السودان الماضي والحاضر…
كان ذلك عنوان الملتقى العلمي الذي نظم من قبل جمعية الآثار السودانية التي أنشئت بلندن عام 1991م بغرض حماية الآثار السودانية. وقد قطعت الجمعية شوطا كبيرا في هذا المجال. وتضم الجمعية نخبة من ألمع العلماء البريطانيين والسودانيين المهتمين بالتراث السوداني عموما. جري الملتقى العلمي عن السودان بين الماضي والحاضر في حرم جامعة سوانزي Swansea الويلزية التي تبعد عن لندن حوالي خمس ساعات بالسيارة، وعلى بعد ساعة واحدة من مدينة كارديف Cardiff عاصمة ويلز التي أقيم فيها حاليا.
في مستهل اللقاء رحب منظمو الملتقى بالحضور، كما تحدثت السيدة جولي أندرسون رئيسة قسم مصر والسودان بالمتحف البريطاني مرحبة بالحضور وتحدثت بشيء من الحزن والألم والمرارة عن الأحداث المأساوية التي تجري في السودان متمنية أن تعود الحياة إلى طبيعتها في هذا البلد الجميل الذي دمرت الحرب كثيرا من تراثه القيم [السيدة جولي أندرسون أمضت عددا من السنوات في السودان باحثة ومنقبة في مجال الآثار السودانية وحررت عددا من الإصدارات العلمية في هذا المجال].
قدمت اوراق علمية عديدة باحترافية فائقة غطت كثيرا من تاريخ السودان القديم، وخاصة ممالك النوبة والفترة المروية والكوشية. الورقة الأولى عن Sudan in Swansea التي قدمها بالتناوب اثنان من اساتذة الجامعة، تتاولت المقتنيات الأثرية السودانية بالمركز المصري بسوانزي حيث أشارت إلى أن هناك 7000 قطعة أثرية بالمركز منها عدد مقدر من القطع الأثرية السودانية، وهناك ورقة عن الكحل والذهب From Lower Nubia دراسة تحليلية رائعة جدا من جامعة كيمبردج، والموت والحياة في منطقة الكوة دراسة تحليلية لحفريات المقابر في منطقة الكوة، وهي دراسة مشتركة بين جامعة ليستر والمتحف البريطاني، وورقة بعنوان: Confilict or Climate عن التداخل بين المزارعين والرعاة نتيجة للتغيرات المناخية، أجريت الدراسة في بيوضة ووادي المقدم وكردفان ودارفور ، وهى ورقة مشتركة لزينب عثمان محجوب جعفر ومايكل ماليسون وهيلين ماليسون. وهناك بحث توثيقي مصحوب بالصور الفوتوغرافية عن دارفور ومدينة نيالا على وجه الخصوص Digitisation of Paul Wilson &NatalieTolbert محفوظة بالمتحف البريطاني، وهي مجموعة من الصور الفوتوغرافية بالأبيض والأسود وبعضها صور ملونة، حوالي 800 صورة غطت كثيرا من الجوانب في مدينة نيالا، وبعض الأماكن في شمال دارفور أخذت ما بين 1979_ 1985، صور من بادية العرب في سفاها وبحر العرب وبرام، حياة الأسرة وصناعة الفخار لدى الزغاوة، الزواج وبعض الأسواق والحياة الاجتماعية في شمال دارفور، وصورة لمكتب بيع تذاكر السكة حديد بنيالا وكان ذلك مثار إعجابي. يهتم الانجليز بتفاصيل وتوثيق بعض الأشياء التي لا نلقي لها بالا ولا نعطيها كثير اهتمام. كما قدم الباحث محمد نصر الدين- وهو طالب دكتوراة مبعوث إلى ألمانيا – قدم ورقة علمية مميزة للغاية نالت إعجاب الحضور بعنوان:
A window into the Nubian diet:food crops and agricultural production at old Dongla.
قدمت الورقة باحترافية شديدة ولغة رصينة من أحد ابنائنا الباحثين الشباب الذين ينتظر منهم السودان الكثير. وهناك العديد من الأوراق العلمية الأخرى التى آمل التعرض لها لاحقا إن شاءالله وختم الملتقى بال Keynote lecture وهي الدكتوره Dobrochna من جامعة وارسو التي تناولت في ورقتها الآثار البيزنطية على النوبة المسيحية.
وفي نهاية الملتقى مٌنحت فرصة للحديث حيث شكرت المنظمين ومقدمي الأوراق على هذا العمل الكبير والاهتمام بالسودان وقلت في حديثي Cry, the beloved country هذا عنوان لرواية درسناها في الأدب الانجليزي ونحن في المرحلة الثانوية بالسودان كتبها Alan Paton في فترة الفصل العنصري في جنوب إفريقيا وقد بكينا كثيرا مع الكاتب في ذلك الوقت. واليوم نبكي على وطننا الحبيب السودان. نشكر لكم هذا اللقاء ونحن في حاجة إلى دعمكم والوقوف معنا في هذه المحنة التي يمر بها السودان. تأثروا كثيرا بذلك وشكروني بدورهم وقالت لي الدكتورة البولندية لم تبكوا السودان وحدكم فقد بكيناه معكم، فلنا فيه أصحاب وأصدقاء وندرك جيدا الظروف التي يمرون بها. وتحدث معي الكثيرون بعد نهاية الملتقى أبدوا أسفهم ووقوفهم مع السودان فلهم التحية والتجلة. تدمير ممنهج لبلدنا على مسمع من العالم كله، وعلماء أجلاء يقدمون عصارة فكرهم وعلمهم عن هذا البلد العملاق الذي خالطوا أهله وعرفوهم عن قرب فمعظم المتحدثين زاروا السودان وأجروا بحوثهم الميدانية فيه. شكرت المتحدث من جامعة كيمبردج على ورقته العلمية وتقديمه الرائع فقال لي إن السودانيين أنقذوا حياتي!! وقال لي مايكل وهلين ماليسون أنهما زارا السودان كثيرا وزارا نيالا على وجه الخصوص عدة زيارات ولديهم ذكريات جميلة هناك والحديث يطول.
محمد أبو امام – جامعة السودان المفتوحة-كارديف- ويلز – المملكة المتحدة
السبت 25 مايو 2024إنضم لقناة النيلين على واتساب
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: عددا من
إقرأ أيضاً:
وزير التربية والتعليم: عقد إمتحانات الشهادة السودانية للدفعة المؤجلة ٢٠٢٣ واحدة من اكبر الهموم للأسر
أوضح دكتور أحمد خليفة عمر وزير التربية والتعليم أن عقد إمتحانات الشهادة السودانية للدفعة المؤجلة ٢٠٢٣ واحدة من اكبر الهموم التي تواجه الأسر السودانية، مبينا ان الوزارة أكملت كل الترتيبات اللازمة لإنجاز هذا التحدي.
وأشار وزير التربية في التنوير الأسبوعي لوزارة الثقافة والإعلام والذي تنظمه وكالة السودان للأنباء بقاعة الشرطة اليوم، الى ان قيادة الدولة العليا في مجلسي السيادة الإنتقالي، والوزراء الإنتقالي يدعمون بشكل كبير برامج وزارة التربية والتعليم لإنجاز مشروع إمتحانات الشهادة السودانية للدفعة المؤجلة.
واضاف ان واقع الحرب في المناطق التي تشهد عمليات عسكرية فرضت تحديات كبيرة أمام الوزارة والطلاب واسرهم، مشيدا بجهود القوات المسلحة في دحر المليشيا المتمردة وتذليل العقبات لعقد الإمتحانات بالشكل الأفضل في ظل هذه الظروف.
وقال أحمد خليفة أن إنجاز هذا المشروع في ظل هذه الظروف يبين إرادة الشعب السوداني وعزمه على المضي في مسيرة إعداد الطلاب الذين يشكلون عماد ومستقبل السودان.
واوضح الوزير ان الإمتحان المقبل للشهادة السودانية سيكون بعد ثلاثة شهور من الامتحان الحالي ما يشكل فرصة جيدة للطلاب المتخلفين للجلوس للامتحان في الدفعة المقبلة.
سونا
إنضم لقناة النيلين على واتساب