فى ذكرى رحيل والدى الثامنة - أشتاق قلبى لرؤياك يا من كنت لى الوطن الذى لاتسعه مساحة أرض ولاسماء، أول قدوة وأصدق حب فكان لى الآمان والدرع الواقى من كل المخاطر، فما أن يسألونى عنك يسعد قلبى ويطيب لسانى عند ذكراك، فكنت لك أنتمى وبك أكتفى فى رحلة الحياة.
تعلمت من والدى الكثير وأخذت منه العمر والأحلام، وتعلمت منه التضحية مع الأبناء بدون مقابل، فكان والدى الأجدر والأعظم فى تحقيق المعادلة الصعبة فى التربية فمزجت بمهارة عقله بين الحنيه والشدة.
فالحكمة فى القرار وفى التصرف فى كل أمور حياتنا والحب المجرد، فهو العطاء الدائم بلا توقف والملاذ فى دروب الحياة، وهو تاج رأسى ومصباح حياتى، فكان لى خير سند ودائم النصيحة.
فوالدى هو الدين الوحيد الذى عجزت عن الوفاء به، وكان ذلك بسبب عطفه ومسامحته لى عن تقصيرى معه طول الوقت، فكان يشفق علي من رحلة الحياة ويلتمس لى كل العذر عن العياب عنه، وهو دائم الدعاء لى، ولم أكن أعرف معنى قسوة الحياة فكان ظله يحجب عنى مرارة الأيام، فكان رحيله عنى بمثابة إنتهاء للحياة، فأدركت جيداً أن الأب كالعمر ينتهى بلا تكرار.
وفى الختام هنيئاً لكل من لديه أباً فهو الظل والسند والأمن والآمان فيقول الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم: «رضا الرب فى رضا الوالد وسخط الرب فى سخط الوالد»، فمن يعيش والده فى تلك الحياة يجب عليه أن يغتنم الفرصة فى إرضائه، فالأب هو الوحيد فى الحياة الذى يعطى دون مقابل ويعتصر ناراً ونوراً فى محرابك يفنى حياته من أجل إسعادك.
وأدعوا الله لوالدى أن يجعل الريان بابه والفردوس منزلته والكوثر شرابه والحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، شفيعه وعرش الرحمن ظله.
اقرأ أيضاًفي ذكرى 30 يونيو| مصطفى بكري يرصد أسرار أخطر عشرة أيام في تاريخ مصر.. إسمع يا مرسي!! (2)
في ذكرى 30 يونيو| مصطفى بكري يرصد أسرارَ أخطر عشرة أيام في تاريخ مصر(1).. الأزمة تتصاعد
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
الحب في ألفاظ العربية
الحب في العربية له معانيه، منها ميل النفس مع العقل، فإن تجاوز العقل أصبح عشقاً، فالنفس تميل لتحاكي العقل في تصوراته وأحاسيسه، وربما تجاوزت التصورات، وهذه الأحاسيس عقلانية العقل، وخرجت عن مساقاته، فيصبح ذلك الحب عشقاً خارجاً عن نطاق المعقول، لا يوثقه الوثاق، ولا يحده الإطار، ومن أحب إنساناً صار له محبوباً وحبيباً، ووصفه بما يستجلب الودَّ والوصال، فصار له حباً متفرداً عن غيره، لا ينافسه الغير البتة على محبته.
والحب قد يأتي بمعنى الرغبة في المحبوب وتملكه، وقد تعبّر الأنانية عنه أحياناً، لكنها تدل عليه وتحوطه في جمالها رغم كونها ظاهرة غير محببة في تصور العاقلين، لكن الأنانية في المحبة فيها دلالة لما وصل إليه المحب من تعلق أخرجه من المعقول إلى ما لا يتصوره عاقل. ومن معاني الحب الخضوع والاستسلام، فمن أحب شخصاً خضع واستسلم له، وعظّم فعله، وفي الانقياد التام محبة خالصة يترك فيها المحب الاختيار، ويصبح تابعاً لمن أحب.
ومن أحب شخصاً مدحه بأجمل العبارات، ووصفه بأجمل الصفات، فهو في المديح غايته ومطلبه، وفي الصفات أكملها مشابهة ووصفاً. وإذا أحب المرء شخصاً صار حَبَّة القَلْبِ ومُهْجَتهُ، وسُوَيْداءهُ، ولامس شغائف قلبه وكَمَنَ فيه لا يغادره البتة، ولا ينظر إلى سواه. والحب العُذْرِيُّ ما كان فيه التَّعَلُّقُ الطَّاهِرُ والعفاف بمن أحب عِشْقاً وَوَلَهاً، فالطهر هنا التجرّد عن الرذائل والتخلق بالعفاف، ألزمه ذلك العشق، وساقه إليه الاشتياق والوله.
ومراتب الحب كثيرة، منها: الهوى وهو الميل والحنان، والصبوة وهي شدة الاشتياق، والعلاقة التي تعلق المحب بمن يحب، والكلف وهو الولع مع عدم القدرة على التصبر، والوصب يعبّر عن الألم والوجع الذي يُصيب المحبوب، والعشق وهو فرط الحب وتجاوز المحب عن أقوال وأفعال محبوبه ، والنجوة وهي شدة الحب مع حزن تصاحبه معاناة، والشغف أن يبلغ الحب شغاف القلب، أي هي غلافه وحجابه وسويداؤه في لذة يجدها المحب، والجوى شدة الوجد من عشق وحزن وحرقة، والتيم وهو استعباد الحب لصاحبه المتيم، والتَّبْلُ وهو أن يسقم المحب من حبه فيصبح متيماً، والتّدْلِيهُ وهو ذهاب العقل من الحب ومنه رجل مُدَلَّهٌ، والاستكانة شدة الحب الذي يُسبب الشعور بالذل والخضوع، والغرام هو التولع والابتلاء بالمحبة، والهيام أن يتملك المحب الحب فيهيم على وجهه.
يبقى الحب في العربية جميلاً في ألفاظه ومعانيه، ودلالة أكيدة على غناها وتفردها بين اللغات، لا سيما السامية منها.
(القبس الكويتية)