سودانايل:
2024-07-08@08:22:38 GMT

الجرح القديم

تاريخ النشر: 22nd, June 2024 GMT

الهوية القومية في بلد كبدلنا الحبيبة السودان متعددة الثقافات وتعد موضوعًا معقدًا ومثيرًا للجدل، حيث تتشابك فيه عناصر متعددة من ثقافات مختلفة ضمن إطار قومي واحد. يجب أن نفهم أن هذه المظاهر تبرز للعيان نتيجة التوترات العرقية والدينية حيث يمكن أن تنشأ توترات بين تلك الجماعات الثقافية المختلفة بسبب الاختلافات في القيم والمعتقدات.

وأيضاً بفعل السياسات الحكومية، التي يجب على الحكومات تحقيق توازن بين الحفاظ على الهوية القومية وتعزيز التعددية الثقافية.
ظل السودان يعاني من فرض قالب واحد لهوية واحدة مؤدلج من قبل الجبهة الاسلامية أو الأخوان المسلمون (الكيزان) وخلقت هذه العصبة مثالاً بارزاً من التحديات التي نشأت عندما حاولت هذه الجماعة عبر تنظيمها المؤتمر الوطني فرض هوية قومية موحدة على مجتمع متعدد الثقافات والأعراق. فقد لعبت الجبهة الإسلامية القومية (الإخوان المسلمون) دورًا كبيرًا في تشكيل الهوية القومية على مدار عقود، مما أدى إلى توترات وصراعات داخلية في البلاد طيلة فترة حكمهم الجائرة. وما انفصال الجنوب إلا كان نتيجة مباشرة لفشل السياسات الحكومية في الاعتراف بالتنوع الثقافي والديني وإيجاد صيغة للتعايش السلمي بين مختلف المكونات.
بينما تؤكد تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية في إحدى الأوراق التي أجازها المؤتمر في مايو 2024 بأديس - أببا على وحدة السودان شعبًا وارضًا، وتأسيس دولة مدنية ديمقراطية تقف على مسافة واحدة من الأديان والهويات والثقافات وتعترف بالتنوع. هذا الأمر الذي يعد خطوة حاسمة لتحقيق السلام والاستقرار والتنمية المستدامة. هذا النهج يعزز حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية ويساهم في بناء مجتمع متماسك ومتناغم. وفي سبيل تحقيق هذا الهدف يجب أن تكون الدولة محايدة دينيًا، بحيث لا تفضل دينًا على آخر ولا تفرض معتقدات دينية على المواطنين. هذا يضمن حرية العبادة والمعتقد لجميع الأفراد. ويجب أن يعامل القانون جميع المواطنين على قدم المساواة، بغض النظر عن العرق أو الدين أو الجنس أو أي انتماء آخر. يجب أن تكون هناك ضمانات قانونية لحماية حقوق الأقليات. ويجب أن تعترف الدولة بالتنوع الثقافي واللغوي والديني وتعزز ثقافة الاحترام المتبادل بين أقلياتها. يمكن تحقيق ذلك من خلال سياسات تعليمية وثقافية شاملة تعكس تنوع المجتمع.
ومن الأمثلة الناجحة للدول التي بها قوميات وثقافات وأعراق متعددة جنوب إفريقيا، فبعد نهاية نظام الفصل العنصري، تبنت جنوب إفريقيا دستورًا يعترف بالتنوع ويعزز المساواة وحقوق الإنسان. والهند نجدها على الرغم من التحديات الكبيرة، تعتبر الهند مثالاً لدولة ديمقراطية مدنية تعترف بالتنوع العرقي والديني. إذاً إن تأسيس دولة مدنية ديمقراطية تتبنى التنوع وتضمن حقوق جميع المواطنين يتطلب التزامًا قويًا بالإصلاحات الدستورية والقانونية، وتعزيز سيادة القانون، والتوعية المجتمعية، ومشاركة المواطنين. هذه العملية ليست سهلة، لكنها ضرورية لبناء مجتمع عادل ومستقر ينعم بالسلام والتقدم.
ويعتبر الصراع الدائر الآن بين الحكومة المركزية التي يمثلها الجيش السوداني وبين قوات الدعم السريع التي أيضاً له جانب كبير مرتبط بالهوية. ويتحدث قادة الدعم السريع بصورة مطلقة في الفضائيات عن دولة "ستة وخمسين" وكثير من الأفكار التي تعبر عن أزمة أو معضلة في التوصل إلى حلول جذرية واتفاق سياسي حول الهوية. في الوقت التي صعدت فيه دول على سطح القمر ما زال في بلادنا تجلجل الأصوات ويشتد الشطط والتعصب والجدل حول الهوية القومية.. وهل يتناسب لبس الزي الشعبي في التلفزيون القومي أم لا! هل نحن عرب أم أفارقة!. هل يمكن شرب المريسة! .. أم هل البُطان مفخرة للرجل أم تخلف حضاري! وكثير من الأمثلة التي لا عد ولا حصر لها.
قال الشاعر الراحل محمد عبد الحي

سأعودُ اليوم، يا سنّارُ، حيث الرمزُ خيطٌ،
من بريقٍ أسود، بين الذرى والسّفح،
والغابةِ والصحراء، والثمر النّاضج والجذر القديمْ.

د. سامر عوض حسين
21 يونيو 2024

samir.alawad@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: یجب أن

إقرأ أيضاً:

الدولة وتطوير مصادر الطاقة المتجددة في مناقشات ثقافة سوهاج

عقدت ثقافة سوهاج، ملتقى حواري بعنوان "دور الدولة في تطوير مصادر الطاقة المتجددة"، بمركز المؤتمرات بجامعة سوهاج، ضمن فعاليات العامة لقصور الثقافة، برئاسة عمرو البسيوني، وبرامج وزارة الثقافة.

دور الدولة في تطوير مصادر الطاقة المتجددة

 

أقيم الملتقى بالتعاون مع أسرة طلاب من أجل مصر بجامعة سوهاج، وشارك به د. علاء غالب الأستاذ بكلية الطب بجامعة سوهاج، د. عبد العليم دسوقي عضو مركز التنمية المستدامة بالجامعة.

 

استهلت الفعاليات بكلمة أحمد صابر مدير قصر ثقافة سوهاج، الذي أدار اللقاء، مرحبا بالحضور، ومؤكدًا دور الثقافة في نشر الوعي وترسيخ الهوية الوطنية للشباب، من خلال مثل هذه اللقاءات التثقيفية التي تناقش أهمية الطاقة المتجددة كأحد أهم محاور استراتيجية الحكومة المصرية لتحقيق حلم التحضر للأخضر.

 

وأوضح د. علاء غالب أن الدولة اتخذت عدة إجراءات خلال الآونة الأخيرة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، من أهمها التحول إلى الاقتصاد الأخضر، من خلال اتباع الأساليب التكنولوجية الحديثة، والعمل على مواجهة الآثار السلبية التي طرأت على كوكب الأرض نتيجة التغيرات المناخية.

 

من ناحيته تناول د. عبد العليم دسوقي تفصيليا، الاستراتيجية الوطنية للدولة لتعزيز الاقتصاد الأخضر، والتي كان من أهمها استخدام مصادر الطاقة المتجددة لخفض كمية الانبعاثات، وكذلك المبادرات القومية ومنها "اتحضر للأخضر"، بجانب التوسّع في مشروعات الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء كمحطة بِنبان بأسوان التي تعد أكبر محطة بالعالم، وأخيرًا محطة رياح رأس غارب بمحافظة البحر الأحمر لدعم شبكة الكهرباء المصرية بالطاقة الكهربية النظيفة.

المشروعات القومية 

 

واختتمت فعاليات الملتقى المنفذ ضمن أنشطة فرع ثقافة سوهاج، التابع لإقليم وسط الصعيد الثقافي، برئاسة ضياء مكاوي، بزيارة تفقدية لعدد من المشروعات القومية بالمحافظة منها: مشروع إنشاء طاقة الرياح لإنتاج الكهرباء غرب سوهاج، ومحور الدكتور جمال حمدان "المراغة ـ ساقلته" والمار أعلى نهر النيل، وذلك بحضور د. أحمد عبد الحكيم وكيل كلية الحاسبات والمعلومات، د. ممدوح السيد وكيل كلية التربية الرياضية، ولفيف من أعضاء هيئة التدريس.
 

مقالات مشابهة

  • أول تعليق من إردوغان على إيقاف نجم تركيا بعد حركة “الذئاب الرمادية”
  • أبرز التحديات التي واجهت دار الوثائق القومية المصرية في حكم الإخوان
  • دراسة :النظام الطبي للنمل يمكنه منافسة نظيره البشري
  • محافظ الأقصر يعقد اجتماعا برؤساء المدن لمناقشة ملفات المشروعات القومية
  • أول تعليق من إردوغان على إيقاف نجم تركيا بعد حركة الذئاب الرمادية
  • رئيس هيئة الدواء يعقد اجتماعاً مع رئيس القومية لسلامة الغذاء
  • "القومية سلامة الغذاء" و"الدواء المصرية" تبحثان سبل التعاون بين الهيئتين
  • الدولة وتطوير مصادر الطاقة المتجددة في مناقشات ثقافة سوهاج
  • في ذكرى اختراع أول مصل لعلاجه.. 6 معلومات عن داء الكلب القاتل
  • محافظ قنا: تنمية المنطقة الصناعية واستكمال المشروعات القومية أولى أهدافنا