قطاع يزدهر في الشرق الأوسط.. التكنولوجيا المالية تنافس المصارف
تاريخ النشر: 22nd, June 2024 GMT
لم تعد المصارف ممسكة بزمام الأمور كما في سابق عهدها، فالتكنولوجيا المالية دخلت في منافسة شرسة معها، محدثة تطوراً لافتاً في اقتصادات الشرق الأوسط حيث قدّر نمو هذا القطاع سنوياً بـ12% في دول الخليج تحديداً، وسط توقّعات بمضاعفة قيمة هذا القطاع التكنولوجي الى 608 مليارات دولار بحلول 2029.
صعود الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية حظي باهتمام كبير خلال السنوات الماضية، بعد أن أصبحت هذه الشركات قادرة على منافسة البنوك التقليدية في العديد من الخدمات.
خدمات مالية تنافس المصارف
ويوضح الخبير التقني، الياس الأشقر، صاحب ومؤسس شركة "ITGeek" للبرمجيات التقنية، لـ"لبنان 24" أن التكنولوجيا المالية أو ما يُعرف بـ"الفنتك"، تستخدم تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي وسلسلة الكتل (blockchain) والحوسبة السحابية لتحسين الخدمات المالية.
وعن الخدمات التي تقدّمها هذه الشركات، يفنّد الأشقر بعضها مفسّراً أهمّيتها. وقال: "تسهّل "الفنتك" الدفع عبر الهاتف المحمول من دون الحاجة إلى حمل نقود أو بطاقات مادية. كما تمكّن من إرسال واستقبال الأموال بسرعة وسهولة وبكلفة منخفضة".
ويضيف الأشقر: "هذا القطاع مفيد جدا للمستثمرين واصحاب الشركات المتوسطة والصغيرة فهو يُتيح للأفراد والشركات جمع الأموال من مستثمرين متعددين، كما يُقدم أدوات تحليل مالي تسهل على الأفراد اتخاذ قرارات استثمارية ذكية، بالاضافة الى تقديم خدمات تأمين مخصصة. وتُقدم "الفنتك" أيضاً أدوات تخطيط مالي تساعد الأفراد على إدارة أموالهم بشكل أفضل".
كذلك، تساعد "الفنتك" في تسريع العمليات التي كانت تستغرق أسابيع أو حتى شهورًا، مما يسهل على المستخدمين من كل الفئات الوصول إلى الخدمات المالية بتكالف أدنى من الطرق التقليدية وإمكانية أخطاء أقلّ، وفقاً للأشقر.
ويلفت الى أن "هذه التكنولوجيا تمكّن من تحفز تطوير منتجات وخدمات مالية لم تكن ممكنة في السابق"، مشيراً الى ان "الدفع بالبصمة مثلاً بات ممكناً".
لا يقتصر اعتماد "الفنتك" على تحسين الخدمات المالية فهو يعزز أيضاً التنمية الاقتصادية في العالم العربي، اذ ان هذه التكنولوجيا تمكّن المزيد من الأشخاص من المشاركة في الأنظمة المالية الرسمية وتيسير العمليات والاستثمارات. ويوضح الأشقر: "كل أحد يمتلك هاتف زكيّ يصبح لديه محفظة رقمية تمكّنه من الدخول في القطاع المصرفي من دون الحاجة لفتح حساب مصرفي"، مضيفاً: "اهمية هذا التقدم تكمن في انه يساعد من هم خارج النظام المصرفي وأفريقيا هي الدليل على ذلك فـ60% من اقتصاد كينيا يمرّ عبر "ام- بيزا" (M-pesa)".
إزدهار بالرغم من التحديات
صحيح أن انتشار التكنولوجيا بين الشباب والدعم الحكومي لوسائل الدفع الرقمي لتعزيز الشمول المالي، أدى الى نمو قطاع التكنولوجيا المالية في الشرق الأوسط، حيث تعمل 800 شركة حالياً بهذا القطاع بمنطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا لكن التحديات لا تزال كثيرة.
ووفقاً لآخر الاحصاءات، تتزايد معدلات النمو التي تحققها التكنولوجيا المالية المدمجة في دول الخليج بالتحديد، ومن المتوقع ان تتضاعف قيمتها 7 مرات لتناهز المليارين دولار بحلول 2030.
بالرغم من هذا النمو السريع، تواجه التكنولوجيا المالية في العالم العربي صعوبات جمّة مثل مخاطر الأمن السيبراني وتعقيدات التنظيم.
ويقول الأشقر ان "مخاطر الأمن السيبراني من أبرز تحديات "الفنتك" فهي هدف رئيسي للقراصنة الإلكترونيين، مما يستدعي اللجوء لأنظمة أمنية قوية لحماية البيانات المالية للمستخدمين".
كما أن وعي المستهلك وقدرته على تقبّل تغيير طريقة الدفع تشكل احد اهمّ التحديات، فلا يزال بعض المستهلكين غير مدركين لفوائد "الفنتك" ما يعيق سرعة انتشارها.
ويشير الاشقر الى ان الفجوة الرقمية تشكّل أحد أبرز التحديات أيضاً، فالوصول إلى الإنترنت لا يزال للاسف محدوداً في بعض المناطق، مما قد يُعيق استخدام هذه التكنولوجيا من قبل جميع الأفراد. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: التکنولوجیا المالیة هذا القطاع
إقرأ أيضاً:
رغم سقوط الأسد.. مصانع الكبتاغون تتجذر في الشرق الأوسط
حوّل النظام السوري السابق اقتصاد البلاد إلى اقتصاد مخدرات يعتمد على عوائد الكبتاغون، ولكنّ انهيار النظام السياسي لا يعني نهاية تصنيعها والاتجار بهذا المُخدّر الصناعي الذي يحظى بشعبية كبيرة، بحسب نتائج تحقيق فرنسي تحدّثت عنه صحيفة "لو فيغارو"، خلص إلى أنّ حزب الله اللبناني والميليشيات العراقية التابعة لإيران، قد ورثوا إدارة هذه التجارة المُربحة.
وفي السنوات الأخيرة، أغرقت هذه المخدرات منطقة الشرق الأوسط على نحوٍ غير مسبوق. وبحسب مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنّ كميات الكبتاغون التي ضبطتها السلطات في بعض الدول بين عامي 2010 و2024، زادت بشكل أكثر من كل أنواع المخدرات الأخرى الموجودة على هذا الكوكب.
وبسبب موقعه الجغرافي، تحوّل العراق إلى أرض خصبة لتجارة المخدرات الاصطناعية، وخاصة في منطقة كردستان حيث من المستحيل احتواء الأعداد الكبيرة من التجار والمُروّجين والمُجرمين من خلال دوريات أمنية بسيطة، فضلاً عن استحالة ذلك مع وجود حدود برّية غير محكمة الإغلاق. ووفقاً لبيانات أممية، فقد زادت الكميات المُصادرة من الكبتاغون بمقدار 34 ضعفاً، من 118 كغم إلى 4 أطنان بين عامي 2019 و2024.
En savoir plus ↓https://t.co/tuaDYfCGqa
— Le Figaro (@Le_Figaro) March 7, 2025 تحوّل في طرق التصنيع والتهريبولكن هل سقوط بشار الأسد سيؤدّي إلى القضاء بشكل سحري على تجارة الكبتاغون إلى العراق؟ يُجيب الكاتب في "لو فيغارو" المحلل السياسي الفرنسي فينسنت جولي، بأنّه رغم أنّ ما حصل يُمثّل نهاية حقبة في تاريخ سوريا والشرق الأوسط، إلا أنّه لا يُمثّل سوى فصل واحد في تاريخ تجارة المخدرات في المنطقة. فلن يكون التدمير المُعلن من قبل القيادة السورية الجديدة لعدد قليل من المُختبرات كافياً، بل سنشهد تحوّلاً وتغيّراً في طرق التصنيع والتهريب.
وبرأيه، فإنّه في كثير من الأحيان، يؤدي القضاء على بنية ما إلى انتشار المنظمات الإجرامية الصغيرة التي تسعى إلى الاستحواذ على حصة في السوق. وهو ما تؤكده التقارير عن الاشتباكات الأخيرة عند الحدود السورية- اللبنانية، في فبراير (شباط) الماضي، بين قوات النظام السوري الجديد والعشائر المرتبطة بحزب الله.
Malgré la chute de Bachar el-Assad, qui a transformé la Syrie en une narco-économie dopée au Captagon, cette véritable drogue de guerre, d’abord utilisée par les combattants islamistes, se répand désormais dans la société au Proche-Orient. pic.twitter.com/h8EOKouAW0
— Le Figaro (@Le_Figaro) March 7, 2025 10 مليارات يورووفي عام 2011، انزلقت سوريا إلى الحرب. وعلى رماد هذا البلد المُدمّر، تبدأ عائلة الأسد بناء إمبراطورية جديدة من خلال التحوّل إلى التجارة الوحيدة الممكنة في ظلّ العقوبات: إنتاج المخدرات والاتجار بها، هذه الصناعة التي كانت تُولّد نحو 10 مليارات يورو في السوق السورية وحدها.
وفي غضون سنوات قليلة، نجح بشار الأسد في تحويل تصدير الكبتاغون إلى المصدر المالي الرئيسي للبلاد، مما أدّى إلى تصنيفها كدولة مخدرات، حيث كانت الإمكانات متوافرة، فالبلاد تمتلك المعرفة في الكيمياء، والمصانع اللازمة، وحتى القدرة على الوصول إلى طرق الأنهار في البحر الأبيض المتوسط، فضلاً عن طرق التهريب الراسخة إلى الأردن ولبنان والعراق. وهذه هي ميّزة المخدرات المُصنّعة، فهي لا تتطلب أي زراعة أو حصاد. كل ما هو مطلوب كمية كبيرة من المواد الكيميائية ومواقع سرّية، أو سلطات مُتواطئة تُساعد في توزيع المخدرات، فتُصبح المهمّة أسهل بكثير.
Do not believe what the Iranians and Hezbollah are spreading. They have lost their criminal ally in Syria and are now resorting to lies and exaggerations to gain the world's sympathy so they can continue producing Captagon in Syria.#Syria pic.twitter.com/6W8xOjHxEQ
— Rami Seid (@RamiSeid38099) March 9, 2025وبعد أن استولت الفصائل المسلحة على العاصمة دمشق، ومن أجل إظهار مصداقيتهم، قام أسياد سوريا الجدد بتدمير المختبرات ومواقع التصنيع التي تمّ العثور عليها في كلّ مكان: في المصانع، والفيلات، والمباني المهجورة. وأظهرت مقاطع فيديو تمّ تداولها غُرفاً مليئة بتصنيع الحبوب، إلى جانب آلات ومخزونات ضخمة من منتجات الكبتاغون، وكل ما يلزم لإخفائها داخل سلع قانونية. كما تمّ العثور على شحنات في قاعدة جوية عسكرية تابعة للنظام السابق.
Captagon : « La Syrie de Bachar al-Assad était un narco-Etat » https://t.co/NfUVFfw15w
— Public Sénat (@publicsenat) December 14, 2024 حزب الله والحشد الشعبيوبحسب خبراء المُبادرة العالمية لمُكافحة الجريمة المُنظّمة العابرة للحدود الوطنية، التابعة للأمم المتحدة، فإنّ حزب الله اللبناني أصبح بالفعل وبشكل مُستقل ثاني أكبر مُنتج لهذه المخدرات. وهو ما يُشكّل فرصة مالية ضخمة لم يتردد الحزب، الذي قضت عليه إسرائيل في سبتمبر (أيلول) الماضي، من مواصلة استغلالها لتمويل إعادة الإعمار واستمرارية نشاطه.
وأما بالنسبة لكردستان العراق، حسبما نقلته يومية "لو فيغارو" الفرنسية، فقد عانى الإقليم من زيادة الاتجار بالكبتاغون، وخاصة عن طريق أكراد إيران، والعراق يُواجه اليوم مشكلة مزدوجة: فبعد أن كان في الماضي مُجرّد ضحية للاتجار، أصبح الآن لاعباً كاملاً في هذه العملية. والسبب وراء تفاقم المشكلة هو أنّه لم يعد مُجرّد نقطة عبور، بل بات هناك أيضاً مواقع تصنيع على الأراضي العراقية، بدأت في محافظة الأنبار الحدودية مع سوريا.
Le captagon, cette drogue illicite qui a transformé la Syrie en narco-État.
L’avenir de ce trafic reste incertain dans un pays dont l’économie a été alimentée par des milliards de dollars de contrebande et une forte demande des pays voisins.https://t.co/Gb2nNnz2eP [Rediff]
وتنقل عن أحد سكان كردستان العراق، قوله إنّ الكبتاغون وصل أولاً من إيران بمُشاركة الميليشيات التابعة لها، مثل الحشد الشعبي، وعبر حزب الله اللبناني، وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، والذي كان موجوداً في سوريا، وسط دوامة من الولاءات التي سيطرت عليها تجارة المخدرات على حساب السكان الذين وقعوا فريسة للإدمان أو انجرّوا إلى الاتجار بها.