عربي21:
2025-01-27@05:03:29 GMT

محمد على باشا.. والجمهورية!.

تاريخ النشر: 6th, August 2023 GMT

تقول الحكاية إن تاريخ أي أمة ما هو إلا خط متصل، قد يصعد أو يهبط أو حتى يدور حول نفسه..  لكنه لا ينقطع.. وهي مقولة صحيحة تماما، إذا ركزنا معناها ضوء كثيفا على التأسيس الأول للجيش المصري، بعد اعتماد نظام التجنيد.. النظام الذي سيستقر ويرسخ وتتعمق جذوره في أعمق أعماق تاريخ مصر الحديث.. لسبب واحد ووحيد.. فهو الذي سينشئ (الجمهورية)! أو النظام السياسي الذي ستعرفه أم الدنيا لاحقا من منتصف القرن العشرين.

.

وكيف كان ذلك؟

***

تقول الحكاية التي ستتبعها ألف حكاية وحكاية.. أنه ومن اليوم الأول لتسلمه مقاليد حكم مصر، أدرك مؤسس مصر الحديثة محمد علي باشا (ت/1849م) أن بناء جيش حديث وصناعة حديثة هو ما يوفر له الدعم الكافي كله للحركة نحو أهم خطوة في كل خطواته.. التي سيدرك بها ويلحق طموحه الذي كان يقارب السحاب رفعة وارتفاعا.

إذ كان يرنو ويتطلع إلى الآستانة.. عاصمة الخلافة، وعليه فقد بدأت تتبلور في رأس الرجل فكرة (الدولة المركزية) كخطوة أولى وكلية وشاملة في هذا الاتجاه.. فبسط سيطرة الدولة الكاملة على الأرض الزراعية، والتجارة، والتعليم، والقضاء، والتشريع.. وطبعا الجيش سيكون هناك دائما.

***

لقد عمل الرجل على بناء جيش قو]، جيش على النمط الأوروبي، مستعيناً بضباط وإداريين فرنسيين قدامى قد كانوا اضطروا لهجرة بلادهم وتشتتوا في الدنيا بعد هزيمة نابليون (ت/1821م) في معركة ووترلو سنة  1815م..

من بداية البداية والعقيدة العميقة في قلب هذا الجيش هي الارتباط بصاحب الأمر في البلاد.. والذي سيكون جيش محمد علي باشا وجيش إبراهيم باشا ومن يليهم من الحكام الذين سيرثون بمقتضى الاتفاقية الدولية الشهيرة (اتفاقية 1840 م) التي أسست الوجود المعلن للـ (الدولة المصرية) التي أرتضتها الحضارة الغربية لقلب الشرق ودرة تاجه..

كان الجيش المصري هناك دائما.. وسيكون هناك دائما.. في قرار دولي اجتمع عليه وفيه كل (الأعدقاء!) أولئك الأعداء الذين أصبحوا أصدقاء من أجل هذه اللحظة!!.. روسيا وإنجلترا وبروسيا والنمسا..!! بعد أن وضعوا أيديهم في أيدي الدولة العثمانية عدوهم الاستراتيجي القديم الجديد..

وتم إرجاع جيش مصر والشرق من الأناضول قسرا إلى القاهرة، بعد أن ذهب ليجدد دماء الدولة التي ترمز للأمة في عموم الشرق الإسلامي..

***

سننتبه دائما إلى أن الاحتلال الإنجليزي طوال فترة وجوده في مصر (1882/1954 م) عمل بقوة على تعزيز سيطرة الدولة المركزية.. وحافظ في ذلك على مؤسسة الجيش.. وزاد ذلك كله بعد أن أعلنت بريطانيا الحماية على مصر بعد شهور قليلة من اندلاع الحرب الأولى في 1914م التي ستنتهي بعد أربع سنوات 1918م  .

ستمر السنوات الأخطر في تاريخ الجيش المصري وهو بعيد عما يدور حوله، وإن كان منه وفيه.. وأقصد السنوات من ثورة 1919م.. وحتى بعد توقيع معاهدة الاستقلال المشروط في 1936 م.

ستكون إنجلترا غارقة في تفاصيل استراتيجية ضخمة بطول وعرض العالم كله.. هذا العالم الذي سكون عليه خوض حرب من أكثر الحروب وحشية في التاريخ الإنساني.. وسيرافق ذلك حدثا هاما في مصر.. إذ ستفتح الكلية الحربية أبوابها لأبناء الطبقة الوسطى.. وستعمل الحكومة مع الاحتلال على تنمية قدرات الجيش.

***

منذ التحاق أبناء عموم المصريين بسلك الضباط وشيئاً ما في عقيدة الجيش سيأخذ في التغير، شيئا فشيا..  والأخطر والأهم هنا، أن عددا كبيرا من هؤلاء الضباط سيكون له خلفية سياسية وفكرية من مصدر أو أخر.. أنت الآن في بلد ليبرالي.. ومفتوح.. ومحتل.. وستأتيك الأفكار حتى وإن لم تأتها.. وستتكون النواة الأولى لحركة الضباط الأحرار ساعتئذ..

ستخرج إنجلترا جريحة مهيضة من تلك الحرب التي ستصنع (كومندانا دوليا) جديدا سيكون هو القيم الجديد على قيم واستراتيجيات الحضارة الغربية / المسيحية.. أمريكا .

وستنتهي مراكز صناعة الأفكار والاستراتيجيات التى كانت بعد (حجرات صغيرة) فى صروح أجهزة المخابرات الإنجليزية والأمريكية الى حقيقة، مفادها أن (الجيوش) العربية سيكون لها المستقبل فى إدارة عموم المنطقة.. ويجب علينا أن نشجع ذلك! وكما انتهت ملكيات أوروبا بعد الحروب النابليونية (1803/1815م).. ستنتهى تقريبا كل ملكيات الشرق العربي بعد الحرب العالمية الثانية.. لكن الأهم هنا، من سيكون (سيد اللعبة)؟

***

حين قام الجيش بحركته (الضباط الأحرار) فى 23 يوليو 1952م كانت هناك مقابلات ضرورية مع حيفرسون كافري (ت/1974م) والذي سيشرف شخصيا على خروج آخر أبناء الأسرة العلوية (الملك فاروق ت/1965م) ..وأيضا السيد كيرميت روزفلت (ت/200م) ضابط المخابرات الأمريكي الشهير والذي كان قد بدأ نشاطه في مصر مبكرا.. وزادت وتعاظمت بعد حريق القاهرة يناير 1952م.. للتدخل المبكر قبل تكرار 1919م جديدة.. وتأتي بما لا يمكن التنبؤ به.. ولا يمكن التعامل معه..  وإسرائيل لازلت (خضراء العود) بعد..  فلم يكن قد مضى على تأسيسها أربع سنوات ..

***

سيتم كل شيء سريعا سريعا.. لكن المدهش هنا، أن كبرى الحركات الإصلاحية في مصر والعالم العربي، أيدت ما حدث ودعمته.. فإن كان قد غاب عنها اتصال الضباط المبكر بالأجهزة الدولية التي كانت ترتب الخرائط في المنطقة وقتها..! فهل غاب عنها أن (المدرعة والدبابة) حين تدخل في السياسة والسلطة فإنها ستستعيد فورا اللحظة التاريخية الأليمة القديمة.. لحظة (شرعية المتغلب)؟ وسيكون الحكم ومقاليده كلها تبدأ من هذا التغلب وتنتهى عنده.. وستكون السياسة كلها تغلب في تغلب.. ولن يكون هناك مكان بعدها لرأي أو شورى أو مؤسسة أو حزب أو جماعة أو تنظيم.. الخ.

***

سيسبق الزعيم القادم بالتغلب الجميع، وسيكتب مقالا من خمسة ألاف كلمة ستنشره له مجلة (فورين افيرز) الأمريكية فى عدد يناير1955م.. وسيقول فيه إن الديمقراطية كانت في مصر مجرد غطاء للديكتاتورية! وأن الدساتير أدوات لاستغلال الشعوب والسيطرة عليها..! ونحن اضطررنا لفرض قيود على الحريات لمنع (أعداء الشعب) من استغلال الناس وتسميم عقولهم!! وأن الهدف النهائي للثورة هو إقامة حكومة ديمقراطية ونيابية بحق!!.

هكذا قال الرجل بعد سيطرته على المشهد العام فى طول مصر وعرضها.. وللتاريخ حق الحكم على ما قاله.

***

ولدت (الجمهورية) إذن على يد الجيش، وسرعان ما سيقر التاريخ ويشهد بذلك! إن الجيش هو (صانع الجمهورية وحارسها)، وسيأتي حكام (الجمهورية) تباعا من قلب (الدولة المركزية) الأكثر غوصا في دنيا العمران الجديد الذي أنشأه محمد على باشا.. من (الجيش) .                                                    .

ورحم الله الشاعر الكبير الشريف الرضى(ت/1016م) الذي قال:

ولم أدر حين وقفت بالأطلال              ***                 ما الفرق بين جديدها والبالي

ولن ننسى الدعاء أيضا لمحمد على باشا مؤسس (مصر الحديثة) في ذكرى وفاته 2 أغسطس 1849م.. وليرحمه الله.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير المصري الجمهورية محمد علي باشا مصر رأي الجمهورية دور محمد علي باشا مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة صحافة رياضة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی مصر

إقرأ أيضاً:

Nintendo Switch 2.. هل سيكون الحجم الكبير عائقًا؟

أثار الكشف الأخير عن جهاز Nintendo Switch 2 جدلاً واسعًا حول تصميمه وحجمه، إذ يبدو أن Nintendo قد اختارت مسارًا جديدًا مع جهازها المحمول القادم، مما دفع الكثيرين للتساؤل: هل سيصبح Switch 2 كبيرًا جدًا ليحافظ على ميزة قابلية التنقل التي تميز بها سلفه؟

تصميم أكبر يثير القلق  
أحد أبرز الملاحظات خلال العرض الدعائي للجهاز كان الفارق الملحوظ في الحجم بين Switch 2 وسابقه، حتى مع عرض ميزات مثل التوافق مع الإصدارات السابقة، برز حجم الجهاز كعامل رئيسي يمكن أن يغير تجربة المستخدمين بشكل كبير، تشير التسريبات إلى أن Switch 2 قد يأتي بشاشة بحجم 8 بوصات، وهي أكبر حتى من شاشة Steam Deck OLED، مما يثير تساؤلات حول مدى سهولة حمله والتنقل به.

تجربة قابلة للتنقل على المحك  
كانت القابلية للنقل واحدة من أبرز مميزات Switch OLED، حيث يمكن وضعه بسهولة في حقيبة صغيرة واستخدامه أثناء السفر أو التنقل، ولكن مع الحجم الجديد، قد يجد المستخدمون أنفسهم أمام تحديات مشابهة لتلك التي تواجهها أجهزة مثل Steam Deck، التي أثبتت صعوبة في التنقل معها رغم تصنيفها كجهاز محمول.

 عمر البطارية وأداء النظام  
من المتوقع أن يقدم Switch 2 أداءً محسنًا بفضل شريحة 8 نانومتر وشاشة LCD بدقة 1080 بكسل، لكن ذلك قد يأتي على حساب عمر البطارية.

الإعلان عن Nintendo Switch 2.. إليكم كل ما نعرفه Despelote تشق طريقها إلى Nintendo Switch

 تاريخيًا، لم تكن البطارية نقطة قوة في أجهزة Nintendo قبل إطلاق النسخة المحسنة "Mariko" من Switch الأصلي وSwitch OLED، إذا كانت التسريبات صحيحة، فقد يعود هذا القصور مع Switch 2، مما يضيف عقبة أخرى أمام المستخدمين الذين يعتمدون على أجهزتهم أثناء التنقل.

تأثير الحجم على أوضاع اللعب  
بينما يُتوقع أن يدعم Switch 2 أوضاع اللعب المتنوعة، بما في ذلك وضع الكمبيوتر اللوحي، فإن الحجم والوزن الأكبر قد يحدّان من استخدامه خارج المنزل. قد يجد البعض الشاشة الأكبر ميزة جذابة للتجربة التعاونية، لكن إذا أصبح الجهاز صعب الحمل، فقد يفقد جزءًا كبيرًا من جاذبيته كلاعب متنقل.

استنتاجات أولية  
بينما يُعد الأداء المحسن ومجموعة Joy-Cons الأكثر صلابة ميزات مرحب بها، فإن حجم Switch 2 وعمر البطارية المحتمل يثيران قلق المستخدمين. إذا لم تقدم Nintendo حلولًا لهذه التحديات، فقد يجد كثيرون أنفسهم متمسكين بـ Switch OLED أو ينتظرون إطلاق إصدارات مثل Switch 2 Lite أو Switch 2 OLED التي قد تعيد التركيز على سهولة الحمل وجودة العرض.

هل سينجح Switch 2 في موازنة الأداء مع القابلية للتنقل؟ الإجابة ستعتمد على كيفية معالجة Nintendo لهذه المخاوف مع اقتراب الإطلاق.

مقالات مشابهة

  • بعد التطورات الحاصلة اليوم.. هذه القرى التي دخل اليها الجيش
  • النائب علاء عابد: مصر الدولة الوحيدة بالمنطقة التي تشهد طفرة كبيرة في قطاع النقل
  • «عملات مصر والسودان» للكاتب محمد مندور في معرض القاهرة الدولي للكتاب
  • المقارنة والمقاربة بين ما حدث في 1885م و2023م غير منطقية
  • تمثال محمد علي باشا الكبير يجذب زوار معرض القاهرة الدولي للكتاب.. صور
  • أبو فاعور: تحية إلى الجيش الذي يثبت حرصه على حماية شعبه
  • Nintendo Switch 2.. هل سيكون الحجم الكبير عائقًا؟
  • عيد كرامة الشرطة
  • السيسي: لدينا تسعة ملايين ضيوف كرام ونقدم لهم الخدمات التي يحصل عليها المصريون
  • سراج الدين..ووطنية القرار