه، تتقلص تلك المزايا ويتم التهرب من الالتزام بها.

وقد وصلت عدوى الإعلانات الكاذبة إلى بعض ربعنا هنا في عُمان ممن يتاجرون في المواشي عبر المجموعات في تطبيق الواتساب، وخاصة في الأغنام حين يصورون الحيوان صورًا غير واقعية وملعوب فيها، ثم يصفونه بما ليس فيه من حيث السمنة والعمر والسلالة ويختمون وصفهم بأنه خال من "العذاريب" كما يقولون، وحين يصلك الحيوان تكتشف أنه هزيل جدا وصغير ومختلف تماماً عن الصورة التي أرسلت لك قبل الشراء!!

لقد وقع كثير من الناس ضحايا للنصب والاحتيال والخداع وضاعت أموالهم لأنهم اشتروا عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي بعد أن أغرتهم الإعلانات البراقة.

وقد أخبرني غير واحد أنه أصابهم ما يشبه إدمان التسوق الإلكتروني، وبرغم أنهم خدعوا في كل مرة، إلّا أنهم استمروا في الشراء من تلك المواقع في وسائل التواصل الاجتماعي!

وذهب بعض من خدعوا إلى هيئة حماية المستهلك، لكنهم لم يجدوا الحل عندهم وأعتقد أنه من الصعب مراقبة والإشراف على كل ما يعرض للبيع عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

لذلك احذروا الشراء من مواقع التواصل الاجتماعي وإن كان لابُد من التسوق عبر مواقع التواصل الاجتماعي ومع الاعتراف بأن التسوق عبر هذه المواقع صار واقعًا لا مفر منه، وأن التجارة من خلال هذه المواقع مزدهرة جدا، لكن فكِّروا ألف مرة قبل أن تُقدِموا على شراء بضاعة دون أن تتأكدوا من جودتها ونفعها، حتى لا تقعوا ضحايا للإعلانات الكاذبة وتندموا حين لا ينفع الندم.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

التباهي بالثروة ومعاقبة المشاهير

( ولا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا )
تعجّ وسائل التواصل الإجتماعي لدينا، بمجموعة لا همّ لها إلا التفاخر بالمال والثراء، وهو سلوك لايُوصف إلا بالمُشين، فهو بلا شك يؤثّر سلباً على المجتمع، ناهيك على أنه ليس من الإسلام في شيء، وليس من باب شُكر النِعم.

إلى ذلك، نشر موقع “NCBNews” الشهير قبل فترة، مقالاً مثيراً على وسائل التواصل الإجتماعي تحت عنوان, “الصين تحظر سلوك “التباهي بالثروة”.
يُسلِّط المقال الضوء على ظاهرة “التباهي بالثروة” عبر الإنترنت، في وقت أعلنت فيه الجهة الوطنية المنظِّمة للإنترنت، عن حملة ضدّ المشاهير وأصحاب النفوذ الذين يخلقون شخصية “متباهية بالثروة”، ويعرضون عمداً حياة فاخرة مبنية على المال من أجل جذب المتابعين وزيادة حركة الزيارة للحساب.

ذكر المقال أن الصيني “هونغ تشيوان”، قد إدّعى أنه يمتلك سبعة عقارات في العاصمة الصينية بكين، وأنه لم يغادر المنزل مطلقًا ، مرتديًا ملابس تقل قيمتها عن 10 ملايين يوان (1.38 مليون دولار)، وأظهرت مقاطع الفيديو التي نشرها على الإنترنت والتي لا يمكن التحقُّق من صحتها، خادماته، والعديد من حقائب اليد من ماركة “هيرميس”، والسيارات الرياضية باهظة الثمن التي اشتراها، وقد تعذّر على متابعيه البالغ عددهم 4.3 مليون متابع، الوصول إلى حسابه على “Douyin” (النسخة الصينية من “TikTok”)، وأظهرت عمليات البحث، رسالة خطأ تفيد بأنه تم حظره بسبب إنتهاكات لإرشادات مجتمع “Douyin”، كما تم أيضاً حظر حسابات “Douyin” لشخصيات مؤثِّرة أخرى عبر الإنترنت، كانت قد نشرت محتوىً مشابهاً، مثل “Bo Gongzi” (اللورد الشاب الثري باي)، الذي لديه 2.9 مليون متابع، وBaoyu Jiajie (Abalone Sister)، الذي لديه 2.3 مليون متابع.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو:ما الفائدة من التباهي و الإسراف في الإنفاق؟

وللاجابة على هذا السؤال، فإن الكثير من ضعاف النفوس من الأسر المتوسطة أو الفقيرة يتأثر بما ينشر، في حين يقود التباهي في الإنفاق إلى الحسد و يفتح باب المقارنات، فيقع ضحيته الأبناء مع آبائهم أو الزوجات مع أزواجهن، ممّن يريدون العيش في صورة طبق الأصل لما يشاهدونه في وسائل التواصل الإجتماعي، ضاربين بعرض الحائط وضعهم الإجتماعي!

ماذا لو طُبِّق هذا القانون لدينا، وأُجبر على من يتباهى بثروته بشكل مبالغ فيه الغاء حسابه؟ أنا متأكد من أن هذا سيكون له أثر إجتماعي إيجابي.
إن المرء لا يُقاس بما يملك من ماديات، فهي نِعمة حباها الله له ليختبر شُكَره للنِعم.
يقول الله عزّ وجلّ في مُحْكَم التنزيل، “واعلموا أن أموالكم وأولادكم فتنة”، علماً بأن شُكر النِعم إنما يكون بالتواضع، وانفاق المال في الوجه الذي أمر الله به، يقول عزّ وجلّ: “لن تنالوا البر حتى تنفقوا ممّا تحبون وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم”.

لا يجب علينا أن نتأثر سلباً بتباهي البعض في وسائل التواصل الإجتماعي، بل علينا أن نكون على يقين أن حرماننا من تلك النعم، إنما لحِكمة لا يعلمها إلّا الله. وعلينا أن نسلِّم بذلك، ونشكر الله على كل النِعم التي أنعمَ بها علينا، فالتذمُّر والشكوى والجحود، نوع من أنواع عدم الرضا بما قسمَ الله لنا.
قال تعالى: ( إن الله لا يحب كل مختال فخور ).

jebadr@

مقالات مشابهة

  • بيان من سفارة المملكة في تركيا بشأن الحادثة المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي
  • مايا مرسي تتصدر «تريند» وسائل التواصل الاجتماعي.. «جابت حقوق سيدات كتير»
  • ميتا تنهي حظر كلمة شهيد بناء على توصيات مجلس الإشراف
  • ضحايا السوشيال ميديا
  • هل تتصفح وسائل التواصل الاجتماعي قبل النوم؟.. هذا ما سيحدث لك
  • بالصورة.. علامة قف غريبة تجر على مجلس جماعة تمارة موجة سخرية عارمة
  • مصر.. الاطاحة بـ البلوجر روكى لنشرها فيديوهات مخلة
  • يورو 2024.. أكثر من 4000 حالة إساءة عنصرية في أمم أوروبا
  • المطلق يوضح كيف يتوب من ينشر المقاطع المحرمة في وسائل التواصل ؟ .. فيديو
  • التباهي بالثروة ومعاقبة المشاهير