صدر عن دار نثر في مسقط مؤخرًا كتاب "سأكتب للجميع وأعيش" الذي تضمن شهادات ودراسات عن الأديب العُماني الراحل عبدالعزيز الفارسي، وحوارات كانت قد أُجريت معه في فترات مختلفة من حياته. الكتاب الذي أعدّه وحرره سليمان المعمري، وستدشنه دار نثر في مقهى هوملاند بالمعبيلة مساء الأربعاء القادم، افتُتِح بنص للفارسي يقول فيه: "الحياة ليست فيمن نحب، ونلتقي، ونفقد، ويخدعوننا، أو يكسروننا، أو نكسرهم فحسب.

الحياة هي في وجود أشخاص لم يلتقوا بنا. نعرفهم جيدًا لأنهم يمرون بنفس مشاعرنا. سيعشقوننا، ويخلصون لحبنا بعد سنة أو سنتين أو بعد أن نموت. لذا سأكتب للجميع، وأعيش للجميع".

تضمن الكتاب الذي يقع في 462 صفحة شهادات لكتّاب وأدباء وأصدقاء للفارسي كُتِب معظمها بعد رحيله، وسطّرها كل من الأدباء عبدالله حبيب وسماء عيسى وسعيد سلطان الهاشمي وسعيد الحاتمي وماجد الفارسي وحمود الشكيلي ومحمد الحارثي وهلال البادي ويحيى سلام المنذري وعلي الرواحي وإبراهيم سعيد ومازن حبيب وإسحاق الخنجري وأحمد مسلط وهدى حمد وخميس قلم ومحمد زرّوق ومنير لطفي ومحمد الشحري وأحمد بن ناصر وحسن الرمضاني، إضافة إلى شهادة لمحرر الكتاب سليمان المعمري.

أما قسم الحوارات فتضمن أربعة حوارات أجريتْ مع الكاتب الراحل خلال فترات متفرقة من حياته، وهي حوار لمجلة نزوى العُمانية نُشِرَ عام 2008 وأجراه معه الكاتب سليمان المعمري، وحوار آخر أجراه معه الكاتب حمود الشكيلي لملحق "أقاصي" الذي كان يصدر تحت مظلة أسرة كتّاب القصة في عُمان، ونشِرَ أيضًا عام 2008، في حين كان الحوار الثالث مع صحيفة "الشرق الأوسط" التي تصدر في لندن، وأجراه معه الصحفي السعودي ميرزا الخويلدي، وقد نُشِرَ عام 2010، بالإضافة إلى حوارٍ إذاعيّ فُرِّغَ كتابةً كان قد أجراه معه الكاتب هلال البادي لبرنامجه "إصدارات عُمانية" وبثّ في إذاعة سلطنة عُمان عام 2015. كما تضمن الكتاب مقالات ودراسات عن تجربة عبدالعزيز الفارسي القصصية والروائية ومنعطفاتها ومفاصلها المهمّة، هي حسب ترتيب ورودها في الكتاب: مقال بعنوان "السخرية بوصفها تكنيكا: ملاحظات أولية في قصصه الساخرة" للكاتب والناقد العراقي غالب المُطَّلِبي، ودراسة بعنوان ((عبد العزيز الفارسي و"شنصنة" السرد)) للكاتبة والناقدة العُمانية منى حبراس، ومقال بعنوان: "سخرية السرد، ودهشة الهوامش في الصندوق الرمادي" للكاتب العُماني حمود سعود، ودراسة ((صورة الشخصيات في النص الروائي: دراسة سيميائية في نص "شهادة وفاة كلب")) للباحثة والأكاديمية العُمانية عائشة الدرمكي، ومقال بعنوان: (("رجل الشرفة، صياد السحب" لـعبد العزيز الفارسي.. متتالية الحواس المعلَّقة)) للروائي والناقد المصري طارق إمام، ودراسة "جدل الحضور والغياب في القصة العمانية القصيرة: عبد العزيز الفارسي مثالا" للناقد العراقي ضياء خضير، ودراسة ((التنوّع الحكائي في مجموعة "رجل الشرفة، صياد السحب " لعبد العزيز الفارسي.. دراسة في عوالم الحكي)): للناقدة والأكاديمية التونسية بسمة عروس، ومقال "شناص في نصوص عبد العزيز الفارسي" للشاعر والباحث العُماني خالد علي المعمري، وأخيرا دراسة ((اللغة في رواية "تبكي الأرض يضحك زحل" لعبد العزيز الفارسي في ضوء معادلة بوزيمان)) للناقد والأكاديمي العُماني حميد الحجري.

يُشار إلى أن عبدالعزيز الفارسي توفي في العاشر من إبريل 2022 عن عمر ناهز ستة وأربعين عاما، بعد أن سجّل اسمه كواحد من أهم كتاب القصة والرواية في عُمان، حيث أصدر بدءًا من عام 2003 سبع مجموعات قصصية، هي على التوالي: "جروح منفضة السجائر"، و"العابرون فوق شظاياهم"، و"لا يفل الحنين إلا الحنين"، و"مسامير"، و"أخيرًا استيقظ الدب"، و"الصندوق الرمادي"، و"رجل الشرفة صياد السحب"، بالإضافة إلى روايته "تبكي الأرض يضحك زحل" التي تُرجِمتْ إلى الإنجليزية، وكانت أول رواية عمانية تصعد إلى القائمة الطويلة لجائزة البوكر العربية عام 2008م. وللفارسي أيضًا ثلاثة كتب مشتركة مع الكاتب سليمان المعمري، أحدها إبداعي هو رواية "شهادة وفاة كلب"، والكتابان الآخران حواريّان جمع فيها الكاتبان حوارات تعاونا في إجرائها مع كتّاب وأدباء وباحثين عُمانيين حمل الأول منهما عنوان "قريبًا من الشمس"، والثاني "ليس بعيدًا عن القمر".

والأديب الراحل من مواليد ولاية شناص في 27 أغسطس 1976م، وتخرج من كلية الطب بجامعة السلطان قابوس عام 2001م، وفي عام 2006م حصل على زمالة الكلية الملكية البريطانية، وعضوية الاتحاد العالمي لمكافحة السرطان، والجمعيتين الأمريكية والأوروبية لطب السرطان. في الفترة من 2010 إلى 2017م أكمل دراساته العليا في الطب في كندا، ثم عمل طبيبًا استشاريًّا أوَّل ورئيس قسم أورام الكبار بالمستشفى السلطاني حتى رحيله.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الع مانی ع مانیة

إقرأ أيضاً:

الثقافة تصدر «كل النهايات حزينة» لـ "عزمي عبد الوهاب" بهيئة الكتاب


صدر حديثا عن وزارة الثقافة من خلال الهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين، كتاب «كل النهايات حزينة» للكاتب عزمي عبد الوهاب.
ويتناول الكتاب، اللحظات الأخيرة في حياة أبرز الكتاب والمبدعين في الأدب الإنساني، من بينهم دانتي أليجييري، أنطونيو جرامشي، وفولتير، ولودفيك فتجنشتاين، وصادق هدايت، وأوسكار ويلد، وراينر نعمت مختار، وجويس منصور، وجورجيا آمادو، وثيربانتس، وغيرهم.
ويقول عزمي عبد الوهاب في تقديمه للكتاب: «ظللت مشغولاً بالنهايات لسنوات طويلة، لكن بداية أو مستهل كتاب "مذاهب غريبة" للكاتب الكبير كامل زهيري كان لها شأن آخر معي، فحين قرأت الفقرة الأولى في هذا الكتاب، تركته جانبا، لم أجرؤ على الاقتراب منه مرة أخرى، وكأن هذه الفقرة كانت كفيلة بإشباع رغبتي في القراءة آنذاك، أو كأنها تمتلك مفاتيح السحر، للدرجة التي جعلتني أتمنى أن أكتب كتابا شبيها بـ"مذاهب غريبة". 
تذكرت على الفور أوائل القراءات التي ارتبطت بكتاب محمد حسين هيكل "تراجم مصرية وغربية" وبعدها ظلت قراءة المذكرات والذكريات تلقى هوى كبيرا لدي، كنت في ذلك الوقت لم أصدر كتابًا واحدًا، لكن ظلت تلك الأمنية أو الفكرة هاجسا، يطاردني لسنوات، إلى أن تراكم لدي من أثر القراءة كثير من مواقف النهايات، التي تتوافر فيها شروط درامية ما، وكلها يخص كتابا غربيًا؛ لأن حياة الأغلبية العظمى من كتابنا ومثقفينا تدفع إلى حافة السأم والتكرار والملل.
إنها حياة تخلو من المغامرة التي تصل حد الشطط، ربما يعود ذلك إلى طبيعة الثقافة العربية، التي تميل إلى التحفظ، وربما أن تلك الثقافة لم تكشف لي غرائب النهايات، هناك استثناءات بالطبع، شأن أية ظواهر في العالم، قد يكون الشاعر والمسرحي نجيب سرور مثالا لتلك الحياة المتوترة لإنسان عاش على حافة الخطر طوال الوقت، حتى وصل إلى ذروة الجنون، لكن دراما "نجيب سرور" مرتبطة بأسماء كبيرة وشخصيات مؤثرة، تنتمي إلى ثقافة: "اذكروا محاسن موتاكم" حتى لو كانت لعنة نجيب سرور ظلت تطارد ابنه من بعده، فقد مات غريبا في الهند مثلما عاش أبوه غريبا في مصر وروسيا والمجر».
ويضيف عبد الوهاب: « يمكن أن أسوق أسماء قديمة مثل "أبي حيان التوحيدي" الذي أحرق كتبه قبل موته، أو ذلك الكاتب الذي أغرق كتبه بالمياه، في إشارة دالة إلى تنصله مما كتب، أو ذلك الكاتب الذي أوصى بأن تدفن كتبه معه، وإذا كان الموت هو أعلى مراحل المأساة، فهناك بالطبع شعراء وكتاب عرب فقدوا حياتهم، بهذه الطريقة المأساوية كالانتحار ، مثل الشاعر السوداني "أبو ذكري" الذي ألقى بجسده من فوق إحدى البنايات، أثناء دراسته في الاتحاد السوفيتي السابق، والشاعر اللبناني "خليل حاوي" الذي أطلق الرصاص على رأسه في شرفة منزله، والروائي الأردني "تيسير سبول" الذي مات منتحرا بعد أن عاش فترة حرجة من عام ١٩٣٩ إلى ۱۹۷۳م.
لكن المختفي من جبل الجليد في تلك الحكايات، أكبر مما يبدو لنا على سطح الماء، خذ على سبيل المثال "خليل حاوي" فقد أشيع في البداية أن الرصاصات، التي أطلقها على رأسه، كانت إعلانًا للغضب، ومن ثم الاحتجاج على الصمت العربي المهين، إزاء اقتحام الآليات العسكرية الإسرائيلية للجنوب اللبناني، ومن ثم حصار بيروت في أوائل الثمانينيات من القرن الماضي، وفيما بعد، حين استفاق البعض من صدمة الحدث، قيل إن ما جرى كان نتاج علاقة حب معقدة، دفعت بالشاعر إلى معانقة يأسه والانتحار، فهل كان انتحار الروائي الأردني "تيسير سبول" صاحب أنت منذ اليوم أيضًا احتجاجا على ما جرى في العام ١٩٦٧ م ؟
ربما يوجد كثير من النماذج، لكن تظل الأسماء الغربية الكبيرة، قادرة على إثارة الدهشة كما يقال، ونحن دائما مشغولون بالحكاية أكثر من المنجز، وكأن هذا من سمات ثقافتنا العربية، فالاسم الكبير تصنعه الحياة الغريبة لا الإنتاج الأدبي.
ومع ذلك يمكننا أن نتوقف أمام اسم كبير مثل "إدجار آلان بو" وكيف كان آخر مشهد له في الحياة، فهو أحد الكتاب الذين غادروا الحياة سريعا، وحين مات وجدوه في حالة مزرية، يرتدي ملابس لا تخصه، وحين تعرف عليه أحد الصحفيين، نقله إلى المستشفى، ومات وحيدا، بعد أربعة أيام، في السابع من أكتوبر عام ١٨٤٩م، ولم يعلم أقاربه بموته إلا من الصحف».

مقالات مشابهة

  • عضو بـ«النواب» عن مراجعة قوائم الإرهاب: مصر وطن يتسع للجميع
  • الثقافة تصدر «كل النهايات حزينة» لـ "عزمي عبد الوهاب" بهيئة الكتاب
  • إعادة كتاب بعد نصف قرن
  • تكساس تعتمد منهجا تعليميا اختياريا مستوحى من الكتاب المقدس
  • "يوم للجميع" احتفالية للأطفال الأيتام في مكتبة مصر الجديدة
  • الكويت تشيع شهيد الواجب وكيل ضابط في قوة الاطفاء عبدالله الفارسي
  • «التعليم» تنفي صدور أي قرارات بترحيل امتحانات شهر نوفمبر إلى أول ديسمبر 2024
  • بري: الإستقلال حزين هذا العام لكنه يبقى تحدياً يومياً للجميع
  • مدرب منتخب الناشئين: خماسية المغرب صدمة للجميع.. ومباراة ليبيا صعبة
  • الفارسي: يجب بذل جهود أكبر للتضييق على السوق السوداء للعملات الأجنبية