البوابة نيوز:
2025-02-22@23:40:13 GMT

30 يونيو.. إرادة شعب ومسيرة وطن "مثقفون وأدباء"

تاريخ النشر: 22nd, June 2024 GMT

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

يحيي الشعب المصري، بعد أيام قلائل، الذكرى الحادية عشرة لثورة 30 يونيو المجيدة التي سطر فيها بإرادته الأبية ملحمة خالدة للحفاظ على هوية الوطن وكتب بأغلى التضحيات التي قدمها ميلاد مسار جديد من مسارات العمل الوطني المصري ضاربا أروع مثال في الانتماء والارتباط بالوطن وهويته.
وأكد مثقفون وأدباء - في أحاديث منفصلة لوكالة أنباء الشرق الأوسط - أن ثورة 30 يونيو لم تكن سوى البداية لرحلة طويلة بدأت مصر فيها معركة مقدسة للبناء والتنمية، لافتين إلى أن يوم 30 من يونيو يظل على رأس الأيام الخالدة للشعب المصري الذي انتفض ثائرا على من حاولوا اختطاف وطنه.

(الدفاع عن هوية مصر وثقافتها)

وفي البداية، قال الكاتب والروائي الكبير يوسف القعيد إن ثورة 30 يونيو هي حركة ثقافية امتدت للشعب المصري الذي وقف معها من أقصى البلاد إلى أقصاها، مشيرا إلى أن الثورة اندلعت شرارتها في وزارة الثقافة من اعتصام المثقفين حتى تحول إلى مسيرة بدأت من شارع شجرة الدر بالزمالك وانتهت إلى قصر الاتحادية.
وقال القعيد إن مصر كانت تواجه تهديدات حقيقية منذ أن جاءت جماعة الإخوان إلى الحكم، معتبرا أن موقف الجماعة كان شديد العدائية من الإبداع والفن والثقافة.
وذكر أن جماعة الإخوان الإرهابية كانت ضد الفن والإبداع، وضد كل شيء جميل في الحياة، وبالتالي كان من المهم الدفاع عن هوية مصر وتاريخها، لافتا إلى أن الثقافة المصرية لعبت دورا في إنهاء دور الجماعة التي وقفت ضد الفن والأدب والفكر.
وأوضح أن مثقفي مصر تجمعوا ووقفوا ضد الوزير الإخواني في هذه الآونة، ومنعوه من دخول وزارة الثقافة، وظل منعه مستمر حتى سقط حكم الجماعة الإرهابية، مشددا على أن اعتصام مثقفي مصر في الزمالك كان شراره مهمة في انطلاق الثورة.

( ٣٠ يونيو صخرة حالت دون انجراف مصر إلى مصير مظلم)

من جانبه، قال المخرج الكبير مجدي أبو عميرة إن ثورة ٣٠ يونيو هي الصخرة التي حالت دون انجراف مصر إلى مصير مظلم وأنه عقب تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم بذلت الدولة جهودا كبيرة في الحفاظ على الهوية الثقافية جنبا إلى جنب مع تنفيذ مشروعات البناء والإنجازات على جميع الأصعدة.
وأضاف أبو عميرة أن الشركة المتحدة جاءت على المستوى الفني لتأصيل فكرة الانتماء إلى الوطن التي اختفت منذ مسلسل رأفت الهجان، مشيرا في هذا السياق إلى أن الشركة أنتجت كثيرا من الأعمال التي تبرز روح الانتماء وتؤكد الهوية المصرية مثل سلسلة مسلسل الاختيار ١ و٢ و٣ وكذلك العديد من الأفلام السينمائية ومن أهمها فيلمي "الممر" و"السرب".
وأوضح أن جهود الدولة نجحت بالمسار الثقافي في تحقيق كثير من النجاحات والتي تستهدف توعية وتثقيف المواطن والتعريف والاحتفاء بالتراث الحضاري.

( مواجهة فرض القيود على الإبداع)

بدوره، أكد الكاتب الصحفي مصطفى بكري عضو مجلس النواب دور المثقفين الذي لا ينسى في ثورة الثلاثين من يونيو حيث أعلنوا مبكرِا رفضهم للممارسات الاخوانية فتصاعدت احتجاجاتهم ابتداء من يوم الثلاثاء 14مايو 2013 في مواجهة محاولة اخونة الثقافة وفرض القيود على الإبداع وإنهاء انتداب الكثير من قيادات الوزارة من الوطنيين.
وقال بكري إن الأدباء والمثقفين والعاملين بوزارة الثقافة، بدأوا في الثاني من يونيو من نفس العام، تصعيدا جديدا بهدف إقالة وزير الثقافة ورفض الأخونة وإنقاذ الهوية الثقافية للوطن.
وأضاف أن المئات من المثقفين نظموا الاحتجاجات في عديد من المناطق الثقافية حيث قرر المثقفون تنظيم مظاهرة احتجاجيه في الإسماعيلية انضمت اليها بعض الرموز التي تضامنت معهم من القاهرة في مواجهة وزير الثقافة خلال افتتاحه فعاليات الدورة السادسة عشرة لمهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية والقصيرة.
وأوضح أن جبهة "الابداع المصري" أعلنت تضامنها مع مطالب المثقفين ووضع خارطة طريق لإنقاذ هوية الثقافة المصرية، حيث دعت الجبهة إلى عقد جمعية عمومية عاجلة لكافة المبدعين والمثقفين لمواجهة اخونة الثقافة وحملت الجبهة النظام الحاكم آنذاك مسئولية سلامة المعتصمين الذين يتعرضون لهجمات اخوانية مستمرة.
وقال إنه في اليوم المحدد لاندلاع الثورة تحركت مسيرة ضخمة للمثقفين من أمام ووجهوا نداء عاجلا إلى جيش مصر والشرطة المصرية لإنقاذ الوطن، معتبرًا أن المثقفين كانوا في طليعة القوى التي واجهت الاخوان وتصدت لمخطط أخونة الثقافة والابداع قبيل انطلاق ثورة 30 يونيو والتي كانوا هم في مقدمتها جنبا إلى جنب مع بقية الفئات الأخرى من الشعب المصري.
من جانبها، قالت أستاذة النقد الأدبي الحديث بأكاديمية الفنون الدكتورة أماني فؤاد إن ثورة يونيو أنقذت مصر من مصير مظلم لو قدر لحكم جماعة الإخوان الاستمرار حيث لم يكن لدى الجماعة مشروع حقيقي على كافة المستويات سياسيا واقتصاديا وثقافيا واجتماعيا.
وأضافت أنه اتضح للشعب المصري أن جماعة الإخوان غير منظمة وأن أعضاءها لا يعرفون شيئا عن مصر ولا ثقافتها ودورها الريادي ابداعيا وفنيا وثقافيا، معتبرة أن أداء الدولة في ظل حكم الجماعة كان طفوليا.

(هبة شعب في مواجهة ميليشيات تنظيم إرهابي)

ويلتقط أطراف الحديث منها الكاتب والمفكر إيهاب القسطاوي قائلا: "أيام قليلة تفصلنا عن الحدث الأبرز في تاريخ مصر المعاصرة، ألا وهى الذكرى الحادية عشر لثورة 30 يونيو، تلك الثورة التي سَطّرت أعظم المآثر وجسّدت أروع صور الملاحم والنبل والوفاء بين أفراد الشعب المصري العظيم وجيشه الوطني الباسل".
وأضاف أنه في هذا اليوم منذ احدى عشر، كانت هبة الشعب المصري العظيم، لمواجهة ميليشيات تنظيم إرهابي دموي، بصدورهم العارية، لاسترداد الوطن المختطف من قبضته المستحكمة بعد أن روعوا المواطنين الآمنين، وحرضوا علي احراق الوطن بأكمله من أجل تنظيمهم الإرهابي.
وأوضح أن جهل الجماعة وغرورها وصلافتها صورت لها أن بإمكان أعضائها مواجهة شعب بقدر حجم شعب مصر، وذلك دون أدنى عبرة او اتعاظ من دروس التاريخ، معتبرا أن ثورة ٣٠ يونيو لم تكن سوى البداية لرحلة طويلة لتبدأ مصر معركة مقدسة للبناء والتنمية.
ولفت إلى أن الثقافة كانت أحد الأدوات الرئيسية للقوى الناعمة في إعادة تشكيل الوعي وبناء شخصية الإنسان ومواجهة التطرف الفكري، مشيرا إلى أن التحول في المشهد الثقافي المصري الذي أحدثته ثورة 30 يونيو يمثل أحد سمات التغيير اللافتة على الصعيد المحلي والإقليمي، بـل والـدولي، وكان واضحـا انعكاسـه بـرؤاه وسـماته التحديثيـة على المجتمع المصري.
وذكر أن توجه ثورة 30 يونيو كان واضحا منذ البداية بدءا من صياغة ديباجة دستور الجمهورية بأنامل الشاعر العظيم سيد حجاب معبرًا عن أصالة وعراقة مصر، راسخة الجذور، مؤكدا الحق لكل مواطن في الثقافة، ضَامِنًا وكافلا لحرية الإبداع.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: 30 يونيو يوسف القعيد مجدي ابو عميرة مصطفى بكري جماعة الإخوان الشعب المصری ثورة 30 یونیو وأوضح أن إلى أن

إقرأ أيضاً:

بيان الأفضلية بين أداء الصلاة في أول وقتها منفردًا وأدائها في آخر وقتها جماعة

أجابت دار الافتاء المصرية عن سؤال ورد إليها عبر موقعها الرسمي مضمونة:"أيهما أفضل الصلاة في أول وقتها منفردا أم في آخر وقتها جماعة؟ فهناك مجموعة من الرجال يعملون في مزرعة بعيدة عن العُمران، ويسأل أحدهم: حين يدخل وقت الصلاة وأريد أن أصلي في أول الوقت في جماعة، يطلب مني زملائي في العمل الانتظار لمدة من الزمن حتى يفرَغوا مما في أيديهم ونصلي معًا في جماعة، فأيُّ الأمرين أفضل لي ثوابًا وأقرب امتثالًا لأمر الله عَزَّ وَجَلَّ بإقامة الصلاة والمحافظة عليها: الصلاةُ منفردًا في أول الوقت، أم انتظار الجماعة وإن تأخَّرَت عن أول الوقت؟".

لترد دار الافتاء؛ موضحة: ان مراعاة صلاة الجماعة والحرص عليها في أول الوقت أعظمُ في تحصيل الثواب والأجر من صلاتها جماعة في آخر الوقت أو منفردًا في أوله، فإن تعذرت الجماعة في أول الوقت فالمستحب للمنفرد والأكثر ثوابًا له أن يبادر بالصلاة في أوَّلِ الوقتِ إبراءً لذمته، فإن تيسر له حضور الجماعة بعد ذلك استُحب له ألَّا يفوِّتها، اغتنامًا لفضلها، وتحصيلًا لعظيم ثوابها، فإن شق عليه الجمع بين الأمرين فله أن يختار أيَّهما شاء وما يناسب حاله، ولا إثم عليه في ذلك ولا حرج.

بيان سماحة الشريعة الإسلامية في جعل وقت الصلاة موسَّعا
الصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام الخمس بعد الشهادتين، وهي أول ما يُحاسب به العبد يوم القيامة، فإن صلُحت صَلح سائر الأعمال، وإن فسدت فَسد سائر الأعمال، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ: صَلَاتُهُ، فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ، وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ» أخرجه الأئمة: الترمذي -واللفظ له- والنسائي والبيهقي.

ومن نِعَمِ الله علينا وتخفيفه بعباده أن جعل للصلاةِ وقتًا تؤدى فيه وجَعل له بدءًا ونهايةً وما بينهما وقت لأداء الصلاة، ولم يقصره على وقتٍ واحدٍ، كما في "شرح مختصر الإمام الطَّحَاوِي" للإمام أبي بكر الجَصَّاص (1/ 519، ط. دار البشائر).

وما ذلك إلا ليرفع اللهُ عَزَّ وَجَلَّ الحرجَ عن العباد ويَسْهُل عليهم أداؤها في أوقاتها، فمَن حافَظ عليها امتثالًا لأمر الله عَزَّ وَجَلَّ في قوله: ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ﴾ [البقرة: 238]، ولم يَسْه عنها، حَفِظَتْهُ في دِينه ونفسه، وصرفَته عن الذنوب والمعاصي، كما قال جَلَّ شَأْنُهُ: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾ [العنكبوت: 45]. ينظر: "تأويلات أهل السُّنة" للإمام أبي منصور المَاتُرِيدِي (2/ 209، ط. دار الكتب العلمية).

بيان فضل أداء الصلاة في أول وقتها
قد رغَّب الشرع الحنيف في الإسراع والمبادرة لأداء العبادات والطاعات عامَّةً، ومنها: الصلاة على أول وقتها، فقال عَزَّ وَجَلَّ: ﴿فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ﴾ [البقرة: 148]، وقال تعالى: ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [آل عمران: 133].

قال الإمام فخر الدين الرَّازِي في "مفاتيح الغيب" (4/ 115، ط. دار إحياء التراث العربي) عند تفسير هذه الآيات: [والمعنى: وسارعوا إلى ما يوجب المغفرة، ولا شك أن الصلاة كذلك، فكانت المسارعة بها مأمورة] اهـ.

ومِن الـ"معلوم أن مَن بادَر إلى طاعة ربه أفضلُ ممن تأخَّر عنها وتأنَّى عنها"، كما قال الإمام ابن رُشْدٍ الجد في "المقدمات" (1/ 150، ط. دار الغرب الإسلامي).

ولما كانت الصلاة من أهم العبادات وأجلها منزلةً، فإن الإسراع إليها يتحقق بأدائها على أكمل الأوصاف، ومن ذلك: أن تؤدَّى في أول وقتها مع الجماعة.

وأفضلية أول الوقت ظاهرة من حَثِّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم على أداء الصلاة فيه، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ؟ قَالَ: «الصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا» متفق عليه.

وفي رواية عنه رضي الله عنه: «الصَّلَاةُ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا» أخرجها الأئمة: ابن خزيمة وابن حبان والحاكم، وقال: صحيحٌ على شرط الشيخين. وقد روي هذا اللفظ أيضًا من حديث أم فَرْوَة رضي الله عنها. أخرجه الإمامان: أبو داود والطبراني. كما روي عنها بلفظ: «الصَّلَاةُ لِأَوَّلِ وَقْتِهَا» أخرجه الأئمة: أحمد والترمذي والحاكم.

وهذه الألفاظ كلُّها متقاربةُ المعنى متحدةُ المفهوم من أن الصلاة على أول وقتها يُعد من أحب الأعمال إلى الله عَزَّ وَجَلَّ وأَجَلِّهَا، وأكثرها ثوابًا وقُربةً، كما في "فتح الباري" للإمام الحافظ زين الدين بن رجب (4/ 207-209، ط. دار الحرمين)، و"مرقاة المفاتيح" للمُلَّا عليٍّ القَارِي (2/ 310، ط. دار الفكر)، و"ذلك لأن صيغةَ "أَحَبُّ" تقتضي المشارَكة في الاستحباب، فيحترز به عن آخِر الوقت"، كما قال الإمام سراج الدين ابن المُلَقِّن في "التوضيح لشرح الجامع الصحيح" (6/ 130، ط. دار النوادر).

كما أن الصلاة في أول الوقت رضوان الله، وفي وسطه رحمة الله، وفي آخره عفو الله، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْوَقْتُ الْأَوَّلُ مِنَ الصَّلَاةِ رِضْوَانُ اللهِ، وَالْوَقْتُ الْآخِرُ عَفْوُ اللهِ» أخرجه الإمامان: الترمذي والدار قطني.

قال الإمام شرف الدين الطِّيبِي في "شرحه على مشكاة المصابيح" (3/ 890، ط. مكتبة نزار الباز): [قوله: «مِنَ الصَّلَاةِ» بيان للوقت، و«رِضْوَانُ اللهِ» خبر، إمَّا بحذف المضاف أي: الوقت الأوَّلُ سببٌ لرضوان الله، أو على المبالغةِ، وأن الوقت الأول عَينُ رضى الله كقولك: رجلٌ صَوْم، ورجلٌ عَدْل "حس": قال الشافعي: «رِضْوَانُ اللهِ» إنما يكون للمحسنين، والعفو يشبه أن يكون عن المقصرين] اهـ. والمقصود بـ"حس": كتاب "شرح السنة" للإمام أبي الحسين البَغَوِي.

ويروى عن سيدنا أمير المؤمنين أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه لَمَّا سمع هذا الحديث قال: "رِضْوَانُ اللهِ أَحَبُّ إلَيْنَا مِنْ عَفْوِهِ"، كما ذَكر الإمام الحافظ ابن حَجَرٍ العَسْقَلَانِي في "التلخيص الحبير" (1/ 460، ط. دار الكتب العلمية)، ذلك أن الرضوانَ أكبرُ الثواب؛ لقول الله تعالى: ﴿وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ [التوبة: 72].

بيان فضل صلاة الجماعة
أمَّا أفضلية صلاة الجماعة فبيانها في قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلَاةَ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» متفق عليه من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وفي روايةٍ: «بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» أخرجها الإمام البخاري من حديث أبي سعيد الخُدْرِي رضي الله عنه.

قال الإمام أبو الحسن بن بَطَّال في "شرح صحيح الإمام البخاري" (2/ 272، ط. مكتبة الرشد): [قوله: بسبعٍ وعشرين درجة، وخمسٍ وعشرين ضعفًا، وخمس وعشرين جزءًا، يدلُّ على تضعيف ثواب المصلِّي في جماعة على ثواب المصلِّي وحده بهذه الأجزاء وهذه الأوصاف المذكورة] اهـ.

والمراد بالجماعة التي ينال بها هذا الفضل والأجر العظيم: كلُّ صلاةٍ اجتمع فيها مع الإمام واحدٌ أو أكثر في غير الجمعة والعيدين، سواء كان ذلك بالمسجد أو غيره كالبيت ومقر العمل ونحوهما، كما في "الاستذكار" للإمام ابن عبد البَرِّ (2/ 335، ط. دار الكتب العلمية)، مع استصحاب أن الصلاة في المساجد أعظم أجرًا من غيرها من المواضع لما فيها من أجر الخطوات إليها والمكث والانتظار فيها، كما ورد في السُّنة.

الأفضلية بين أداء الصلاة في أول وقتها منفردا أو أدائها في آخر وقتها جماعة
إن تعارضت الفضيلتان: المحافظة على أداء الصلاة في أول وقتها، والحرص على أداء الجماعة، فقد اختلف الفقهاء في أفضيلة أيٍّ منهما وأيهما أكثر مثوبةً وأجرًا، وذلك على عدة أقوال ترجع في مجموعها إلى اختلافهم في حكم صلاة الجماعة.

فمَن ذهبوا إلى أنَّ صلاة الجماعة واجبة وجوبًا عينيًّا -وهو مذهب الحنابلة، والحنفية على الراجح في المذهب، ووجه عند الشافعية، نَصُّوا على أنه يجب على المنفرد أن يؤخر صلاته إلى وقت الجماعة، ولا تصح صلاته منفردًا إلا بعذر، حيث إنه إذا تعارض واجب ومستحب قُدِّمَ الواجب على المستحب؛ لأنه أقوى وآكد منه في العمل، فلزم تقديم الواجب وهو صلاة الجماعة على المستحب وهو فضيلة أول الوقت.

قال الإمام أبو الحسين القُدُورِي الحنفي في "التجريد" (1/ 380، ط. دار السلام): [اختلف الناس في أن الصلاة في أوَّلِ الوقت أفضل أو في آخره، والتفضيل يقع بين المتساويين: إما واجبين أو ندبين، فأمَّا أن يفضل بين مندوبٍ وواجبٍ فلا] اهـ.

وقال الإمام أبو السعادات البُهُوتِي الحنبلي في "كشاف القناع" (1/ 555، ط. دار الكتب العلمية): [وتُقدَّمُ الجماعةُ مطلقًا على أوَّلِ الوقتِ؛ لأنها واجبةٌ، وأوَّلُ الوقتِ سُنَّةٌ، ولا تَعارُضَ بين واجبٍ ومسنونٍ] اهـ. أي أنه إذا تعارض الواجب والمسنون لزم تقديم الواجب.

ومَن ذهبوا إلى أنَّ صلاة الجماعة سُنة مؤكَّدة، وهو قول عند الحنفية، والمالكية في المعتمد، والشافعية في وجهٍ ثانٍ، أو فرضٌ على الكفاية وهو الأصح عند الشافعية، ووافقهم الإمامان الكَرْخِي والطَّحَاوِي من الحنفية، ونقله الإمام المَازِرِي عن بعض فقهاء المالكية، اختلفوا فيما بينهم في الأفضلية والمفاضلة بين الصلاة على أول الوقت للمنفردِ، أم التأخير والانتظار لأدائها جماعة، أم الجمع بينهما، وذلك على أربعة أقوال:

القول الأول: أن أداء الصلاة على أول وقتها للمنفرد أفضلُ من الانتظار لأدائها في آخر الوقت جماعة مطلقًا، وإليه ذهب المالكية، والشافعية في وجه، وذلك لما ورد في أفضلية الصلاة في أول الوقت، وأن أول الوقت رضوان الله، وآخره عفو الله.

قال الإمام الخَرَشِي المالكي في "شرح مختصر خليل" (1/ 215، ط. دار الفكر): [(ص) والأَفضلُ لفذٍّ تَقديمُها مطلقًا (ش) يعني أن تقديم الصلوات صبحًا أو ظهرًا أو غيرهما في صيفٍ أو شتاءٍ في أوَّلِ الأوقات بعد تحقُّقِ دخوله وتمكُّنه أفضلُ في حقِّ المنفرد... والأفضلُ لفذٍّ تقديمها على تأخيرها منفردًا، وعلى تأخيرها جماعةً يرجُوها آخرهُ] اهـ.

وقال الإمام النَّوَوِي الشافعي في "روضة الطالبين" (1/ 95، ط. المكتب الإسلامي): [أمَّا تَعجيلُ المتوضِّئ وغيرهِ الصلاةَ في أوَّلِ الوقتِ مُنفردًا، وتأخيرُها لانتظارِ الجماعةِ، ففيهِ ثلاثةُ طُرقٍ: قيلَ: التَّقدِيمُ أفضلُ] اهـ.

القول الثاني: أن انتظار صلاة الجماعة أفضلُ من الإتيان بها في أول الوقت منفردًا، وهو قول عند الحنفية، ووجه ثانٍ عند الشافعية، وذلك لتحصيل شعيرة صلاة الجماعة والتي تزيد على فضيلة الصلاة على أوَّلِ الوقتِ.

قال الإمام أبو العِز الحنفي في "التنبيه على مشكلات الهداية" (1/ 461-462، ط. مكتبة الرشد): [وأمَّا إذا أخرها بسبب يقتضي التأخير مثل المتيمم يؤخرها ليصلي آخر الوقت بوضوء، والمنفرد حتى يصلي آخر الوقت في جماعة، والعاجز عن القيام حتى يصلي آخر الوقت قائمًا، ونحو ذلك مما فيه فضيلة تزيد على فضيلة الصلاة في أوَّلِ الوقتِ، فالتأخير لذلك أفضل] اهـ.

مقالات مشابهة

  • بيان الأفضلية بين أداء الصلاة في أول وقتها منفردًا وأدائها في آخر وقتها جماعة
  • النائب العام: يوم التأسيس جذور راسخة ومسيرة مباركة
  • اكتشاف النفط.. قصة إرادة التنمية السعودية
  • يوم التأسيس السعودي.. جذور التاريخ ومسيرة المجد
  • المفسدون فى الأرض.. كيف خلصت 30 يونيو الجامعات من اختراق الإخوان؟
  • وزير السياحة: إفتتاح المتحف المصري الكبير 3 يونيو
  • كتاب اسباب سقوط حكم الاسلاميين في السودان يونيو 1989 ابريل 2019
  • ثورة الجياع .. الدعوة لمليونية وتصعيد غير مسبوق في عدن
  • محكمة الاستئناف في باريس ترجئ البت في قرار الإفراج عن جورج عبد الله إلى يونيو
  • موريتانيا تجدد موقفها المحايد من نزاع الصحراء المفتعل