عين ليبيا:
2025-01-24@14:37:44 GMT

(فبراير) إيران.. و(فبراير) ليبيا

تاريخ النشر: 22nd, June 2024 GMT

“في إيران.. لم تعد مسألة غياب أو تغيير رئيس الدولة أمر جلل.. فالدولة هي من يصنع الرئيس.. وليس الرئيس هو من يصنع الدولة”

اختفت عن السماء والأرض ظهر التاسع عشر من مايو 2024 طائرة الرئيس الإيراني الراحل (إبراهيم رئيسي) ورفاقه أثناء رحلة عمل قادته إلى أذربيجان ثم إلى رحلته الأبدية.. عاشت الدولة النووية (العصية) على سياسات الغرب 16 ساعة كاملة بدون رئيس بشكل غامض ومحير و(مخجل) دوليا.

. حيث لم يعرف مصير للرئيس.. لكن الدولة (كمؤسسة) ظلت تعمل ولم ترتبك أو تتعطل أو تقاتل أبنائها.

إنتاج الرئيس في جمهورية إيران (العتيدة) برغم الرائحة (الثيوقراطية) يتم بعملية شديدة التعقيد والتراتبية.. تحتضن مراكز القوى وتمر عبر هياكل سياسية وأمنية واجتماعية وقضائية مترابطة بإحكام.. خارطة طريق متشعبة من المؤسسات السيادية تستوعب الهوية والتاريخ والتراث والمحاكاة لنظم التداول السلمي على السلطة.. مجلس لشئون الدستور وآخر لمتابعة وتقييم النظام السياسي ويوازيه مجلس لكبار الخبراء.. نفق طويل لكن نهايته تفضي إلى ضوء.

فمنذ (فبراير) 1979 صارت مسألة الجلوس على كرسي الرئاسة الإيرانية أمر روتيني (إداري) يحدث كل 4 أعوام.. خروج الرئيس من سدة الحكم لا يشكل معضلة فالدستور حسم المسألة مبكرا.. وبرغم أن رحيل الرئيس الثامن للجمهورية الإيرانية (رئيسي) مؤخرا يلفه كثير من الغموض والحيرة.. لكن إنتاج رئيس جديد منتخب لا يعترضه أمر ويسير بشكل دستوري تراتبي متفاهم عليه.

على عكس جيرانها على الضفة الغربية من الخليج من العرب (الأقحاح) أصحاب (الفخامة) والأنظمة السياسية العائلية (التوارثية)، تدار إيران بمنظومة سياسية بنيوية ذات تصميم وابتكار محلي قادرة على تجديد دمائها عبر الالتزام بتنظيم الاستحقاقات الانتخابية في حينها.. مع الإبقاء على نخاعها (الإيدولوجي) ذي الجذور الدينية ممثلا في المرجعية والمرشد.. هذه الخلطة العجيبة الصامدة والمستديمة منذ تغيير (فبراير) 1979 تمكنت بها دولة الثمانين مليون نسمة من مجابهة تحديات محلية وإقليمية ودولية كبرى من العلاقة والحروب والصراعات والعقوبات.. وصارت رقما لا يمكن تجاوزه في المعادلة الإقليمية والدولية.

يقطن طهران وحدها 15 مليون نسمة وهو أكثر من ضعف سكان ليبيا.. لكن (فبراير) إيران نجح في إنتاج دولة لها مشروع ورؤية.. بينما فشل (فبراير) ليبيا على مدى 13 عاما في إنتاج مشروع تلتف حوله الأمة الليبية الممزقة والمنهكة منذ 70 عاما.. كان أمام ليبيا (فبراير) فرصة لإطلاق مشروع تطوير أو إنقاذ أو المحافظة على ما هو قائم من بقايا دولة.. لكنها أخفقت بشكل مدوي في أن تتصالح مع ذاتها وتنطلق.. استل المنتصرون (سريعا) سيوف الانتقام وحرق الماضي على حساب التأسيس للجمهورية الليبية الثانية.. الدستور تم وأده مبكرا وبقي كبحث تخرج بأرفف المكتبة.. والانتخابات الوحيدة (المؤتمر الوطني) 2012 و(البرلمان) 2014 انتجت أجسام مضادة للانتخابات.. ومؤسسات الدولة انشطرت ما بين (أنانية) طرابلس و(مشاكسة) بنغازي و(سبات) سبها.. واقتصرت جهود مكافحة الفساد الضارب بأطنابه كل ثنايا الدولة على (هيئة) تتنازع الشرعية الشرقاوية والغرباوية.. وأصبح الحديث عن السيادة الوطنية أمر يثير الخجل والسخرية للشعب المغلوب على أمره.. ويحرج الساسة المتنافسين على تجيير العمالة.

كان بإمكان ليبيا (فبراير) تفادي هذه النتائج وهذا الواقع الذي صنعه اللاعبون الخارجيون (بقصد) والمحليون (ببلاهة).. شكَّل (فبراير) من ليبيا حالة متأخرة للتحول الديمقراطي ومأزومة غير قادرة على إفراز مشروع وطني لإعادة بناء دولة جامعة مستوعبة للتناقضات المحلية.. يقظة للتحولات الجيوسياسية الإقليمية والدولية.. مضى عقد من الزمن ولا زالت ليبيا تتخبط في دوامة مجلسي النواب والدولة في إخراج قوانين تسرع من نزول الرئيس الليبي (المنتظر).

بعد 35 عاما من استسلام القيادة الإيرانية للواقع آنذاك بقبول قرار الأمم المتحدة بوقف حرب الخليج الأولى أو حرب الثمان سنوات مع العراق (1980 – 1988).. تحولت إيران اليوم إلى المرجعية واللاعب الأساسي في قرار أبرز العواصم العربية تاريخا وحضارة (الشام والعراق واليمن) وصارت المراسيم الرئاسية والمصيرية في بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء وحتى (غزة) تحال منها نسخ إلى طهران للمشورة.

بينما على الجانب الآخر المعاكس فلابد للدوحة وأبوظبي وأنقرة والقاهرة وغيرها مراجعة قرارات ليبيا المصيرية.. ليبيا (فبراير) استسلمت للسفراء وموظفي البعثة الأممية وسماسرة الأزمات السياسية.. وصارت نادي قمار للأمريكان الأوصياء على نفط وأموال الليبيين (الميزانية) وتبويب أوجه إنفاقها.. وانحدرت ليبيا إلى تابع لدول دونها دورا وتأثيرا ومواردا ومكانة.. وسط فتاوي (سياسية) لشرعنة التدخلات في الوطية ومصراتة ورأس إجدير والمجال البحري.. وإنشاء الفيلق (الليبي) المزعوم لإخراج الفيلق الروسي (المزعوم) من براك الشاطئ وسرت والجفرة والويغ وصحراء فزان.. وشتان ما بين فبراير الذي أرسى مشروع دولة.. وفبراير الذي أسس حالة اللادولة.. فهل صنعت ليبيا فبراير.. أم فبراير هو الذي صنعها؟

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

المصدر: عين ليبيا

إقرأ أيضاً:

تقرير إسرائيلي يحذر الاحتلال من إيران.. تمثل التهديد الأمني الأكبر

حذر تقرير صادر عن إسرائيلي من أن إيران تمثل التهديد الأمني الأكبر لدولة الاحتلال الإسرائيلي، مشيرا إلى تقاطع عدة عوامل داخلية وخارجية تؤثر على سلوك طهران، خاصة فيما يتعلق بمشروعها النووي.

وأوضح التقرير الذي أصدره "معهد السياسة والاستراتيجية" بجامعة رايخمان الإسرائيلية، بقيادة اللواء احتياط في جيش الاحتلال عاموس جلعاد، من أن إيران باتت دولة "عتبة نووية"، حيث تمتلك كميات من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 بالمئة تكفي لإنتاج عدة قنابل نووية.

وأشار إلى أن ذلك يضع إيران أمام خيارين رئيسيين: التوجه نحو تصنيع السلاح النووي، أو السعي لاتفاق جديد مع الولايات المتحدة لتخفيف العقوبات الاقتصادية.

ولفت التقرير إلى أن تدهور أوضاع إيران الداخلية، من أزمة اقتصادية متفاقمة وصراعات سياسية، إلى جانب الضربات التي تلقتها شبكاتها الإقليمية بعد انهيار نظام بشار الأسد، يوفر فرصة تاريخية لإسرائيل للضغط عليها.


ولفت التقرير إلى أن دولة الاحتلال يجب أن تعمل بالتنسيق مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على صياغة اتفاق نووي جديد يفرض قيودًا طويلة الأمد على البرنامج النووي الإيراني.

وحدد التقرير مجموعة من الشروط التي يجب أن تسعى إسرائيل لتحقيقها ضمن أي اتفاق جديد مع إيران، من بينها "تخفيض نسبة تخصيب اليورانيوم إلى أقل من 5 بالمئة" و"تفكيك أجهزة الطرد المركزي المتقدمة" و"فرض رقابة صارمة وغير مقيدة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية"، بالإضافة إلى "التزام إيران بمعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية".


وعلى المستوى الإقليمي، يدعو التقرير دولة الاحتلال الإسرائيلي إلى تعزيز تحالفاتها الاستراتيجية، خاصة مع الولايات المتحدة ودول المنطقة، مع الترويج لاتفاقيات تطبيع جديدة في المنطقة. كما يشدد على ضرورة دعم الأردن كركيزة أساسية للأمن الإقليمي، وتجنب السياسات التي قد تهدد استقراره.

واختتم التقرير بتحذيرات من استمرار تدهور الأوضاع السياسية والاجتماعية داخل دولة الاحتلال، مشيرا إلى أن ضعف النسيج الاجتماعي والمساس بمؤسسات الدولة قد يؤثر على قدرتها على مواجهة التحديات الخارجية.

مقالات مشابهة

  • تقرير إسرائيلي يحذر الاحتلال من إيران.. تمثل التهديد الأمني الأكبر
  • السويح: المصالحة الوطنية ركيزة أساسية للحل السياسي في ليبيا
  • ليبيا تستأنف مشروع زراعة الأرز في موزمبيق باتفاق على أرض جديدة
  • “ستارغيت”.. مشروع الـ 500 مليار دولار الذي يرعاه ترامب
  • الرئيس السيسي: نسعى لبناء دولة قوية وديمقراطية
  • البلد في رقبتنا كلنا.. الرئيس السيسي: نسعى لإصلاح حقيقي وبناء دولة قادرة
  • السكوري: مشروع قانون الحق في الإضراب الذي أقره مجلس النواب لا يعكس الموقف الحكومي
  • مجلس الدولة يؤجل دعوى التحفظ على «المتحدة للصيادلة» لـ 5 فبراير
  • بالفيديو.. الرئيس السيسي: "مصر دولة كبيرة ومحدش يقدر يهددها"
  • الرئيس السيسي: مصر دولة كبيرة لا يمكن لأحد أن يهددها