موقع النيلين:
2024-12-22@22:53:58 GMT

السودان الماضي والحاضر

تاريخ النشر: 22nd, June 2024 GMT

السودان الماضي والحاضر…
كان ذلك عنوان الملتقى العلمي الذي نظم من قبل جمعية الآثار السودانية التي أنشئت بلندن عام 1991م بغرض حماية الآثار السودانية. وقد قطعت الجمعية شوطا كبيرا في هذا المجال. وتضم الجمعية نخبة من ألمع العلماء البريطانيين والسودانيين المهتمين بالتراث السوداني عموما. جري الملتقى العلمي عن السودان بين الماضي والحاضر في حرم جامعة سوانزي Swansea الويلزية التي تبعد عن لندن حوالي خمس ساعات بالسيارة، وعلى بعد ساعة واحدة من مدينة كارديف Cardiff عاصمة ويلز التي أقيم فيها حاليا.

تعد مدينة سوانزي المدينة الثانية في ويلز بعد كارديف، وهي مركز من مراكز الصناعات الثقيلة في بريطانيا، تقع على شاطئ البحر ويرتادها المصطافون بكثرة حيث يجدون فيها بغيتهم من المتعة والراحة النفسية كما تعود أهل هذه البلاد. حضرت هذا الملتقى العلمي الجامع بصحبة البروفيسور Nicki Kindersley أستاذ التاريخ بجامعة كارديف، وهي متخصصة في تاريخ السودان وجنوب السودان بصفة خاصة، وقد أقلتني بسيارتها مشكورة من مقر سكني إلى جامعة سوانزي. كان الجو رائعا للغاية والطريق ملتويا ومحاطا من الجانبين بالأشجار الخضراء والتلال والمروج الساحرة. لقد اختص الله سبحانه وتعالى المملكة المتحدة بطبيعة خلابة، ومياه غزيرة وأمطار على مدار العام كما أن عبقرية الانجليز أبدعت في تنظيم وترتيب بنية تحتية قوية فحققوا الرفاه لمواطنيهم. توقفت مرافقتي بسيارتها للتزود بالوقود في إحدى المحطات أثناء خروجنا من كارديف، ولدهشتي لم يكن هناك عامل وقود لتعبئة البنزين، فقد قامت بنفسها بتعبئة سيارتها بالوقود بعد وضع بطاقتها الألكترونية على جهاز التعبئة، كما قامت بتعبئة إطارات سيارتها بنفسها بذات الطريقة. وكان أمامنا شخص تمهل كثيرا وهو يراجع إطارات سيارته فلم تتضايق وأمهلته الى حين أكمل إنجاز عمله فقلت في نفسي لو أن هذا الموقف كان في السودان لأوسع الناس هذا الشخص إزعاجا (بالبوري)… شعب تربى على احترام الآخر ، وهكذا شأن الحياة هنا كل شيء أصبح الكترونيا لا تحتاج إلى مجهود كبير – ما أبعد المسافات بيننا وبينهم- وصلنا جامعة سوانزي وشاهدت في بهو الجامعة عددا من الخيم التي نصبها الطلاب احتجاجا على ما يجري في غزة ودلفنا إلى قاعة الملتقى وهي قاعة المركز المصري بالجامعة، واستقبلنا بترحاب شديد. وقد توافد العلماء والباحثون وطلاب الدراسات العليا والمهتمون بالشأن التاريخي والآثاري السوداني يمثلون عددا من الجامعات البريطانية من كيمبردج وليستر وكارديف وسوانزي، والمتحف البريطاني، وبعض الجمعيات والأفراد المهتمين بالتراث والثقافة السودانية. كما شاركت جامعات من سويسرا وكوبنهاجن وفرنسا وألمانيا ووراسو، والأكاديمية البولندية للعلوم.
في مستهل اللقاء رحب منظمو الملتقى بالحضور، كما تحدثت السيدة جولي أندرسون رئيسة قسم مصر والسودان بالمتحف البريطاني مرحبة بالحضور وتحدثت بشيء من الحزن والألم والمرارة عن الأحداث المأساوية التي تجري في السودان متمنية أن تعود الحياة إلى طبيعتها في هذا البلد الجميل الذي دمرت الحرب كثيرا من تراثه القيم [السيدة جولي أندرسون أمضت عددا من السنوات في السودان باحثة ومنقبة في مجال الآثار السودانية وحررت عددا من الإصدارات العلمية في هذا المجال].
قدمت اوراق علمية عديدة باحترافية فائقة غطت كثيرا من تاريخ السودان القديم، وخاصة ممالك النوبة والفترة المروية والكوشية. الورقة الأولى عن Sudan in Swansea التي قدمها بالتناوب اثنان من اساتذة الجامعة، تتاولت المقتنيات الأثرية السودانية بالمركز المصري بسوانزي حيث أشارت إلى أن هناك 7000 قطعة أثرية بالمركز منها عدد مقدر من القطع الأثرية السودانية، وهناك ورقة عن الكحل والذهب From Lower Nubia دراسة تحليلية رائعة جدا من جامعة كيمبردج، والموت والحياة في منطقة الكوة دراسة تحليلية لحفريات المقابر في منطقة الكوة، وهي دراسة مشتركة بين جامعة ليستر والمتحف البريطاني، وورقة بعنوان: Confilict or Climate عن التداخل بين المزارعين والرعاة نتيجة للتغيرات المناخية، أجريت الدراسة في بيوضة ووادي المقدم وكردفان ودارفور ، وهى ورقة مشتركة لزينب عثمان محجوب جعفر ومايكل ماليسون وهيلين ماليسون. وهناك بحث توثيقي مصحوب بالصور الفوتوغرافية عن دارفور ومدينة نيالا على وجه الخصوص Digitisation of Paul Wilson &NatalieTolbert محفوظة بالمتحف البريطاني، وهي مجموعة من الصور الفوتوغرافية بالأبيض والأسود وبعضها صور ملونة، حوالي 800 صورة غطت كثيرا من الجوانب في مدينة نيالا، وبعض الأماكن في شمال دارفور أخذت ما بين 1979_ 1985، صور من بادية العرب في سفاها وبحر العرب وبرام، حياة الأسرة وصناعة الفخار لدى الزغاوة، الزواج وبعض الأسواق والحياة الاجتماعية في شمال دارفور، وصورة لمكتب بيع تذاكر السكة حديد بنيالا وكان ذلك مثار إعجابي. يهتم الانجليز بتفاصيل وتوثيق بعض الأشياء التي لا نلقي لها بالا ولا نعطيها كثير اهتمام. كما قدم الباحث محمد نصر الدين- وهو طالب دكتوراة مبعوث إلى ألمانيا – قدم ورقة علمية مميزة للغاية نالت إعجاب الحضور بعنوان:
A window into the Nubian diet:food crops and agricultural production at old Dongla.
قدمت الورقة باحترافية شديدة ولغة رصينة من أحد ابنائنا الباحثين الشباب الذين ينتظر منهم السودان الكثير. وهناك العديد من الأوراق العلمية الأخرى التى آمل التعرض لها لاحقا إن شاءالله وختم الملتقى بال Keynote lecture وهي الدكتوره Dobrochna من جامعة وارسو التي تناولت في ورقتها الآثار البيزنطية على النوبة المسيحية.
وفي نهاية الملتقى مٌنحت فرصة للحديث حيث شكرت المنظمين ومقدمي الأوراق على هذا العمل الكبير والاهتمام بالسودان وقلت في حديثي Cry, the beloved country هذا عنوان لرواية درسناها في الأدب الانجليزي ونحن في المرحلة الثانوية بالسودان كتبها Alan Paton في فترة الفصل العنصري في جنوب إفريقيا وقد بكينا كثيرا مع الكاتب في ذلك الوقت. واليوم نبكي على وطننا الحبيب السودان. نشكر لكم هذا اللقاء ونحن في حاجة إلى دعمكم والوقوف معنا في هذه المحنة التي يمر بها السودان. تأثروا كثيرا بذلك وشكروني بدورهم وقالت لي الدكتورة البولندية لم تبكوا السودان وحدكم فقد بكيناه معكم، فلنا فيه أصحاب وأصدقاء وندرك جيدا الظروف التي يمرون بها. وتحدث معي الكثيرون بعد نهاية الملتقى أبدوا أسفهم ووقوفهم مع السودان فلهم التحية والتجلة. تدمير ممنهج لبلدنا على مسمع من العالم كله، وعلماء أجلاء يقدمون عصارة فكرهم وعلمهم عن هذا البلد العملاق الذي خالطوا أهله وعرفوهم عن قرب فمعظم المتحدثين زاروا السودان وأجروا بحوثهم الميدانية فيه. شكرت المتحدث من جامعة كيمبردج على ورقته العلمية وتقديمه الرائع فقال لي إن السودانيين أنقذوا حياتي!! وقال لي مايكل وهلين ماليسون أنهما زارا السودان كثيرا وزارا نيالا على وجه الخصوص عدة زيارات ولديهم ذكريات جميلة هناك والحديث يطول.
محمد أبو امام – جامعة السودان المفتوحة-كارديف- ويلز – المملكة المتحدة
السبت 25 مايو 2024

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: عددا من

إقرأ أيضاً:

وزير التربية والتعليم: عقد إمتحانات الشهادة السودانية للدفعة المؤجلة ٢٠٢٣ واحدة من اكبر الهموم للأسر

أوضح دكتور أحمد خليفة عمر وزير التربية والتعليم أن عقد إمتحانات الشهادة السودانية للدفعة المؤجلة ٢٠٢٣ واحدة من اكبر الهموم التي تواجه الأسر السودانية، مبينا ان الوزارة أكملت كل الترتيبات اللازمة لإنجاز هذا التحدي.

وأشار وزير التربية في التنوير الأسبوعي لوزارة الثقافة والإعلام والذي تنظمه وكالة السودان للأنباء بقاعة الشرطة اليوم، الى ان قيادة الدولة العليا في مجلسي السيادة الإنتقالي، والوزراء الإنتقالي يدعمون بشكل كبير برامج وزارة التربية والتعليم لإنجاز مشروع إمتحانات الشهادة السودانية للدفعة المؤجلة.
واضاف ان واقع الحرب في المناطق التي تشهد عمليات عسكرية فرضت تحديات كبيرة أمام الوزارة والطلاب واسرهم، مشيدا بجهود القوات المسلحة في دحر المليشيا المتمردة وتذليل العقبات لعقد الإمتحانات بالشكل الأفضل في ظل هذه الظروف.
وقال أحمد خليفة أن إنجاز هذا المشروع في ظل هذه الظروف يبين إرادة الشعب السوداني وعزمه على المضي في مسيرة إعداد الطلاب الذين يشكلون عماد ومستقبل السودان.
واوضح الوزير ان الإمتحان المقبل للشهادة السودانية سيكون بعد ثلاثة شهور من الامتحان الحالي ما يشكل فرصة جيدة للطلاب المتخلفين للجلوس للامتحان في الدفعة المقبلة.

سونا

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • وكيل وزارة الرياضة الليبية يبحث مع وزيرة الشباب السودانية تعزيز التعاون المشترك
  • الإعلام بين الماضي والحاضر
  • الخارجية السودانية ترحب باعتذار أوغندا بعد تصريحات قائد قوات الدفاع
  • اكتمال الترتيبات .. ٣٤٣٦٤٤ طالبا وطالبة يجلسون لامتحانات الشهادة السودانية المؤجلة من العام ٢٠٢٣
  • الخارجية السودانية: أي حل سلمي يجب أن يبنى على تنفيذ اتفاق جدة
  • أفتيته” يبحث مع وزيرة الشباب والرياضة السودانية تعزيز التعاون الرياضي بين ليبيا والسودان
  • 343644 طالبا وطالبة يجلسون لامتحانات الشهادة السودانية المؤجلة من العام 2023
  • أرقام جلوس احتياطية وتوقيت نهاري لامتحانات الشهادة السودانية
  • وزير التربية والتعليم: عقد إمتحانات الشهادة السودانية للدفعة المؤجلة ٢٠٢٣ واحدة من اكبر الهموم للأسر
  • عقار يستنكر تسييس التعليم ويتلقى وعدًا من ممثل اليونسيف ويكشف عن خطة لإمتحانات الشهادة السودانية المؤجلة