WSJ: لماذا يتحالف اليهود في فرنسا مع جماعات اليمين المتطرف المعادية للسامية؟
تاريخ النشر: 22nd, June 2024 GMT
نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" تقريرا، للصحفيين، ماثيو دالتون، ونويمي بيسيربي، قالا فيه إن "سيرغي كلارسفلد هو صياد للنازيين مشهور عالميا، ومؤرخ للهولوكوست وسلطة أخلاقية في فرنسا، دفع البلاد إلى محاسبة تاريخها المظلم في معاداة السامية".
وتابع التقرير: "لهذا السبب، أصيب كثيرون في فرنسا بالصدمة هذا الأسبوع عندما دافع كلارسفلد عن حزب مارين لوبان اليميني المتطرف، والذي يعتبر من بين مؤسسيه جنديا نازيا شبه عسكري سابق".
ووفق المصدر نفسه، قال كلارسفلد، وهو أحد الناجين من المحرقة يبلغ من العمر 88 عاما، إن التهديد الرئيسي ليهود فرنسا يأتي الآن من أقصى اليسار، وأنه لن يتردّد في التصويت لصالح حزب لوبان، التجمع الوطني، في الانتخابات البرلمانية المقبلة إذا كان البديل هو ائتلاف من الأحزاب اليسارية، الجبهة الشعبية الجديدة.
وأوضح كلارسفلد على شاشة التلفزيون الوطني: "إن التجمع الوطني يدعم اليهود، ويدعم إسرائيل. عندما يكون هناك حزب مناهض لليهود وحزب مؤيد لليهود، سأصوت للحزب المؤيد لليهود".
تعليقات كلارسفلد هي ثمرة التقارب بين اليهود الفرنسيين واليمين المتطرف، الذي يعيد ترتيب السياسة الفرنسية ويساعد في دفع حزب التجمع الوطني إلى عتبة السلطة. إن الماضي المعادي للسامية للتجمع الوطني جعله لفترة طويلة غير مرغوب به للناخبين اليهود والكثير من الناخبين الفرنسيين؛ وقد أدين مؤسس الحزب، والد لوبان، جان ماري، عدة مرات بمعاداة السامية، لأنه وصف غرف الغاز النازية بأنها "تفصيل" من تاريخ الحرب العالمية الثانية.
والآن بدأ التحريم يتلاشى. إن تواصل حزب التجمع الوطني مع اليهود الفرنسيين، خاصة عقب يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر في دولة الاحتلال الإسرائيلي، عزّز مكانة الحزب في التيار الرئيسي للسياسة الفرنسية، مما ساعد على وضعه على المسار الصحيح للفوز بأكبر عدد من المقاعد في الانتخابات البرلمانية، التي تتم الشهر القادم.
دعا الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إلى إجراء انتخابات برلمانية مبكرة بعد أن تغلب حزب التجمع الوطني على حزبه الوسطي في الانتخابات الأوروبية هذا الشهر. فيما تظهر استطلاعات الرأي تقدم حزب التجمع الوطني، في الجولة الأولى من الانتخابات الفرنسية المقرر إجراؤها في 30 حزيران/ يونيو المقبل، يليه حزب الجبهة الشعبية الجديدة.
ومن غير الواضح ما إذا كان مرشحي التجمع الوطني سوف يحصلون على الدعم الكافي للفوز بأغلبية مطلقة في الجمعية الوطنية بعد الجولة الثانية من الانتخابات في 7 تموز/ يوليو المقبل.
كذلك، كان ليوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر تأثير عميق في فرنسا، مما أدى إلى تعميق الانقسامات السياسية في موطن أكبر جالية يهودية في أوروبا وواحدة من أكبر المجتمعات الإسلامية.
ولم يقم قادة حزب "فرنسا الأبية" اليساري المتطرف بإدانة عملية "طوفان الأقصى" على الفور، ثم انتقدوا دولة الاحتلال الإسرائيلي بشدة. وتقول الجماعات اليهودية وحكومة ماكرون إن خطاب الحزب أدّى إلى زيادة معاداة السامية في فرنسا منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر.
وتفاقمت هذه المخاوف بعد الاعتداء والاغتصاب المزعوم لفتاة يهودية تبلغ من العمر 12 عاما، نهاية الأسبوع الماضي، في كوربفوا، إحدى ضواحي باريس. ووجّهت السلطات الفرنسية اتهامات أولية لثلاثة مراهقين بارتكاب الجريمة.
وقد اغتنم حزب التجمع الوطني الفرصة لمهاجمة أقصى اليسار وإظهار نبذه أمام الجمهور لمعاداة السامية. وشارك جوردان بارديلا، رئيس الحزب، في مسيرة ضد معاداة السامية بعد الهجوم ودافع بقوة عن دولة الاحتلال الإسرائيلي.
وقال أوليفييه كوستا، وهو أستاذ الأبحاث في جامعة ساينس بو ومقرها باريس والمركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي: "لقد أتاحت فرصة للتجمع الوطني لتخليص نفسه". مضيفا بأن "خطاب التجمع الوطني المناهض للمسلمين يلقى صدى أيضا لدى جزء من الناخبين اليهود المحافظين".
ثم قرر الحزبان الاشتراكي والخضر في فرنسا تشكيل تحالف مع حزب فرنسا الأبية قبل الانتخابات المبكرة. ويدين برنامج التحالف عملية حماس، وأحد قادته هو العضو الاشتراكي في البرلمان الأوروبي، رافائيل غلوكسمان، وهو من أصل يهودي. لكن معظم اليهود الفرنسيين يقولون إنهم لا يستطيعون التصويت لصالح التحالف بسبب وجود فرنسا الأبية.
بدوره، قال يوناثان عرفي، وهو رئيس المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية الفرنسية، أو CRIF، وهي مظلة شاملة للجمعيات اليهودية: "ليس لدينا ثقة في فرنسا الأبية، إنه تحول حقيقي في علاقتنا مع أجزاء من اليسار".
ومع ذلك، فإن العديد من اليهود الفرنسيين يشعرون بالقلق من التجمع الوطني. وعلى الرغم من الخطاب المؤيد لليهود والمؤيد لدولة الاحتلال الإسرائيلي لقادة الحزب، فإن اليهود يخشون من أن المشاعر المعادية للسامية لا تزال قوية بين قواعد الحزب. وهناك أيضا مخاوف من أن تؤدي سياسات التجمع الوطني إلى الإضرار بالاقتصاد الفرنسي.
قال جوناثان بيهار، رجل الأعمال البالغ من العمر 42 عاما: "إن الحزب ليس جيّد؛ بل أقل سوءا فقط". حيث يخطط التجمع الوطني لتقييد حقوق المقيمين الأجانب الذين يعيشون بشكل قانوني في فرنسا، وتشديد فرص الحصول على الجنسية والرعاية الاجتماعية والسكن.
تريد لوبان أيضا، زيادة الحد الأدنى للعقوبات وإنشاء افتراض الدفاع المشروع لقوات الأمن. وسعت إلى بناء ائتلاف مع حزب الجمهوريين المحافظ في فرنسا، قبل الانتخابات. لكن معظم المشرعين في حزب "الجمهوريين" رفضوا ذلك، قائلين إنهم لن يبنوا أبدا تحالفات مع اليمين المتطرف.
وأمضت لوبان سنوات في محاولة إبعاد حزبها عن مؤسسيه المثيرين للجدل، بما في ذلك والدها وبيير بوسكيت، الذي كان عضوا في الفرقة الفرنسية التابعة لفافن إس إس خلال الحرب العالمية الثانية. تم نبذ الحزب الذي كان يُسمى آنذاك بالجبهة الوطنية، من قبل التيار السياسي الفرنسي الرئيسي، حيث كانت البلاد تكافح للتعامل مع دورها في ترحيل عشرات الآلاف من اليهود الفرنسيين إلى معسكرات الموت النازية خلال الحرب العالمية الثانية.
وغيرت لوبان اسم الحزب إلى التجمع الوطني في عام 2018. كما غيرت بعض مواقفها، مثل خطة لسحب فرنسا من اليورو، والتي لم تحظى بشعبية خاصة لدى الجمهور الفرنسي. وساعدتها هذه التحركات على الفوز بأكثر من 40 في المئة من الأصوات في جولة الإعادة الرئاسية لعام 2022 ضد ماكرون، وهو أفضل أداء لليمين المتطرف في تاريخ فرنسا الحديثة.
وبعد عملية 7 تشرين الأول/ أكتوبر، التقت لوبان عدة مرات مع كلارسفلد، كان آخرها في شباط/ فبراير في شقته في الدائرة الثامنة بباريس. وقال كلارسفلد في المقابلة هذا الأسبوع: "لقد نضج التجمع الوطني".
وابتهجت لوبان بعد بث تصريحات كلارسفلد، واصفة إياه بأنه "ضمير عظيم وحارس لذكرى المحرقة". لكن الحزب لم يتنصل تماما من شخصيات ماضيه المثير للجدل.
وبعد يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر، سأل أحد المذيعين التلفزيونيين بارديلا، البالغ من العمر 28 عاما، عما إذا كان جان ماري لوبان معاديا للسامية.
وقال بارديلا: "لقد ولدت عام 1995، أنت تتحدث معي عن حقبة لم أعشها"، قبل أن يضيف: "لا أعتقد أن جان ماري لوبان معاد للسامية. الآن، من الواضح أنني لن أدلي بالتعليقات التي أدلى بها حول التفاصيل، لأنه بالنسبة لي، فظائع المحرقة ليست تفاصيل التاريخ".
كل هذا جعل يهود فرنسا يفكرون في معضلة التصويت لحزب كان في يوم من الأيام مرادفا لمعاداة السامية الفرنسية.
وقال الكاتب آلان فينكيلكروت لمجلة "لوبوان" الفرنسية، هذا الشهر: "لم أكن أتخيل أبدا التصويت لصالح التجمع الوطني للحماية من معاداة السامية؛ الوضع الحالي مفجع بالنسبة ليهود فرنسا".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية فرنسا يهود فرنسا فرنسا يهود فرنسا المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاحتلال الإسرائیلی حزب التجمع الوطنی معاداة السامیة فرنسا الأبیة تشرین الأول من العمر فی فرنسا
إقرأ أيضاً:
جماعات متطرفة.. المفتي يرد على الادعاءات بعدم تطبيق الشريعة في المجتمعات
أكد الدكتور نظير عياد، مفتي الديار المصرية، أن الشريعة الإسلامية قائمة ومطبقة في المجتمعات الإسلامية بمختلف أشكالها، وليست مقتصرة فقط على الحدود والعقوبات، كما يروج بعض الجماعات المتطرفة.
وأوضح المفتي، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الإثنين، أن الشريعة الإسلامية منظومة شاملة تنظم جميع جوانب الحياة، من العقائد والعبادات إلى المعاملات والعلاقات الاجتماعية والقوانين الاقتصادية والسياسية.
وأضاف مفتي الديار المصرية، أن الادعاءات التي تروج بأن الشريعة غير مطبقة تنطوي على مغالطات كبيرة، حيث إن أحكام الشريعة تُنفذ بطرق متعددة في المجتمعات الإسلامية، سواء من خلال القوانين المستمدة من الفقه الإسلامي، أو من خلال تطبيق قيم العدل والرحمة وحفظ الضرورات الخمس (الدين، النفس، العقل، المال، النسل).
وأشار الدكتور نظير عياد، إلى أن هناك فئتين تخلطان بين مفهوم الشريعة وتطبيقها: الأولى هي الجماعات المتطرفة التي تزعم أن الشريعة غائبة لمجرد عدم تطبيق الحدود، بينما الثانية هي التيار الحداثي المتطرف الذي يرفض الشريعة بدعوى عدم مناسبتها للعصر.
وأكد مفتي الجمهورية، أن كلا الطرفين يقدمان تصورات خاطئة، لافتًا إلى أن الشريعة الإسلامية تحمل في جوهرها مرونة فقهية تسمح لها بالتكيف مع مختلف العصور دون أن تفقد مبادئها الأساسية.
وشدد مفتي الديار المصرية على ضرورة نشر الوعي الصحيح بمفهوم الشريعة الإسلامية، وتشجيع الاجتهاد الفقهي المعاصر لضمان تحقيق مقاصد الشريعة في الواقع العملي.
وأشار مفتي الديار المصرية، إلى أن الخطاب الذي يروج لتعطيل الشريعة يؤدي إلى التشدد والتكفير، وهو ما يتنافى مع رسالة الإسلام السمحة التي جاءت رحمة للعالمين.
الفرق بين الشريعة والفقهوكان الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، أكَّد على أهمية إدراك الفرق بين الشريعة والفقه، معتبرًا أن الخلط بينهما من أخطر ما يواجه الفكر الإسلامي المعاصر، وأن هذا الخلط قد يؤدي إلى انحرافات فكرية ومنهجية، تتراوح بين الجمود والتطرف من جهة، والانفلات والتسيب من جهة أخرى.
أوضح مفتي الجمهورية، في حديثه الرمضاني، أن الشريعة هي المنهج الإلهي الذي أنزله الله لتنظيم حياة البشر، وتشمل العقائد، والعبادات، والمعاملات، والأخلاق، والتشريعات العامة التي تحقق مقاصد الدين الكبرى. وهي أحكام إلهية ثابتة مستمدة من الكتاب والسنة، لا تحتمل الاجتهاد أو التغيير، مثل وجوب الصلاة، وتحريم القتل بغير حق، وسائر الأحكام القطعية.
كما بيَّن المفتي، فهو علم يُعنى باستنباط الأحكام الشرعية العملية من الأدلة التفصيلية، ويعتمد على الاجتهاد البشري المنضبط بأصول علمية راسخة، مما يؤدي إلى تنوُّع في الآراء الفقهية واختلاف بين المذاهب، وهو اختلاف محمود، يعكس مرونة الفقه وقدرته على التفاعل مع متغيرات الزمان والمكان.
وأشار المفتي إلى أن الفقه ليس منفصلًا عن الشريعة، بل هو فهم لها ومحاولة لتنزيلها على الواقع، موضحًا أن الشريعة معصومة لأنها من عند الله، أما الفقه فهو اجتهاد بشري غير معصوم، يخضع للتطوير والتجديد بما يحقق المقاصد الشرعية ويخدم مصالح الناس.