الجديد برس:

رغم تحذيرات المبعوث الأممي لدى اليمن، هانس غروندبرغ، في آخر إحاطة له أمام مجلس الأمن، الأسبوع الماضي، من خطورة التصعيد الاقتصادي الذي تقوده الحكومة الموالية للتحالف السعودي – الإماراتي بضوء أخضر أمريكي، على مسار السلام، إلا أن تلك الحكومة تواصل استفزاز صنعاء بإجراءات جديدة، آخرها فرض قيود على حجوزات شركة طيران «اليمنية» من مناطق سيطرة «أنصار الله»، ونقل الحجوزات إلى مدينة عدن ومصر والأردن.

ووصفت حكومة الإنقاذ ذلك الإجراء بـ«التعسفي»، واعتبرت أنه يأتي في إطار التصعيد الأمريكي الذي يُنفّذ عبر «أدوات التحالف» في عدن، مضيفة أن هذه الخطوات التي تهدّد بنسف الهدنة الإنسانية وإعادة الأوضاع إلى ما قبل الثاني من نيسان 2022، تهدف بوضوح إلى إغلاق مطار صنعاء وحرمان اليمنيين من السفر إلى الخارج، وتكبّد «اليمنية» خسائر فادحة. إذ بعدما كانت مكاتب الشركة في العاصمة تواجه ضغطاً كبيراً نتيجة ارتفاع الطلب على السفر من اليمنيين المرضى والطلاب في الخارج ورجال الأعمال، صارت شبه مغلقة بفعل تجميد البيع لتذاكر الطيران فيها.

ونتيجة لذلك، أقلعت آخر رحلات «اليمنية»، فجر أول من أمس، من مطار صنعاء إلى مطار الملكة علياء في الأردن وعلى متنها 12 راكباً فقط، للمرة الأولى منذ عودة الرحلات منتصف عام 2022، كثمرة من ثمار الهدنة الإنسانية. وأكد مصدر مطلع في مطار صنعاء، لـ«الأخبار»، حرمان نحو 170 يمنياً من المغادرة على متن الرحلة الأخيرة إلى الأردن، منهم عدد كبير من المرضى الذين تستدعي حالتهم الانتقال للعلاج في الخارج من دون تأخير، مشيراً إلى أن فرض قيود على المواطنين من قبل حكومة أحمد بن مبارك يتنافى مع الأعراف الإنسانية، كونه يستهدف إغلاق وجهة السفر الجوية الوحيدة التي يستخدمها الآلاف من اليمنيين.

وحذّر المصدر من تداعيات إقحام «اليمنية» في الصراع، وتحويلها إلى أداة من أدوات الحرب الاقتصادية التي تقودها الولايات المتحدة ضد اليمن. وكان أثار القرار موجة سخط شعبي ونقابي واسعة النطاق، واعتبرته نقابة شركات السفر في صنعاء خطوة تدميرية تستهدف سوق السفر برمته، وتعرّض عشرات المكاتب والشركات العاملة في هذا القطاع للإفلاس.

وفي المقابل، دافعت وزارة النقل في عدن، في بيان، بأن «هذه الإجراءات لا علاقة لها بأي خلافات مالية بين فروع الشركة في عدن وصنعاء، وأنها تأتي في إطار خطة الحكومة (الموالية للتحالف) لنقل المؤسسات الخدمية كافة من صنعاء إلى عدن، وتنفيذاً لذلك تسعى إلى نقل مكاتب شركة طيران اليمنية كافة». ورغم ذلك، لجأت إدارة «اليمنية» في عدن إلى تسويق ذريعة أخرى، متهمة حكومة صنعاء بحجز إيراداتها من مبيعات التذاكر في المناطق الخاضعة لسيطرتها.

وأشارت، في بيان، إلى أن «صنعاء تحتجز الطائرة التي تحمل اسم «عدن» وتتسع لـ 277 راكباً، وتمنع الشركة من إصلاحها». واعتبرت أن «المشكلات التي تواجه الشركة يمكن معالجتها عبر إفراج صنعاء عن الأموال المحجوزة وتحويل قيمة المحرّكات لصيانة الطائرة المحتجزة».

إلا أن مصدراً مسؤولاً في هيئة الطيران المدني في العاصمة نفى تجميد أرصدة الشركة، ونقلت وكالة الأنباء الرسمية «سبأ» – نسخة صنعاء -، عنه تأكيده أن التصرف بأرصدة الشركة في البنوك التجارية في صنعاء يجري من قبل رئيس مجلس الإدارة والقائم بأعمال مجلس الإدارة هناك، وفقاً لما تقتضيه مصلحة الشركة.

والمفارقة أن «اليمنية» تسيّر رحلات يومية من مطار عدن إلى القاهرة وعمّان، بالتزامن مع رحلات موازية تقوم بها من مطار سيئون الدولي في وادي حضرموت، وتجني الكثير من الإيرادات كونها تعمل بلا منافسة، مقابل ست رحلات تجارية شهرياً من مطار صنعاء إلى مطار الملكة علياء.

إلا أن فرع الشركة في صنعاء هو الذي موّل رواتب موظفيها بمقدار مليوني دولار شهرياً خلال السنوات الماضية في جميع المحافظات اليمنية، فضلاً عن قيامه بدفع نحو 36 مليون دولار لمواجهة النفقات التشغيلية وفقاً لتقارير رسمية صادرة عن وزارة النقل في حكومة الإنقاذ، ودفع ثمن إحدى الطائرات التي قامت «اليمنية» بشرائها قبل عام، وهي من نوع «أيرباص 320»، بحسب اتفاق سابق بين فروع الشركة التي يملك اليمن 51% من أسهمها، مقابل 49% تملكها السعودية منذ أواخر ثمانينيات القرن الماضي.

وفي هذا الإطار، أكد مصدر حكومي في صنعاء، لـ«الأخبار»، أن هناك اتفاقاً جرى مع إدارة الشركة في عدن، يقضي بالصرف من جميع الحسابات التابعة لها سواء أكانت في صنعاء أم في عدن، وكذلك حساباتها الخارجية كافة بنسب محددة، موضحاً أن الشركة تعمّدت إخفاء أرصدتها في عدن وفي الخارج، والتي تتجاوز الـ 100 مليون دولار، خلال العامين الماضيين، ولم تلتزم باتفاق إجراءات الصرف من أرصدتها، والمحدّد بنحو 60% من صنعاء و40% من عدن، مقابل استمرار التشغيل من مطار الأولى إلى الأردن، وفتح وجهات سفر جديدة تسهّل انتقال المواطنين من صنعاء إلى مطار القاهرة الدولي، ولا سيما أن معظم المرضى اليمنيين الذين ينتقلون إلى الخارج للعلاج يتجهون صوب مصر والهند.

وجاءت الإجراءات الأخيرة في أعقاب مطالب تقدّمت بها حكومة الإنقاذ إلى مكتب المبعوث الأممي، أكدت فيها أن الرحلات الست إلى الأردن غير كافية لتخفيف معاناة المرضى، بسبب الضغط الكبير على حجوزات التذاكر في مكاتب الشركة في صنعاء، وطالبت بسرعة فتح وجهات جديدة إلى مصر والهند لتسهيل انتقال المرضى إلى الخارج لتلقي العلاج.

وقد يدفع استمرار التصعيد ضد صنعاء إلى تصعيد مقابل، من مثل وقف أي حركة للطيران المدني في أجواء البلاد كافة، علماً أنه سبق لـ«أنصار الله» أن منعت هبوط أكثر من طائرة في أكثر من مطار بدائي خاضع لسيطرة خصومها.

المصدر: جريدة الأخبار اللبنانية

المصدر: الجديد برس

كلمات دلالية: مطار صنعاء الشرکة فی صنعاء إلى فی صنعاء من مطار فی عدن

إقرأ أيضاً:

معادلة “اليد على الزناد” تعمّق مأزق الأعداء في مواجهة صنعاء

يمانيون../
مع إعلان السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي عن الاستعدادِ لمواجهة مؤامرة تهجير الفلسطينيين عسكريًّا، بالإضافة إلى الجاهزية للتدخُّل الفوري للرد على أي خرق صهيوني لاتّفاق وقف إطلاق النار في غزة، تتزايدُ حالةُ الإحباط لدى جبهة العدوّ فيما يتعلق بمساعي ردع اليمن وعزل الجبهة اليمنية عن القضية الفلسطينية، حَيثُ بات واضحًا أن سقف انخراط هذه الجبهة في المعركة قد بات أعلى من كُـلّ مساعي العدوّ بما في ذلك قرار التصنيف الأمريكي ومحاولة التحشيد الإقليمي والدولي ضد اليمن.

تأكيدات القيادة اليمنية على الجاهزية للعودة إلى التصعيد في حالة خرق الاتّفاق أَو محاولة تنفيذ خطة التهجير، لم تعد تسليط الضوء على فاعلية ودور جبهة الإسناد اليمنية لغزة وتأثير انضمامها التأريخي إلى الصراع؛ لأَنَّها لم تغب عن تناولات وسائل إعلام جبهة العدوّ ومراكز أبحاثها أبدًا بعد وقف إطلاق النار، خُصُوصًا فيما يتعلق بالوضع في البحر الأحمر، والذي برهنت فيه القوات المسلحة على مصداقية ما أكّـدته طيلةَ فترة الحرب بشأنِ ارتباط العمليات البحرية بشكل رئيسي ومباشر بالوضع في غزة، حَيثُ توقفت العملياتُ ضد السفن غير المملوكة لكيان العدوّ بشكل واضح منذ وقف إطلاق النار في غزة؛ الأمر الذي شجّع العديد من السفن التي رُفعت عنها العقوبات إلى العودة، وهو ما شكّل انهيارًا للرواية الأمريكية والإسرائيلية القائلة إن العمليات البحرية اليمنية لا علاقةَ لها بالوضع في غزة.

ولم يقتصر الأمرُ على انكشاف زيف تضليلات جبهة العدوّ؛ فبعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن مؤامرة تهجير الفلسطينيين من غزة، ومحاولة العدوّ الصهيوني الأسبوع الماضي الانقلابَ على اتّفاق وقف إطلاق النار من خلال رفض تنفيذ التزاماته بدخول المعدات والمساعدات المتفق عليها إلى قطاع غزة، عبّر قطاعُ الشحن الدولي عن مخاوفَ من عودة العمليات البحرية اليمنية ردًّا على السلوك الأمريكي والصهيوني؛ وهو ما أكّـد بوضوح على أن جذور المشكلة في البحر الأحمر تعود إلى مواقف جبهة العدوّ، كما أكّـد على أن مسار عمليات الإسناد البحرية قد أصبح أمرًا واقعًا ومعطى ثابتًا في معادلاتِ أية جولة من التصعيد؛ الأمر الذي يرسِّخُ واقعَ فشل كُـلّ مساعي جبهة العدوّ لإعادة العجلة إلى الوراء والتخلص من هذا الواقع الجديد.

وفي هذا السياق، نقلت منصة “لويدز ليست” البريطانية المتخصصة في شؤون الملاحة البحرية عن رئيس شركة (إي أو إس) للأمن البحري، مارتن كيلي، قوله: إنّ “أية مساهمة أمريكية في انهيار وقف إطلاق النار بين “إسرائيل” وغزة قد تؤدي إلى استئناف هجمات الحوثيين ضد السفن الأمريكية في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب” حسب ما نقلت المنصة، وهو ما يعني أن العواقب البحرية الفورية للسلوك العدواني الأمريكي قد أصبحت نتيجة حتمية ثابتة على طول مسار الصراع.

ويعني ذلك أن أهداف “ردع” الجبهة اليمنية، أَو تدمير قدراتها، وإلغاء التحول التاريخي الكبير الذي صنعته بانخراطها في معركة طوفان الأقصى، هي أهدافٌ مستحيلة، وأن الوسائلَ التي تستخدمُها جبهةُ العدوّ؛ مِن أجلِ الوصول إلى تلك الأهداف ليست مُجديةً، وأن سقفَ تأثيرها أدنى بكثير مما يأمل العدوّ.

تأكيداتُ السيد القائد على الاستعدادِ للتحَرّك عسكريًّا وبشكل فوري للرد على أي تصعيد من جانب جبهة العدوّ عزَّزت هذه الحقيقة بشكل أكبر، حَيثُ تناولت هيئة الإذاعة الأسترالية، الجمعة، هذه التأكيدات في تقرير نقلت فيه عن داني سيترينوفيتش، المسؤول السابق في الاستخبارات “الإسرائيلية” والباحث في معهد دراسات الأمن القومي بـ”تل أبيب”، قوله إنه “حتى مع التوصل إلى وقف إطلاق نار دائم في غزة فَــإنَّ الجني في اليمن قد خرج من القمقم” حسب تعبيره، في إشارة واضحة إلى أنه لم يعد بالإمْكَان إلغاء حقيقة وجود جبهة يمنية ثابتة لها تأثير رئيسي ومباشر على مسار الصراع.

وَأَضَـافَ المسؤول الصهيوني السابق أن اليمن يشكّل “تحديًا من نوع مختلف” مُشيرًا إلى أنه: “لا يوجد حَـلٌّ سريع، وحتى لو انتهت الحربُ في غزة؛ فهذا تهديد لن يختفي”، وهو ما يمثل اعترافًا واضحًا بأن أية محاولات لتقويض مسارات انخراط الجبهة اليمنية في الصراع، بما في ذلك العمليات البحرية، أَو تقويض معادلاتها القائمة على مواجهة التصعيد بالتصعيد، هي محاولات محكوم عليها بالفشل التام مسبقًا، مهما كانت الأوراق والوسائل التي تلجأ إليها جبهة العدوّ، ومنها قرار التصنيف الأمريكي الجديد الذي اتخذته إدارة ترامب، حَيثُ نقلت الهيئة الأسترالية عن محللين آخرين قولهم: إنه “من غير المرجح أن يؤثر التصنيف الإرهابي والعقوبات على الحوثيين” حسب ما نقل التقرير.

وفي هذا السياق أَيْـضًا وضمن أصداء إعلان القيادة اليمنية عن تصعيد مستوى انخراط اليمن في الصراع، من خلال الجاهزية للتصدِّي العسكري لمؤامرة التهجير والرد المباشر على أي خرق لاتّفاق وقف إطلاق النار، أعاد مركَزُ “ستراتفور” الأمريكي للأبحاث التذكيرَ بانسداد أفق “الردع” الأمريكي والصهيوني في مواجهة اليمن، حَيثُ أشار في تقرير جديد إلى أن استراتيجية العدوان المباشر على اليمن ليست فقط محكومة بالفشل في تحقيق الأهداف المرتبطة بها، بل إنها تأتي بنتائجَ عكسية؛ إذ أوضح المركَزُ أن الغارات الأمريكية و”الإسرائيلية” خلال الفترة الماضية قد “غذَّت المزيدَ من المشاعر المؤيدة” للقوات المسلحة اليمنية على طول وعرض البلاد، خُصُوصًا تلك الغارات التي “استهدفت البنية التحتية المدنية مثل محطات الطاقة” مُشيرًا إلى أن الغارات أسهمت أَيْـضًا في تكريس صورة صنعاء كمدافعة عن البلد وعن القضية الفلسطينية.

وَأَضَـافَ مركز الأبحاث الأمريكي أنه “إذا كان من غير المرجح أن تخرج “إسرائيل” بالكامل من قطاع غزة في الأمد القريب؛ فَــإنَّ هذا سوف يشكل مبرّرًا مُستمرًّا للضربات اليمنية المتقطعة على “إسرائيل”، وهو ما من شأنه أن يستفز ضربات إسرائيلية مضادة على اليمن نفسه” لكن هذه الدينامكية -بحسب المركز- لن تؤديَ إلا إلى زيادة التفاف اليمنيين حول قواتهم المسلحة “بدافع المشاعر المعادية لإسرائيل” وفي المقابل، أشار إلى أنه “نظرًا للقيود الجغرافية والعسكرية، فلن تتمكّن “إسرائيل” من إلحاق أضرار عسكرية كبيرة بالحوثيين، وهو ما يمنع أي تدهور كبير في الموقف العسكري لهم” حسب توصيف المركز.

ويشير هذا التناول بوضوح إلى أن المأزق الأمريكي الصهيوني في مواجهة الجبهة اليمنية، لا يقتصر فقط على الفشل في تقويض أَسَاسات ومعادلات ومسارات عمليات الإسناد لغزة، بل إنه يمتد إلى مواجهة نتائجَ عكسية مُستمرّة بسقفٍ مفتوح يجعلُ من أي سلوك أَو مخطّط عدواني دافعًا لارتفاع جديد في درجة وحجم وتأثير انخراط اليمن في الصراع، وهو ما يجسّده بشكل واضح قرارُ القيادة اليمنية بالتصدِّي لمؤامرة التهجير عسكريًّا.

ضرار الطيب| المسيرة

مقالات مشابهة

  • الكوميديا تطغى على الإعلان التشويقي لـ “السيرك” في رمضان 2025
  • معادلة “اليد على الزناد” تعمّق مأزق الأعداء في مواجهة صنعاء
  • تحليق مكثف للطيران المسير في أجواء بيروت
  • والدة أسير : ابني أسير لدى حركة حماس ونحن أسرى لدى حكومة “إسرائيل”
  • إلهام شاهين تردّ على الانتقادات: “حركة شعبية”!
  • بيان من المديرية العامة للطيران المدني.. هذا ما جاء فيه
  • إضراب شامل يوقف حركة الطيران في بلجيكا ويؤثر على آلاف المسافرين
  • ياسع يبحث مع رئيس الشركة التركية “رونيكور” تعزيز الاستثمارات في مجال الطاقات المتجددة
  • مشار يقول إن التعيينات الأخيرة “تهديد” لاتفاق السلام المبرم عام 2018
  • لجنة نصرة الأقصى تدعو للخروج الجماهيري المشرف غداً في مسيرات “على الوعد مع غزة.. ضد التهجير وضد كل المؤامرات”