رحبت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)، بمقررات اجتماع مجلس السلم والأمن الأفريقي رقم (١٢١٨)، على مستوى رؤساء الدول الذي انعقد أمس  الجمعة  الموافق 21 يونيو 2024، والذي تناول الوضع الكارثي في السودان.

 الوضع الكارثي في السودان

وقالت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)، في بيان أصدرته منذ قليل، إن مثّل انعقاد الاجتماع، وما تمخض عنه من قرارات نقلة نوعية في رفع درجة إستجابة قادة القارة الأفريقية لكارثة الحرب في السودان، التي تشكل أكبر مأساة إنسانية في العالم بأسره الآن، والتي لا يقتصر تأثيرها على حدود السودان فحسب، بل تهدد محيطه الخارجي بصورة جدية.

وجاء بيان تقدم كالآتي :-

إننا نشيد بقرارات الاجتماع، لا سيما مطالبته لطرفي القتال بالوقف الفوري للعدائيات، وإدانته لكافة الانتهاكات المروعة التي تم إرتكابها في حق المدنيين، ونضم صوتنا للتحذير الذي أطلقه البيان من مخاطر إتخاذ الحرب ابعاداً إثنية وجهوية، وتشديده أنه لا حل عسكري للنزاع وأن المخرج الوحيد هو الحل السلمي التفاوضي، ودعوته للأسرة الدولية والإقليمية للإيفاء بتعهداتها بتوفير الموارد اللازمة للعون الانساني، وابتعاد كافة الأطراف الخارجية عن أي سند لطرفي القتال يزيد من اشتعال الحرب ويغذي دائرة العنف في البلاد.

 

 كما نعبر عن تقديرنا لإلتفات المجلس لضرورة إيجاد آليات فعّالة لحماية المدنيين ونثني على دعوته لإنعقاد قمة أفريقية طارئة مخصصة للسودان.

إننا في تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)، نثني على قرار إنشاء آلية رئاسية رفيعة المستوى بقيادة الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني رئيس الدورة الحالية لمجلس السلم والأمن الأفريقي وعضوية رئيس من كل منطقة من مناطق القارة الافريقية الخمس، بهدف ترتيب اجتماع مباشر بين قيادة القوات المسلحة والدعم السريع للتفاوض على وقف عاجل لإطلاق النار.

ختاماً اننا نؤكد على أهمية دور الاتحاد الأفريقي، في إنهاء النزاع في السودان، وموقفه القوي منذ انقلاب ٢٥ أكتوبر بتعليق عضوية السودان نسبة لغياب وجود سلطة شرعية فيه، وهو موقف لا ينبغي التراجع عنه إطلاقاً، فالحرب قد عمقت من أزمة المشروعية، ولا يجب مكافأة أي من أطرافها بمنحه شرعية لم يمنحها إياه الشعب السوداني المكتوي بنيران الحرب. نؤكد أيضاً تشجيعنا لعمل الآلية الأفريقية رفيعة المستوى.

 ونرحب بجهودها في السعي لتيسير عملية سياسية تنهي الحرب في السودان، وندعوها لإحكام التنسيق مع الفاعلين الاقليميين والدوليين بما فيها الدعوة التي تعتزم جمهورية مصر العربية تنظيمها قريباً.

 ونشدد على أن أي عملية سياسية يجب أن تكون مملوكة للسودانيين وبقيادتهم، ولا يمكن نجاحها دون تشاور كافٍ مع السودانيين أولاً، كما يجب أن تكون شاملة عدا المؤتمر الوطني/الحركة الإسلامية وواجهاتها، ويجب أن يكون هدفها وقف الحرب وتحقيق تطلعات السودانيين في دولة موحدة مدنية ديمقراطية لا تمييز فيها ولا هيمنة لجهة أو فرد، وهو ما سنظل منفتحين له بالتواصل الفعال مع الآلية ومع محيطنا الاقليمي والدولي.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: تنسيقية القوي الديمقراطية المدنية تقدم مجلس السلم والأمن الأفريقي السودان رؤساء الدول فی السودان

إقرأ أيضاً:

حرب السودان والارتدادات الإقليمية.. روسيا وأبعاد جديدة للنفوذ في القرن الإفريقي

 

حرب السودان والارتدادات الإقليمية.. روسيا وأبعاد جديدة للنفوذ في القرن الإفريقي

 فؤاد عثمان عبدالرحمن

 

المقدمة

في خضم التغيرات المتسارعة التي يشهدها إقليم القرن الافريقي وحوض النيل، تتشكل علاقات وتحالفات جديدة تهدف إلى اعادة صياغة موازين القوى الاقليمية، هذه الديناميات ليست مجرد تفاعلات سياسية، بل تعكس ازمات متشابكة تشمل الأمن والمياه والسيادة الوطنية ، التي باتت تهدد بنية واستقرار النسق الاقليمي بأسره.

في مقدمة هذه التطورات ، يبرز التقارب المصري الصومالي الارتري كعامل محوري ، بجانب اتفاقية الاطار التعاوني لحوض النيل (عنتيبي) التي تتزعمها اثيوبيا. هذا التقارب يسلط الضؤ علي محاولات الدول المعنية لتعزيز نفوذها وتحقيق مصالحها الاستراتيجية ، مما يخلق بيئة مليئة بالتحديات والمخاطر.

تأثير هذه التكتلات الجديدة يمتد بشكل واضح الي الصراع الدائر في السودان ، اذ يعيد هذا المشهد الاقليمي تشكيل توازن القوي ، مما قد يؤدي إلى دعم أو معارضة اطراف معينة في النزاع السوداني.

فمع تصاعد الازمات تسعى الدول المجاورة إلى حماية مصالحها ، مما قد يدفعها إلى التدخل لتحقيق الاستقرار ومنع تدفق الازمات عبر الحدود.

والحادثة الابرز في ذلك السياق كانت انتقاد قائد الدعم السريع حميدتي بعد هزيمته من قبل الجيش في معركة جبل موية الاستراتيجية بوسط السودان ، إذ انتقد علنا في خطاب مصور جمهورية مصر واتهمها بالوقوف لجانب الجيش في تلك المعركة عبر قواتها الجوية ومعارك اخري أيضا ، مما جعل مصر الرسمية تسارع في الرد عليه عبر بيان وزارة خارجيتها نافية تلك التهمة ووصمت تلك القوات بالمليشيا وهو نفس موقف الجيش السوداني الرسمي ، ما عد اصطفافا واضحا من قبل مصر مع الجيش السوداني احد اطراف الصراع الدائر حاليا.

أيضا القضايا المتعلقة بالامن المائي ، خاصة فيما يتعلق بمياه النيل ، تلعب دورا حاسما في تاجيج التوترات ، فالصراع في السودان قد يعقد ادارة هذه الموارد الحيوية ، مما يؤثر بشكل مباشر علي العلاقات بين الدول المعنية ويزيد من مخاطر النزاعات المستقبلية.

علاوة علي ذلك ، قد تسعى الجماعات المحلية والفصائل المختلفة في السودان ، الي تشكيل تحالفات جديدة مع القوى الاقليمية ، مما يزيد من تعقيد الصراع.

إن هذه الديناميات المتغيرة قد تؤدي لتفاقم الاوضاع الانسانية ، حيث يتوقع زيادة اعداد اللاجئين ، مما يضع ضغوطا اضافية علي الدول المجاورة.

بناء علي ماسبق فان التكتلات الاقليمية الناشئة في القرن الافريقي ليست مجرد تطورات سياسية عابرة ، بل تمثل تحديات حقيقية تعكس التداخلات الامنية والجيوسياسية التي تؤثر على مستقبل السودان واستقراره ، ان فهم هذه الديناميات يصبح امرا حيويا لصياغة استراتيجيات فعالة تهدف لتحقيق السلام والاستقرار.

الديناميات الإقليمية وارتداداتها على الحرب السودانية.

إن الحرب في السودان لم تعد مجرد صراع داخلي بين أطراف سودانية، بل تحولت إلى أزمة إقليمية ودولية ذات أبعاد جيوسياسية معقدة. ويعكس هذا الصراع التفاعلات المعقدة التي تشهدها منطقة شرق أفريقيا بشكل عام، التي تتداخل فيها مصالح القوى الإقليمية والدولية، وتتحول الحرب السودانية إلى ساحة للتنافس الجيوسياسي بين عدة أطراف. هذه الحرب تفتح المجال لتساؤلات عميقة حول كيفية تأثير الديناميات الإقليمية، سواء على المستوى العسكري أو الدبلوماسي، على مسار الأحداث في السودان والمنطقة بأسرها.

السودان: ساحة لتوازنات إقليمية معقدة

منذ اندلاع الحرب في السودان بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، تأثرت الديناميكيات الإقليمية بشكل ملحوظ. أصبح السودان نقطة تماس رئيسية في خريطة النفوذ الإقليمي، حيث تتداخل مصالح العديد من القوى الإقليمية والدولية. ففيما يتصاعد النزاع الداخلي، تُظهر التحولات السياسية على الساحة الإقليمية قدرة بعض الأطراف على استثمار الوضع لصالحها، سواء عبر الدعم المباشر لأحد الأطراف المتحاربة أو من خلال تفعيل أدوات الضغط السياسي والاقتصادي.

في هذا السياق، يتجسد دور القوى الإقليمية الكبرى، مثل مصر والسعودية والإمارات، في دعم طرف من الأطراف السودانية لتحقيق مصالحها الخاصة. فمصر، على سبيل المثال، تعتبر السودان جزءًا حيويًا في استراتيجيتها الأمنية والسياسية، ولا سيما فيما يتعلق بمياه النيل. بالمقابل ، وفي سياق التصعيد المستمر للحرب وتوسع انتشار الدعم السريع في مناطق واسعة من السودان ، وجه الفريق أول ياسر العطا مساعد القائد العام للقوات المسلحة ، اتهامات وانتقادات حادة وغليظة لدولة الامارات بتقديمها لدعم عسكري ولوجستي للدعم السريع من خلال قنوات امداد سرية ومعقدة ، واشار أيضا للجارة تشاد في استقبالها لذلك الامداد وتوصيله للدعم السريع ، وكررت  تلك الاتهامات خطابات ممثل السودان لدي الامم المتحدة ، عبر سفيرها الحارث ادريس خلال اجتماعات الجمعية العامة ، واشار لتاكيد تلك الاتهامات الي تقارير غير منشورة اضافة لكتابات كتاب غربيين بمجلات ودوريات بارزة، بان الامارات قد قدمت دعما لوجستيا وعسكريا عبر شبكات غير رسمية ، مايثير تساؤلات واسعة حول أبعاد هذا الدعم وتاثيراته علي الوضع الاقليمي والدولي ، هؤلاء الكتاب والمحللون ربطو تلك الانشطة بتوجهات سياسية واستراتيجية للامارات في المنطقة مما سيعقد الاوضاع جدا. بينما تنكر الامارات تلك الاتهامات ووصفت خطابات العطا والحارث ادريس بالتهرب من تحمل مسؤولية حماية السودانيين ورعاية مصالحهم.

عودة النفوذ الروسي في شرق أفريقيا: تحديات وتفاعلات مع الغرب

في المقابل، تكشف الحرب السودانية عن تحول مهم في خريطة النفوذ في شرق أفريقيا، خاصة مع عودة روسيا القوية إلى الساحة، مستغلة الفراغ الذي تركته بعض القوى الغربية في المنطقة. تتجلى هذه العودة في محاولات روسيا للتوسع العسكري على سواحل البحر الأحمر، التي تعد ممرًا استراتيجيًا حيويًا للتجارة العالمية وللتنافس الإقليمي والدولي. ويعتبر ميناء بورتسودان، الذي يُعد أحد الموانئ الرئيسية على البحر الأحمر، نقطة محورية في هذه الاستراتيجية الروسية.

 

من هنا، يبرز تساؤل كبير حول مدى قدرة الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين على إيقاف تقدم روسيا في هذا الإقليم. يُحتمل أن تكون الولايات المتحدة قد تفكر في استخدام مجموعة من الأدوات السياسية والعسكرية لثني السودان عن المضي قدمًا في هذه الصفقة مع روسيا. ومن بين هذه الأدوات، يمكن أن تلجأ واشنطن إلى دعم الجيش السوداني بقيادة البرهان، شريطة أن يتم التراجع عن الاتفاق مع موسكو. كما قد تركز على تعزيز الدعم لقوات الدعم السريع، وهي خطوة تهدف إلى تقويض موقف البرهان في مقابل تنامي النفوذ الروسي.

الموقع البديل: مسعى روسي عبر إريتريا

وفي إطار سعيها لتعزيز وجودها العسكري في المنطقة، تبقى إريتريا أحد البدائل المحتملة لروسيا في حالة فشل الاتفاق في السودان. ورغم عدم الإعلان الرسمي عن تفاصيل هذا التعاون، تشير التقارير إلى أن هناك تنسيقًا روسيًا إريتريًا على مستوى المناورات البحرية، مما يعكس رغبة روسيا في تأمين موقع استراتيجي على البحر الأحمر. لكن هذه الخطوة ليست بالسهولة التي قد يتصورها البعض، إذ من المتوقع أن تثار مقاومة من القوى الغربية، التي قد تسعى إلى فرض ضغوط سياسية واقتصادية على الرئيس الإريتري أسياس أفورقي لإفشال هذه الخطط. قد يتضمن هذا الضغط محاولة إشعال نزاع حدودي بين إريتريا وأثيوبيا، وهي مسألة شائكة ومعقدة بالنظر إلى العلاقات المتوترة بين البلدين.

التحولات الإقليمية: الصومال ومصر

بينما يسعى الغرب إلى مواجهة النفوذ الروسي في شرق أفريقيا، تزداد الديناميكيات الإقليمية تعقيدًا. فالعلاقات بين الصومال وإثيوبيا شهدت توترًا غير مسبوق، حيث تم توقيع اتفاقية بين إثيوبيا وصومالي لاند حول استخدام الأراضي الاستراتيجية على البحر الأحمر لأغراض عسكرية ومدنية. وهو ما قوبل بمعارضة شديدة من الصومال التي طالبت إثيوبيا بسحب قواتها من بعثة حفظ السلام في الصومال. في المقابل، تستثمر مصر هذا التوتر لتقوية علاقتها بالصومال، مستبدلة الوجود الإثيوبي في المنطقة بوجود عسكري مصري، في خطوة تهدف إلى تعميق تحالفها الاستراتيجي مع الصومال.

أزمة المياه والنيل: بعد جديد في الصراع الإقليمي

تجدر الإشارة إلى أن النزاع السوداني يظل مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بالصراع الإقليمي حول مياه النيل، حيث دخلت اتفاقية عنتيبي حيز التنفيذ، ما أدى إلى توترات جديدة بين إثيوبيا من جهة، ومصر والسودان من جهة أخرى. هذا التوتر يتفاقم مع قضية سد النهضة الإثيوبي، الذي بنته إثيوبيا دون التوصل إلى اتفاق مع مصر والسودان حول كيفية إدارة عملية الملء والتشغيل. هذه المسألة قد تشكل نقطة ضغط أخرى على السودان، في ظل التهديدات المستمرة التي تواجهها الحكومة السودانية من مختلف الأطراف الإقليمية والدولية.يجدر الاشارة الي انه  وبعد اجتياح الروس لاوكرانيا ، تحدثت تقارير بأن حوجة المصريين ازدادت انطلاقا من سعيهم لتنمية القطاع الزراعي في إطار الجهود التي يبذلونها للتعويض عن خسارتهم لواردات القمح من اوكرانيا.

الختام: نحو تسوية سياسية أو استمرار الصراع؟

إن الحرب السودانية تشكل نموذجًا معقدًا لتفاعل الديناميات الإقليمية والدولية في منطقة استراتيجية ذات أهمية حيوية. ورغم أن الأطراف المحلية في السودان قد تجد نفسها عالقة في دوامة من الصراع الدموي، فإن التفاعلات الإقليمية والدولية، سواء عبر الضغط على الأطراف المتحاربة أو من خلال محاولة فرض تسوية سياسية، ستكون حاسمة في تحديد مصير المنطقة. ومن غير المستبعد أن تستمر هذه الحرب لفترة أطول، حيث يبقى الوضع في السودان مرهونًا بتوازنات إقليمية ودولية قد تغير شكل المنطقة في السنوات القادمة.

 

الوسومافريقيا السودان روسيا مصر

مقالات مشابهة

  • «تنسيقية الأحزاب» ترحب بمذكرة المحكمة الجنائية الدولية باعتقال نتنياهو وجالانت
  • حرب السودان والارتدادات الإقليمية.. روسيا وأبعاد جديدة للنفوذ في القرن الإفريقي
  • الاتحاد الأفريقي يحذر: الوضع الإنساني بالسودان خطير ويستدعي تحركاً عاجلا
  • تقدم ملحوظ للجيش السوداني.. والبرهان: لا وقف لإطلاق النار إلا بانسحاب الدعم السريع
  • انتخاب ترامب واحتمال تأثيره على الأوضاع في السودان
  • السودان.. المادة الـ4 من دستور الاتحاد الإفريقي تعود للواجهة
  • أزمة الجوع تتفاقم بدولة الجنوب مع استمرار تدفق الفارين من الحرب في السودان
  • تقدم تستنكر الفيتو الروسي بمجلس الأمن وتقول أنه يشكل غطاءً لاستمرار المذابح في السودان
  • حكومة السودان ترحب باستخدام روسيا الإتحادية لحق النقض”الفيتو” بمجلس الأمن في مواجهة مشروع القرار البريطاني بشأن السودان
  • السودان.. الحكومة ترحب بـ”فيتو” روسيا ضد مشروع بريطاني بشأن الحرب