سواليف:
2025-03-10@06:54:51 GMT

خاطرة

تاريخ النشر: 22nd, June 2024 GMT

#خاطرة

د. #هاشم_غرايبه

حقاً لقد جاوز الظالمون المدى، فقد أعملوا حقدهم تقتيلا وتدميرا طوال تسعة أشهر، لم يردعهم فيه ضمير ولا أعراف ولا قوانين، وفي نيتهم إخضاع شعب لجبروتهم وكبرهم، بعد إذ لم ينفع حصار عشرين عاما على تركيعهم، وعلة صمود هؤلاء كانت اعتناقهم عقيدة الله أكبر، التي أعزتهم بعد إذ علمتهم أن لا يركعوا إلا لله.


بعد الفشل الذريع في تحقيق كل ما أمله أهل الباطل والبغي، من دعمه غير المحدود للكيان اللقيط، الذي يمثل مخلب تحالف معسكر الشر في كسر شوكة أهل الحق، والذي يمثل قطاع غزة معقلهم الأخير وعنوان كرامتهم، لم يبق إلا إعلانهم خسارة هذه المعركة، وانكفائهم مدحورين.
وعلمنا التاريخ أن الاندحار عواقبه أشد وطأة من الانهزام عسكريا، فغزوة الأحزاب التي اندحر فيها المشركون والمنافقون، رغم أن ذلك لم يكن بعد مواجهة قتالية طاحنة، لكنها كانت ايذانا بتغير موازين القوة.
كما أن اندحار الألمان عن ليننيغراد لم يكن عن انهزام في مواجهة عسكرية، بل بسبب فشلهم في كسر صمودها، لكنها كانت بداية الانهزام الألماني كله.
العالم الآن بأجمعه ينتظر هذا الإعلان، والذي بات مؤكدا، ولا يؤخره سوى البحث عن صيغة تحفظ ماء الوجوه الكالحة العديدة التي راهنت على هزيمة المقاومة، ولذلك لن تكون الصيغة المعلنة لانتهاء هذه الحملة، باستخدام عبارات صريحة، بل ستكون بإعلان غير معزز بالأدلة والوقائع بالقضاء على القوة الضاربة للمقاومة الإسلامية، وقد يرافق ذلك إجبار النتن ياهو ورهطه على التخلي عن السلطة، وتسليمها لفريق ثان يأملون أنهم سيكونون أقل فشلا.
استباقا لذلك، فعلى أولي الألباب استخلاص العبر واستنباط الدروس من هذه المنازلة التي لن تكون قطعا الأخيرة، وأهمها:
1 – سقطت مقولات كثيرة جرى العمل بدأب على ترسيخها في صميم الذاكرة الجمعية للأمة، وأولها أن هذا الكيان اللقيط الذي زرع في قلب الأمة كشوكة ناتئة، ما كان له أن يبقى كل هذا الوقت، لو كانت هنالك إرادة صادقة لدى أصحاب القرار (الأنظمة السياسية العربية) بإزالته، فالتفوق العسكري لهذا الكيان في أوجه الآن، والدعم الغربي له كاسح وسافر، لكن كل ذلك لم يصمد أمام الإرادة والعزيمة إن كانت مدججة بالعقيدة الإيمانية، فهاهي اليد العارية قد لاطمت المخرز وكسرته.
2 – كما انكشف ادعاء الأنظمة العربية بأن انسحابها في عام 67 واحتلال أجزاء هامة من أراضيها، كان بسبب فقدان الغطاء الجوي، فلم تكن القوة الجوية للعدو آنذاك بهذا التفوق الساحق كما اليوم، وقد كان بالإمكان تحييدها بالدفاعات الأرضية، وكان بمقدور الطيارين العرب تعويض الفارق التقني لطائرات العدو بالشجاعة والبسالة المعروفين بها، وفوق ذلك كله فطيران اليوم يقصف من ارتفاعات عالية، وبذخائر هائلة التدمير، وبدقة عالية معززة بالأقمار الصناعية، ولديه من الأسلحة المتطورة ما يمكنه من تحييد الدفاعات الأرضية والجوية، لكننا رأينا كل ذلك لم ينفع في دعم القوات الأرضية المدججة بالدروع الفائقة المناعة، فقد تمكن المقاومون باستثمار السلاح الأهم وهو الشجاعة والإقدام طلبا للشهادة، تمكنوا بأسلحة يدوية بسيطة من إبطال كل التكنولوجيا المتقدمة التي يختبئ وراءها أفراد العدو خوفا من الموت.
3 – لم تعد من ذريعة للمنبطحين المطبعين، الذين كانوا يخشون أن تصيبهم دائرة، فبادروا الى الاستسلام قبل المواجهة، فهاهم المقاومون قاتلوا بكل ما تمكنوا من صنعه، وصمدوا على الحصار والتجويع، فكافأهم الله بنصره الذي وعد به عباده المؤمنين.
ها قد أصبحت الوصفة واضحة ومثبتتة بالوقائع لكل من أراد لشعبه العيش الكريم، ولوطنه الكرامة والسؤدد، وأخلص النية في صدق ولائه لأمته وليس لأولي نعمته وراء البحار.
تتلخص الوصفة بإخلاص الحاكم في نية خدمة الوطن والمواطن، وليس همُّه الأول الاستئثار بالكرسي وتوريثه، بل استحقاقه عن جدارة وبرغبة من شعبه، وذلك لن يتم إلا باتباع العقيدة التي اختاروها عن قناعة وسيضحون بأنفسهم لأجلها إن لزم الأمر، ويثبت ذلك عمليا وليس ادعاء وتظاهرا، باتباعه منهج الله في الحكم وليس منهج المستعمر.
هذا هو مفتاح النجاح، لأن كل متطلبات النهضة من استقلال سياسي واقتصادي، وارتقاء بالمجتمع علميا وتقنيا سيكون منتجا فوريا.
فعلاوة على أن منهج الله فيه الفلاح والصلاح، فالله ينصر من اتبعه ولواجتمعت عليه كل قوى الشر والجبروت.

مقالات ذات صلة جيشُ الدولة ينهارُ ودولةُ الجيش تفشلُ 2024/06/20

المصدر: سواليف

إقرأ أيضاً:

من يملك القوة يملك الهيمنة

بقلم: كمال فتاح حيدر ..

لم يعد للقانون الدولي اي اعتبار، ولم تعد للشرعية الدولية اية اهمية، فالهيمنة اليوم محسومة للأقوى والأشرس. محسومة لمن يمتلك الأسلحة الفتاكة والأساطيل البحرية المرعبة والغواصات النووية المختبأة في القيعان السحيقة. محسومة لمن يتحكم بالأقمار الاصطناعية والذكاء الاصطناعي. محسومة لمن يتحكم بالمضايق والممرات الملاحية. محسومة لمن لا يحترم توازن المصالح، ولا يعبء بالعلاقات الدولية. محسومة للطغاة والبغاة والجبابرة والمستهترين والمستبدين. .
سوف يشهد العالم انتاج خرائط غير مسبوقة، ويشهد ولادة حزمة معقدة من سلاسل التوريد. .
خرائط وسلاسل مرسومة بمنطق القوة لا بمنطق السوق الحرة ولا بقواعد الجات GATT، فالجات مات، والمفاوضات في سبات، وكل ما هو آتٍ آت. ليل داجٍ، ونهار ساجٍ، وسماء ذات أبراج، ونجوم تنذر، وبحار تزجر. .
لقد اصبحت حدودنا في الشرق الأوسط مفتوحة تماما لمن يريد ان يتقدم بجيوشه، ولمن يريد ان يتسلل بعصاباته، حتى مطاراتنا باتت مفتوحة ومتاحة ومستباحة للمسيرات غير المأهولة، ولعيون المراصد الجوية، ولتحليق طائرات الأباتشي. لم تعد لدينا خطوط حمراء في زمن الرجل البرتقالي. فهذا هو الأمر الواقع المفروض علينا بالقوة الحربية التي ليس لها رادع. لم يقتصر الأمر علينا نحن العرب، ففي اوربا عادت الصراعات الحدودية لتفرض نفسها من جديد وسط عجز المنظومة الغربية عن فرض حلول ملزمة. فما بالك بما يحصل الآن في ليبيا وسوريا والعراق ولبنان ؟. ولنا في يوغسلافيا القديمة دروسا لا ينبغي تجاهلها بعدما تقسمت وتشرذمت إلى سبع دويلات متنافرة. اما في جنوب شرق آسيا وفي بحر الصين ومضيق تايون فان الرياح تنذر بعواصف لا تُحمد عقباها. .
من يملك القوة يملك السلطة ويملك الهيمنة ويملك اتخاذ القرارات الطائشة. ولا مكان للدويلات الصغيرة والضعيفة وقياداتها المهزوزة التي فشلت حتى في الاستفادة من ثرواتها وفي استرداد عوائدها المالية. اما ان تتحد القوى الوطنية وتتحلى بالثبات في مواجهة الأزمات او تتحول ارضها إلى ساحات لتصفية الحسابات. .
لم تعد هنالك ثوابت في الدبلوماسية الدولية، فالصفقات الكبرى هي البلدوزرات المسموح لها في تقطيع السهول والجبال وتوزيع الغنائم، وهذا ما يحدث الآن بين روسيا والولايات المتحدة. خذ انت النصف الشرقي من أوكرانيا وسوف استحوذ أنا على النصف الغربي منها وليشرب حلف الناتو من البحر. نحن الآن في عصر التحالفات المبنية على المغانم الكبرى. فاللعبة الجديدة قائمة على النفوذ والبطش الذي سوف يعيدنا إلى ثلاثينيات القرن الماضي. إلى الحقبة الاستعمارية التوسعية التي لا صوت فيها يعلو فوق اصوات القنابل والدبابات. وسوف يعاد السيناريو القديم ليمهد الطريق نحو اندلاع حروب من نوع يذهل العقول ويسلب الحقوق ويلغي سيادة الشعوب والامم فوق ارضها وفي مياهها. .
ولكن تذكروا قول الشاعر عمارة بن علي الحكمي اليمني:
لا تحتقر كيد الضعيف فربما
تموت الأفاعي من سموم العقارب
فقد هد قدماً عرش بلقيس هدهدٌ
وخرب فأرٌ قبل ذا سد مأرب

د. كمال فتاح حيدر

مقالات مشابهة

  • كانت 50 وأصبحت 5.. أحمد عمر هاشم يكشف أسرار فرض الصلاة على المسملين
  • أحمد علي سليمان: المرأة المسلمة كانت دائمًا ركيزة أساسية في نهضة الأمة
  • المفتي: فلسفة الإسلام في الميراث قائمة على العدل وليس التمييز بين الرجل والمرأة
  • بالفيديو.. الدكتور أحمد عمر هاشم يكشف عن عدد المرات التي شُق فيها صدر النبي
  • هل ابتلاع بقايا الطعام التي بين الأسنان يفسد الصيام؟.. الإفتاء تجيب
  • قيام الليل في رمضان.. معجزة لمن كانت له حاجة عند الله
  • ميار الببلاوي: قطة الشاشة كانت عايزة تخطف جوزي مني
  • وزير الاتصالات للمرأة في يومها العالمي: كل عام وأنتِ القوة التي تبني المستقبل
  • حسن الرداد: مسلسل بابلو من تأليف حسان دهشان وليس ماجد المصري
  • من يملك القوة يملك الهيمنة