عزيز الدويك.. 8 اعتقالات لأكاديمي يرفض الصمت (بورتريه)
تاريخ النشر: 22nd, June 2024 GMT
اعتقله الاحتلال ستة أشهر ثم أطلق سراحه، وأعاد اعتقاله بعد أسبوع من إطلاق سراحه لعدة ساعات، ثم عاد من جديد وأطلق سراحه.
دائرة مغلقة من الاعتقالات الفوضوية والعبثية التي تهدف إلى محاصرة روحه الصلبة حيث يتعرض الرجل لحملة تحريض واسعة عبر الإعلام الإسرائيلي، بعد مقابلة متلفزة تحدث خلالها عن الظروف الوحشية التي يعيشها الأسرى الفلسطينيون داخل سجون الاحتلال.
لم يمارس أي نشاط عسكري واقتصرت حياته على الدراسات والتدريس الأكاديمي، لكن الانتفاضة الفلسطينية الأولى، انتفاضة الحجارة، ورئاسته للمجلس التشريعي الفلسطيني وضعته في دائرة مطاردة الدوائر الأمنية في دولة الاحتلال.
دخل سجون الاحتلال وأقبيته المظلمة والرطبة التي تنبعث منها رائحة الموت والكراهية وغرف الغاز بهيئة وخرج منها بهيئة أخرى شاحبة منهكة، وبجسد نحيل، وشعر أبيض طويل ولحية بيضاء كثة متطايرة.
ولد عزيز الدويك، في القاهرة عام 1948 لأم من مصر وأب فلسطيني من مدينة الخليل.
درس في مدينة الخليل، وتخرج من الثانوية العامة عام 1976. ثم التحق بالجامعة الأردنية وتخرج منها بتخصص الجغرافيا عام 1980 وكان الأول على دفعته.
حصل على شهادة دكتوراه في التخطيط الإقليمي والعمراني من جامعة بنسلفانيا في فيلادلفيا بالولايات المتحدة. ولديه ثلاث شهادات ماجستير في: التربية، وتخطيط المدن، والتخطيط الإقليمي والحضري.
بدأ مسيرته المهنية مدرسا في حلحول بالضفة الغربية، ثم محاضرا في جامعة النجاح حتى عام 2006، وخلالها أسس قسما للجغرافيا في الجامعة وترأسه لسنوات. كما كان عضوا في عدة مجالس وهيئات في الجامعة، وعين أمين سر نقابة العاملين في الجامعة.
حياته العلمية اقتصرت على الأستاذية في جامعة النجاح الوطنية، وفي الحياة الأكاديمية.
تلمس طرق ودهاليز السياسة في فترة مبكرة من حياته حين انتسب لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) عام 1988 في بداية تأسيسها، وأصبح من نشطاء الحركة وأحد أقطابها وناطقا باسمها باللغة الإنجليزية.
شارك في الانتفاضة الفلسطينية الأولى، ما أدى لاعتقاله لمدة 6 أشهر، ثم اعتقل في المرة الثانية عام 1991 بتهمة "المشاركة في الفعاليات والنشاطات المؤيدة لحركة حماس".
وكان أحد المبعدين إلى مرج الزهور عام 1992 برفقة أكثر من 415 مناضلا، وكان أحد مرافقي الدكتور عبد العزيز الرنتيسي في الإبعاد.
وحين عاد من الإبعاد أعاد الاحتلال اعتقاله للمرة الثالثة عام 1994.
بعد تجربة الإبعاد إلى مرج الزهور قرر التفرغ للدراسة والتحصيل العلمي والعمل الأكاديمي.
لكنه ما لبث أن وجد نفسه في بؤرة العمل السياسي والاعتقالات حين انتخب في عام 2006 رئيسا للمجلس التشريعي الفلسطيني بعد أن ترشح ضمن قائمة "التغيير والإصلاح" الممثلة لحركة حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية، ليكون الرئيس الرابع للمجلس بعد، أحمد قريع، روحي فتوح، وحسن خريشة.
وسيبدأ "أبو هشام"، كما يكنى، سلسلة أخرى من الاعتقالات من قبل الاحتلال، ففي عام 2006 بعد أن قامت 20 آلية عسكرية بمحاصرة منزله في رام الله لاعتقاله. وظل معتقلا لمدة ثلاث سنوات، عانى خلالها من مرض السكري وارتفاع ضغط الدم، وأُفرج عنه في عام 2009 لعدم كفاية الأدلة.
اعتقل مجددا في عام 2012، بعد عودته من مدينة رام الله إلى منزله في الخليل، وأُطلق سراحه بعد 6 أشهر.
دعا في عام 2013 السلطة الفلسطينية إلى إحالة ملف الأسرى في سجون الاحتلال إلى المحكمة الجنائية الدولية، بعد وفاة الأسير ميسرة أبو حمدية التي أثارت احتجاجات واسعة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ثم اعتقل لاحقا من قبل سلطات الاحتلال في عام 2014 بعد اختطاف ثلاثة مستوطنين، وأطلق سراحه في العام التالي.
واحتجاجا على قرار حل المجلس التشريعي في عام 2018 منعته أجهزة السلطة الفلسطينية من عقد مؤتمر صحفي دعا إليه أمام المجلس في رام الله واحتجز لفترة وجيزة عند حاجز للسلطة الفلسطينية بالقرب من مدينة بيت لحم. وتعرض منزله في الخليل في عام 2020 إلى هجوم بقنبلة يدوية ألقاها مجهولون لم ينتج عنه إصابات.
اعتقلته سلطات الاحتلال بعد "طوفان الأقصى" بنحو عشرة أيام. وصدر بحقه قرار اعتقال إداري لمدة 6 أشهر بأمر عسكري إسرائيلي بدعوى وجود ما يسميه الاحتلال "تهديدا أمنيا" دون توجيه لائحة اتهام.
وعانى الدويك خلال مدة اعتقاله من ظروف صحية صعبة جدا، حيث لم يتلق العلاج الطبي المناسب، ولم يسمح له بلقاء عائلته طول فترة اعتقاله. فهو يعاني أيضا من فقر الدم ونقص الهيموغلوبين بسبب مرض السكري، كما سبق أن أجرى عمليتي قسطرة وتفتيت حصى الكلى.
وبدا لحظة إطلاق سراحه بعد اعتقال تعسفي دام 6 أشهر في وضع صحي هزيل وكأنه شخص أخر شأن آلاف الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الذين يعانون من سوء المعاملة التي تضاعفت مرات عديدة بعد الحرب الحالية بالإضافة إلى التعذيب، وسوء المعاملة، والحرمان، وسياسة العقاب بالتجويع، استشهد في سجون الاحتلال مجموعة من السجناء منذ بدء العدوان على قطاع غزة في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
الدويك لم يجلس صامتا بعد إطلاق سراحه، ورفض خيانة رفاقه الأسرى بالتزام الصمت وعدم الحديث عما يجري في غرف التعذيب والقتل البطيء في سجون الاحتلال، فرأى أن معاملة الاحتلال للأسرى داخل السجون تدل على أنه "فقد أعصابه وفقد توازنه" مشيرا إلى أن الاحتلال فقد "المبرر الأخلاقي المدعى أمام العالم".
الدويك يلخص الوضع بقوله "الاحتلال فقد عقله، وتحول من دولة إلى عصابات".
لم يكن الدويك استثناء في حركة حماس فقد سبقه رفاق له قضوا شهداء، وبعضهم أمضى سنوات طويلة في سجون الاحتلال والبعض الأخر يتوارى عن الأنظار وعن عيون الاحتلال.
الدويك، خرج من بوابة المعتقل وهو يرتدي "تي شيرت" أسود وبنطال رياضة بجسده المتعب، لكن روحه بدت قوية صامدة ومتحدية، مظهرا الوجه الحقيقي للاحتلال، الوجه الذي خدع به العالم طيلة 76 عاما.
ولم يمض أسبوعا واحدا على إطلاق سراحه حتى حاصرت قوات إسرائيلية منزل الدويك، في منطقة حي الجامعة، بمدينة الخليل، جنوبي الضفة الغربية المحتلة، قبل أن تقوم بالتنكيل به أمام عائلته، واعتقاله بعد أن تعرض الرجل لحملة تحريض واسعة عبر الإعلام الإسرائيلي، بعد مقابلة إعلامية تحدث خلالها عن الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال وما يواجهونه من جرائم فاقت أي سجن سيئ السمعة في تاريخ البشرية، ثم عاد الاحتلال وأفرج عنه بعد ساعات من إعادة اعتقاله.
في جميع مراحل حياته السياسية والأكاديمية كان الدويك رجلا هادئا متزنا صلبا، دفع ثمن خياراته الوطنية من صحته وحريته.
وفي المرة الأخيرة رغم العمر والمرض وقف الدويك منتصب القامة على هيئة مناضل يستنشق هواء الحرية على أرض فلسطين، في ظلال معركة الصمود والبطولة، بكل قوة وصبر ويقين بانتظار الحرية لباقي الأسرى ولفلسطين قاطبة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي عالم الفن كاريكاتير بورتريه بورتريه الاحتلال الاعتقالات الفلسطينيون عزيز الدويك فلسطين الاحتلال اعتقالات عزيز الدويك بورتريه بورتريه بورتريه بورتريه بورتريه بورتريه سياسة سياسة عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی سجون الاحتلال إطلاق سراحه فی عام
إقرأ أيضاً:
المهندس عصام جحا نائب بلدية بيت لحم سابقًا في حواره لـ"البوابة": الاحتلال يرفض أعمال الترميم والبناء.. ورمننا طريق البربرية في يوم إجازة اليهود
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يشغل المهندس عصام جحا، مدير مركز حفظ التراث الثقافى فى بيت لحم، وفى لقائنا معه كشف عن كواليس مهمتهم المقدسة للحفاظ على هوية فلسطين وكيفية التصدى للتعنت الإسرائيلى فى الترميم كما حدث فى رفض السلطات ترميم طريق كنيسة الشهيدة بربارة، الذى قامت به المؤسسة سرقة فى يوم سبت، كما حذر عصام من نزيف هجرة المسيحيين من فلسطين وإلى نص الحوار.
■ ما أهم أعمال مركز حفظ التراث؟
تأسس المركز عام ٢٠٠١ والهدف الحفاظ على التراث الثقافى المعمارى فى فلسطين بشكل خاص الضفة الغربية منطقة بيت لحم بعدذلك توسعت أعماله فى كل فلسطين فى القدس الشرقية وغزة، واستطعنا من وقت تأسيسنا لليوم، أى بعد مرور ٢٣ سنة من العمل أن نرمم أكثر من ١٥٠ مبنى تقليدى وإعادة استخدامه للمنفعة العامة.
■ ما المقصود بالمبانى التقليدية؟
المبانى التقليدية هى مبان سكنية تكون مهجورة يتم ترميمها وإعادة استخدامها كمركز ثقافى ومركز صحى وجمعيات للنساء مركز رياضى وهذه هى طبيعة الاستخدامات العصرية للمبانى التاريخية، وهذه نقدر نستخدمها من خلال الترميم، والذى يتم بدعم خارجى والدعم يشترط أن يكون استخدام المبنى للمنفعة العامة.
■ ما الجهات التى تتعاون معكم؟
هناك عدة جهات داعمة تساعدنا منها الوكالة السويدية والوكالة البريطانية وusaid والوكالة الإسبانية للتعاون، وعدة جهات من البرتغال وسويسرا تقومون بترميم البيوت ذات الطابع العثمانى غالبًا؟ هل بدخل فى أعمالكم أيضًا ترميم مساجد وكنائس؟
معظم المبانى التى نرممها مبانى عامة معظمها بنى فى الفترة العثمانية وفترة الانتداب البريطاني، عمرها يبلغ نحو ٢٠٠ سنة مثلًا، من ١٠٠ إلى ٤٠٠ سنة، وهناك مبان تعود للعشرينيات من القرن الماضى عام ١٩٢٠، لكن الأماكن الدينية نحن لا نرممها ويخضع الأمر للدعم الذى نحصل عيه، فمثلًا استطعنا أن نبنى إلى جوار كنيسة حقل الرعاة فى بيت سحور ثلاث كنائس جدد فى الموقع الأثرى هذا بهدف إقامة الصلوات، وسبب ذلك أن الدعم كان موجودًا من قبل حراسة الأراضى المقدسة، حاليًا عندنا مشروع حصلنا على دعمه من خلال الصندوق العربى للتنمية الاقتصادية والاجتماعية لتأهيل جزء من الدير المجاور لكنيسة المهد، وهذا الجزء يسمى برج استبيانة.. سيتم ترميمه وعمله كمتحف.
■ هل تواجهكم عقبات من السلطات الإسرائيلية فى عملكم فى الترميم؟
معظم المبانى التى نرممها تقع فى المنطقة «أ»، وهى تابعة للسلطة الفلسطينية، بالتالى هذا يسهل عملنا، لكن هناك بعض المبانى موجودة فى المنطقة «ج» هذه تتطلب موافقات أمنية من الجهات الإسرائيلية، ومعظم الأوقات نتجنبها لوجود صعوبات.
■ هل تتجنبه لأنكم لم تحصلوا أبدا على موافقة؟
إننا نقدم بشكل مباشر كما نقدم من خلال مؤسسات نتعاون معها، سواء من خلال الارتباط المدنى الفلسطينى أو من خلال الجهات الداعمة من دول خارجية، لديها علاقات مع السلطات الإسرائيلية ومعظم هذه المرات كان الجواب بالرفض.
■ حتى بالجهات الداعمة!
نعم؛ المرة الوحيدة التى استطعنا أن ننجح فيها استخدمنا طريقة السرقة «سرًا» يعنى مثلًا كان فى منطقة عبود هناك كنيسة الشهيدة بربارة وهذه المنطقة «ج»؛ ولكى نوصل للكنيسة كنا بحاجة إلى أن نعبد الطريق المؤدى لهذا الجبل، حيث الكنيسة، وكانت مخاطرة كبيرة وكل مرة نبدأ محاولة حزئية «لتعبيد الطريق» كل مرة جرافات إسرائيل تأتى تجرف الجزء الذى اشتغلناه فى الطريق، وإذا قدمنا الطلب ورفضنا يبقى حكمنا على أنفسنا بالفشل، فوجدت أنه لا حل إلا بتعبيد الطريق بالكامل يوم «السبت» وخلصنا كل شيء يوم السبت.
■ وماذا فعلوا عندما اكتشفو إتمام الطريق للكنيسة؟
اكتشفوا الأمر طبعًا، لكنهم «تركوه» هذه المرة مرات يتركونه ومرات لا.
■ ذكرت أنكم قمتم بالترميم فى غزة.. هل ما رممتموه دمر حاليًا؟
عملنا بالترميم فى غزة فترة ما بعد الحرب، حاليًا الأكثر إلحاحًا إسعاف أولى للمبانى التى تهدمت، كما اشتغلنا على تقييم المواقع الأثرية وأثر الحرب على هذه المواقع قدرنا نعمل مسحا لـ٣١٦ موقعًا أثريًا، ومن الـ٣١٦ تدمر ٢١٥ موقعًا، تدميرًا كاملًا، لا بشكل جزئي، عندى إحصائيات حول ما تم تدميره كاملا وما تدميره جزئيا، أو تدميرا بسيطا.
■ ما أشهر المواقع التى دمرت؟
المسجد العمري، وهو أحد أهم المواقع التى تدمرت، وهو مسجد كان أصله كنيسة بيزنطية يعود للفترة البيزنطية، فى صوت القيصرية قصر الباشا ومبنى الخدمات التابع لكنيسة القديس بورفيوس، وهى كنيسة للروم الأرثوذكس وأيضا المساجد الموجودة فى غزة معظمها تاريخية، بنيت فى الفترة الفاطمية، هذه دمرت.
■ هل هناك خطة عندكم للتعامل معها بعد الحرب؟
نحن نحاول فى الفترة الحالية أن نعطى للناس نوعا من الأمل، وطبعا ليس وحدنا فمعنا مجموعة من المؤسسات الفلسطينية تحت رعاية وزارة السياحة ونأمل أنه بمجرد ما الحرب تتوقف أنه يكون هناك تسارع لتنفيذ الأعمال على أرض الواقع، وإحنا بنحضر حالنا لفترة الانتهاء الحرب، لكن حتى هذه الفترة الناس هناك بحاجة إلى أنها تشعر بأمل أنه هناك فائدة لوجودها، فيعنى أننا على استعداد نشتغل وكان فى توجه فى الجهات المانحة لتجميد العمل لحين انتهاء الحرب، لاقينا إن الناس فى غزة أن هذا العمل بيدينا أمل إذا وقفتوا العمل أو جمدتوه يبقى حكمتوا علينا بالموت الثاني.
■ هل تسمعون أصوات تقول أنتم تهتمون بالمبانى الحضارية والناس بتموت؟
العكس إن الاهتمام بالمبانى يعطى الأمل، لما بدأنا نفكر نشتغل فى مشاريع التراث الثقافي، كان عندنا هذا الفكر هل معقول أن نسأل عن التراث الثقافى فى وقت الإنسان بيموت، لكن وجدنا أن الدعم والمساعدات الخارجية المخصصة لقطاع التراث الثقافى ليس لها علاقة بالمساعدات الإنسانية ولا تعوقها هى مؤسسات تعمل فقط للتراث الثقافى «مفيش حاجة على حساب حاجة هذه واحدة».
ثانيا: وجود الإنسان دائما مرتبط بالتراث والهوية إذا حذفنا التراث والهوية يبقى صفر بل إن منطق وجود الإنسان الفلسطينى فى أرض غزة أصبح ضعيفا، وبالتالى لكى نحافظ عليه لابد أن نحافظ على هذا التراث، بالإضافة إلى أن العمل فى هذه المشاريع يخلق فرص عمل لكثير من الناس من أهل غزة ويوفر لهم دخلا ليقدروا على الأقل ياكلوا لقمتهم.
■ قلت إنكم بنيتم ثلاث كنائس فى بيت سحور؟
صحيح.
فكرة بناء كنائس جديدة وفى نفس الوقت على ما نعرف نحن أن هناك هجرة كبيرة للمسيحيين من فلسطين، اسمح لى لمن تبنى الكنائس؟
هذه المنطقة «حقل الرعاة» يزورها أكثر من مليون ونصف سائح سنويا، وكل هذه المجموعات السياحية التى تزور لابد أن تصلى قداديس فى منطقة حقل الرعاة، الهدف كان بناء خمس كنائس وليس ثلاثة، فى كنائس تستوعب ٢٠٠ شخص وأخرى ٥٠ وأخرى ١٠٠، بهدف إقامة صلوات لهذه المجموعات السياحية، كل مجموعة سياحية تريد الصلاة،
كنائسنا الموجودة فى بيت لحم وبيت سحور وبيت جالا هى كنائس تستوعب الناس اللى بيجوا بيصلوا، بالاضافة إلى أن إقامة القداديس على أكثر من ساعة.
المشكلة التى نعانى منها هى الخوف أن كنائسنا تفرغ من الفلسطينيين زى ما حكينا، يعنى مثلا الحرب الأخيرة تسببت فى هجرة ٥٠٠ مسيحى من بيت لحم.
■ لكن الحرب لم تكن فى بيت لحم؟
الحرب لم تكن فى بيت لحم، لكن عندنا نقطتين، الأولى أن الحرب وقفت حركة السياحة فى بيت لحم، وهذا طبعا أثر سلبا لأن عندنا ٥٠٠٠ شخص بيشتغلوا فى السياحة معظمهم من المسيحيين، يعنى السياحة بتمثل عمود الاقتصاد للمجتمع الفلسطيني.
فى بيت لحم عندنا ٣٣ فندقًا..
كذلك مجموعة من المحلات التحف الشرقية المحلات الكبيرة منها فيها ١٠ و١٢ موظفا.
وهناك مشاغل حرف يدوية مثل خشب الزيتون والصدف كل هذه المصالح السياحية بتشتغل فيها أهل بيت لحم، لما تتوقف السياحة يتوقف مصدر الدخل.
■ وهل سبب الهجرة اقتصادى أساسًا؟
اقتصادى أولا؛ الموضوع الثانى يتعلق بالأمان، يعنى حاليا بيت لحم بعد الحرب مدن الضفة صار فيها عزل ما بين بعض ما بين بيت لحم ورام الله وبيت لحم والخليل، صارت هناك حواجز إسرائيلية، وبالتالى ما صار فيه سهولة فى التنقل، بيت لحم صار فى سجن كبير واعتمادنا مثلا البضاعة تيجى من الخليل، الشغل والمؤسسات بيروح على رام الله، فصار صعوبة التنقل وخطورة التنقل، لأن كتير هذه الحواجز العسكرية هى مواقع تماس يمكن الواحد يلاقى فيها مشاكل، فى بعض الناس اللى انطخوا على هذه الحواجز.
الموضوع الثالث، الاقتحامات الإسرائيلية، كل يوم تقريبا الجيش الإسرائيلى يدخل الصبح يقتحم بيت لحم ويعتقل شابا أو شابة.
■ وهل الاعتقال يشمل المسيحيين أيضا؟
ممكن يكونوا مسيحيين والأغلب بيكون للمسلمين، بس لما يصير فى اقتحامات وبيدخل الجيش وبيطلع أمامه شاب لا أحد يعرف أنه مسلم أم مسيحي.
■ وهل كان اضطهاد للمسيحيين من حماس، يعنى إسرائيل وحماس بيضطهدوا المسيحيين هل هذا صحيح؟
أنا لما أتيت غزة كمسيحى كنت متخوفًا؛ وكنت أعلق صليبا على رقبتي، ولما دخلت غزة ضلتنى «ظللت» لابسه، وفضلت لابسه طول المهمة التى استمرت ٤ أو خمسة أيام، وقابلت كل قادة حماس ولم يكن هناك مشكلة أو تحفظ للتعامل معي، بالرغم من أنى كنت داخل علشان أشتغل فى مناطق نفوذهم.
ولكن للأمانة التقيت أيضا ببعض المسيحيين هناك حكوا «أن يعنى إحنا مش مرتاحين فى المعيشة هون وبناتنا مش مرتاحين، فكان فى تفاوت فى وجهات النظر».
■ وبالنسبة للضفة لا يوجد اضطهاد للمسيحيين؟
بالنسبة للضفة مش موجود؛ وبالرغم أن الشيء اللى موجود وبيأثر على كتير من مجموعات الأقليات ومن ضمنهم المسيحيين هو حالة الفوضى، حالة الفوضى فى السلطة التنفيذية بتخلى المجموعات القبلية هى اللى تفرض سيطرتها الفوضى العامة بتأثر؛ ونحن- المسيحيين- متأثرين نظرًا لأن مجموعاتنا قليلة، لأن مثلًا فى عشائر مثل التعامل فى بيت لحم وهذه ١٢ ألف شخص، يعنى الشرطة لا يقدروا عليها. فهذه العقلية القبلية والفوضى هى بتأثر علىنا.
■ كيف نوقف تفريغ فلسطين من المسيحيين؟
فى العام ٢٠١٨ كان عددنا ٥٤ ألف مسيحي، فى فلسطين ككل، بين فلسطين وغزة يعنى الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية، كان فى غزة فى ١٢٠٠ مسيحى فى القدس الشرقية فى ٣٠٠٠ مسيحى والباقى موجودين فى الضفة الغربية.
ونقطة التمركز الكبيرة موجودة فى منطقة بيت لحم بجوار بيت سحور فيها ٢٥٠٠٠ مسيحي، فى ٢٠١٨.. إحصائية السنة الماضية ٢٠٢٣ فترة ما قبل الحرب كانت ٤٤ ألف مسيحى موجود فى فلسطين ككل، ومع الحرب والهزة اللى صارت أنا متأكد أن الرقم هيكون أقل من هذا، وراح نصير قريبين على الوصول إلى ٤٠ ألف بكل فلسطين، بالإضافة إلى أن الهجرة هى واحدة من المشاكل، الموضوع الثانى هى قلة الإنجاب، فللمسيحى زوجة واحدة ويعتنق فكرة تنظيم الأسرة؛ ليستطيع أن يعلم أولاده جيدًا، ولا أمل غير استقرار الأوضاع لتساعد الناس ترجع للبلد، يعنى أنا لى عم فى فنزويلا جاء يستثمر فى فندق سياحى فى بيت لحم، صار مترددا بعد الأوضاع الحالية.
الاستقرار لا يعنى الحل النهائى لحل الدولتين، الاستقرار هو فكرة الاستقرار لا يكون هناك حرب.
■ ما أكثر طائفة مسيحية نشطة فى الخدمة فى بيت لحم؟
عمليًا النشطيون هم طائفة اللاتين، وبالذات حراس الأراضى المقدسة، هم قادرون على جلب الدعم ويحاولوا يساعدوا الناس، فاتحين مدارس بأسعار معقولة يدعمون حتى الطلاب بالمنح فى الجامعات الخارجية.
ما المشروع الذى تعملون عليه الآن؟
حاليا نعمل على ترميم مبنى قديم لمدرسة مارى يوسف، فى بيت لحم، وهو مبنى قديم لاستخدامه كنشاطات لا منهجية للمدارس، وهناك عدة مشاريع فى بلدات الجبعة وهندازر وبلدات حوالين بيت لحم حتى فى الخليل، نعمل فى مبان تاريخية.
■ هل هناك مبان تحولت لمكتبات؟
لا هذه المشكلة فى المبانى التاريخية دائما تكون مساحتها صغيرة، فى العادة تكون ست غرف أو ثمانى غرف وعشر غرف، المكتبات بحاجة لمساحة أكبر، وبالذات أن هذه المبانى بتكون موجودة فى مراكز تاريخية، ونحن نسعى لتنشيط الحركة الثقافية، فى مبان رممناها وسويناها مراكز حرف يدوية، وفى مبنى فى بيت لحم جهزنا مدرسة تعليم رسم الأيقونات.
■ ومن الذى يقدم الدروس؟ ويقوم بالترميم؟
كان معنا فنان بريطانى رائع ومختص اسمه «اين نورز»، كان يعلم وطلب أن نساعده لترميم مبنى، يطور المدرسة، ساعدناه وأسس المدرسة وكان فيها عدد جيد من الناس يتعلموا ومع الأحداث هذه سافر، لأنه الناس تتعلم حرفة بهدف أن يحصلوا على دخل وليس كهواية بالذات أن رسم أيقونة هو مكلف فى حد ذاته، الألوان وخلافه. وعمليا عندنا مجموعة مهندسين متخصصين فى الترميم، يعنى أنا واحد من الناس الفلسطينيين حصلت على كتير من دورات احترف الترميم مع مجموعة كبيرة من الفلسطينيين.
■ وأنت تشارك بالعمل؟
أنا مهندس.. أجهز المخططات ومن يقومون بالتنفيذ صنايعية عندهم الخبرة اللازمة ونظمنا دورات تدريب للناس لمن يعملون فى المحارة والكحلة بنا الحجر أعمال الشرشبية كل هذه الأمور دربنا ناس كيف يشتغلوها.
■ هل أنت مع زيارة المسيحيين للقدس أم ضد الزيارة؟
أنا فاكر إن زيارة المسيحيين للقدس ولفلسطين هذه تساعد على تثبيت الوجود الفلسطينى وتساعد أن تعطى أملا للناس الموجودين هناك، لكن انتوا مش جايين علشان الإسرائيليين انتوا جايين علشان المسيحيين والأماكن المسيحية .
بالعكس الزيارة مطلوبة نحن من فترة كان عندنا لقاء مع المغاربة، يعنى وزارة السياحة مع السفير المغربى يتبين أنه فى عدد كيبر من المغاربة بيجيوا فيهم ٢٠٠ ألف مغربى مسلم وفى ٨٠٠ ألف مغربى يهودى يأتون للزيارة وكان دائمًا فى انتقاد لهذه الحكاية. بالنسبة للمغربى يقول أنا ما بقدر أمنع اليهودى إنه يروح على إسرائيل، وما بتقدرش تمنع لكن يمكن أن تساعدوا المغاربة المسلمين فى أن يزوروا الأماكن المقدسة قبة الصخرة المسجد الأقصى، ونحن نفس الشيء لما بنشوف الأقباط من مصر فى العيد الكبير نحن نسعد بذلك جدًا.