(فبراير) إيران.. و(فبراير) ليبيا
تاريخ النشر: 22nd, June 2024 GMT
“في إيران.. لم تعد مسألة غياب أو تغيير رئيس الدولة أمر جلل.. فالدولة هي من يصنع الرئيس.. وليس الرئيس هو من يصنع الدولة”
اختفت عن السماء والأرض ظهر التاسع عشر من مايو 2024 طائرة الرئيس الإيراني الراحل (إبراهيم رئيسي) ورفاقه أثناء رحلة عمل قادته إلى أذربيجان ثم إلى رحلته الأبدية.. عاشت الدولة النووية (العصية) على سياسات الغرب 16 ساعة كاملة بدون رئيس بشكل غامض ومحير و(مخجل) دوليا.
إنتاج الرئيس في جمهورية إيران (العتيدة) برغم الرائحة (الثيوقراطية) يتم بعملية شديدة التعقيد والتراتبية.. تحتضن مراكز القوى وتمر عبر هياكل سياسية وأمنية واجتماعية وقضائية مترابطة بإحكام.. خارطة طريق متشعبة من المؤسسات السيادية تستوعب الهوية والتاريخ والتراث والمحاكاة لنظم التداول السلمي على السلطة.. مجلس لشئون الدستور وآخر لمتابعة وتقييم النظام السياسي ويوازيه مجلس لكبار الخبراء.. نفق طويل لكن نهايته تفضي إلى ضوء.
فمنذ (فبراير) 1979 صارت مسألة الجلوس على كرسي الرئاسة الإيرانية أمر روتيني (إداري) يحدث كل 4 أعوام.. خروج الرئيس من سدة الحكم لا يشكل معضلة فالدستور حسم المسألة مبكرا.. وبرغم أن رحيل الرئيس الثامن للجمهورية الإيرانية (رئيسي) مؤخرا يلفه كثير من الغموض والحيرة.. لكن إنتاج رئيس جديد منتخب لا يعترضه أمر ويسير بشكل دستوري تراتبي متفاهم عليه.
على عكس جيرانها على الضفة الغربية من الخليج من العرب (الأقحاح) أصحاب (الفخامة) والأنظمة السياسية العائلية (التوارثية)، تدار إيران بمنظومة سياسية بنيوية ذات تصميم وابتكار محلي قادرة على تجديد دمائها عبر الالتزام بتنظيم الاستحقاقات الانتخابية في حينها.. مع الإبقاء على نخاعها (الإيدولوجي) ذي الجذور الدينية ممثلا في المرجعية والمرشد.. هذه الخلطة العجيبة الصامدة والمستديمة منذ تغيير (فبراير) 1979 تمكنت بها دولة الثمانين مليون نسمة من مجابهة تحديات محلية وإقليمية ودولية كبرى من العلاقة والحروب والصراعات والعقوبات.. وصارت رقما لا يمكن تجاوزه في المعادلة الإقليمية والدولية.
يقطن طهران وحدها 15 مليون نسمة وهو أكثر من ضعف سكان ليبيا.. لكن (فبراير) إيران نجح في إنتاج دولة لها مشروع ورؤية.. بينما فشل (فبراير) ليبيا على مدى 13 عاما في إنتاج مشروع تلتف حوله الأمة الليبية الممزقة والمنهكة منذ 70 عاما.. كان أمام ليبيا (فبراير) فرصة لإطلاق مشروع تطوير أو إنقاذ أو المحافظة على ما هو قائم من بقايا دولة.. لكنها أخفقت بشكل مدوي في أن تتصالح مع ذاتها وتنطلق.. استل المنتصرون (سريعا) سيوف الانتقام وحرق الماضي على حساب التأسيس للجمهورية الليبية الثانية.. الدستور تم وأده مبكرا وبقي كبحث تخرج بأرفف المكتبة.. والانتخابات الوحيدة (المؤتمر الوطني) 2012 و(البرلمان) 2014 انتجت أجسام مضادة للانتخابات.. ومؤسسات الدولة انشطرت ما بين (أنانية) طرابلس و(مشاكسة) بنغازي و(سبات) سبها.. واقتصرت جهود مكافحة الفساد الضارب بأطنابه كل ثنايا الدولة على (هيئة) تتنازع الشرعية الشرقاوية والغرباوية.. وأصبح الحديث عن السيادة الوطنية أمر يثير الخجل والسخرية للشعب المغلوب على أمره.. ويحرج الساسة المتنافسين على تجيير العمالة.
كان بإمكان ليبيا (فبراير) تفادي هذه النتائج وهذا الواقع الذي صنعه اللاعبون الخارجيون (بقصد) والمحليون (ببلاهة).. شكَّل (فبراير) من ليبيا حالة متأخرة للتحول الديمقراطي ومأزومة غير قادرة على إفراز مشروع وطني لإعادة بناء دولة جامعة مستوعبة للتناقضات المحلية.. يقظة للتحولات الجيوسياسية الإقليمية والدولية.. مضى عقد من الزمن ولا زالت ليبيا تتخبط في دوامة مجلسي النواب والدولة في إخراج قوانين تسرع من نزول الرئيس الليبي (المنتظر).
بعد 35 عاما من استسلام القيادة الإيرانية للواقع آنذاك بقبول قرار الأمم المتحدة بوقف حرب الخليج الأولى أو حرب الثمان سنوات مع العراق (1980 – 1988).. تحولت إيران اليوم إلى المرجعية واللاعب الأساسي في قرار أبرز العواصم العربية تاريخا وحضارة (الشام والعراق واليمن) وصارت المراسيم الرئاسية والمصيرية في بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء وحتى (غزة) تحال منها نسخ إلى طهران للمشورة.
بينما على الجانب الآخر المعاكس فلابد للدوحة وأبوظبي وأنقرة والقاهرة وغيرها مراجعة قرارات ليبيا المصيرية.. ليبيا (فبراير) استسلمت للسفراء وموظفي البعثة الأممية وسماسرة الأزمات السياسية.. وصارت نادي قمار للأمريكان الأوصياء على نفط وأموال الليبيين (الميزانية) وتبويب أوجه إنفاقها.. وانحدرت ليبيا إلى تابع لدول دونها دورا وتأثيرا ومواردا ومكانة.. وسط فتاوي (سياسية) لشرعنة التدخلات في الوطية ومصراتة ورأس إجدير والمجال البحري.. وإنشاء الفيلق (الليبي) المزعوم لإخراج الفيلق الروسي (المزعوم) من براك الشاطئ وسرت والجفرة والويغ وصحراء فزان.. وشتان ما بين فبراير الذي أرسى مشروع دولة.. وفبراير الذي أسس حالة اللادولة.. فهل صنعت ليبيا فبراير.. أم فبراير هو الذي صنعها؟
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
المصدر: عين ليبيا
إقرأ أيضاً:
تعرف على عقوبة الخطأ الطبي الذي يسبب عاهة مستديمة بمشروع قانون المسؤولية الطبية
شهدت الجلسة العامة لمجلس الشيوخ اليوم الأحد مناقشة مشروع قانون مقدم من الحكومة لتنظيم المسئولية الطبية ورعاية المرضى، حيث يهدف مشروع القانون إلى تحقيق التوازن بين حقوق المرضى وواجبات الفرق الطبية، بالإضافة إلى تحديد مسؤوليات القائمين على إدارة المنشآت الطبية.
ونصت المادة (28) على أن يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تجاوز خمسين ألف جنيهًا أو بإحدى هاتين العقوبتين من تسبب من مقدمي الخدمة بخطأ طبي في جرح متلقي الخدمة أو إيذائه.
وتكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنتين وغرامة لا تجاوز ثلاثمائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا نشأ عن الخطأ الطبي عاهة مستديمة أو إذا وقعت الجريمة نتيجة خطأ طبي جسيم أو كان مقدم الخدمة متعاطيًا مسكرًا أو مخدرا عند ارتكابه الخطأ الطبي أو نكل وقت الواقعة عن مساعدة من وقعت عليه الجريمة أو عن طلب المساعدة له مع تمكنه من ذلك.
وتكون العقوبة الحبس إذا نشأ عن الخطأ الطبي إصابة أكثر من ثلاثة أشخاص، فإذا توافر ظرف آخر من الظروف الواردة في الفقرة السابقة تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على خمس سنين.
وطبقا للمادة (29) تصدر أوامر الحبس الاحتياطي ومده في الجرائم التي تقع من مقدم الخدمة أثناء تقديم الخدمة الطبية أو بسببها من عضو نيابة بدرجة رئيس نيابة على الأقل أو من في درجته.
وطبقا للمادة (30) للمجني عليه أو وكيله الخاص ولورثته أو وكيلهم الخاص أن يطلب من جهة التحقيق أو المحكمة المختصة، حسب الأحوال، وفى أي حالة كانت عليها الدعوى إثبات الصلح مع المتهم في الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون وتأمر جهة التحقيق بوقف تنفيذ العقوبة إذا تم الصلح أثناء تنفيذها ولو بعد صيرورة الحكم باتًا، ويترتب على الصلح انقضاء الدعوى الجنائية، ولا أثر للصلح على حقوق المضرور من الجريمة أو على الدعوى المدنية.
ويجوز أن يكون الاقرار بالصلح أمام لجنة التسوية الودية المشكلة وفقًا لأحكام هذا القانون على أن يتم عرضه على جهة التحقيق أو المحكمة المختصة حسب الأحوال لاعتماده، ويترتب على الصلح ذات الآثار الواردة في الفقرة السابقة.
واستعرض الدكتور حسين خضير، رئيس لجنة الصحة بمجلس الشيوخ، تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الصحة والشئون المالية والاقتصادية، عن مشروع قانون مقدم من الحكومة بشأن تنظيم المسئولية الطبية ورعاية المريض.
وأكد رئيس صحة الشيوخ في كلمته الان بالجلسة العامة: إن فلسفة مشروع قانون بإصدار قانون المسئولية الطبية وحماية المريض، تعمل على تحقيق التوازن بين حقوق المرضى وواجبات الأطقم الطبية، ومسئولية القائمين على إدارة المنشآت الطبية.
وأضاف: أن مشروع القانون يستهدف ضمان بيئة عمل عادلة وآمنة للعاملين في المجال الصحي، وتعزيز الثقة المتبادلة بين المرضى ومقدمي الرعاية الصحية، من خلال وضع إطار قانوني واضح يحدد الالتزامات والمسئوليات.
وأشار غأن مشروع قانون المسئولية الطبية، يعالج القضايا المتعلقة بالأخطاء الطبية بطريقة عادلة ومنصفة، ويراعي التطورات العلمية والتكنولوجية في المجال الصحي، مؤكدًا أن مشروع القانون، يهدف إلى بناء نظام صحي مستدام يعزز من جودة الرعاية المقدمة ويحمي حقوق جميع الأطراف المعنية.
وأوضح مشروع قانون المسئولية الطبية ورعاية المريض، ينطلق من المبادئ الأساسية المتمثلة في حماية حقوق المرضى من خلال ضمان حصولهم على خدمات طبية عالية الجودة ومعاقبة الإهمال أو التقصير الذي قد يؤدي إلى الإضرار بصحتهم أو سلامتهم، كما يعمل مشروع القانون على تشجيع الكفاءة الطبية عبر وضع معايير واضحة تحفز الممارسين الطبيين على الالتزام بأعلى درجات المهنية والدقة في عملهم، مما يُسهم في تحسين جودة الخدمات الصحية.
وأضاف: يسعى مشروع قانون المسئولية الطبية، إلى تحقيق العدالة، من خلال إنصاف المرضى المتضررين من الأخطاء الطبية دون المساس بحقوق الأطباء الذين قد يقعون ضحية لاتهامات غير عادلة، من خلال اعتماد آليات تحقيق دقيقة ومحايدة، كما يدعو مشروع القانون إلى تعزيز المسئولية الأخلاقية، من الالتزام بالقيم الأخلاقية في الممارسة الطبية، بما يشمل احترام كرامة المرضى وحقوقهم الإنسانية.
واستكمل: يستهدف مشروع قانون المسئولية الطبية، توفير بيئة داعمة للأطقم الطبية من خلال حماية الممارسين الصحيين من التعدي عليهم أثناء عملهم والملاحقة التعسفية وضمان توفر التأمين ضد المخاطر المهنية، مما يشجعهم على أداء عملهم بثقة وأمان، مؤكدًا أن اللجنة البرلمانية المشتركة التى ناقشت مشروع القانون ترى أن الدولة المصرية لم تدخر جهدًا في مساندة وتقديم كافة أشكال الدعم للقطاع الصحي، وما زالت مستمرة في دعمه لمواجهة ما يستجد من تحديات.
واختتم: رأت اللجنة المشتركة أن مشروع قانون بإصدار قانون المسئولية الطبية وحماية المريض أداة مهمة لتعزيز النظام الصحي وحماية حقوق الأطراف المعنية، إذ تسهم في تحقيق الطمأنينة والحرية لمزاولي المهن الطبية المختلفة أثناء قيامهم بواجباتهم في تقديم خدمات الرعاية الطبية الوقائية أو التشخيصية أو العلاجية أو التأهيلية، وفي الوقت ذاته توفير الحماية اللازمة لمتلقي الخدمات المشار إليها ممن يقع في حقهم من أخطاء أثناء تقديمها تتعلق بمخالفة الأصول العلمية الثابتة أو القواعد الأخلاقية المهنية المقررة.