الهوية القومية في بلد كبدلنا الحبيبة السودان متعددة الثقافات وتعد موضوعًا معقدًا ومثيرًا للجدل، حيث تتشابك فيه عناصر متعددة من ثقافات مختلفة ضمن إطار قومي واحد. يجب أن نفهم أن هذه المظاهر تبرز للعيان نتيجة التوترات العرقية والدينية حيث يمكن أن تنشأ توترات بين تلك الجماعات الثقافية المختلفة بسبب الاختلافات في القيم والمعتقدات.
ظل السودان يعاني من فرض قالب واحد لهوية واحدة مؤدلج من قبل الجبهة الاسلامية أو الأخوان المسلمون (الكيزان) وخلقت هذه العصبة مثالاً بارزاً من التحديات التي نشأت عندما حاولت هذه الجماعة عبر تنظيمها المؤتمر الوطني فرض هوية قومية موحدة على مجتمع متعدد الثقافات والأعراق. فقد لعبت الجبهة الإسلامية القومية (الإخوان المسلمون) دورًا كبيرًا في تشكيل الهوية القومية على مدار عقود، مما أدى إلى توترات وصراعات داخلية في البلاد طيلة فترة حكمهم الجائرة. وما انفصال الجنوب إلا كان نتيجة مباشرة لفشل السياسات الحكومية في الاعتراف بالتنوع الثقافي والديني وإيجاد صيغة للتعايش السلمي بين مختلف المكونات.
بينما تؤكد تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية في إحدى الأوراق التي أجازها المؤتمر في مايو 2024 بأديس - أببا على وحدة السودان شعبًا وارضًا، وتأسيس دولة مدنية ديمقراطية تقف على مسافة واحدة من الأديان والهويات والثقافات وتعترف بالتنوع. هذا الأمر الذي يعد خطوة حاسمة لتحقيق السلام والاستقرار والتنمية المستدامة. هذا النهج يعزز حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية ويساهم في بناء مجتمع متماسك ومتناغم. وفي سبيل تحقيق هذا الهدف يجب أن تكون الدولة محايدة دينيًا، بحيث لا تفضل دينًا على آخر ولا تفرض معتقدات دينية على المواطنين. هذا يضمن حرية العبادة والمعتقد لجميع الأفراد. ويجب أن يعامل القانون جميع المواطنين على قدم المساواة، بغض النظر عن العرق أو الدين أو الجنس أو أي انتماء آخر. يجب أن تكون هناك ضمانات قانونية لحماية حقوق الأقليات. ويجب أن تعترف الدولة بالتنوع الثقافي واللغوي والديني وتعزز ثقافة الاحترام المتبادل بين أقلياتها. يمكن تحقيق ذلك من خلال سياسات تعليمية وثقافية شاملة تعكس تنوع المجتمع.
ومن الأمثلة الناجحة للدول التي بها قوميات وثقافات وأعراق متعددة جنوب إفريقيا، فبعد نهاية نظام الفصل العنصري، تبنت جنوب إفريقيا دستورًا يعترف بالتنوع ويعزز المساواة وحقوق الإنسان. والهند نجدها على الرغم من التحديات الكبيرة، تعتبر الهند مثالاً لدولة ديمقراطية مدنية تعترف بالتنوع العرقي والديني. إذاً إن تأسيس دولة مدنية ديمقراطية تتبنى التنوع وتضمن حقوق جميع المواطنين يتطلب التزامًا قويًا بالإصلاحات الدستورية والقانونية، وتعزيز سيادة القانون، والتوعية المجتمعية، ومشاركة المواطنين. هذه العملية ليست سهلة، لكنها ضرورية لبناء مجتمع عادل ومستقر ينعم بالسلام والتقدم.
ويعتبر الصراع الدائر الآن بين الحكومة المركزية التي يمثلها الجيش السوداني وبين قوات الدعم السريع التي أيضاً له جانب كبير مرتبط بالهوية. ويتحدث قادة الدعم السريع بصورة مطلقة في الفضائيات عن دولة "ستة وخمسين" وكثير من الأفكار التي تعبر عن أزمة أو معضلة في التوصل إلى حلول جذرية واتفاق سياسي حول الهوية. في الوقت التي صعدت فيه دول على سطح القمر ما زال في بلادنا تجلجل الأصوات ويشتد الشطط والتعصب والجدل حول الهوية القومية.. وهل يتناسب لبس الزي الشعبي في التلفزيون القومي أم لا! هل نحن عرب أم أفارقة!. هل يمكن شرب المريسة! .. أم هل البُطان مفخرة للرجل أم تخلف حضاري! وكثير من الأمثلة التي لا عد ولا حصر لها.
قال الشاعر الراحل محمد عبد الحي
سأعودُ اليوم، يا سنّارُ، حيث الرمزُ خيطٌ،
من بريقٍ أسود، بين الذرى والسّفح،
والغابةِ والصحراء، والثمر النّاضج والجذر القديمْ.
د. سامر عوض حسين
21 يونيو 2024
samir.alawad@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: یجب أن
إقرأ أيضاً:
في ذكرى تحرير سيناء.. جامعة الإسماعيلية الجديدة الأهلية إحدى ثمار المشروعات القومية والتنموية بشرق القناة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أكد الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي إلى الجهود الكبيرة التي بذلتها الدولة في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية لتنمية شبه جزيرة سيناء ومحافظات القناة، من خلال تنفيذ مشروعات قومية وتنموية كبرى، تؤكد وضع سيناء في مقدمة خريطة التنمية الشاملة والمستدامة وفقًا لرؤية مصر (2030)، موضحًا أن الدولة نفذت عدة مشروعات في مجال التعليم العالي بسيناء ومدن القناة، بتكلفة إجمالية بلغت 23 مليار جنيه.
ويأتي ذلك في إطار احتفالات جمهورية مصر العربية بحلول الذكرى الـ43 لتحرير أرض سيناء الحبيبة، وفي ضوء الاهتمام الكبير الذي توليه القيادة السياسية للمشروعات القومية الكبرى، وخاصة في شبه جزيرة سيناء ومدن القناة، فقد حظي قطاع التعليم العالي والبحث العلمي بدعم كبير من جانب القيادة السياسية، وساهم ذلك في تحقيق التنمية في هذا الإقليم الهام في ظل "الجمهورية الجديدة".
وأوضح الوزير أن هناك اهتمامًا كبيرًا بالتوسع في إنشاء الجامعات بمختلف أنحاء الجمهورية، وتجهيز المعامل وورش العمل بأحدث الإمكانات والوسائط التكنولوجية، مع تركيز الدراسة بها على العلوم الحديثة والبرامج الدراسية البينية لتأهيل الطلاب ليكونوا قادرين على تلبية احتياجات وظائف المستقبل.
3.3 مليارات جنيه تكلفة إنشاءات وتجهيزات جامعة الإسماعيلية الجديدة الأهليةوأشار الدكتور أيمن عاشور إلى أنه أصبح لدينا 32 جامعة أهلية وأهلية دولية وأهلية منبثقة من جامعات حكومية، حيث سيتم افتتاح 12 جامعة أهلية جديدة مع بدء العام الدراسي الجديد 2025/2026، موضحًا أن الجامعات الأهلية تقدم برامج دراسية حديثة ومتطورة، لتلبية احتياجات سوق العمل ووظائف المستقبل، وأدى ذلك إلى زيادة إقبال الطلاب على الالتحاق بالجامعات الأهلية.
ومن جانبه، أكد الدكتور ناصر مندور القائم بتسيير أعمال رئيس جامعة الإسماعيلية الجديدة الأهلية أن جامعة الإسماعيلية الجديدة الأهلية تُعد من أبرز المشروعات القومية التي تم تنفيذها بشرق القناة، مشيرًا إلى أن الجامعة بلغت تكلفتها 4.455 مليار جنيه، وتُقام على مساحة 29 فدانًا بمدينة الإسماعيلية الجديدة، وتتكون الجامعة من مبنى إدارة الجامعة و6 مبانٍ تعليمية، وبها 34 معملًا و29 مدرجًا، ومبنيان للورش الهندسية يحتويان على 6 ورش، ومعامل تخصصية، ومبنى للمعامل المركزية، و8 ملاعب، ومسرح مجهز بأحدث التقنيات يسع 380 فردًا، لافتًا إلى اهتمام الجامعة بتنظيم الندوات التوعوية وتحفيز الطلاب على المشاركة في المسابقات والأنشطة الطلابية المختلفة لتنمية مهاراتهم وقدراتهم، وتشجيع الطلاب على تشجير الجامعة والمشاركة في المبادرات الخدمية.
تقديم برامج دراسية حديثة في 8 كليات بالعام الدراسي 2025/2024وأضاف الدكتور ناصر مندور أنه يتم تقديم العديد من البرامج الدراسية المتميزة خلال العام الدراسي الحالي 2024-2025 في 8 كليات، وهي: كلية الطب وتقدم (برنامج الطب والجراحة)، كلية طب الأسنان وتقدم (برنامج طب وجراحة الفم والأسنان)، كلية العلاج الطبيعي وتقدم (برنامج العلاج الطبيعي)، كلية الصيدلة وتقدم (برنامج Pharm D "الصيدلة الإكلينيكية")، كلية الهندسة وتقدم (برنامج هندسة الذكاء الاصطناعي – برنامج هندسة التشييد وإدارة المشروعات)، كلية التمريض وتقدم (برنامج التمريض التخصصي)، كلية تكنولوجيا العلوم الصحية التطبيقية وتقدم (برنامج تكنولوجيا المختبرات الطبية)، وكلية التجارة الدولية واللغات وتقدم برامج اللغات (الترجمة التخصصية باللغة الألمانية – الترجمة التخصصية باللغة الصينية) وبرنامج (التسويق الرقمي والأعمال الإلكترونية، الأسواق والمنشآت المالية)، مشيرًا إلى أن الجامعة تهدف إلى تأهيل الطلاب ليكونوا قادرين على تلبية متطلبات سوق العمل.
وصرح الدكتور عادل عبدالغفار المستشار الإعلامي والمتحدث الرسمي للوزارة، أن جامعة الإسماعيلية الجديدة الأهلية تقدم برامج دراسية حديثة لتوفير بيئة تعليمية متميزة محفزة على الابتكار والتميز العلمي والبحثي، مشيرًا إلى أن الإقبال الكبير من الطلاب على الجامعة يُعد مؤشرًا على نجاح جامعة الإسماعيلية الجديدة الأهلية في اكتساب ثقة الطلاب وأولياء الأمور.
وأضاف المتحدث الرسمي أن الجامعات الأهلية تعتمد على تقديم برامج دراسية بينية حديثة تواكب متطلبات سوق العمل، والجامعات مجهزة بأحدث المعامل وورش العمل ومزودة بأحدث النظم والأجهزة التكنولوجية الحديثة؛ لتقديم تجربة تعليمية متميزة للطلاب ولتهيئة بيئة تعليمية محفزة وداعمة للتميز والابتكار، مشيرًا إلى انضمام الجامعات الأهلية للتحالفات الإقليمية، كما يتم عقد شراكات مع المؤسسات الأكاديمية والبحثية والصناعية، والاهتمام بتقديم تدريبات عملية للطلاب لصقل خبراتهم وتنمية مهاراتهم؛ وذلك بما يتماشى مع تحقيق أهداف الإستراتيجية الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي ولدعم جهود الدولة المصرية في الارتقاء بالصناعة المحلية والاقتصاد الوطني من خلال تأهيل الطلاب بما يتلاءم مع متطلبات سوق العمل.
IMG-20250424-WA0147 IMG-20250424-WA0148 IMG-20250424-WA0145 IMG-20250424-WA0146 IMG-20250424-WA0138