امتازت ردود الفعل الإسرائيلية على إعلان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي كريم خان، لإصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الحرب يوآف غالانت، بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، بالغضب والرفض واتهامه بتأجيج "نار معاداة السامية".

ووجه خبراء قانونيون إسرائيليون انتقادات عميقة لنتنياهو، لأن خان قبل تقديم طلبه لهيئة المحكمة، قدم شهادته إلى لجنة من كبار الخبراء في قوانين الحرب، واتفقوا بالإجماع على أن هناك أساسا معقولا للاعتقاد بأن رئيس الوزراء ووزير الحرب ارتكبوا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية.

 

وكان الدبلوماسي والحقوقي المخضرم البالغ (94 عاما)، ثيودور ميرون، أحد هؤلاء القانونيين الإسرائيليين البارزين، وهو من الناجين من المحرقة وصاحب خبرة طويلة في العمل مستشارا قانونيا لعدد من رؤساء الحكومات السابقين، ومؤلف كتب تتناول تاريخ المستوطنات في الأراضي المحتلة.

وبسبب حصول ميرون على الجنسية الأمريكية، فقد عين قاضيا في المحكمة الدولية عام 1993 لمناقشة الجرائم التي ارتكبت في الحروب التي أعقبت تفكك يوغوسلافيا، بجانب عمله مستشارا لخان، المدعي العام الرئيسي للمحكمة الجنائية الدولية. 


وأجرى موقع "زمن إسرائيل" مقابلة مع ميرون الذي أكد أن "الأدلة القانونية المتوفرة توفر أساسا للحكم على نتنياهو وغالانت"، رافضا ادعاءات الاحتلال بأن المحكمة الجنائية الدولية غير مخولة بالنظر في هذه القضية.

وأكد أن الاتهام الرئيسي ضده نتنياهو وغالانت هو تورطهما في خطة مشتركة لاستخدام التجويع وأعمال العنف الأخرى ضد المدنيين في غزة بزعم القضاء على حماس، وتحرير المختطفين الإسرائيليين ومعاقبة الغزيين، أي أن تأخير المساعدات الإنسانية لم يكن خللا، بل وسيلة متعمدة لإدارة الحرب.

وأضاف في مقابلة مطولة ترجمتها "عربي21" أن "خان صنف أنواع الأدلة التي جمعها إلى مقابلات مع الناجين، ولقطات فيديو، وصور الأقمار الصناعية، دون أن ينشرها في الوقت الحالي، مما يجعل هناك سببا وجيها لأخذ هذه الاتهامات على محمل الجدّ، والحقيقة أن الاحتلال ربما لم يكن ليصل هذا الوضع لو أنه أخذ التحذيرات القانونية بجدية منذ زمن طويل، بدءا من سبتمبر 1967، عندما كتب ميرون مذكرة وجهها لرئيس الحكومة الراحل ليفي أشكول، يحذره فيها من إنشاء مستوطنات في الأراضي المحتلة، خاصة بين الخليل وبيت لحم بالضفة الغربية، لأن ذلك ينتهك القانون الدولي، ويتناقض مع الأحكام الصريحة لاتفاقية جنيف الرابعة.

وأوضح أن "اتفاقية عام 1949 بشأن حماية المدنيين في وقت الحرب تحظر على قوة الاحتلال نقل جزء من سكانها إلى الأراضي المحتلة، ومنع الشعب المحتل من الاستيطان فيها، مما يثير السؤال: ماذا كان سيحدث لو قبلت حكومة أشكول بهذا الرأي من مستشارها القانوني، لاسيما وأنه في ذلك الوقت لم تكن هناك مستوطنات في الأراضي المحتلة، ولم يستثمر الاحتلال موارد هائلة في ربط نفسه بالأراضي المحتلة، خاصة وقد تحولت هذه المستوطنات إلى عائق رئيسي، وليس وحيدا، أمام التوصل إلى اتفاق سلام، وباتت تشكل مرتعا لليمين الإسرائيلي المتطرف، الذي يعارض تماما التنازل عن الأراضي". 


وأشار أن "صدور مذكرة المحكمة الجنائية الدولية يتزامن مع سيطرة المستوطنين الأكثر تطرفاً على حكومة نتنياهو، ويعتبرون المستوطنات جوهراً من ناخبيهم، مع أنه بدونها، كان يمكن أن يتجنب الاحتلال الوضع المأزوم الحالي".

وأكد أن "أحد العناصر الحاسمة في الجرائم التي ينسبها خان إلى نتنياهو وغالانت أنهما ارتكبوها عمدا، أي أن التجويع وغيره من أسباب وفاة المدنيين الفلسطينيين كانت سياسة متعمدة، كما تم حظر المساعدات كوسيلة للضغط على حماس لإطلاق سراح المختطفين، أو حتى التخلي عن السيطرة في غزة، واستخدام معاناة المدنيين كأداة ضد حماس، بما في ذلك إطلاق النار من قبل جنود الاحتلال على عمال الإغاثة الإنسانية".

وكشف أن "المحكمة الجنائية الدولية سيكون لها حق الوصول للوثائق الإسرائيلية السرية، ومن ناحية أخرى، فإن اللجنة الحكومية الإسرائيلية التي ستقوم بالتحقيق في سير الحرب برمّتها، بدءا من الفشل الاستخباري الكارثي في السابع من أكتوبر، وما بعده، قد تطالب باستدعاء كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين للإدلاء بشهادتهم، وإحدى النقاط الواضحة في بيان خان ما إذا كان سيقبل موقف الاحتلال لو أجرى تحقيقا مستقلا ومحايدا في الجرائم المنسوبة إليه، رغم أنه من البديهي أن حكومة نتنياهو لن تعيّن لجنة تحقيق تتمتع بالاستقلالية اللازمة والسلطة الواسعة".

ومن الواضح أن المواقف الإسرائيلية الرافضة لقرار المحكمة الجنائية الدولية، يقابلها مواقف أخرى قد تتسم بالعقلانية التي تحذر من تبعاتها، وتدعو للتعاون معها، خشية تصنيفها لاحقا مع الدول والتنظيمات الإجرامية، لكن نتنياهو سوف يسعى لاستغلال الغضب الشعبي ضد طلب خان إصدار أوامر اعتقال لاستعادة بعض الدعم الذي فقده، رغم أن القضية المحتملة أمام المحكمة الجنائية الدولية تعتبر سبب آخر لإنهاء حكم نتنياهو، والتحقيق في كل جوانب الحرب على غزة. 

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية الإسرائيلية الجنائية الدولية كريم خان نتنياهو غالانت إسرائيل نتنياهو الجنائية الدولية غالانت كريم خان صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المحکمة الجنائیة الدولیة الأراضی المحتلة

إقرأ أيضاً:

بعد تطويقها بالكامل.. الاحتلال الإسرائيلي ينفذ إبادة جماعية في غزة

شمسان بوست / خاص:

تشهد غزة واحدة من أعنف المآسي الإنسانية في تاريخها الحديث، حيث يواصل الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ جرائم إبادة جماعية بحق المدنيين بعد أن أحكم تطويقه الكامل للقطاع من البر والبحر والجو.

فمنذ أيام، كثّفت قوات الاحتلال من غاراتها الجوية والقصف المدفعي، مستهدفة الأحياء السكنية المكتظة، والملاجئ، وحتى المستشفيات والمدارس التي لجأ إليها آلاف النازحين. الصور الخارجة من غزة تنقل مشاهد دمار شامل وأجساد أطفال ونساء تحت الأنقاض، في مشهد يهز الضمير الإنساني.

حصار خانق واستهداف للبنى التحتية

لم تكتف آلة الحرب الإسرائيلية بالقصف، بل ترافقت مع سياسة تجويع ممنهجة، حيث تم منع إدخال الوقود والدواء والمساعدات، ما تسبب بانهيار الخدمات الأساسية، بما في ذلك المستشفيات التي أصبحت غير قادرة على تقديم الرعاية للجرحى والمرضى.

دعوات دولية خجولة وصمت مريب

رغم تزايد التقارير الحقوقية التي توثق جرائم الحرب والانتهاكات الجسيمة في غزة، لا يزال الموقف الدولي ضعيفًا ومتواطئًا في نظر كثير من المراقبين. الدعوات لوقف إطلاق النار تقابلها إسرائيل بتصعيد أكبر، في ظل غطاء سياسي من بعض القوى الكبرى.

مناشدات إنسانية عاجلة

منظمات الإغاثة والهيئات الحقوقية تطلق نداءات استغاثة عاجلة لفتح ممرات إنسانية آمنة، والسماح بدخول الإمدادات الضرورية، وإنقاذ من تبقى على قيد الحياة وسط هذا الجحيم اليومي.

مقالات مشابهة

  • إعلام إسرائيلي: الجنائية الدولية طلبت من المجر اعتقال نتنياهو قبل وصوله بساعات
  • “اعتقلوا نتنياهو”.. تفاصيل خطاب الجنائية الدولية إلى المجر
  • القناة 12 العبرية: الجنائية الدولية أرسلت للمجر طلبًا لاعتقال نتنياهو
  • خبيرة: زيارة نتنياهو لواشنطن تثير قلقًا إسرائيليًا من ضغوط لوقف الحرب
  • نتنياهو يشيد بـصداقة المجر ويهاجم المحكمة الدولية .. تقارب جديد يعمّق عزلة الاحتلال
  • بوتين أم نتنياهو.. من عليه القلق أكثر بعد وقوع دوتيرتي بقبضة الجنائية الدولية؟
  • بعد تطويقها بالكامل.. الاحتلال الإسرائيلي ينفذ إبادة جماعية في غزة
  • خالد قزمار: جرائم الاحتلال بحق الأطفال الفلسطينيين دليل على فشل المجتمع الدولي
  • شيخ قبلي بارز في المهرة يتهم الإمارات بمحاولة إعادة سيناريو الاحتلال البريطاني في اليمن
  • خبير: انسحاب المجر من المحكمة الجنائية خرق للقانون والمواثيق الدولية