موقع النيلين:
2024-10-05@08:05:08 GMT

الجنجويد ورسالة الخراب

تاريخ النشر: 6th, August 2023 GMT

الجنجويد ورسالة الخراب


الصنيعة الكيزانية المسماة بالدعم السريع ، هي في الأصل (جنجويدا يلبسون يونيفورم) على حد وصف الباحث والمحلل الأمريكي كاميرون هدسون ، فعندما كان الجنجويد في 2005 يرتكبون أفظع الجرائم والإنتهاكات في دارفور كانت الدولة بتنظيمها الحاكم وجيشها وأجهزتها الأمنية والإعلامية ، يصفون ما ينشره الإعلام الغربي وقتها عن الإنتهاكات بأنه هجمة غربية إمبريالية على الدولة وتوجهها ، ومن جانب آخر كانوا يروجون لأن الحركات المسلحة تسعى لتصفية اقليم دارفور من القبائل العربية بتجريمها .

والحقيقة أن لا الإعلام الغربي ولا (جورج كلوني) كانوا مخطئين في رصد الإنتهاكات ، ولا الحركات كانت ساعية لإنهاء الوجود العربي في دارفور ، وليس هناك مخططا لما يسمى ب (دولة الزغاوة الكبرى) كما كان يشاع وقتها ، فالجنجويد كانوا آلة الدولة التي أستخدمتها وعبأتها جيدا لمواجهة التمرد بدعاوى (معركة الوجود) ثم أنفلت كيان الجنجويد وتمددت صلاحياته في أوقات الحرب والسلم إلى أن صار قوات لها قانون ولديها حظوة وأثرة بين أجهزة الحكم .

حتى نهايات عهد البشير كان الجنجويد قوة تمثل (الشر الضروري) لمواجهة التمرد ، الشر الذي لا بد من وجوده ليمثل الطرف القذر الذي ينفذ أجندة الدولة بلا أي مسؤولية أخلاقية للجيش والأجهزة النظامية ، وكان النظام السياسي وقتها يمتلك كافة (الصواميل) مع كلمة السر لتفكيك الكيان إن هو خرج عن المسار المرسوم له ، لكن بعد سقوط البشير خرج الأمر عن السيطرة وتحول الجنجويد لقوة سياسية وإقتصادية هائلة ذات علاقات خارجية وداخلية معقدة .
لا يمتلك الجنجويد مشروعا سياسيا ولا منظومة فكرية خارج عباءة السلطة ،

فمن قبل كان حدود طموحهم المشاركة في حكم اقليم دارفور مع غيرهم ، أما الآن فطموحهم تجاوز حتى حكم السودان نفسه إلى وسط وغرب أفريقيا بالتعاون مع الكفيل الخليجي والغربي ، يريد الجنجويد من حرب 15 أبريل أن تضعهم كسلطة أمر واقع وشر لا بد من التعامل معه بالنسبة للمجتمع الدولي والإقليمي ، وكما هو معلوم فإن منظومات العمل الأفريقي الفاسدة لا مانع لديها من تقبل فكرة الإنقلابيين إن كانوا مرضيا عنهم من الأقطاب الغربية .

لذلك وبعد فشل مخططهم العنصري البغيض يسعى الجنجويد لإحداث أكبر قدر من الخراب في الدولة السودانية ، خراب يجعل من المستحيل للسودان العودة لما قبل 15 أبريل ، فالمال الجنجويدي أفسد المجال السياسي والمجتمعي بالكامل قبل الحرب ، وبعد الحرب لم يسلم سوداني أو سودانية من بندقية الجنجويد ، تهجيرا وقتلا وإغتصابا وإبادة جماعية وتطهيرا عرقيا ونهبا للممتلكات وترويعا للآمنين .

أختطف الجنجويد القرار السياسي للدولة قبل الحرب ، وبعد الحرب يريدون تنفيذ عملية إحلال وإبدال للمكون السياسي والمجتمعي بالكامل ، وهي عملية أسوأ من أسوأ نظريات المؤامرة التي يمكن أن يتخيلها العقل السوداني الذي كان يراهن على وطنية هذه القوات وبُعدها عن تنفيذ مغامرة مميتة كالتي تخوضها الآن ، مغامرة ستنعكس آثارها سلبا لفترة طويلة ويتمدد جرحها ليشمل أبعادا غير عسكرية .

وسواء أقتربت ساعة الحسم أم أبتعدت فإن القوات المسلحة السودانية تمتلك رصيدا شعبيا وحاضنة مجتمعية هي كل السودان ، وكل يوم تزداد وتيرة التعبئة الشعبية بما يضعف فرص الجنجويد في البقاء لمدة أطول ، وكل إنتهاك في حق المدنيين يزيد من السخط الشعبي تجاه الجنجويد ويكتب نهايتهم بأسوأ سيناريو ، ولن تبلغ رسالة الخراب الجنجويدي مداها ما دامت القوات المسلحة قادرة على المواجهة وتحقيق التقدم وإحداث أكبر قدر من الخسائر في صفوف أعداء الوطن والإنسانية .


يوسف عمارة أبوسن
1 أغسطس 2023

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

سهر الصايغ: «لعل الله يراني» فكرته مختلفة.. ورسالة الفيلم وراء مشاركتي

عٌرض الفيلم المصري «لعل الله يراني» ضمن فعاليات مهرجان الإسكندرية السينمائي، مساء اليوم الأربعاء، داخل سينما «أمير» بمحافظة الإسكندرية.

وأقيمت ندوة نقاشية بعد عرض الفيلم القصير بحضور بطلته الفنانة سهر الصايغ التي حظت بعاصفة من التصفيق عقب انتهاء العرض مباشرة، حيث قالت الفنانة الشابة إنها تحمست لفكرة الفيلم لأنها منطقة جديدة عليها، وتحديدا قالب الفتاة المقبلة على إنهاء حياتها.

أسباب مشاركة سهر الصايغ بفيلم لعل الله يراني

وأضافت خلال ندوتها فى مهرجان الاسكندرية السينمائي: الفيلم يكشف أن الإنسان قد يدخل في نفق مظلم يدفعه لفقدان الأمل، ويوضح أيضا الطريق الذي يخرجه إلى النور، والحقيقة أن هناك شخصيات في الفترات المظلمة قد تعتقد أن الله لا يراها، ومن هنا جاء اسم الفيلم.

وأوضحت أنها تتحمس للمشاركة في الأفلام القصيرة حين تجد بها رسائل فنية، وهو ما حدث في فيلم «لعل الله يراني» الذي أعجبت بفكرته منذ الوهلة الأولى

وعن تحمسها للفيلم قالت سهر الصايغ: عندما أشارك في فيلم قصير احب يكون به رسالة وكلنا شوفنا ان مؤخرا في ناس كتير بتقبل علي انهاء حياتها، فلذلك الفيلم يحمل رسالة هامة، وأنا بشكر مهرجان الإسكندرية والقائمين عليه لمجهوداتهم.

تفاصيل فيلم لعل الله يراني

وتدور أحداث الفيلم حول «دينا» التي تتوهم بأنها مجرد رقم في الحياة، تُشعر دوما بأنها لا قيمة لها ولا أحد يهتم بتفاصيل حياتها، حيث دفعتها الضغوط النفسية الشديدة التي كانت تعاني منها إلى الانتحار، وقبله نشرت آخر كلماتها عبر صفحتها الشخصية على فيسبوك قائلة: أحببت الجميع، ولم يحبني أحد لذلك، حان وقت الرحيل، لعل الله يراني!.. ولكن فجأة تغيرت حياتها لحظة نشر تلك الكلمات.

مقالات مشابهة

  • السودان .. تصاعد الحرب وتفاقم الأزمات الأنسانية مع اقتراب موسم الأمطار من نهايته
  • دارفور: المشتركة سم الجنجويد
  • أستاذة علم الاجتماع السياسي: نعيش مرحلة حرجة من بناء الوعي.. والمواجهة مسؤولية مجتمعية
  • سهر الصايغ: «لعل الله يراني» فكرته مختلفة.. ورسالة الفيلم وراء مشاركتي
  • لأول مرة.. محمد عبدالرحمن يفتح صندوق أسراره
  • تحركات لاحتواء الحرب فى السودان.. وفد من مجلس السلم والأمن الإفريقى يزور بورتسودان
  • الجنجويد كانوا بصفوا أهل دارفور الرافضين لهم بالفلنقايات.. لكن الوضع تغير
  • تحية وشكر وعرفان
  • ???? تحول مذهل في يوميات الحرب ضد مليشيا التمرد في دارفور
  • أستاذ علوم سياسية: الطبقة المتوسطة عماد الدولة ويجب أن تكون جزءًا من الخطاب السياسي