حالة من الجدل فرضها إعلان الحكومة الإثيوبية الطوارئ في إقليم أمهرة الإثيوبي، خوفاً من تكرار سيناريو الحرب في تيغراي، إذ تفاعلت وسائل الإعلام المحلية مع حديث وزير العدل جديون تيموتيوس عن “أن حالة الطوارئ في الإقليم ستظل سارية المفعول للأشهر الستة المقبلة”.

مرسوم الحكومة الإثيوبية الذي سيتم تنفيذه في إقليم أمهرة سيطبق على مناطق أخرى من الدولة بحسب الحاجة.

وقدم وزير العدل إيضاحاً في شأن إعلان حالة الطوارئ لحماية الأمن والسلم العام في البلاد، لكن هذه الخطوات طرحت تساؤلات حول الموقف الأميركي مما يجري على الأرض في هذا البلد الأفريقي.

حكومة رئيس الوزراء آبي أحمد بررت قرار الطوارئ بعدم “تمكنها من السيطرة على الأنشطة المسلحة في أمهرة، وأدى ذلك إلى اضطراب كبير في الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية في الإقليم، مما دفعها إلى اتخاذ تدابير استثنائية لحماية الأمن والسلم الاجتماعيين”، منوهة بأن الإعلان وضع في إطار قانوني مناسب وخطوات ضرورية على أساس الدستور الفيدرالي.

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أجرى بدوره اتصالاً هاتفياً بآبي أحمد، أمس السبت، للتباحث حول التطورات الأخيرة. وقالت الخارجية الأميركية إن بلينكن حث آبي أحمد على ضرورة “التنفيذ الفوري لاتفاق وقف الأعمال العدائية، بما في ذلك انسحاب جميع القوات الأجنبية من إقليم تيغراي ونزع سلاح المجموعات المسلحة ومن بينها جبهة تحرير تيغراي بشكل متزامن”. وينص اتفاق بريتوريا بين الحكومة الفيدرالية الإثيوبية وجبهة تحرير تيغراي، الموقع في الثاني من نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، على “نزع سلاح مقاتلي تيغراي” وكذلك الميليشيات القومية الأخرى، تزامناً مع انسحاب القوات الأجنبية وغير التابعة لقوة الدفاع الوطنية من المنطقة. وعلى رغم تأكيد فريق بعثة الاتحاد الأفريقي للمراقبة والتحقق والامتثال، الذي تم تعيينه لاحقاً للإشراف على عملية نزع السلاح، بدء مقاتلي تيغراي بتسليم الأسلحة الثقيلة إلى قوات الدفاع الوطني الإثيوبية، في 26 مايو (أيار) الماضي، كجزء من عملية نزع السلاح المستمرة، إلا أن الحملة تعثرت في إقليم أمهرة، نظراً إلى رفض ميليشيات “الفانو” تسليم أسلحتها. تقارير أخرى ذكرت أن الانسحاب الكامل للقوات الإريترية وغير التابعة لقوات الدفاع الوطنية الإثيوبية من إقليمي تيغراي وأمهرة يواجه صعوبات إلى الآن.

أثناء إعلانه عن تسريح أكثر من 50 ألف مقاتل سابق في قوات تيغراي، قال نائب رئيس الإدارة الموقتة في الإقليم، الجنرال تاديسي ويريدي، “إن القوات الإريترية وغير التابعة لقوات الدفاع الوطنية الإثيوبية لا تزال تحتل جزءاً من أراضي الإقليم”، مطالباً بضرورة التزام سحب القوات غير التابعة للحكومة الفيدرالية وتسهيل عودة النازحين داخلياً إلى أماكنهم الصحيحة. بدوره، أشاد بلينكن “بالجهود المستمرة التي تبذلها الحكومة الإثيوبية للعمل من أجل المساعدة الإنسانية من دون عوائق، واستعادة الخدمات الأساسية في منطقة تيغراي وكذلك في منطقتي عفار وأمهرة المجاورتين”.

لكن بيان الخارجية الأميركية لم يؤشر إلى الأزمة الحالية في إقليم أمهرة بعد إعلان حالة الطوارئ فيه، مما أثار تساؤلات المحللين حول الموقف الأميركي من الإعلان الأخير، وإمكانية تطور الوضع إلى حرب مفتوحة بين ميليشيات أمهرة القرنية والجيش النظامي. المتخصص في الشأن السياسي الإثيوبي لدتوا أيالون اعتبر “أن الموقف الأميركي يبدو مرتبكاً تجاه التطورات الأخيرة في إقليم أمهرة”، موضحاً “أن تجاهل الإشارة إلى التدابير الاستثنائية التي اتخذها مجلس الوزراء، بعيداً من البرلمان، في اتصال بلينكن، توحي بأحد الاحتمالين، إما أن الإدارة الأميركية غير مواكبة لخطورة الأوضاع في الإقليم، وإما أنها تدعم موقف رئيس الوزراء آبي أحمد الذي دعم أخيراً مواقف الولايات المتحدة حول حقوق المثليين في إثيوبيا”، على حد قوله.

أيالون الذي تعرض للاعتقال قبل أن يتم إطلاق سراحه أخيراً، أوضح كذلك أن الحديث عن ضرورة التطبيق الفوري لكل بنود اتفاق وقف العدائيات، مع الإشارة إلى أهمية نزع سلاح كل القوى غير المنضوية تحت لواء وزارة الدفاع الوطني الإثيوبية، يشير إلى دعم مواقف آبي أحمد تجاه نزع سلاح قوات “الفانو” في إقليم أمهرة. وذكر أن هذا الموقف يتجاهل واقع الخلاف الذي نتجت عنه مواجهات عنيفة ودامية في أمهرة، مشيراً “إلى أن القوات الأمهرية الخاصة أسست وفقاً للدستور الفيدرالي، إذ يسمح الدستور الإثيوبي بتشكيل قوات خاصة لكل إقليم، تعنى بحماية الأمن والسلم فيه”.

وأبدى تعجبه من وصف القوات الأمهرية حالياً بأنها خارجة عن القانون على رغم أنها هي ذاتها التي تم الاعتماد عليها في الحملات العسكرية التي شنت ضد جبهة تيغراي تحت شعار “إنفاذ القانون”. وتساءل “كيف يمكن لقوة ظلت توصف بمنفذ للقانون، وحامية للسيادة الوطنية، أن تتحول إلى قوة خارجة على القانون، ويتم تصنيفها كمجموعة ضد السلم والعدالة”، مطالباً إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بإعادة النظر في مواقفها، ومحذراً من سقوط البلاد مرة أخرى في فخ العنف والعنف المضاد. وفي رده على تصريحات وزير العدل الإثيوبي، قال المتخصص في الشأن السياسي لدتوا أيالون، إنها تضمنت “مخالفة صريحة للمرسوم الخاص بإعلان حالة الطوارئ”، موضحاً أن نص المرسوم الوزاري، ينص على منطقة معينة، فيما تصريح الوزير تجاوز ذلك بإشارته إلى إمكانية تطبيقه حتى خارج الإقليم المحدد في حال الضرورة، مما يعني أن تطبيقات تلك التدابير تتجاوز التكليف المحدد، مما يجدد المخاوف حول استهداف إقليم أمهرة لجهة عرقهم، تماماً كما حدث في شأن أبناء تيغراي خلال الأعوام الماضية.

وأعاد التذكير بأن النظام الإثيوبي الحالي تحركه ثارات قومية بدءاً من استهداف إقليم الصومال، الذي تم إسقاط حكومته المنتخبة من خلال الجيش النظامي، وتعويضها بحكومة معينة مركزياً، وصولاً إلى تكرار السيناريو نفسه في إقليم تيغراي، بعد حرب ضروس استمرت لعامين، وتتويج ذلك بحكومة معينة، بدلاً من المنتخبة. وختم حديثه بقوله “النظام الجمهوري في إثيوبيا يواجه خطراً حقيقياً” وما يضاعف هذه المخاوف أن الحملات المتكررة تتم عبر شعارات حماية الوحدة الوطنية وإنفاذ القانون، موضحاً “أن الوحدة لا تتحقق عبر الآلة العسكرية، وخارج المؤسسات القضائية والتشريعية”. من جهة أخرى، أفادت قناة “zehabesha” بأن منطقة “دبري مارقوس” بإقليم أمهرة شهدت مواجهات دامية بين الجيش الإثيوبي وقوات “الفانو”. ونقلت عن شهود عيان قولهم إن انسحاباً جزئياً نفذته “الفانو” من مناطق شاسعة في مقابل تقدم الجيش النظامي، وسط سقوط ضحايا من الطرفين وبعض المدنيين.

القناة أوضحت أن المواجهات المتقطعة شهدت نوعاً من الهدوء عند العاشرة من مساء أمس السبت، في حين سمعت أصوات المدافع في منطقة “جراندر بر” المحاذية. وقدرت مصادر عدد الضحايا بالمئات في حين لم تقدم أي من الجهات الحكومية معلومات عن هذه المواجهات. بدورها، تحدثت مواقع محسوبة على الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي عن أن وزارة الدفاع الإثيوبية طلبت من قواتها المشاركة في الحملة الحالية بإقليم أمهرة، إلا أن الأخيرة اعتذرت عن عدم المشاركة في أي حروب داخلية. وقالت المواقع “إن الجبهة تمسكت بالدفع باتجاه تطبيق اتفاق وقف العدائيات، وإنها غير ملزمة بخوض معارك خارج إقليمها الجغرافي”. كان رئيس الحكومة الموقتة في تيغراي قد دعا طرفي الصراع إلى “ضبط النفس، وحل القضايا العالقة عبر الحوار”.

بدوره، اعتبر المتخصص في الشأن السياسي إبراهيم إدريس، من ولاية كولورادو الأميركية، أن ما ورد عن اتصال بلينكن وآبي أحمد “يدفع في اتجاه تحجيم الميليشيات من كل الأطراف بمن فيهم أمهرة وتيغراي والأورومو” لصالح تقوية الجيش النظامي. وتابع “يبدو أن الولايات المتحدة اصطفت مع سياسات الحكومة المركزية، باعتبار أنها بمثابة تأمين لوحدة إثيوبيا واستمرارها، من خلال عزل القوات غير المنضوية تحت وزارة الدفاع أو تسريحها، وهذا ما يتوافق مع روح ونص اتفاق بريتوريا للسلام، الموقع في 2022”. وتحدث إدريس لـ”اندبندنت عربية عن “أن واشنطن تشعر بأهمية دورها ومركزيته، بخاصة في المناطق التي تملك فيها تأثيراً ونفوذاً تاريخياً، لا سيما بعد السياسات الأخيرة التي بدأت تتبناها روسيا تجاه القارة السمراء”، وتحديداً بعد القمة الروسية الأفريقية.

ومضى في تحليله “هذا يعني أن واشنطن تبدو معنية بدعم الدولة المركزية في إثيوبيا، على حساب الأطراف الأخرى، وهذا جزء من محاصصات اتفاق بريتوريا، الذي ينص على نزع سلاح الميليشيات وتوحيد القوات في جيش واحد نظامي”. وختتم حديثه قائلاً “ثمة ما يوحي بوجود تفاهمات معينة بين الإدارة الأميركية ومجموعة من القيادات الإثيوبية، خصوصاً بعد زيارة رئيس الحكومة الموقتة في تيغراي إلى الولايات المتحدة ولقائه مسؤولين أميركيين ونواباً في الكونغرس”.

محمود أبوبكر – اندبندنت عربية

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: حالة الطوارئ غیر التابعة فی الإقلیم آبی أحمد

إقرأ أيضاً:

يقود جهود الوساطة.. هل يكون ستارمر الصوت الذي يكسر عناد ترامب؟

لندن- يبدو أن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر قد أضحى خيار الأوروبيين الأمثل لقيادة وساطة تجسر الهوّة المتسعة مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

ويتضح ذلك بعد النقاشات التي دارت في القمة الأوروبية في العاصمة لندن، وانتهت إلى إدراك أوروبي، أن الطريق لإبرام اتفاق سلام دائم ينهي الحرب في أوكرانيا لا بد أن يمر بواشنطن وأن يحظى بدعم أميركي واضح.

ففي القمة التي عقدت الأحد بمشاركة 15 دولة أوروبية، حاول الأوروبيون الوقوف صفا واحدا خلف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بعد لقائه العاصف بالرئيس ترامب في البيت الأبيض والذي نسف جهودا أوروبية لرأب الصدع بين الجانبين.

وأعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، أنه وبتنسيق مع فرنسا وشركاء آخرين سيعكفون على الترتيبات اللازمة لإنضاج اتفاق سلام بضمانات أمنية كافية لأوكرانيا وعبر الإعلان عن "تحالف للراغبين" لنشر قوات حفظ سلام على الأراضي الأوكرانية، وزيادة الدعم العسكري والمالي المقدم لكييف، فضلا عن مواصلة الضغط على موسكو.

لكن، يُجمع كثير من القادة الأوروبيين على أن صيغة الاتفاق التي سيحاولون إرسالها إلى الرئيس الأميركي، يجب أن تنجح في إرضاء واشنطن وتغيير موقفها المتصلب إزاء سحب المظلة العسكرية والدفاعية التي توفرها لأوروبا عن طريق قيادتها حلف "الناتو".

إعلان

قادة الوساطة

وعلى هامش القمة، أجرى رئيس الوزراء البريطاني سلسلة لقاءات ثنائية مع عدد من القادة الأوروبيين الذين يبدو أنهم في تصوره يمثلون حجر الزاوية في إدارة المفاوضات الصعبة مع الأميركيين خلال المرحلة المقبلة، ومن هؤلاء رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، التي شددت على ضرورة تجنب حدوث صدع في التحالف الغربي بين ضفتي الأطلسي.

في المقابل، دارت نقاشات بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني، ووصفت زيارتهما إلى واشنطن الأسبوع الماضي بالناجحة، وتخللتها اتصالات بإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

وتحدث رئيس الوزراء البريطاني عن تأكيده للرئيس الأميركي أن الأوروبيين يجتمعون في لندن لإيجاد حلولٍ للعُقد بينهم وبين واشنطن، لكنهم ينظرون إلى الولايات المتحدة كشريك حيوي لا يمكن التخلي عنه، وليس كخصم يتحالفون عليه.

لكن في الوقت الذي يدرك الأوروبيون أنهم أمام لحظة تاريخية فارقة، أجّلوا التفكير في تداعياتها الجيوسياسية لوقت طويل، في ظل غياب حلف دفاعي أوروبي مستقل عن واشنطن.

وحتى الآن، من غير المعروف إنْ كانت جهود كير ستارمر و"المكانة الخاصة" التي تحظى بها المملكة المتحدة لدى واشنطن كافية لإنجاح الوساطة مع إدارة أميركية يصعب التنبؤ بقراراتها، وعازمة على طي صفحة الحرب الأوكرانية.

كير ستارمر (يسار) يستقبل فولوديمير زيلينسكي (يمين) خلال القمة الأوروبية بلندن (الأناضول) خيارات صعبة

يقول شاشنك جوشي، محرر الشؤون العسكرية والإستراتيجية في مجلة إيكونوميست البريطانية، للجزيرة نت، إن بريطانيا ولعقود تنظر لنفسها باعتبارها صلة الوصل التاريخية بين ضفتي الأطلسي، والقادرة على إدارة الوساطة مع واشنطن في لحظات التوتر بينها وبين الأوروبيين.

لكن هذا الدور، كما يرى جوشي، أصبح منذ خروجها من الاتحاد الأوروبي عام 2016، أكثر تعقيدا؛ حيث بدأت مرحلة الانكفاء على الذات وبناء علاقات أكثر متانة مع الأميركيين وبمعزل عن الأوروبيين.

إعلان

رغم ذلك، يضيف جوشي أن خطورة المرحلة، وتداعيات فك الارتباط بين واشنطن وأوروبا دفعتا البريطانيين للعودة بالتنسيق مع فرنسا للانخراط في وساطة لتخفيف حدة المواقف الأميركية، حيث نجح ستارمر في أن يجد لنفسه مكانا في المنتصف بين الأوروبيين وعلى مقربة أيضا من الإدارة الأميركية والعمل لبناء جسور الثقة معها.

في المقابل، يحذر جوشي من أن هذا الوضع الإستراتيجي الخاص الذي تحظى به بريطانيا، سيكون محل اختبار، في حال فشل مقترح السلام الذي يعتزمون تقديمه إلى واشنطن لإقناعها بمواصلة دعم أوكرانيا وتوفير الحماية العسكرية لأوروبا، وفي حال اختار الأوروبيون انتهاج سياسة أكثر عدائية اتجاه واشنطن التي لم تعد تكتفي بإرسال إشارات عدم رضا ولكن باتخاذ خطوات مفاجئة تمس الأمن القومي الأوروبي.

العلاقات الثنائية أولا

وقوبلت الأجواء التي دار فيها اللقاء في البيت الأبيض بين رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الأميركي ترامب بارتياح واسع في أوساط الطبقة السياسية البريطانية، حيث استطاع رئيس الوزراء البريطاني انتزاع وعد من الإدارة الأميركية باستثناء بريطانيا من فرض رسوم جمركية يتوقع أن تصل إلى 25% على واردات السيارات والموصلات والأدوية الأجنبية.

في المقابل أعلن ستارمر رفع حجم الإنفاق العسكري ليصل إلى 2.5% قبل عام 2027؛ في استجابة للإلحاح الأميركي بضرورة تحمل الأوروبيين عبء حماية أمنهم الجماعي وتوفير تمويل إضافي لحلف "الناتو".

وتدفع أصوات في الداخل البريطاني بضرورة تركيز ستارمر على تحسين العلاقات الثنائية مع واشنطن، لكن يعتقد آخرون أن الجغرافيا السياسية تجعل بريطانيا في قلب التحولات الجارية بالجوار الأوروبي وتدفعها للانخراط في إيجاد صيغة للحل.

مراقبون يعتقدون أن الصف الأوروبي غير موحد من التوجهات نحو واشنطن وكييف (رويترز) صف غير موحد

ويشير أستاذ العلاقات الدولية في جامعة لندن جليبرت الأشقر، في حديث للجزيرة نت، أن الاستثمار في العلاقات الخاصة بين واشنطن ولندن لإنضاج اتفاق سلام لا يستثني الأوروبيين والأوكرانيين، قد لا يكفي لإقناع الإدارة الأميركية التي تبدو الهوة بينها وبين الحكومات الديمقراطية الليبرالية شاسعة، وفي ظل عقيدة أيديولوجية يجاهر بها الرئيس الأميركي ولا تخفي قربه من حكومات اليمين الشعبوي، وراغبة في تحسين العلاقة مع موسكو ولو على حساب التحالف التاريخي مع أوروبا الغربية.

إعلان

لكن يرى الأشقر أن الأوروبيين يختارون مسالك مختلفة في التعامل مع ترامب، ففي الوقت الذي تبدو بعض الحكومات المحسوبة على اليمين الشعبوي كالمجر وإيطاليا على علاقة جيدة وأكثر قربا أيديولوجيا من إدارة الرئيس الأميركي، قد ينشأ عن هذا الاختلاف تباينات وفروقات تحاول بريطانيا وفرنسا بالأساس تجازوها، فضلا عن ألمانيا التي ظلت مترددة لمدة قبل أن تنضم للجهود الأوروبية مع انتخاب مستشار جديد.

ويشدد الأشقر على أن الخروج بقرار لبناء هيكل دفاعي موحّد قد لا يبدو سهلا، على الرغم من الجهود الذي تبذلها بريطانيا وفرنسا لتوحيد الرؤى، حيث تحفّظ ستارمر عن ذكر الدول الراغبة في المشاركة في حلف قوات حفظ السلام التي يَعِد الأوروبيون بإرسالها إلى أوكرانيا، تاركا قرار الإعلان لحكومات تلك الدول.

وغابت دول البلطيق عن القمة الأوروبية في لندن وهي كل من إستونيا ولاتفيا وليتوانيا، وتعد من الدول الأكثر إنفاقا في ميزانية حلف شمال الأطلسي بالمقارنة مع ناتجها الداخلي الخام، والواقعة على تماس مع الحدود الروسية. لكن رئيس الوزراء البريطاني أوضح أنه على اتصال بقادة هذه البلدان لإدراج مقترحاتها في أي اتفاق سلام مرتقب.

وفي هذا السياق، يوضح الأشقر أنه في الوقت الذي ترغب فيه بعض الدول الأوروبية في زيادة الإنفاق العسكري وتحقيق الاستقلالية الدفاعية، تميل أخرى إلى تقديم تنازلات للولايات المتحدة مقابل الاحتفاظ بمظلتها العسكرية مدركة حجم الفراغ الذي سيخلفه الانسحاب الأميركي من المنطقة.

ويتوقع الأشقر أن تفشل الوساطة التي يقودها رئيس الوزراء البريطاني بسبب حدة المطالب التي ترفعها الإدارة الأميركية، مشيرا إلى أن الأوروبيين تنقصهم الجرأة السياسية لاعتماد بدائل أخرى أكثر راديكالية وفي مقدمتها التوجه إلى الصين لتوفير الدعم العسكري والإستراتيجي، مستفيدين من العلاقات الاقتصادية المتقدمة التي تربط الجانبين.

مقالات مشابهة

  • “أكسيوس”: ترامب يعقد اجتماعا اليوم لمناقشة الأزمة الأوكرانية بما في ذلك تعليق الدعم العسكري لكييف
  • البخيتي: حضور السفير السعودي اجتماع واشنطن يكشف عن مخطط عسكري يستهدف اليمن لصالح “إسرائيل”
  • ليون :”بن العمري اللاعب العربي الوحيد الذي حمل رقم 3 “
  • يقود جهود الوساطة.. هل يكون ستارمر الصوت الذي يكسر عناد ترامب؟
  • برلمانيون ومنتخبون “أباطرة الصيد البحري” يبلعون ألسنتهم في “أزمة السمك”
  • أوكرانيا: القوات الروسية تقصف إقليم نيكوبول 17 مرة في يوم واحد
  • “إغاثي الملك سلمان” يوزع 808 سلال غذائية في إقليم خيبر بختون خوا بباكستان 
  • بقوة 5.2 درجة.. زلزال يضرب إقليم تيغراي شمالي إثيوبيا
  • تزامنا مع القلق الذي أثاره “قاتل المدن”.. ناسا ترصد 5 كويكبات اقتربت من الأرض هذا الأسبوع
  • الدفاع المدني يحتفي باليوم العالمي للدفاع المدني تحت شعار “وعي مستدام .. لسلامة السكان”