التعليم خلال الحرب: التحديات، التأثيرات، والتوصيات
تاريخ النشر: 22nd, June 2024 GMT
د. أحمد جمعة صديق
• المقدمة
لقد ظللنا نردد أن مصير الأمم يبدأ من داخل الفصل الدراسي The destiny of any nations begins in the classroom. والتعليم حق أساسي للإنسان وهو أساسي لتنمية الفرد وتقدم المجتمع. ومع ذلك، في المناطق المتأثرة بالنزاعات مثل السودان، يواجه هذا الحق تحديات كبيرة،ستؤثر على أجيال من الشباب والطلاب.
• التحديات التي تواجه التعليم أثناء الحرب
1. ضرب البنية التحتية وقضايا الوصول: أحد التحديات الرئيسية في عدم توفير التعليم خلال الحرب في السودان هو الضرر البالغ الذي أصاب البنية التحتية. إذ تعرضت المدارس للهجوم والدمار وما سلم منها تم استخدامه لأغراض مدنية لايواء اللاجئين أو تحول الى ثكنات عسكرية، مما أدي إلى تدمير المباني والصفوف الدراسية والموارد التعليمية. وهذا يخلق حاجزاً فعلياً أمام الوصول إلى التعليم للطلاب في مناطق النزاع.
٢.هجرة .المعلمين المؤهلين: أسفر النزاع في السودان عن نقص كبير في عدد المعلمين المؤهلين. إذ فر كثير من المعلمين تجنباً للعنف، بينما تعذر على البعض الآخر مواصلة التدريس بسبب المخاوف من انعدام الأمن أو نقص الحافز المادي والمعنوي. وهذا يفاقم من وجود فرص للتعليم؛ ان كان هناك اصلاً أي نشاط تعليمي يمارس في هذه البيئات، حيث تكبدت المدارس نقص حاد في الكفاءات التعليمية.
3. التهجير والهجرة الداخلية: أدى النزاع المستمر إلى نزوح واسع النطاق داخل السودان، حيث أجبر الملايين من الأشخاص على مغادرة منازلهم. ويعاني السكان المهجرون من صعوبة الوصول إلى التعليم بسبب توقف المدارس القريبة عن نشاطها التربوي والتعليم بسبب العوائق اللغة، والضغوط المالية. يزيد هذا التشويش عن التقليدات المجتمعية، وبخاصة على الأطفال والشباب.
٤.نقص التمويل والموارد: لا تزال المساعدات الإنسانية والتمويل للتعليم في السودان منعدمة، على الرغم من الجهود الدولية. وتحِدُ الفجوة التمويلية من توفر المعلم والكتاب المدرسي والمواد التعليمية والمرافق الأساسية مثل الصفوف والبنية التحتية الصحية. ونتيجة لذلك، لم يتلق الطلاب تعليماً أو حرموا تماماً من فرص التعلم.
• التأثيرات الناتجة عن الحرب على التعليم
١.اضطراب التعليم وفقدان التعلم: أدى النزاع في السودان إلى اضطراب كبير في نظام التعليم، حيث أُغلقت المدارس أو عملت بشكل غير منتظم أو تعطلت بالكامل. وانقطع الطلاب عن تلقي المعلومات والمهارات، وفقان المناهج غير المكتملة، مما سيؤدي إلى نقص في الإنجاز التعليمي وتقليص التحصيل الدراسي مستقبلاً
٢.التأثير النفسي والعاطفي: سيعاني الأطفال والشباب في مناطق النزاع بالسودان من ضغوط نفسية كبيرة نتيجة للتعرض للعنف والتهجير وعدم الأمان. وسيؤثر الخوف والصدمة المرتبطة بالحرب على قدرتهم على التركيز والتعلم بفعالية، والانخراط بشكل إيجابي في البيئات التعليمية. وسيظهر لدى كثير من الطلاب أعراض القلق والاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة (PTSD).
٣.الاضطراب الاجتماعي والثقافي: يلعب التعليم دوراً حيوياً في التكامل الاجتماعي والحفاظ على التراث الثقافي. ومع ذلك، سيعمل الاضطراب الناجم عن الحرب في السودان على تقويض هذه الجوانب. إذ سيفوت على الطلاب فرص التفاعل الاجتماعي، والعلاقات النظيرية، والتعرض للتراث والقيم الثقافية. وسيسهم هذا الفقدان في استمرار التشظي وأزمات الهوية بين الشباب.
٤.العواقب الاقتصادية: الأثر الاقتصادي طويل الأمد للتعليم المضطرب في السودان كبير. وبدون وصول إلى التعليم ذو الجودة، سيتعذر على الطلاب اكتساب المهارات الأساسية والكفاءات اللازمة للتوظيف والإنتاجية الاقتصادية. وهذا سيعزز دورات الفقر ويحد من الفرص للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في المناطق المتضررة من النزاع، كما سيعطل دورة التداول في احلال الاجيال الشابة مكان من دخل او قارب سن المعاش او سد الفراغ الوظيفي الناجم عن التقاعد او الوفاة؛ مما سيتسبب في فحوة عظيمة في توارث الخبرات في مجالات العمل المختلفة في جميع نواخي الاقتصاد.
• جهود لوصول الخدمات الى ضحايا الصراع
. 1 المساعدات الإنسانية والتمويل: تلعب الأمم المتحدة ووكالاتها، جنباً إلى جنب مع المانحين الدوليين، دوراً حيوياً في توفير المساعدات الإنسانية والتمويل للتعليم في السودان. إن الدعم المالي المستمر ضروري لإعادة بناء وإعادة تأهيل البنية التحتية التعليمية، وتوفير التدريب المعلمي، وتوفير المواد التعليمية اللازمة. ولكن صعب الوصول الى هذه الخدمات بسبب تعنت الاطراف المتصارعة مما يفاقم الوضع الانساتي في السودان.
٢. حماية المدارس والبيئات التعليمية الآمنة: تؤكد الأمم المتحدة على ضرورة حماية المدارس كمناطق آمنة للتعليم، خالية من الاستخدام العسكري والهجمات. وتعزيز الأطر القانونية وتعزيز القانون الإنساني الدولي خطوات أساسية لحماية المنشآت التعليمية وضمان التعلم غير المنقطع للأطفال والشباب في مناطق النزاع.
٣. تدريب المعلمين وبناء القدرات: ستتضمن الجهود لمعالجة نقص المعلمين المؤهلين برامج تدريب، وتحفيزات لجذب المعلمين إلى المناطق المتضررة من النزاع، ودعم للتطوير المهني المستمر. إن الاستثمار في المعلمين أمر حيوي لتحسين جودة التعليم وتعزيز بيئة التعلم المواتية.
٤. الدعم النفسي الاجتماعي وخدمات الصحة النفسية: تؤكد الأمم المتحدة على أهمية تقديم الدعم النفسي الاجتماعي وخدمات الصحة النفسية للطلاب المتأثرين بالنزاع في السودان. يتضمن ذلك الإرشاد النفسي، والرعاية الموجهة للمصابين بالصدمة، والمبادرات لتعزيز المرونة والرفاهية بين الأطفال والشباب المعرضين للعنف والتهجير.
٥. تعزيز التعليم شامل الجميع والمتساوي: تأمل الأمم المتحدة في السودان في ضمان وصول التعليم شاملاً ومتساوياً، مع التركيز على الوصول إلى الفئات المهمشة، بما في ذلك الفتيات، والأطفال ذوي الإعاقة، والأشخاص النازحين داخلياً، لضمان لهم فرص متساوية للتعلم والنجاح الأكاديمي.
يسلط تقييم الأمم المتحدة للتعليم في السودان خلال فترات الحرب الضوء على التحديات الكبيرة، والتأثيرات العميقة على الطلاب والمجتمعات، والتوصيات الحيوية للتحسين. ويتطلب معالجة هذه التحديات التزاماً مستداماً وتعاوناً بين الأطراف المعنية، والأولوية للتعليم كحق أساسي للإنسان ومحرك رئيسي للتنمية. من خلال الاستثمار في التعليم، وحماية المدارس، وتقديم الدعم النفسي، وتعزيز بيئات التعلم الشاملة، يمكننا التخفيف من التأثيرات الكارثية للنزاع على التعليم وفتح الطريق نحو مستقبل أفضل للأطفال والشباب السودانيين.
لابد ان ندرك حجم الكارثة التي حلت بالبلاد والعباد. فقد فقدت آلاف الارواح وهجرت الملايين من دورهم وديارهم وتفرقت السبل بملايين أخرى في حرب عبثية لا يمتلك أي من الفريقين المتصارعين أدوات النصر الحاسم فيها، وإن كان المنتصر نفسه خاسر أيضاً لأن الوطن هو الخاسر الأكبر.
وعدو آخر يسعى لاستمرار الحرب إنتقاماً من شعب عبر بالملايين عن إرادته في الإنتعاق من قبضة ثلاثين عجاف وتطلعاً للحرية والعدالة والسلام. لك الله يا وطن
aahmedgumaa@yahoo.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الأمم المتحدة على الطلاب الوصول إلى فی السودان
إقرأ أيضاً:
وزير التعليم يبحث تعزيز جودة تعليم اللغة الفرنسية فى مصر
استقبل محمد عبد اللطيف وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، اليوم، السيد ثاني محمد سويليهي، وزير الدولة الفرنسي المكلف بالفرانكفونية والشراكات الدولية، والسفير إريك شوفالييه سفير فرنسا بالقاهرة، والوفد المرافق لهما؛ لبحث سبل تعزيز مشروعات التعاون المشتركة في مجال التعليم قبل الجامعي، لا سيما تعزيز جودة تعليم اللغة الفرنسية في مصر.
وفى مستهل اللقاء، رحب الوزير بالحضور، مؤكدًا عمق العلاقات الاستراتيجية والتاريخية بين مصر وفرنسا في مختلف المجالات خاصة في مجال التعليم قبل الجامعي، واهتمام الوزارة بالتعليم الفرنسي بشكل عام وتدريس اللغة الفرنسية بشكل خاص، مشيدًا بخريجي المدارس الفرنسية ونجاحهم في سوق العمل، فضلًا عن تطلع الوزارة للتوسع في أعداد المدارس التي تدرس الشهادة الفرنسية الدولية (BAC) وعددها حاليًا 15 مدرسة، والمدارس الخاصة المصرية والتي تدرس اللغة الفرنسية كلغة أولى وعددها 53 مدرسة، حيث تستهدف الوزارة زيادة أعداد هذه المدارس بالتعاون مع الجانب الفرنسي من خلال تقديم الدعم الفني.
كما أكد الوزير على أهمية تحسين جودة تعليم اللغة الفرنسية في المدارس التي تدرسها كلغة أولى، وكذلك الاستعانة بخبرات الجانب الفرنسي في تطوير مناهج اللغة الفرنسية بما يسهم في تحسين طرق التدريس وضمان تقديم تعليم يتماشى مع المعايير العالمية، مضيفًا أن الدعم من خلال الإشراف على تدريس اللغة الفرنسية سيكون له أثر كبير في تحقيق الأهداف التعليمية المنشودة.
وأشار الوزير محمد عبد اللطيف إلى أن وزارة التربية والتعليم لا تدخر جهدًا من أجل تمكين جميع المهتمين باللغة الفرنسية من تحسين مستوياتهم، والتوسع في تدريب معلمي اللغة الفرنسية ورفع كفاءتهم المهنية، مضيفًا أن تعزيز الفرانكفونية يعتبر خطوة مهمة نحو تطوير مهارات الطلاب وتوسيع آفاقهم التعليمية.
ومن جانبه، أعرب وزير الدولة الفرنسي المكلف بالفرانكفونية والشراكات الدولية عن سعادته بهذا اللقاء الذي يهدف إلى تعزيز فرص استفادة الطلاب في مصر من الفرانكفونية التي تقدم فرصًا قيمة لهم من خلال برامج تهدف إلى تعزيز المهارات المهنية وزيادة فرصهم في سوق العمل، وتوفير فرص تنموية وتعليمية هامة من خلال البرامج المختلفة.
ومن جهته، ثمن سفير فرنسا بالقاهرة الشراكة الوطيدة بين مصر وفرنسا في مجال التعليم قبل الجامعي، مؤكدًا التزام بلاده بدعم الجهود المشتركة للنهوض بالعملية التعليمية في مصر وتعزيز جودة اللغة الفرنسية في مصر.
وحضر اللقاء من الجانب الفرنسي السيد ديفيد سادوليت، مستشار التعاون والشؤون الثقافية، والسيدة كليمانس فيدال دي لا بلاش، مدير الوكالة الفرنسية للتنمية (AFD)، والسيد أنتوني تشاوموزيو، والسيد أوغو روستينج من الوفد الفرنسي.
وحضر من جانب وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني الدكتور أكرم حسن، مساعد الوزير لشئون تطوير المناهج، والسيدة شيرين حمدي، مستشارة الوزير للعلاقات الدولية والاتفاقيات والمشرف على الإدارة المركزية لشئون مكتب الوزير، والدكتورة رشا الجيوشي منسق الوزارة للشئون الأكاديمية للمدارس الدولية، وإيمان ياسين من إدارة العلاقات الدولية.