“أحلاها مر”.. مسؤول إسرائيلي سابق: 6 خيارات صعبة أمام “إسرائيل” في المواجهة مع حزب الله
تاريخ النشر: 22nd, June 2024 GMT
الجديد برس:
تحدث نائب مستشار “الأمن القومي” الإسرائيلي السابق تشاك فريليتش، في مقال مطول في صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، عن المخاطر الكبرى التي ستتعرض لها “إسرائيل” في حال لجوئها إلى حرب واسعة مع لبنان، مشيراً إلى أنها قد تؤدي إلى حرب متعددة الجبهات.
ورأى المسؤول الإسرائيلي السابق أن قدرة حماس على الصمود أمام الهجوم الإسرائيلي الضخم، إلى جانب تدهور وضع “إسرائيل” الاستراتيجي عززا ثقة محور المقاومة، ومن المرجح أن تزيد من استعداده لتحمل مخاطر أكبر، لافتاً إلى أن المحور يعتقد أنه قادر على الصمود في وجه التفوق التقليدي لـ”إسرائيل”، بل وحتى التغلب عليه.
تحذير فريليتش جاء في سياق عرضه للخيارات الرئيسية المطروحة أمام “إسرائيل” في ظل المواجهة القائمة مع حزب الله، لافتاً إلى أن أمامها 6 خيارات وهي: استمرار المسار الحالي، وقف إطلاق النار من جانب واحد، “الدبلوماسية القسرية”، مبادرة دبلوماسية، عملية محدودة، عملية كبرى.
ويضيف أنه يجب تقييم كل منها على أساس احتمالات نجاحها العسكري والدبلوماسي وتداعياتها المحلية. والسؤال الأكثر أهمية هو ما إذا كان هذا الخيار من المرجح أن يؤدي إلى تحسن ملموس في موقف “إسرائيل” الاستراتيجي الشامل، أو ما “إذا كنا سوف ندفع ثمناً باهظاً ونعود في نهاية المطاف إلى المربع الأول”.
وفي حديثه عن خيار استمرار المسار الحالي، قال المسؤول الإسرائيلي السابق، إنه حتى الآن حرص كل من “إسرائيل” وحزب الله على البقاء تحت “عتبة التصعيد”.
وأضاف أن الأضرار التي لحقت بالمدن والقرى و”الكيبوتسات” الشمالية في “إسرائيل” كبيرة وتتفاقم، و”لم يتمكن نحو 60 ألف شخص تم إجلاؤهم من العودة إلى منازلهم لأكثر من 8 أشهر”. ( مع الإشارة إلى أن عدد الذين تم إجلاؤهم يتجاوز الـ250 ألف، بحسب اعتراف الإعلام الإسرائيلي).
وتابع أنه في أعقاب صدمة الـ7 من أكتوبر، سئم الجمهور الإسرائيلي من الجولات التي لا نهاية لها من الحرب المحدودة.
وعلى العكس من ذلك، فإن “ميزان الرعب مع حزب الله، في أعقاب حرب عام 2006، ظل قائماً لمدة 16 عاماً كاملة. وإذا كان من المرجح أن تؤدي العودة إلى هذا النوع من السياسة إلى وقف إطلاق نار طويل الأمد، فلا ينبغي استبعاده بالكامل”.
أما فيما يتعلق بالخيار الثاني وقف إطلاق النار من جانب واحد، قال إن ذلك سيتم على أمل “عزل حزب الله” وإجباره على وقف إطلاق النار، وبناء الشرعية الدولية لـ”إسرائيل” لعملية عسكرية إذا لزم الأمر. ولكنه في الوقت نفسه قال إن وقف إطلاق النار من جانب “إسرائيل” سينظر إليه على أنه علامة ضعف، وسيكون من الصعب على أي حال تنفيذه سياسياً، خاصة أثناء القتال في غزة.
وعن الخيار الثالث المتعلق بـ”الدبلوماسية القسرية”، ففي أعقاب وقف إطلاق النار من جانب واحد، ستصدر “إسرائيل” تحذيراً لحزب الله يطالبه بإيقاف هجماته خلال فترة زمنية معينة، وإلا ستضرب “إسرائيل”، مضيفاً أن هذا الخيار يتمتع بميزة بناء الشرعية الدولية لكن إدارة بايدن ستعارضه، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات، ومن المرجح أن يرفضه حزب الله ومحور المقاومة، وبالتالي فإن “إسرائيل” ستفقد عنصر المفاجأة، وخطر الحرب الشاملة سوف يزيد بشكل كبير.
الخيار الرابع يتعلق بمبادرة دبلوماسية، فوفقاً للمسؤول الإسرائيلي السابق، فإن هذا الخيار يعد الأفضل، لكن احتمال التوصل إلى اتفاق والحفاظ عليه مع مرور الوقت ليس مرتفعاً. علاوة على ذلك، يقول فريليتش “إن ترتيباً كهذا سوف يتطلب من إسرائيل تقديم تنازلات إقليمية على طول الحدود”.
أما فيما يتعلق بالخيار الخامس عملية محدودة، يقول المسؤول الإسرائيلي السابق إن الهدف منها “استعادة الردع الإسرائيلي، وإجبار حزب الله على قبول وقف إطلاق النار وإبعاده عن الحدود، حتى يتمكن سكان الشمال من العودة إلى منازلهم”. لكنه في الوقت نفسه يشير إلى أنه “لا شيء يضمن أن ما بدأ كعملية محدودة سوف يظل كذلك، أو أن إسرائيل سوف تكون قادرة على تحقيق أهدافها العسكرية”.
ويشدد على أن كل الجولات مع حزب الله منذ التسعينات، المحدودة منها والأقل، انتهت بشكل مخيب لـ”إسرائيل”. مضيفاً أن الجمهور سئم من الوعود المتكررة بعمليات محدودة تؤدي إلى تحسين الوضع.
وبشأن الخيار السادس المتعلق بعملية كبرى يقول فريليتش إن هدف هذا العرض الهائل للقوة سيكون إحداث تغيير جذري في الوضع. وفي الوقت نفسه يؤكد أن هذا الخيار محفوف بمخاطر كبرى، ويمكن أن يؤدي إلى حرب متعددة الجبهات، ويؤكد أن الجبهة الداخلية لـ”إسرائيل” واقتصادها وقدراتها العسكرية الحيوية ستتعرض لضربة شديدة. ويتابع أن الحرب في غزة ستكون “باهتة” إذا ما قورنت بهذه الحرب، مع الإشارة إلى أن “إسرائيل” لم تحقق حتى الآن أهدافها العسكرية هناك.
وفي السياق، فإن حرباً كهذه ستؤدي إلى تحول الاضطراب المتنامي للمشاعر المعادية لـ”إسرائيل” في الولايات المتحدة ومختلف أنحاء العالم إلى عاصفة كاملة، وربما يؤدي ذلك إلى تغيير نتيجة السباق الرئاسي الأمريكي المتقارب.
علاوة على ذلك، سوف تساور كثيرين الشكوك في أن سلوك “إسرائيل” كان مدفوعاً بحاجة نتنياهو إلى مواصلة الأعمال العدائية لتأجيل الانتخابات وزواله السياسي بغض النظر عن السبب الموضوعي، كما أن الأزمة السياسية الإسرائيلية الداخلية المستمرة ستجعل من الصعب بشكل خاص إدارة الحرب بفعالية، يؤكد نائب مستشار “الأمن القومي” الإسرائيلي السابق.
ويختتم المسؤول الإسرائيلي السابق مقاله، بالتأكيد على فشل “إسرائيل” في منع تراكم قدرات حزب الله، ويضيف أن الرغبة في توجيه ضربة قوية الآن أمر مفهوم تماماً، ولكن السياسة الإسرائيلية لا بد أن تكون محسوبة بعناية، وأن تعكس مزيجاً من هذه الخيارات الـ6.
ويشدد على أنه “ربما تكون الحرب المؤجلة هي الحرب التي لا تتحقق فعلياً على أرض الواقع، وهي النوع الأفضل”. وبالتالي على الإسرائيليين التعايش مع الواقع الحالي وهذه نتيجة مؤلمة بطبيعة الحال خاصة بالنسبة لسكان الشمال، الذين سيتعين عليهم الاختيار بين العودة إلى “منازلهم” في ظل التهديد المستمر، أو الانتقال إلى مكان آخر.
المصدر: الجديد برس
كلمات دلالية: من المرجح أن مع حزب الله العودة إلى هذا الخیار لـ إسرائیل إلى أن
إقرأ أيضاً:
يوم “السكاكين الطويلة”.. كيف أربكت حماس “إسرائيل” إلى الأبد؟
#سواليف
على الرغم من الاختلال الفادح في توازن القوى العسكرية، بين حركة المقاومة الإسلامية ” #حماس ” و” #إسرائيل “، فقد أدخلت تداعياتُ #حرب_الإبادة على قطاع غزّة (2023-2025)، متغيراتٍ جديدة على الشكل الكلي للعلاقة بين الطرفين، ما قد يعني إمكانية تحوّلها، ضمن عملية صيرورة معقّدة، نحو توازنات مختلفة.
ويعكس هذا تآكل “القيمة النسبية” للأبعاد العسكرية في مستقبل العلاقة، في مقابل تصاعد وزن أبعاد “القوة الشاملة”، بما فيها الأبعاد المعنوية والرمزية والتحررية والسياسية، بما قد يُعزّز، في نهاية المطاف، قدرة حماس على الاستمرار في سياساتها التفاوضية، وربما تسجيلها “أهدافًا متكررة” في المرمى الإسرائيلي، دون أن تضطر لتقديم أشياء إضافية، لم يتم التوافق عليها في اتّفاق وقف إطلاق النار و #تبادل_الأسرى في قطاع #غزة (15/1/2025).
وفي سياق تحليل العوامل/ المحدّدات المؤثّرة في علاقة حماس بـ”إسرائيل”، وسياقاتها الخارجية، ومساراتها، في المدى المنظور، ثمّة أربع ملاحظات:
مقالات ذات صلة بلدية رفح تحذر من كارثة إنسانية جراء انقطاع المياه 2025/03/15الملاحظة الأولى: #العجز_الإسرائيلي
عجزت حكومة بنيامين نتنياهو عن حسم المعركة بالأداة العسكرية، على الرغم من دمجها بكل أدوات حرب الإبادة، مثل: ( استخدام تجويع المدنيين سلاحًا، وإحكام الحصار الاقتصادي عليهم، واستهداف متلقّي المساعدات الإنسانية عدة مرات، وتكرار الاستهداف المتعمّد للمستشفيات والملاجئ والمدارس ومنشآت البنية التحتية، وتنفيذ سياسات “الأرض المحروقة” و”التهجير” و”التطهير العرقي”، ضمن ما عرف بـ “خطة الجنرالات”.. إلخ). كما أخفق نتنياهو وأركان جيشه، في إرغام حماس خصوصًا، وفصائل المقاومة الفلسطينية عمومًا، على “رفع الراية البيضاء”، والنزول على شروط الاستسلام الإسرائيلية، في المفاوضات.
وعلى الرغم من مناورات التفاوض الإسرائيلية المتنوعة واللامتناهية، وقدرة نتنياهو على تعطيل صفقة تبادل الأسرى، عدة أشهر، فقد تصاعدت تدريجيًا ضغوط عائلات المحتجزين في قطاع غزّة، وتعالت الأصوات التي تطالب بتشكيل لجنة تحقيق في إخفاق الدولة في التعامل مع هجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، ما يعني أمرين:
أحدهما أن نتنياهو وأركان حكومته قد يواجهون، في أمد غير بعيد، يوم “السكاكين الطويلة”، وتبادل الاتهامات بالتقصير والمسؤولية عن الفشل، بين المستويين السياسي والعسكري.
والآخر محدودية أدوات الضغط الإسرائيلية المتبقية، وتآكل جدواها، ضد حماس وقطاع غزّة عمومًا، اللهم إلا في “شراء الوقت” و”التأجيل”، بعد وضوح نتيجة حرب الإبادة في فشل تهجير الغزيين، ناهيك عن كسر إرادة المقاومة.
الملاحظة الثانية: قدرة حماس على #الإرباك
أثبتت حماس قدرتها على “إرباك” الإستراتيجية الإسرائيلية وحرمانها ميزات “المبادرة الاستباقية”، ضد الجانب الفلسطيني؛ إذ يكشف نهج حماس التفاوضي معرفةً عميقة بالعقلية الإسرائيلية، وإمكانية التعويل على المقاومة في تفجير تناقضات الداخل الإسرائيلي وصراعاته، كما تجلّى من الرسائل في العبارات التي وضعتها كتائب القسّام في خلفيات مشاهد تسليم المحتجزين الإسرائيليين، (مثل: “نحن الطوفان… نحن اليوم التالي”، “الأرض تعرف أهلها.. من الأغراب مزدوجي الجنسية”، “اخلع حذاءك، فكل شبر من هذه الأرض روي بدماء الشهداء”، “وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق”، “نحن الطوفان.. نحن البأس الشديد”، صورة قائد كتائب القسام محمد الضيف التي كُتب عليها: “نستطيع أن نغير مجرى التاريخ”.. إلخ).
ويكشف تحليل هذه الرسائل مهارة حماس على الصعد التفاوضية والإعلامية والدعائية؛ إذ قدمت نموذجًا مختلفًا عن نهج “الاعتدال التفاوضي العربي”، منذ اتفاقيات فض الاشتباك بين كل من مصر وسوريا والجانب الإسرائيلي (1974 – 1975)؛ الذي أوصل الدول العربية إلى مسارات التسوية والتطبيع ( كامب ديفيد 1978، ومؤتمر مدريد 1991، واتفاقات أوسلو 1993)، بكل نتائجها السلبية على تماسك المواقف العربية وخلق التضارب بينها.
لقد نجحت حماس في المزاوجة بين المرونة والالتزام بثوابتها وحقوق شعبها، ودفعت “إسرائيل” إلى تغيير معاييرها في الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، على نحو أبرز درجة من “الندية السياسية”، عبر تحسين المركز التفاوضي الفلسطيني عمومًا، والتركيز على قيمة حرية الأسرى، بعد تشكّل طرف فلسطيني مقاوم على الأرض، يستطيع التعبير عن الإرادة الشعبية والتطلعات المجتمعية في تحرير الأسرى من جلاديهم.
وهي قضية تمس كل بيت فلسطيني تقريبًا، وذلك على عكس ما فعله المفاوض العربي والفلسطيني، الذي تجاهل قضية الأسرى، في إطار عملية التسوية، التي ركزت على العملية دون تحقيق السلام الحقيقي، خصوصًا في ظل مسار أوسلو المتعثر.
وعلى الرغم من أن عملية “التفاوض غير المباشر” بين حماس و”إسرائيل”، قد تكون أصعب مفاوضات في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي برمته، فإنها أدّت لثلاث نتائج متداخلة:
أولاها تأكيد “التفوق الأخلاقي” للشعب الفلسطيني على عدوه، وحرص كتائب القسّام على حسن التعامل مع الأسرى الإسرائيليين، (كما تجلّى في صورة المجند المحتجز عومرشيم كوف، الذي قبّل رؤوس آسريه من القسّام في منطقة النصيرات في 22 فبراير/ شباط 2025، ما يؤكّد اهتمام حماس بـ “معركة كسب العقول والقلوب”، بالتوازي مع صمود فصائل المقاومة الميداني.
وثانيتها تكريس مكانة حماس التفاوضية، وإسباغ درجة من “الشرعية الواقعية الإقليمية” عليها، بوصفها “طرفًا مفاوضًا ومسؤولًا وملتزمًا” أمام الوسطاء القطريين والمصريين، على الرغم من تصاعد التهديدات الأميركية، وتكرار المراوغات التفاوضية الإسرائيلية.
وثالثتها أن صمود العامل الفلسطيني وصلابة الإرادة، في مقاومة ضغوط العامل الأميركي الإسرائيلي، قد يحرّكان في نهاية المطاف قدرًا من المساندة العربية والإقليمية، والتوافق حول “الحد الأدنى”، المتمثل في رفض تهجير الشعب الفلسطيني، و”الحد الأقصى” المتمثل في أمرين؛ أحدهما العودة إلى دعم مسار الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية على حدود 4 يونيو/حزيران 1967، بوصفه “مخرجًا واقعيًا” في التعامل مع تداعيات حرب الإبادة.
والآخر الانفتاح الرسمي العربي على قوى المقاومة الفلسطينية، التي تتلاقى مع الأهداف العربية المعلنة، في منع تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، وبهذا تلعب قضية فلسطين دور “الرافعة”، تمهيدًا لتأسيس حالة من “تماسك” النظام الإقليمي في المنطقة، ضد الضغوط الخارجية، خصوصًا الأميركية.
الملاحظة الثالثة: زيادة مستوى التعقيد
كان لطبيعة الصراع بين حماس و”إسرائيل” انعكاسات على زيادة مستوى التعقيد والتشابك في علاقتهما، خصوصًا بعد هجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، الذي جاء في سياق مقاومة تحولات المشروع الصهيوني بعد صعود تيارات “الصهيونية الجديدة”، ذات الطابع القومي/الديني، والتخلّي الإسرائيلي عن سياسات إدارة الصراع أو “تجميده”، والتوجّه نحو مرحلة “حسم الصراع”، بالتهجير والإبادة للشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وغزّة، مع استمرار حصار غزّة وعزلها تمامًا عن الجسد الفلسطيني، ومنع أي احتمال لتوحيد الساحات الفلسطينية، (كما حدث إبان عملية سيف القدس في مايو/ أيار 2021).
وبهذا المعنى، تكون حرب غزّة الراهنة، أعادت تشكيل قواعد صراع حماس و”إسرائيل”، وكذا تفسير الطرفين، الفلسطيني والإسرائيلي، معاني الانتصار والهزيمة؛ إذ سيعتمد الانتصار على القدرة على إدارة الصراع، والاستمرار في حشد الطاقات المجتمعية لدى الطرفين، في هذا “الصراع الاجتماعي السياسي المصيري الممتد”.
خصوصًا مع دخوله مرحلة الحسم، ربما في المدى المنظور، وتصاعد احتمال حدوث تصدّعات جوهرية في “إسرائيل” ومعسكر داعميها الدوليين والإقليميين، بالتوازي مع احتمال انتقال الصراع تدريجيًا نحو الضفة الغربية والقدس المحتلة، وربما وصولًا إلى اندلاع انتفاضة فلسطينية شاملة، بسبب “التصادم الحتمي”، بين مكوّنات الإستراتيجية الإسرائيلية: (العنف، وإرهاب الدولة، والإبادة، والتهجير)، في مقابل تداعيات مشاهد “العودة الفلسطينية” الملهمة، على الصعيدين الرمزي والسياسي.
إذ تابع العالم عودة المهجّرين قسريًا، إلى منطقة شمال غزة: (محافظتي غزة والشمال)، عبر شارع الرشيد سيرًا على الأقدام، التي أكدت “عظمة الشعب الفلسطيني، ورسوخه في أرضه، وانتصاره، وإعلان فشل وهزيمة الاحتلال ومخططات التهجير”، كما قالت حماس في بيانها في 27 يناير/ كانون الثاني 2025.
الملاحظة الرابعة: أثر البيئة الخارجية
للبيئة الخارجية، الدولية والإقليمية، أثر على علاقة حماس بـ”إسرائيل”، في ظل تفاعل الضغوط الأميركية في موضوع تهجير أهالي قطاع غزّة، والاعتراض الأممي والدولي عليه، وبروز التحفظ المصري، السعودي، التركي، الإيراني على أطروحات الرئيس دونالد ترامب، بالتوازي مع تآكل أوراق الضغط الإسرائيلية على حماس وقطاع غزّة، بعد استنفاد كل أساليب الضغط المتاحة؛ (سواء عبر الضغط العسكري، أم التجويع والحصار والتهجير، أم شنّ الدعاية والحروب النفسية، كما سلف القول).
وليس مبالغة القول إن هذه التفاعلات الدولية والإقليمية المركّبة تؤكد أن تأثير تبادل الأسرى في نمط العلاقة بين حماس و”إسرائيل”، يكشف مفارقة مهمّة، تُظهر تضعضع صورة نتنياهو وحكومته أمام الجمهور الإسرائيلي، خصوصًا عائلات الأسرى، في مقابل تعزيز صورة حماس أمام أهالي غزّة والشعب الفلسطيني، وكذلك أمام العالم، بوصفها “حركة تحرر وطني”، تعمل على تحرير الأسرى والإنسان والأرض الفلسطينية، من سيطرة الاحتلال الغاشم.
يبقى القول إن المحصلة النهائية لتداعيات حرب غزّة تدفع بالعلاقة بين حماس و”إسرائيل” نحو “توازنات مختلفة”، تعكس طبيعة معارك التحرر الوطني، أكثر من معادلات توازن القوى، بالمنظور الواقعي في العلاقات الدولية، علمًا بأن طبيعة “المرحلة الانتقالية” التي يمرّ بها النظامان الدولي والإقليمي، تسمح، أقله نظريًا، للفاعلين الدوليين والإقليميين بتخفيف قيود بنية النظامين الدولي والإقليمي، (كما تفعل تركيا وإيران وقطر وجنوب أفريقيا.. إلخ).
كما أن تمادي دولة الاحتلال في عدوانها على فلسطين ولبنان وسوريا، وإقليم الشرق الأوسط عمومًا، ربما يدفع إلى تصاعد الصراعات الإقليمية، نحو خروج الأمور عن السيطرة، وبروز تياراتٍ راديكاليةٍ، جهاديةٍ، أو حتى فوضويةٍ عنفيةٍ، بالتوازي مع تدشين مسار عمليةٍ عالميةٍ طويلةٍ لعزل “إسرائيل” ومعاقبتها على جرائمها، خصوصًا بعد انضمام دولٍ عدّةٍ إلى قضية الإبادة المرفوعة من قبل جنوب أفريقيا ضدّ “إسرائيل”.
وكذلك بعد إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحقّ كلّ من بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق، يوآف غالانت، وهي جوانب هامة تعزز “الانتصارات المعنوية” لقضية فلسطين، وتؤكد أبعادها السياسية والتحررية والإنسانية، في مقابل وضوح فشل “السردية الإسرائيلية/ الأميركية”، التي ستبقى تحاول شيطنة الإنسان الفلسطيني العربي، وتجريم حق الشعوب في المقاومة المشروعة للظلم والإرهاب.