صحيفة التغيير السودانية:
2025-02-23@05:32:16 GMT

خِطاب المَحبة

تاريخ النشر: 22nd, June 2024 GMT

خِطاب المَحبة

 

خِطاب المَحبة

سارة حمزة الجاك

المْحب هو الإنسان في حال إتساقه مع ذاته، وإنْ كان وحيدا في الكون، يحاورها ويسمعها وتسمعه، تتقلص المسافة بينهما، فيهدأ باله ويهنأ داخله، يسكن هادئا؛ بلا حراك يستقبل أكسجين الحياة، ويهديها ثاني أكسيد كربونه.

هو عازف موسيقي الإنسانية؛ حال كونه نواةٌ أولي في مكون مجتمعي صغير، يترابط بنويات صغيرة مثل نواته، ليتكون مجتمع أكبر، وهكذا تتسع شيمة اللّْحمة الإنسانية، لتشمل كل إنسان علي أختلاف لونه ولسانه وعرقه ودينه.

.هذا العازف المحب؛ يتوخي حذر إيذاء من هم حوله، ويتخير من نوتته الموسيقية أعذب مافيها ليهدهِم إيّاها نغمة تتبع أخري. فتسهم في جعل معزوفتهم أجمل، ويتباري المحبون في التعبير عن محبتهم، فتنمو وتزدهر وتهدي الكون من أريجها أعطره.

يكون الفرد محبا؛ عندما يعلم أن الكون المتسع الفسيح مسخر له؛ عندما يفك شفرة النواميس التي تحكم الحياة، فيتعاطي معها، ويختار الإصغاء إلي صوت الله بداخله فيطمئن،ويري المحيط ويستمتع بكشف الغازه، وحل أحجياته بلا أحكام سابقة، أو خوف منها ، فالإنسان عدو ما يجهل، جعله التعلم المدرسي حصانا في مضمار معرفة وحيدا، لا يغني ولا يسمن من جوع، وهو مطلع تواق إلي المعرفة، يشتهيها، يسعي إليها وينهل منها. فالمعرفة متاحة للجميع، والحكمة ضالة المحب أنّى وجدها فهي حسبه. إذاً فالمحب عارف وحكيم، يحب المحب ذاته، وروحه التي بين جنبيه، ونفسه بكل مالها وماعليها: جسده الساكن فيه وهو طالب في مدرسة محبه، خالقه ،وموجده؛ هو الممتن لمن عبر عبرهم الي الأرض، ومن عبروا عبره أيضا، ينتمي إلي أرضه التي هو إبنها، ويدين لكل الأراضين بالشكر، متوسما الخير فيما يعتقد، متمنيا لو كان الجميع يعتقدون كما يعتقد، لكنه لعلمه بالنفس وخباياها، يعلم أن لابد لصاحب التجربة من أن يخوضها، ولابد للسائر في الدرب من أن يصل. فلا التجربة تتكرر ولا الطريق فرد.

يحب المحب لأنه مجبول علي الحب؛ منه إبتدأ واليه منتهاه؛ ييسر عسيره؛ يسهل صعبه؛ يخفف حموله التي علي ظهره؛ يضعه في صراطه المستقيم؛ ليقوم علي الحب وبه؛ يُقيم كل ماله وماعليه؛ ليجعله قويما وقواما؛ يتسع به صدره؛ ينتظم به تنفسه؛ عندها يتلقي وحيه وإلهامه؛ يكتبه شعرا؛ يصيغة نثرا؛ يحكيه سردا او يغنيه لحنا؛ المحب فنان لامحالة؛ إذ كيف يعكس مايتعمل داخله بلا أداة؟
كيف يتحمل عبْ كل هذا الحب؟دون البوح به

يعبر المحب عن حبه؛ بإحترامه لذاته التي يعرفها؛ كيفكما كان تعريفه للإحترام؛ بإكرامه لروحه ونفسه وجسده؛ أسمي درجات الإكرام ؛أن يهدي كل مكون من مكونات ذاته السكون؛ أن يعلمهم فن الإصغاء الي همسات دبيب النمل؛ هديل الحمام؛ خرير الماء؛ صوت الشمس ذات الحمم؛ يغنون جميعا؛ يسبحون جميعا؛ فهل كان صاغ؟
إحترامه لذاته يعينه علي إحترام الأخرين حوله؛ يحثه عي إكتشافهم؛ سماع صوتهم وتقدير يومياتهم المكونة لثقافاتهم؛ طريقة إدارتهم لحياتهم؛ كيف يرونها وينظرون إليها؛ كيفية تعبيرهم عنها والتعريف بها؛ معتقداتهم ومايدينون به؛ إرتباطه بأرضه وحبه لها؛ يقف حائطا صلدا؛ أمام تعديه علي أراضي الأخرين؛ لأنها عزيزة عليهم؛ كما أرضه عزيزة عليه؛ فلا يتجرأ علي المساس بها؛ أو بأي مقدس من مقدساتهم؛ المحب محاور ممتاز ومفاوض ذكي؛ فقد تعلم فن الحوار قبلا؛ عندما خاض حروبه الكبري مع ذاته؛ فهو القادر علي محاورة ومفاوضة ؛كل من إختلف معه بهدوء وإسترخاء؛ بذكاء وفطنة إكتسبها من تلقيه لوحيه وإلهامه المستمرين.
يؤثر المحب علي مجتمعه بإنتباذه مكانا قصيا؛ يستخلص حكمته ويستلهم أفكاره من الخلوة؛ ليعود صامتا؛ يتحدث عندما يطلب منه؛ ينقل علمه لمن يراه مناسبا؛ يمشي بين الناس ناشرا لمحبته وسلامه؛ قولا لا فعلا؛ يكون القدوة الحسنة دائما؛ يغفر لنفسه إذا أخطا؛ يجازيها بمزيد من الحب حال أصاب؛ يصبر علي منعرجات الطريق؛ حال الإمتحان او الإمتهان؛ يؤثر بأن يخبر عما يعرف لمن لا يعرفون؛ والا يكرههم علي المعرفة؛ فكل آت قريب
تتكون الكراهية عند جهل الكارِه لكٌنه مايكره؛ ولو عرفه لما كرهه؛ فيكون خطاب الكاره خطابا حاثا الأخرين؛ من الذين لا يعرفون مثله؛ علي كراهية مايجهلون؛ كاشفا لهم الجانب الذي رأءه؛ فتحول من جاهل بما لا يعرف؛ الي كاره لما عرف مما كره.
الكاره أجهل بمكونه؛ كاره لنفسه وروحه وجسده؛ يكره ذاته فيبادله مجتمعه كرها بكره؛ ينفث في خطابه السم؛ تتسمم الذات التي تسمعه؛ فإن كانت محبة؛ كان الحب لها ترياقا؛ وإن كانت كارهة زادها مرض علي مرضها؛ ثم يملكها ويمسك خيوطها في يده يحركها كيف يشاء؛ يعبر عن كرهه؛ بشتي الطرق يسخر لها السبل؛ تسعي حية بين الناس؛ ترعب هذا؛ تلدغ ذاك؛ تسمم فضاء هولاء.
خطاب الكراهية؛ خطاب قاصر ومبتسر؛ لايصل الي هدفه المخالف للنواميس؛ خطاب مرهق يحتاج الي الأدلة والبراهين الجزاف؛ او المستلة من صياغها لتؤام الخطاب المهتز؛ خطاب يحارب المحبة والإنسانية والحياة؛ بينما خطاب المحبة لا يحارب لا فردا ولا جماعة؛ بل يشمل الجميع بنداءه لهم؛ ليمضي المحبين في سبيل حبهم؛ كل يحب مايحب يبذل له الحب بالطريقة التي يستطيع التعبير بها؛ يملأ الحب كل الفضاء العام؛ لينزاح ماهو غير ذلك.

الوسومحرب السودان سارة الجاك مناهضة خطاب الكراهية

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: حرب السودان مناهضة خطاب الكراهية

إقرأ أيضاً:

غداً .. انطلاق مهرجان عبق وفي الحبّي حكاية ببهلا

تنطلق غداً السبت في بلدة الحبي بولاية بهلا فعاليات المهرجان التراثي الثقافي السياحي "عبق وفي الحبي حكاية"، الذي ينظمه فريق الحبي بنادي بهلا بالتعاون مع وزارة التراث والسياحة وهيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وبلدية الداخلية، ويهدف المهرجان إلى نشر ثقافة الاهتمام بالتراث والمحافظة عليه، بالإضافة إلى تجسيد الحياة القديمة والعادات في الحارات القديمة.

وأكد خلفان بن حمد الوائلي، رئيس فريق الحبي، أن المهرجان يأتي في إطار الحفاظ على الهوية التاريخية لبلادنا، ويهدف إلى إحياء المعالم التاريخية لبلدة الحبي التي تشكل جزءا أصيلا من إرثنا الثقافي، ويجسد الأهالي والشباب من خلال المهرجان قرية تراثية وسياحية تحكي وتحاكي الموروث والحياة في الحارات القديمة وفي سوق الحبي القديم والحصن، وتسلط الضوء على بلدة الحبي من حيث معالمها التاريخية وتبرز تراثها وحاراتها وحرفها التقليدية، وأضاف الوائلي: يشارك في هذا المهرجان عدد من المؤسسات الحكومية والخاصة والأسر المنتجة في هذه الفعالية و مشاركة الأهالي والحرفيين وأهالي البادية وجمعية المرأة العمانية.

وأوضح خلفان الوائلي أن حمل شعار "عبق وفي الحبي حكاية" يسعى إلى نشر ثقافة الاهتمام بالتراث والمحافظة عليه وإبراز المعالم الأثرية القديمة، وتجسيد الحياة القديمة في الحارات، وتعريف المجتمع بها وخاصة الشباب منهم والإسهام في خلق بيئة مشجعة ومحفزة للحفاظ على إرث الأجداد والتأكيد على أهمية توظيف المعالم التاريخية بما يساعد في استدامتها والحفاظ عليها وغرس حب البحث في التاريخ العماني وتراث عمان العريق واكتشاف الموهوبين والمبدعين من الشباب في مجالات التصوير المرتبطة بالتراث والصناعات التقليدية والحرف إلى جانب تنمية روح العمل التطوعي.

يشمل المهرجان العديد من الفعاليات التي تتم في مواقع مختلفة في البلدة، منها السوق القديم، وقرية الحرفيين، والقرية البدوية، وتجسيد الحياة في الحارات القديمة، وفعالية البيت العماني، والألعاب والفنون الشعبية، بالإضافة إلى معرض للصور الفوتوغرافية والمأكولات الشعبية.

مقالات مشابهة

  • حظك اليوم برج الجوزاء الأحد 23 فبراير.. ترفض عروض الحب
  • البيضاء: توقيف مواطن فرنسي من أصول جزائرية موضوع أمر دولي بإلقاء القبض عليه من القضاء الفرنسي  
  • وطن
  • جلسة نقاشية تتناول تحديات الناقد الثقافي.. وأسئلة المستقبل
  • بسبب صورة عيد الحب | هل ارتبطت آيتن عامر؟ الفنانة تجيب
  • بعد عيد الحب.. هذه الأبراج ستشهد حياتها تحولات جذرية
  • غداً .. انطلاق مهرجان عبق وفي الحبّي حكاية ببهلا
  • الأرصاد : المنخفض سيكون شديد البرودة وشبه جاف
  • الرئيس عون عرض مع 5 نواب وحرب للتطورات في البلاد... معوض: هناك فرصة حقيقة للاصلاح
  • السوداني يطمئن المسيحيين العراقيين: مستمرون في محاربة خطاب الكراهية وتعزيز التنوع الديني