بسبب الدعم السريع.. تفاقم معاناة المدنيين في مدينة الرهد بشمال كردفان
تاريخ النشر: 22nd, June 2024 GMT
ما زالت مدينة الرهد الواقعة بولاية شمال كردفان وسط السودان تعيش في حالة من عدم الاستقرار الأمني إلى جانب تجارة السلاح بسبب السيطرة التي فرضتها قوات الدعم السريع عليها منذ أكثر من ستة اشهر ماضية
التغيير: الرهد
قالت مصادر لـ”التغيير” إن مدينة الرهد تشهد هشاشة أمنية ومخاوف وسط المواطنين على مدار الساعة بسبب عمليات السطو المسلح واستمرار انتهاكات الدعم السريع من جهة ومناصريها من سكان المنطقة من جهة أخرى.
وبات سكان الرهد يدفعون ثمنا باهظا بسبب سيطرة الدعم السريع عليها مع استمرار انتهاكاتها بحق المدنيين في ظل غياب الجيش السوداني الذي انهزم من قبل ذات القوات في معارك جبل كردفان والمحطة الغبشة في مايو الماضي.
وفي المقابل بدأت الرهد تشهد حركة نشطة في الإتجار بالأسلحة خصوصا داخل السوق الكبير للمدينة بحماية وإشراف قوات الدعم السريع وذلك بحسب إفادة شاهد عيان كان قد تحدث لـ “التغيير”.
وقال إن تجارة السلاح والمخدرات داخل المدينة توسعت بل وازدهرت إلى حد كبير عقب معارك 6 مايو الماضي التي هزمت فيها قوات الدعم السريع متحركي الأبيض وتندلتي التابعين للجيش السوداني.
وأضاف شاهد العيان بأن قوات الدعم السريع جلبت الكثير من الأسلحة والذخائر مثل “كلاشنكوف وجيم ثري” التي باتت تباع وتفرش داخل السوق الكبير للمدينة وأن أكثر المشتريين من مناصري تلك القوات.
ومع سوء الأوضاع الاقتصادية داخل المدينة ظل سكان المنطقة يبذلون كل ما في وسعهم من أجل البقاء بما تبقى من مقومات الحياة مع استمرار المواجهات العسكرية بين الأطراف المتقاتلة في مناطق كردفان ودارفور.
وقال مواطنون من سكان المنطقة لـ”التغيير” إن القدرة الشرائية تقلصت بسبب قلة فرص العمل للمواطنين الذين أصبح معظمهم لا يستطيع تغطية تكاليفهم المنزلية والأكثر معاناة هم الموظفون الذين اتجه جزء كبير منهم للعمل في مهن جديدة مثل بيع الخضر داخل الأحياء.
وأضافوا أن قوات الدعم السريع ظلت تعمل على نهب ناقلات البضائع واختطافها ويجعلون أصحابها أمام خيارين أم أن يدفعوا مالا لاسترجاعها أو تركها لتنهب في حالة عدم دفع المبلغ المطلوب.
ومنذ بداية الحرب في السودان وخصوصا مناطق كردفان نشط الكثير من الشباب في العمل الطوعي وغرف الطوارئ، ومدينة الرهد ليست بمعزل عن ذلك بل قامت الكثير من المبادرات الطوعية التي عملت على خدمة ومساعدة المواطنين داخل المدينة.
وقال أحد الشباب الناشطين – فضل حجب اسمه – لـ”التغيير” إنهم خلال الفترة القليلة الماضية حاولوا إنشاء غرفة طوارئ خاصة بالمدينة إلا أن قوات الدعم السريع اشترطت عليهم العمل تحت إشرافها المباشر حتى تجعلهم ينفذون عملها المدني داخل المنطقة ولكنهم رفضوا ذلك.
وفيما يخص عدد الضحايا من المدنيين داخل المنطقة ذكرت مصادر لـ”التغيير” أن عدد القتلى تجاوز “100 ” قتيلا منذ سيطرة الدعم السريع على المدينة وذكرت بأنها إحصائيات تقريبية ولا توجد حتى اللحظة أرقام دقيقة.
وأضافت أن عدد الاغتصابات وسط النساء والفتيات من سكان المدينة وصل نحو “10 ” حالات اغتصاب كانت قد سجلت داخل مستشفي المدينة موضحة أن معظم حالات الاغتصابات ما زالت الأسر تتخوف في الإفصاح عنها.
الوسومالجيش السوداني الدعم السريع الرهد شمال كردفان
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الجيش السوداني الدعم السريع الرهد شمال كردفان
إقرأ أيضاً:
تكايا الفاشر تصارع للبقاء وسط حصار الدعم السريع وانتهاكاته
الفاشر- بينما يتردد صوت القصف وأزيز الرصاص في أرجاء مدينة الفاشر غرب السودان، يعلو صوت آخر يحمل الأمل بين أصوات الحرب، تختلط به ضحكات الأطفال الذين تجمعوا في أحد مراكز الإيواء، بانتظار وجبة غذائية من تكية إعداد الطعام، في مشهد يجسد صمود سكان المدينة رغم الدمار والجوع الذي يحيط بالجميع.
وبينما احتشد الأطفال في باحة مركز الإيواء بقلوب مليئة بالأمل وشوق للوجبة الموعودة، كان الخوف يخيّم على أجواء المدينة التي تحولت إلى ساحة للحرب والمعاناة في دارفور، حيث كانت أصوات الرصاص تدوي في الخلفية، لتذكر الجميع بأن الحزن والقلق لا يزالان يلاحقانهم في كل لحظة.
تقول أم كلثوم، وهي أم لـ3 أطفال، للجزيرة نت "لقد انتظرنا هذه اللحظة طويلا، الطعام ليس فقط حاجة، بل هو تذكرة بأن هناك من يهتم بنا، هذه الابتسامات على وجوه أبنائي تجعل الألم أخف وطأة".
وأردفت "لكن الخوف لا يغادرنا، كل دوي انفجار يجعلني أشعر أن الموت يقترب منا، والحياة تحولت إلى كابوس لا ينتهي"، مضيفة "في كل لحظة، أشعر أن الموت قد يأتي تحت القصف، والخوف يلازمني حتى وأنا أراقب أبنائي وهم يأكلون الطعام".
أسس محيي الدين شوقار، وهو متطوع محلي، أول تكية لإعداد وجبات الطعام بمدينة الفاشر بعد اندلاع الحرب في السودان، وقبل ذلك كان يدير مجموعة من الأعمال الخيرية الأخرى، مثل تجميل المدينة، وغسل ودفن الموتى، وإعادة إعمار المدارس ومنازل الفقراء.
إعلانيقول شوقار للجزيرة نت إن "الهدف من هذه المبادرات هو خدمة الناس، ونحن عازمون على المضي قدما في جهودنا رغم القصف والحصار المفروض"، وأضاف أن التكايا تعتمد على دعم المحسنين، الذين يساهمون بشكل كبير في توفير المواد الغذائية، على الرغم من شح الموارد والظروف الصعبة.
وأكد في حديثه "لن نتوقف عن ذلك حتى نلقى الله"، معتبرا أن الإصرار والعزيمة التي يتمتع بها المتطوعون تمنحهم القوة لمواصلة واجبهم الإنساني، وهم سيستمرون في ذلك رغم التحديات.
وتواجه التكايا التي يديرها المتطوعون في الفاشر معركة شرسة للبقاء، حيث يعانون من نقص حاد في المواد التموينية وانعدام السيولة النقدية بسبب حصار قوات الدعم السريع.
ويوضح محمد آدم، وهو أحد أعضاء تكية الفاشر، قائلا "نعيش في صراع يومي لتلبية احتياجات النازحين، في ظل نقص حاد بالغذاء والمياه، ورغم ذلك، نبذل كل ما نستطيع لتخفيف معاناة الناس، نحن نعيش في معركة بقاء".
وأشار إلى تفاقم أزمة السيولة النقدية، حيث انعدم الكاش بنسبة 50%، وهذا يجعل من الصعب على المتطوعين في التكية شراء احتياجاتهم الأساسية، "ورغم ذلك يبذل المتطوعون جهودا مضنية لتوفير ما يمكنهم من مساعدات، لتخفيف معاناة النازحين في ظل هذه الظروف الصعبة".
حصار شديدخلال الأسابيع الأخيرة، أُجبرت عدة تكايا يديرها متطوعون في مدينة الفاشر على الإغلاق، بسبب الحصار المفروض من قبل قوات الدعم السريع، رغم أنها كانت توفر جزءا أساسيا من المساعدات التي يعتمد عليها السكان، في ظل غياب المساعدات الإنسانية المقدمة من الهيئات والمنظمات الدولية.
ووفقا للمتطوعة تماضر الطاهر، فقد توقفت التكية التي كانت تعمل بها عن تقديم المساعدات بسبب انعدام بعض السلع الاستهلاكية وتفاقم أزمة السيولة، وأعربت في حديثها للجزيرة نت عن قلقها العميق بشأن تأثير الحصار على حياة السكان، قائلة "إن توقف التكايا يعني أن العديد من الأسر لن تتلقى الوجبات التي تعتمد عليها يوميا، وهذا يهدد بزيادة معدلات الجوع بين النازحين".
إعلانوتحدثت تماضر، وهي إحدى المتطوعات الفاعلات، عن تأثير التوقف على الفئات الأكثر تضررا، مثل الأطفال والنساء، قائلة إن "تقديم المساعدات الغذائية ليس مجرد عمل إنساني، بل هو واجب علينا جميعا كمجتمع".
وتابعت "نحن لن نستسلم، وسنظل نعمل بجد ويبقى الأمل حاضرا في قلوبنا، حيث نؤمن أن غدا سيكون أفضل" مؤكدة أن "العمل التطوعي في هذه الظروف يتطلب شجاعة وإرادة قوية، إذ لا يخلو من المخاطر".
وقال المتطوع آدم عبد الله، إن تكيَّتهم تعاني من عجز مالي بسبب نقص الدعم المقدم لهم من قبل المتبرعين، وأوضح في حديثه للجزيرة نت أنه ليس لديهم أي مصدر دخل، وأن المتطوعين يتلقون العديد من الطلبات من المواطنين المحتاجين، لكنهم حاليا غير قادرين على تلبيتها نتيجة الحصار المفروض عليهم والذي أدى إلى تفاقم العجز المالي وانعدام السيولة النقدية.
وأضاف آدم، بصوت مليء بالحسرة "نشعر جميعا بالإحباط بسبب عدم قدرتنا على مساعدة الناس في الوقت الحالي، فبينما يتزايد الضغط على عاتقنا، نجد أنفسنا بلا موارد كافية لتلبية احتياجات الناس".
وأشار إلى أن هذا الوضع يجعلهم في حالة من القلق المستمر، حيث يعتمد الكثير من الأسر على تكيتهم بشكل يومي، وذكر أن المتطوعين يحاولون إيجاد طرق جديدة لجمع الدعم، من خلال التواصل مع أبناء المدينة في الداخل والخارج.
وأقر عباس سعيد، وهو أحد المشرفين على تكية حي أولاد الريف بالفاشر، أن الطعام الذي تم تجهيزه لا يكفي المحتاجين، وأوضح أنه بسبب الحصار، غيّروا نوعيته التي تفتقر للحوم والعدس، وقال للجزيرة نت "نواجه صعوبة في توفير المواد الأساسية اللازمة لطهي الطعام، بسبب عدم وجودها في الأسواق وارتفاع أسعارها بشكل جنوني".
ومنذ أبريل/نيسان 2024، فرضت قوات الدعم السريع حصارا على مدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور، بعد أن انحازت عدة فصائل مسلحة محلية فيها إلى الجيش السوداني تحت اسم القوة المشتركة، وذلك بعد سلسلة من الفظائع والانتهاكات.
إعلانورغم الحصار، تمكن الجيش السوداني والقوات المشتركة من التصدي لأكثر من 180 هجوما شنته قوات الدعم السريع على المدينة، في ظل صمود السكان المدنيين منذ اندلاع الحرب.